تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: خطبة الحرب

  1. #1
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي خطبة الحرب

    من نظرات المنفلوطي... إلى إخواني وأخواتي في سوريا وبورما ومالي و...كل بلاد المسلمين


    يا أبطال سوريا*، وليوث حمص *، وحُماة الثغور، وذادة المعاقل والحصون،

    صبراً قليلاً في مجال الموت، فها هي نجمة النصر تلمع في آفاق السماء،
    فاستنيروا بنورها، واهتدوا بهديها حتى يفتح الله عليكم.
    إن الله وعدكم النصر، ووعدتموه الصبر، فأنجزوا وعدكم ينجز لكم وعده،
    لا تحدّثوا أنفسكم بالفرار، فو الله إن فررتم لا تفرون إلا عن عِرض لا يجد لها حامياً، وشرف لا يجد له ذائداً، ودين يشكو إلى الله قوماً أضاعوه، وأنصاراً خذلوه.
    إنكم لا تحاربون رجالاً أشدّاء، بل أشباحاً تتراءى في ظلال الأساطيل، وخيالات تلوذ بأكناف الأسوار والجدران، فاحملوا عليها حملة صادقة تطير بما بقي من ألبابها، فلا يجدون لبنادقهم كفّاً، ولا لأسيافهم ساعداً.

    إنهم يطلبون الحياة وأنتم تطلبون الموت، ويطلبون القوت وتطلبون الشرف، ويطلبون غنيمة يملؤون بها فراغ بطونهم وتطلبون جنّة عرضها السموات والأرض، فلا تجزعوا من لقائهم، فالموت لا يكون مرَّ المذاق في أفواه المؤمنين.
    إنكم تعتمدون على الله، وتثقون بعدله ورحمته، فتقدموا إلى الموت غير شاكين ولا مرتابين، فما كان الله ليخذلكم ويكلكم إلى أنفسكم وأنتم من القوم الصادقين.إن هذه القطرات من الدماء التي تسيل من أجسامكم ستستحيل غداً إلى شهب حمراء تهوي فوق رؤوس أعدائكم فتحرقهم، وإن هذه الأنّات المتصاعدة من صدوركم ليست إلا أنفاس الدماء الصاعدة إلى إله السماء أن يأخذ لكم بحقكم ويعديكم على عدوكم، والله سميع عليم.

    إن أعداءكم قتلوا أطفالكم، وبقروا بطون نسائكم، وأخذوا بلحى شيوخكم الأجلاء فساقوهم إلى حفائر الموت سوقاً، فماذا تنتظروا بأنفسكم؟
    أجلبوا عليهم بخيلكم ورَجلكم واصدقوا حملتكم عليهم، وجعجعوا بهم، واقتلوهم حيث ثقفتموهم، واطلبوهم بكلّ سبيل، وفوق كل أرض، وتحت كلّ سماء، وأزعجوهم حتى عن طعامهم وشرابهم، ويقظتهم ومنامهم، فما أعذب الموت في سبيل تنغيص الظالمين!لا تطلبوا المنزلة بين المنزلتين، ولا الواسطة بين الطرفين، ولا العيش الذي هو الموت أشبهُ منه بالحياة، بلِ اطلبوا إما الحياة أبداً، وإما الموت أبداً.غداً ينتهك أعداؤكم حرمة أرضكم ودياركم، ويملكون عليكم نساءكم وأولادكم، ويطؤون بحوافز خيولهم مساجدكم ومعابدكم، وينظمون في ثقوب آنافكم مقاودَ يقودونكم بها إلى مواقف الذلّ والهوان كما تقاد الإبل المخشومة إلى معاطنها، فافتدوا أنفسكم من هذا المصير المهين بجولةٍ تجولونها في سبيل الله، ثم تموتون، موتُ الجبان في حياته، وحياة الشجاع في موته، فموتوا لتعيشوا، فوالله ما عاش ذليلٌ، ولا مات كريم.

