قصيدة ( بمدحه تغرد الحروف ...) لا خِلَّ لـي في اللـيـلةِ الظَّلـماءِ ** إلا الأسىَ , وتَنَـفُّسُ الصُّـعَــداءِ إلا لواعِجُ ذكــريــاتٍ عـذْبةٍ ** تَمْضِي , وتـتْركُنِـي أسيرَ شَـقـاءِ لا خِلَّ إلا نَجْـمَـةٌ وسْنَى , وأجـ ** ـفانٌ تَسْيلُ بِمُهْجَـتِـي ودِمـائـي فَالعَـيْـنُ مُـتْـرعَةٌ بِفَيْضِ سُهادِها ** وبِمُقْـلَتِيْ نـارٌ تُضـِيءُ مَسـائي ..قِيثَارتـي تشكُو بلَـحْنٍ ثاكِــلٍ ** وصهـيـلُ روحـي بَائسٌ كَحُدائي وَمَطِيَّتِي شَجَنٌ بِيَـمِّ مَـواجـعـي ** وشـواطِـئي مَكْلُـومَةُ الأرجاءِ ! أنا كُلَّما ناحَتْ حَمَـائمُ عَـبْرَتـي ** كاد الْحِـمـامُ يُقِلُّـنِي لِـفَـنَـاءِ وإذا شَدَتْ يوماً عـنادلُ أضلُـعي ** يـغـدو أُوَارُ الصَّـدْرِ كالـرَّمْـضاءِ حُرَقُ الصَّبابةِ أم تباريـحُ الـجوى ** هـي مَنْ أثارت كَـامـنَ الأدواءِ ؟! لِمتى يَظَلُّ الْجَفنُ نَبْعـاً دامـيـاً ** يروي الـخدودَ كَدِيْـمَـةٍ سَحَّـاءِ ؟! لمتى تَمُرُّ سِنُونَ عُـمري خُلْـسةً ** والدَّهرُ يـنـظِمُ شِـعـرَهُ لِـرثـائي فَتُطِلُّ قـافِيَتـي بوجْـهٍ شـاحِبٍ ** ورَوِيُّها كَـرِوايـةِ الـبـؤَسـاءِ ؟ ..يبْقَى سَحْابُ اليأسِ يُمْطرني أسىً ** ويكـادُ يُـغْـرِقُـنـِي بغيـرِ شِتَاءِ حتى إذا مـا الثَّغْرُ قـال : مُحمَّدٌ ** خَلَّفتُ شَجْوي والهمومَ ورائي ونسيتُ أحزاني , وأزهرَ في فَمِـي ** وردُ السَّعادةِ بعدَ طول بُكَاءِ وأتيتُ أمدحُ مَنْ حُرُوفِي غَرَّدتْ ** بجمالهِ , والكونُ في إصغاءِ ونظمْتُ من دُرَرِ القصـيـدِ قِلادةً ** علَّقتُها بِتَرائبِ الجوزاءِ أَوْدَعْتُها بَحـرَ الـخلودِ لأنـهـا ** لا تحتويها أبْحُرُ الشُّعَراءِ فَمُحَمَّدٌ فـوقَ الْمَـديحِ , وذِكْرُهُ ** بين الوَرَى نُوْرٌ وشَمْسُ بَهَاءِ فلذا قَرِيضي عند طَلْــعَـةِ بَدْرِهِ ** يُغْضِي , ويُبْحِرُ في خِضَمِّ حَيَاءِ ..طيفُ المدينةِ لم يُفارقْ ناظــري ** وهلالُ تلكَ القُبَّةِ الخضراءِ فبِظلِّهـا أرنـو لـجـنـةِ ربِّـنـا ** وبِروضِهَا ضَمَّتْ أبا الزَّهْراءِ ******* يا خيرَ مولودٍ , أتـانـا رحـمـةً ** ..ورقى وجبريلاً إلى العلياءِ وعليه سلّمتِ الملائِكُ , وانـتشـتْ ** حُبُكُ السّماءِ بليلةِ الإسراءِ يا سيدي : أنتَ الرَّحيمُ وناصرُ الـ **ـمظلومِ,والحان على الضُّعفاءِ جُرِّعتَ مُرَّ اليُتْمِ من زمـن الصِّبـا ** ..ما أصعبَ الدنيا بلا آباءِ ! ونشأتَ فـي فقرٍ , ألـم تكُ راعيَاً ** بِشِعَابِ مكةَ في ثرى الغبْراءِ ؟! لم تسكُنِ القَصرَ الْمُنيفَ مُنَـعَّـمـاً ** بل عشتَ في الدنيا كما الفُقَراءِ ففـداكَ روحـي يا نبـيُّ رخيصةً ** وإليكَ مَحْضَ مَحبَّتِي ووَلائِي ******* ...ومخرتُ أمواجَ الزمانِ بـخاطـري ** حتى رسَا وَهْنَاً بغارِ حِراءِ ورأى حُنَيْناً , والـمشـاهـدَ كُلَّـها ** ونبيَّنا الْمِقْدامَ في الهيجاءِ وصحابةً كم جاهدوا كـي ينـشـروا ** ديناً أتانا دون أيِّ عَناءِ ! ..قَلَّبتُ أفكاري , وسُـحْتُ بعـالَـمٍ ** مُتَجَلْبِبٍ بِجَهالةٍ سوداءِ فرأيتُ مذهـولاً عَـبِيْـدَ حجـارةٍ ** ولهم حِجَىً كالْمُقلَةِ العَمْياءِ وبِصَدْرِهِمْ بركـانُ حـقـدٍ يَلْتَـظِيْ ** وبِجوفِهِ حِمَمٌ من الشَّحناءِ ورأيـتُ فـي بَطْـحـائِهمْ وَقِفَارِهِمْ ** موجَ الـدِّما , وتـنـاثُرَ الأشـلاءِ و أبَاً ـ ومنهُ الوجهُ لـيلٌ حـالكٌ ـ ** مُسْتَخْـفِـيَـ اً عن أَعْيُنِ الـرُّقَبَاءِ ...يَمضي بلا وجَلٍ.. يُغَـيِّبُ بِنْـتَهُ ** فـي الـرَّملِ بَيْنَ بَـراثِنِ الصَّـحـراءِ هل في شَغَافِ القـلـبِ نَبْـضُ أُبُوَّةٍ ** أمْ كُـتْـلَـةٌ كالـصَّخْرةِ الصَّـمَّاءِ؟ ! ...ورأيتُ غرقى سـامِـدِينَ بِغَيِّـهِـمْ ** لا فُلْكَ تَحْملهُمْ إلى الـمـينـاءِ ..ورأيتُ ركْـبَـاً تائِهـاً بِـمَـفَـازَةٍ ** يَسري, ولا يَحظى بِلمْحِ سَـنَـاءِ فأتاهُمُ الـمختارُ شـمـسَ هـدايـةٍ ** وفُراتَ غيـثٍ فـي صـدورِ ظِمَاءِ وغدتْ بـه بِيْـدُ النفوسِ خَـمائـلاً ** تُرْوى بـنـبـعِ مَحَجَّـةٍ بيـضـاءِ والعدلُ مـيـزانٌ لـه , فَـبـِهَـديِهِ ** لا فرقَ بَيْنَ حَــرائــرٍ وإمــاءِ ...أنَّـى لشعري أن يُحيط بوصفِ مَنْ ** جَلَّتْ مـحـاسنُهُ عـن الإحصاءِ؟! ******* ..بـِخِـتَـام قافـيتـي إليكَ رجائي ** مُتَضَـمِّخاً بِموَدَّتِي وإخــائــي : إن حارَ قلبُـكَ , أو بُلـيـتَ بغـفْلةٍ ** وأردتَ أن تَحـظــى بِطِيْبِ شِفاءِ فاقرأْ كـتـابَ الله , أو سُنـَنَ الْهُدى ** من سـيرةٍ كـالـكـوكَبِ الوَضَّاءِ وَسَلِ الإلـهَ بـأنْ يُشَفِّـعَ فـي غـدٍ ** فـينا الـحـبيـبَ وسيِّدَ الشُّفَعَاءِ وعليه صلِّ ضُحَـىً , ومـا ضاعَ الشَّذا ** أو لاحَ نـــورُ الكـعبـةِ الغَرّاءِ مصطفى قاسم عباس