تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سنة تعجيل الفِطر

  1. #1

    افتراضي سنة تعجيل الفِطر

    سلسلة : " من يرد الله به خيراً يفقه في الدين " ( 5 ).

    سنة
    تعجيل الفِطر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على آله وصحبه أجمعين .
    وبعد: فقد أمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أمته بأن تعجل الفطر وتؤخر السحر وذلك حرصا منه على مخالفة أهل الكتاب ولأجل بقاء الخيرية في هذه الأمة المباركة :فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ " (1 ). وعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ " (2 ).

    وهذا أمر يتحقق بعد غروب الشمس مباشرة وإن كان ضوؤها ظاهراً فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم:" إذا كان صائما أمر رجلاً فأوفى على شيء فإذا قال غابت الشمس أفطر" ( 3).
    قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى : بَابٌ ( مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ ) . ثم قال : " وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ "( 4) .

    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ : « يَا فُلاَنُ قُمْ فَاجْدَحْ( 5) لَنَا » فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟
    قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا»، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ ( 6) النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: « إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ » ( 7).

    قال الحافظ ابن حجر _رحمه الله تعالى_ :" قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَحَادِيثُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ صِحَاحٌ مُتَوَاتِرَةٌ. وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ:" كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَ النَّاسِ إِفْطَارًا وَأَبْطَأَهُمْ سُحُورًا " ( 8).

    والحكمة في ذلك أي: تعجيل الفطر هي :
    1_ مخالفة أهل الكتاب .
    2_ رفقاً بأمة الحبيب صلى الله عليه وسلم .


    قال الحافظ رحمه الله تعالى : قَوْلُهُ: " لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ ". وفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : " لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا ". وَظُهُورُ الدِّينِ مُسْتَلْزِمٌ لِدَوَامِ الْخَيْرِ قَوْلُهُ : " مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ " .
    زَادَ أَبُو ذَرٍّ فِي حَدِيثِهِ : " وأخروا السّحُور " أخرجه أَحْمد .
    وَمَا ظَرْفِيَّةٌ أَيْ مُدَّةَ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ امْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ وَاقِفِينَ عِنْدَ حَدِّهَا غَيْرَ مُتَنَطِّعِينَ بِعُقُولِهِمْ مَا يُغَيِّرُ قَوَاعِدَهَا زَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِهِ :" لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا .
    وَتَأْخِيرُ أَهْلِ الْكِتَابِ لَهُ أَمَدٌ وَهُوَ ظُهُور النَّجْم وَقد روى بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلٍ أَيْضًا بِلَفْظِ :" لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُومَ " وَفِيهِ بَيَانُ الْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ .

    قَالَ الْمُهَلَّبُ :" وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يُزَادَ فِي النَّهَارِ مِنَ اللَّيْلِ وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ وَأَقْوَى لَهُ عَلَى الْعِبَادَةِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ وَكَذَا عدل وَاحِد فِي الأرجح (9 ).

    وسُئِلَ شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ: هَلْ يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يُفْطِرَ بِمُجَرَّدِ غُرُوبِهَا ؟
    فَأَجَابَ: إذَا غَابَ جَمِيعُ الْقُرْصِ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْحُمْرَةِ الشَّدِيدَةِ الْبَاقِيَةِ فِي الْأُفُقِ .
    وَإِذَا غَابَ جَمِيعُ الْقُرْصِ ظَهَرَ السَّوَادُ مِنْ الْمَشْرِقِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ " . مجموع الفتاوى (ج25_ ص215) .

