عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:« من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.» متفق عليه

قال الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله -
فأيُّ عمل ليس عليه أمر الله ورسوله من عبادات أو معاملات فإنه مردود على صاحبه، إذاً: لا بد أن يكون العمل عليه أمر الله ورسوله. ولا تتحقق المتابعة إلا إذا وافق العملُ الشريعة في أمور ستة؛ الأول: السبب، والثاني: الجنس، والثالث: النوع، أو الكيفية والتعبير بالكيفية أوضح، والرابع: القَدْر، والخامس: المكان، والسادس: الزمان، فلا بد أن تكون الموافقة للشريعة في هذه الأمور الستة.
فمن تعبد لله عبادةً علقها بسبب لم يجعله الله ورسوله سبباً فالعبادة باطلة لأنها بدعة مردودة، مثال ذلك: أن يقول المرء كلما لبس ثوباً: اللهم صلِّ على محمد، فقيل له: لماذا؟ قال: أتذكر لبس النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم للثوب فأصلي عليه، فنقول له: هذه العبادة بدعة؛ لأنها لم ترد عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا عن أصحابه أنهم كانوا يصلون على النبي إذا أرادوا اللباس.
ولا بد أيضاً أن يكون موافقاً للشرع في جنس العبادة، فإن تعبد لله بما لم يشرع جنسه فالعبادة مردودة عليه، ومثال ذلك: أن يضحي بفرس بدلاً عن البقرة فنقول: هذه الأضحية غير مقبولة؛ لأنها ليست من جنس ما شرع الله ورسوله فلا تقبل.
وأيضاً لا بد أن يكون موافقاً في النوع أو الكيفية وهو أخص من الجنس، فمن تعبد لله عزّ وجل بعبادة لم يشرع نوعها، فإنها لا تقبل، كما لو أحدث أذكاراً مشروعة من حيث الجنس، لكنها لنوع آخر فإنها لا تقبل لقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ، وكما لو سجد قبل الركوع فإنها لا تقبل لمخالفة الشريعة في الكيفية، وتقدم أننا أحياناً نعبر بالنوع وأحياناً بالكيفية، فالنوع هو الكيفية.
كذلك أيضاً لا بد أن يكون العمل موافقاً للشرع في قدر العبادة، فلو تعبد لله تعالى بعبادة زائدة أو ناقصة لم تقبل منه، كما لو صلى الظهر خمساً أو صلاها ثلاثاً لم تقبل لمخالفة الشريعة في العدد.
ولا بد من أن يكون العمل موافقاً للشرع في مكان العبادة كما لو اعتكف الإنسان في بيته بدلاً عن المسجد وانقطع للعبادة في البيت، فإنها لا تقبل، لأنها غير موافقة للشرع في المكان. ولا بد من موافقة العمل للشرع في زمان العبادة كما لو صام الإنسان في غير رمضان عن رمضان لم تقبل؛ لأنه في غير الزمن المشروع، وكذلك لو وقف بعرفة في غير يوم عرفة، أو رمى الجمرات في غير موسم الحج أو ما أشبه ذلك.إذاً العمل الصالح هو ما وافق الشريعة في هذه الأمور الستة» تفسير المائدة[المائدة: 9]ابن عثيمين