لصَدْرِكِ مَرَّةً كالطِّفْلِ ضُمِّيْنِيْ


أُلَمْلمُ أدمُعِي الحرَّى

وَتَهمسُ في دَمي النَّجوى

وأذرِفُ عَبْرةً نَشْوى

وأنظِمُ من رموشِ العينِ قافيةً

تفيضُ بِخافقي شِعْرا

لأكتبَ فيكِ جوهرةً

صقلتُ ضياءَها بِيَدي

أتتْ كَجُمانةِ العِقْدِ

كزنبقةٍ، كعطر الفلِّ، والأطيابِ والوردِ

كشمعة عمريَ الوَسْنى

كشمسِ الصبحِ بَل أسْنَى

... فتسكبُ عطرَها شَفَتي

وتُورقُ في فَمي لُغتي

إذا ما قلتُ في شِعري

مدَى دَهري بِلا عَددِ:

"فداكِ الروحُ يا أمِّي"
• • •
.. وترجعُ بي مُخيِّلتي
إلى المهدِ
لأُروَى من بحار الحبِّ والودِّ

لترقصَ مقلتي طرَبا

وتُمطرَ أحرُفي شُهْدا

وتنثرَ أضلُعي شُهُبا

وأنسى البؤسَ والسُّهْدا

وأمضي تاركاً خلفي لظَى التَّبريحِ واللَّهبا

إلى زمنٍ أُناغي فيه أحلامي

مضى حُلْماً وخلَّفني
أناجي ليلَ آلامي

وأعصرُ بؤسيَ الداميْ

وأسكُبُهُ بأوردةٍ تلوكُ البؤسَ والنَّصَبا

ويرويني أُجاجاً علقماً كالظُّلم يا أمِّي

ويسقيني كؤوساً من مرارِ الحزنِ والْهَمِّ

ولكنّي أراكِ فتبسمُ الدنيا
وأمضي دونَ أتراحِ

وتزهرُ في شراييني أَفانيني بأَفراحِ
يغنِّي بلبلي الغِرِّيدُ ألحاناً

لها عبقٌ كريحِ المسكِ والرَّنْدِ

.. فإنكِ أنتِ نبعُ العطف والتَّحنانِ والسعْدِ

.. ظمئتُ فكنتِ لي سُقيا

وإني اليومَ أرنُو نحوَ عينٍ منكِ يا أُمي

مَلِيًّا مَلَّها الغَسقُ

إلى جفنٍ كواهُ السُّهدُ والأرَقُ

لقَلبٍ ظلَّ في سَفَري على الأطلالِ مُرتقِبا

لأُخدودٍ بذاك الخدِّ منهُ الدَّمعُ ما نَضبا

وإني الآنَ في عمرِ الرَّياحينِ

وأمضي عابراً جِسْرَ الثَّلاثينِ

ولي - يا أمُّ - أُمنيةٌ

فأرجُو أن تلبِّيني..

لصَدْرِكِ مَرَّةً كالطِّفْلِ ضُمِّينِيْ

لصَدْرِكِ مَرَّةً كالطِّفْلِ ضُمِّينِيْ

الشاعر : مصطفى قاسم عباس