كل عبارة تعود على نفسها بالإبطال فهي باطلة. ويدخل في عموم هذه القاعدة مذهب النسبية
يقول الأخ السائل : كيف نرد على دعاة القول بنسبية الحقيقة ، ومرادهم التوصل بذلك إلى دعوى إبطال أن الإسلام حق !؟
بداية يستحسن أن نقدم بقاعدة عامة، وهي: كل عبارة تعود على نفسها بالإبطال فهي باطلة. ويدخل في عموم هذه القاعدة مذهب النسبية، فإنه مذهب يقرر تقريرات تعود على ذات المذهب بالإبطال. كيف هذا؟
الجواب أن مذهب النسبية عندما ينص على أن الحق متعدد وأن كل حق( يراه كل قوم) : مشروعٌ لا يمتاز بعضهم عن بعض بمزيد مشروعية ومصداقية في الحق الذي يرونه، أقول مذهب النسبية عندما بنص على هذا فهو يصدر أو يطلق حكماً وجودياً عاماً (ontological assertion/judgment) وهو بتصرفه هذا يفتقر إلى ما يمنح مقالته المشروعية أو يمنحها حق التعميم، وبذلك يقع في مفارقتين:
(1) إبطال مذهبه لأن إصدار أحكام أو تقريرات وجودية عامة يخالف أصل فكرة النسبية ويناكفها، فالنسبية في أصل وضعها تتمنّع على نزعة الإيمان بوجود أحكام مطلقة أو ما في حكمها.
(2) إثبات حاجة المذهب النسبي لما يبرر مشروعيته، لا سيما وأن المذهب النسبي أساساً نشأ بناء على استقراء من قبل روّداه ورموزه، فإنهم لم يقولوا بالنسبية إلا بعد أن أعياهم البحث عن الحق، وهذا مما يدلل على أن المذهب النسبي في أصله نتيجة عجز جماعة من البشر عن الوصول للحق أو الاستدلال عليه، وعجز قوم ليس بحجة على قوم آخرين، فضلاً عن أن يكون حجة لازمة على البشرية.
بناء على ما سبق نقول: مذهب النسبية يحمل في ذاته دليل بطلانه، ناهيك عن قلة فائدته إن لم نقل عدمها في الخطاب الفلسفي والعلمي والديني على حد سواء، ولذلك يقول براندان ولسون: "النسبية كلمة يصح أن يقال فيها أنها أقل الكلمات فائدة في الفلسفة". وبالتالي لاحجة لأحد في توظيف النسبية في إبطال أي دين من الأديان فضلاً عن الإسلام، ولا يكون الإبطال إلا بالدليل والحجة والبرهان أو أي سلطان صالح من معقول أو منقول أو حس أو غير ذلك من القرائن والشواهد التي لا تكاد تتناهى.
|