    إن هذه الأساطيل الرابضة على شواطئكم، والمدافع الفاغرة أفواهها إليكم، والبنادق المسدّدة إلى صدوركم ونحوركم لا يمكن أن يتألف منها سور منيع يعترض سبيلكم في رحلتكم من هذه الدار إلى تلك الدار، فسيروا في طريقكم إلى آخرتكم، فإن الأعداء إن ملكوا عليكم طريق الحياة لا يملكون عليكم طريق الموت.
    المستميت لا يموت، والمستقبل لا يُقتَل، ومن يهلك في الإدبار أكثر ممن يهلك في الإقدام، فإن كنتم لا بدّ تطلبون الحياة فانتزعوها من بين ماضغَيِ الموت.

    إن كتّاب التاريخ قد علّقوا أقلامهم بين أناملهم، ووضعوا صحائفهم بين أيديهم، وانتظروا ماذا تُملُون عليهم من حسنات أو سيئات، فأملُوا عليهم من أعمالكم ما يترك في نفوسهم مثل ذلك الأثر الذي تركته في نفوسكم تلك الصحائف البيضاء التي سجّلها التّاريخ لأولئك الأبطال العظام.
    موتوا قبل أن تطلبوا الموت فيعوزكم، وتنشدوه فيعجزكم، موتوا اليوم شهداء في ساحة الحرب تكفّنكم ثيابكم، وتغسلكم دماؤكم، وتصلي عليكم ملائكة الرحمن قبل أن يسبق قضاء الله إليكم فيموت أحدكم فلا يجد بجانبه مسلماً يصلي عليه صلاة الجنازة، ثمّ يمشي وراء نعشه إلى قبره حتّى يُودِعَه حفرته، ويخلي بينه وبين ربّه.

    إن الشيخين أبا بكر وعمر، والفارسيْن خالداً وعليّاً، والأسدين حمزة والزبير، والفاتحيْن سعداً وأبا عبيدة، والبطلين طارق بن زياد وعقبة بن نافع، وجميع حماة الإسلام وذادته، من السابقين الأولين والمجاهدين الصابرين يُشرفون عليكم اليوم من علياء السماء؛ لينظروا ماذا تصنعون بميراثهم الذي تركوه في أيديكم، فامضوا لسبيلكم، واهتكوا بأسيافكم حجاب الموت القائم بينكم وبينهم، وقولوا لهم: إنا بكم لاحقون، وإنا على آثاركم لمهتدون.
    إنّ هذا اليوم له ما بعده، فلا تسلموا أعناقكم إلى أعدائكم، فإنكم إن فعلتُم لن يُعبَد اللهُ بعد اليوم على ظهر الأرض أبداً.

    (النظرات 2/ 153)


    ----------
    * النص الأصلي :
    "يا أبطال برقة، وليوث طرابلس"
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: خطبة الحرب

    ان الأمةُ التي تحسن صناعةَ الموت، وتعرف كيف تموت الميتة الشريفة، يهبُ الله لها الحياةَ العزيزة في الدنيا، والنعيمَ الخالد في الآخرة.
    -والنصرُ آتٍ فوق أشلاءِ الكُماةِ المخلصينْ***
    والنصرُ آتٍ خلف إمدادِ الكرامِ الباذلينْ
    والنصر آتٍ بالدعاء وبالبيانْ
    آتٍ بإذن الله رغم غواية الغاوي وهذرمة الجبان
    ** أختى سارة شرح الله صدرك وبارك فيك وأجرى الله الحق فى أقوالك**

  3. #3

    افتراضي رد: خطبة الحرب

    جزاكِ اللهُ خيرًا وأحسنَ إليكِ نقلٌ ماتعٌ* نافعٌ باعثٌ للهمَمِ مُعلٍ لَها...
    ....
    *كلمات أكبر منّا استدعيتُمُونا نستخدمها معكم (ابتسامة)!

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •