الحجر
*****
قال الله تعالى: " ولله جنود السماوات والأرض ". ويقول سبحانه: "وما يعلم جنود ربك إلا هو"
أيها المسلمون: إن الله جلت قدرته بيده ملكوت كل شيء وبيده مقاليد كل شيء ،كل ما في هذا الكون مسخر لله جل وعلا، بل أن الكون كله جند من جنود الله جل وتعالى، يسخره كيف يشاء.
فالريح مثلاً جند من جنود الله، والماء كذلك جند من جنود الله،ومن جنود الله أيضاً أيها الأخوة والذي يكون عوناً من الله تبارك وتعالى للفئة المؤمنة "الحجر".
نعم الحجر يسخره الله سبحانه وتعالى لمن شاء من عباده نصراً وتأييداً لهم..
فابراهيم خليل الرحمن عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام حين يلاحقه إبليس محاولاً اقناعه بالتمرد على أمر ربه حين أمره بذبح ولده اسماعيل، محركاً في نفسه عاطفة الأبوة، ماذا فعل ابراهيم عليه السلام؟ التقط حجراً، أخذها من بطحاء مكة وقذفها في وجه الشيطان، ويعاود إبليس المحاولة مرة ثانية وثالثة، في ثلاثة أماكن مختلفة طمعاً في النجاح في إقناع الخليل، لكن ابراهيم عليه السلام يعاود رجمه في كل مرة حتى يأس، ثم تصبح هذه سنة خالدة واجباً يؤديه الحاج في ذلك المكان إلى يوم الدين، اقتداءً بسنة إبراهيم الخليل عليه السلام، وتعبيراً عن العداء الأبدي بين المسلم وبين الشيطان..
إن الحجر سيكون أيضاً نوع من عقوبات الله يوم القيامة لنوع خاص من أهل الكبائر وهم أكلة الربا والعياذ بالله ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه عندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ما رآه ليلة أسري به قال: ((وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فانه آكل الربا)).
وأظن أنكم تذكرون قبل سنوات، وفي الأرض التي بارك الله فيها، أرض فلسطين التي بيعت بثمن بخس دراهم معدودة، لا شك أنكم سمعتم بأطفال الحجارة، أطفال لم يبلغوا سن الرشد، يقذفون اليهود بالحجارة، بعد أن لم يجدوا حيلة، انتظروا طويلاً نجدة الأهل والعشيرة، ونخوة العروبة والقبيلة، فلم يصلهم منهم سوى عبارات الاستنكار والتنديد، والوعود الجوفاء، وانتظروا المنظمات الدولية، وهيئات حقوق الإنسان، فلم يصلهم منهم أيضاً سوى القرارات الورقية، والوعود الكاذبة، فاذا بهم يلتقطون حجارة من الأرض، يرمون بها اليهود وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى فكانت لتلك الحجارة وقع ودويّ تحدّث عنه الإعلام العالمي في وقته، وخافه اليهود أشد الخوف وهم يملكون القنابل المحرقة والأسلحة الفتاكة، لأن الحجر الآن جندي من جنود الله، مأمورة بأمره، فأثارت الرعب والفزع في نفوس اليهود الجبناء ومن ورائهم من الغرب الصليبي الحاقد، فعقدت مؤتمرات وتحركت المؤسسات ونشطت الدراسات في وقته، لدراسة هذه الظاهرة، حتى تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر أطفال الحجارة، لأنهم يعلمون بأن القضية ليست أحجار في أيدي أطفال، إنها أيد متوضئة مؤمنة، لو تحركت فعلت الأفاعيل، ولو من غير حجارة، والعدو قد جرب المواجهة مع المسلمين الصادقين، ويعلم النتيجة مسبقاً.
سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حيـاة تسـر الصـديق وإما ممـات يغيـظ العـدا
وليس على الله بعزيز أن يهلك هذه العصابة الظالمة المتعدية من يهود بحجارة، كما أهلك أبرهة وجنوده بحجارة الطير الأبابيل.
إن الحجر الذي كان في يوم من الأيام سلاحاً مع اليهود عندما فجّر لهم الماء مع نبيهم موسى وذلك حين كان فيهم بقية من خير، هذا الحجر يصبح اليوم لعنة تطاردهم، وشبحاً يخيفهم، وأخطبوطاً يرعبهم.
وهل ينتهي دور الحجر في مطاردة اليهود عند هذا الحد، لا، إننا نحن المسلمون، لنا جولات قادمة مع اليهود وبالحجر نفسه، وإننا في انتظار حار أن يأتي الوعد الذي أخبرنا به الصادق المصدوق المتحقق بلا شك في نطق الحجر على أرض فلسطين ليدلّ المسلم على مكان اليهودي، ليأتي المسلم فيقتل اليهودي عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ)) رواه البخاري.
سيتعاون الحجر والشجر في إرشاد المسلمين، ودلالتهم على اليهود في أرض فلسطين، وستكون الحجارة من جند الله تعين عباد الله المؤمنين، وتكشف مخابيء اليهود وأماكن إختفائهم وصدق الله العظيم إذ يقول: " فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا " وحينئذ سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وسيعلم الذين قبضوا أي دركات سينـزلون، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
.