سيتم تخريجها إن شاء الله ، بارك الله فيكم
سيتم تخريجها إن شاء الله ، بارك الله فيكم
- قال الشيخ : ( وهو وإن كان قد خلق ما خلقه بأسباب ، فهو خالق السبب والمقدر له ) :
فهو الخالق لكل شيء ، وإن كان بعض الأشياء يوجد بأسباب ، مثل الولد يوجد بسبب الزواج والاتصال الجنسي ، ولكن من الذي خلق قدر الزواج وخلق الولد ؟ هو الله ، فكم من متزوج ولا يرزق الأولاد ؛ لأن الله لم يرد له ذلك ، فالسبب وحده لا يكفي حتى يُقدر الله تأثيره فهو مسبب الأسباب ، وهو الذي خلق الأسباب والمسببات . والأسباب أيضا تحتاج إلى أسباب ولا تستقل بالتأثير .
- ولهذا قال الشيخ : ( وليس في المخلوقات سبب مستقل ) :
لإيجاد النتيجة المترتبة عليه إلا بانضمام أسباب أخرى إليه قال تعالى : { ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون }أما الله تعالى فإنه لا يحتاج إلى من يعينه ولا أحد يمانعه ويضاده .
- قال الشيخ : ( وهو سبحانه وحده الغني عن كل ما سواه ، ليس له شريك يُعاونه ولا ضد يناوئه ويعارضه ) .
- وإبراهيم عليه السلام ، خليل الله ، قال تعالى : { واتخذ الله إبراهيم خليلا } ، والخلة : هي أعلى درجات المحبة ولم ينلها إلا إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، فهما أفضل الأنبياء .
ومحمد خليل الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ) - أخرجه مسلم - ، ثبت هذا في الصحيح.
- قال صلى الله عليه وسلم : ( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله ) - أخرجه مسلم - ، لماذا لم يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر خليلا مع أنه يحبه ؟ لأنه خليل الله ، وخليل الله لا يتخذ معه خليلا آخر .
- ... فهناك توحيد وهناك تحقيق التوحيد ، فالمؤمنون كلهم موحدون ولله الحمد ، ولكن لم يحقق التوحيد منهم إلا القليل ، الذين بلغوا مرتبة السابقين ، المقربين ، وهم الذين حققوا التوحيد ، ومن حقق التوحيد دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب ، أما بقية الموحدين فهم يدخلون الجنة ولكن قد يكون هناك حساب وهناك عذاب ، ثم يدخلون الجنة بعده .
- الخلة هي تمام المحبة وهي أعلى درجاتها ، والله - جل وعلا - يحب كل مؤمن ، وكل متق ٍ ، وكل محسن ، ولكن لا يبلغ إلى أعلى درجات المحبة ، وهي الخلة ، فالمسلمون متفاوتون في نيل محبة الله عز وجل ، ولكن لا يصل أي منهم إلى الخلة ، ولم يصل إليها إلا الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام .
- والإيمان له حلاوة ، وليس كل مؤمن يجدها ، بل يجدها الخواص من المؤمنين ، قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ) ، فإذا أراد المرء أن يختبر نفسه هل يجد حلاوة الإيمان ؟ فإنه ينظر هل فيه الثلاث التي وردت بالحديث ، وهي : ( من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار ) - أخرجه البخاري - ، فإذا كانت فيه هذه الثلاث فقد وجد حلاوة الإيمان .
والحلاوة : التلذذ بالإيمان وبالأعمال الصالحة ، فقد يعمل الإنسان الأعمال الصالحة من باب الطاعة لا يجد لها لذة في أول الأمر ، بل قد يجد لها مشقة وتعبا ومجاهدة مع النفس ، والنهاية يتلذذ بها فهذا دليل على أنه وجد حلاوة الإيمان .
موضوع نافع بارك الله فيكم
- هذا فيه بيان الفرق بين الخلة ومطلق المحبة فالخلة أخص من مطلق المحبة فالمحبة تقبل الاشتراك وأما الخلة فلا تقبل الاشتراك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يحب أصحابه لكنه لم يتخذ منهم خليلا لأن الله اتخذه خليلا ، والخلة التي لا تقبل الاشتراك هي الخلة بين الله وبين عبده .
أما الخلة بين سائر الناس فلا مانع أن يكون للإنسان عدة أخلاء ثم إن المحبة لله إذا لم يكن معها خوف ورجاء فليست عبادة وإن كان معها ذل وخضوع .
- قوله : ( من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ) :
كما تدعيه الصوفية ، ويقولون : العبادة هي المحبة فقط ليس معها خوف ولا رجاء وهذه زندقة وضلال .
- قوله : ( ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ) :
فالمرجئ يعبد الله بالرجاء فقط ولا يخاف ويقول : لا يضر مع الإيمان معصية .
- قوله : ( ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ) :
حروي يعني خارجي ، هذه عبادة الحرورية وهم الخوارج ، سمي الخوارج بالحرورية لأنهم اجتمعوا في مكان في العراق يسمى حرورا .
- قوله : ( ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد ) :
فالعبادة هي مجموع المحبة والخوف والرجاء ، فمن جمع هذه الأمور الثلاثة فهو المؤمن حقا .
* دليل المحبة الصحيحة وثمرتها :
( ولهذا أنزل الله للمحبة محنة يمتحن بها المحب فقال : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } ) :
هذا أمر من الله جل وعلا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول لليهود والنصارى الذين يزعمون أنهم يحبون الله { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } ،
فعلامة محبة الله ودليلها اتباع رسوله ، فمن زعم أنه يحب الله ولكنه لا يتبع رسوله فهو كاذب كالصوفية وأمثالهم
{ يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }، وهذه ثمرة المحبة لله عز وجل ، فمحبة الله علامتها :
اتباع الرسل صلى الله عليه وسلم ، وثمرتها : { يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } ففي هذه الآية علامة محبته وثمرتها.
وليس هذا الخطاب خاص باليهود والنصارى ، فقوله : { فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } ليس خاصا باليهود والنصارى ، وإن كان سبب نزول الآية فيهم ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فهذا عام فمن يدعي محبة الله من الصوفية وغيرهم ، فمن لا يتبع الرسول ، فهو كاذب في دعوى محبة الله ، بل منهم من يرى سقوط الأمر والنهي عن المحب ، فيقول : لا يحرم عليّ شيء ، ولا يجب عليّ شيء ؛ لأنني وصلت إلى الله ، وهذه الأوامر والنواهي إنما هي للعوام ، وأما الخواص والعارفون بالله ، فليسوا بحاجة إلى اتباع الرسل ولا إلى الأمر ولا إلى النهي ؛ لأنهم وصلوا إلى الله ، فالرسل إنما هم للعوام .
- قوله : ( بل قد جعل محبة الله ومحبة رسوله الجهاد في سبيله ) :
أي : ومن علامة المحبة لله : الجهاد في سبيله ، قال تعالى : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله } ، فالقتال في سبيل الله علامة على محبة الله ، قال تعالى : { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين } يرفقون بالمؤمنين ويرحمونهم ويحبونهم ،{ أعزة } أقوياء ، { على الكافرين } لا يخافون فيهم لومة لائم ، { يجاهدون في سبيل الله } وهذه علامة محبتهم لله عز وجل .
للرفع