    قال العلامة ابن عثيمين _رحمه الله تعالى _: قوله : « وتعجيل فطر » أي وسن تعجيل فطر.
    أي : المبادرة به إذا غربت الشمس، فالمعتبر غروب الشمس، لا الأذان، لا سيما في الوقت الحاضر حيث يعتمد الناس على التقويم، ثم يعتبرون التقويم بساعاتهم، وساعاتهم قد تتغير بتقديم أو تأخير، فلو غربت الشمس، وأنت تشاهدها، والناس لم يؤذنوا بعد، فلك أن تفطر ولو أذنوا وأنت تشاهدها لم تغرب، فليس لك أن تفطر؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال:« إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق، وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم».
    ولا يضر بقاء النور القوي، فبعض الناس يقول: نبقى حتى يغيب القرص ويبدأ الظلام بعض الشيء فلا عبرة بهذا، بل انظر إلى هذا القرص متى غاب أعلاه فقد غربت الشمس، وسن الفطر .
    ودليل سنية المبادرة :
    1 ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» وبهذا نعرف أن الذين يؤخرون الفطر إلى أن تشتبك النجوم كالرافضة أنهم ليسوا بخير.
    2 ـ ويروى أن الله ـ سبحانه وتعالى قال : « أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً » ( 10) وذلك لما فيه من المبادرة إلى تناول ما أحله الله عزّ وجل ـ والله سبحانه وتعالى ـ كريم، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه، فيحب من عباده أن يبادروا بما أحل الله لهم من حين أن تغرب الشمس.
    فإن قال قائل: هل لي أن أفطر بغلبة الظن، بمعنى أنه إذا غلب على ظني أن الشمس غربت، فهل لي أن أفطر؟
    فالجواب : نعم، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: « أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم طلعت الشمس » ( 11) .
    ومعلوم أنهم لم يفطروا عن علم، لأنهم لو أفطروا عن علم ما طلعت الشمس، لكن أفطروا بناءً على غلبة الظن أنها غابت، ثم انجلى الغيم فطلعت الشمس ( 12).
    لأن أحكام الصوم مبنية على الرؤيا البصرية ولا ينبغي التكلف والتنطع أو الاستمساك بالتقاويم وجعلها هي الأصل وإنما الأصل هو غروب الشمس وبيان الفجر .

    سبحانك اللهم وبحمدك ولا إله غيرك أستغفرك وأتوب إليك.
    أعدها
    أبو عبد الله البصري
    لعام 1433هـ



    ______________________
    ( 1) رواه الإمام أحمد (22859) والبخاري (1957) ومسلم (1098) وغيرهم .
    ( 2) رواه البخاري (1954) ومسلم (1100) وهذا لفظه .
    ( 3) اخرجه الحاكم ( 1_434) وابن خزيمة ( 2061) وصححه الحاكم على شر الشيخين . انظر صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم ( ص40) .
    (4 ) قال العلامة الألباني : وصله سعيد بن منصور وابن ابي شيبة ( 3_12) بسند صحيح . مختصر صحيح البخاري ( ج1 _ 571) .
    ( 5) أي : اخلط السويق بالماء أو اللبن بالماء وحركه لأفطر عليه .
    ( 6) زاد عبد الرزاق (ج4_ص226_ 7594) : " وقال : ولو تراآها أحد على بعيره لرآها يعني الشمس " . وسنده صحيح على شرط الشيخيين . انظر مختصر البخاري للألباني : ( ج1_ص571) .
    (7 ) رواه البخاري ( 1955 ) ومسلم ( 1101) واحمد (4_ 381) وابو داود ( 2352) .
    ( 8) فتح الباري شرح صحيح البخاري ( ج4_ ص) .
    ( 9) فتح الباري ( ج4_ ص ) .
    ( 10) أخرجه أحمد (2/329) والترمذي في الصوم/ باب ما جاء في تعجيل الإفطار (700) وابن خزيمة (2062) ؛ وابن حبان (3507) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الترمذي: حديث حسن غريب وضعفه الألباني في التعليق على ابن خزيمة.
    ( 11) رواه البخاري (.... ) .
    ( 12) الشرح الممتع على زاد المستقنع ( ج6_ ص434_ 435) .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: سنة تعجيل الفِطر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو العبدين البصري مشاهدة المشاركة


    لأن أحكام الصوم مبنية على الرؤيا البصرية ولا ينبغي التكلف والتنطع أو الاستمساك بالتقاويم وجعلها هي الأصل وإنما الأصل هو غروب الشمس وبيان الفجر .



    ​جزاكم الله خيرا
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3

    افتراضي رد: سنة تعجيل الفِطر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    ​جزاكم الله خيرا
    وجزاكم مثله بوركتم.

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •