مفهوم الدراسات اللغوية عند الهنود
الدراسات اللغوية العربية نشأتها وتدرجها الدراسات اللغوية:
مفهوم الدراسات اللغوية: قديمًا هو ذلك النشاط اللغوي التقعيدي "normative" الذي يستهدف معرفة صحيح الكلام وجيده كتابة ونطقًا. ووضع "قواعد" تميز صحيح الكلام من خطئه، وجيده من رديئه؛ "قواعد" متعلقة بهجاء اللغة و"نحوها" ومفرداتها و"بلاغتها" وما أشبه هذا، "قواعد" الناشئة صحة الكلام وجودته، وتتخذ مقياسًا للحكم على الصواب والخطأ، والجيد والرديء.
وهو كذلك: معرفة عدد كبير من اللغات، الحية أو القديمة، فضلًا عن التبحر في اللغة القومية، هذه المعرفة التي تسمى بالإنجليزية Polyglattisn وبالفرنسية Palyglattisnal والتي ينظر الناس إلى صاحبها بعين الإكبار والتقدير.
والحق أن علم اللغة بالمفهوم الحديث ليس هذا ولا ذاك، فهو علم لا يدرس اللغة للكشف عن الكيفية التي يجب أن يكون عليها الكلام، وعن الكيفية التي يحسن بها الكلام، ولتعليم هاتين الكيفيتين، إنما وظيفته دراسة اللغة ذاتها؛ بالكشف عن خواصها ومميزاتها، وتسجيل هذه الخواص والمميزات كما هي في صورة قواعد ونظم عامة، وليس معنى هذا: أن تدريس اللغة بالطرق التقليدية لا يفيد من البحث اللغوي الحديث، بل إن الأمر على العكس من ذلك، فهذا البحث اللغوي الحديث قادر -بل قد يكون مما يفرضه الواجب عليه- أن يقدم للمشتغلين بتدريس اللغات توجيهات وإرشادات تيسر عليهم عملهم، وتصحح منه جوانب ووجوهًا، ويقدم له أصولًا خالية من النظرة الفلسفية والافتراضات الذهنية والتأويلات التعسفية.
ثم إن العالم اللغوي ليس من يتقن عددًا من اللغات؛ فقد يجيد لغات كثيرة ولا معرفة له بشيء عن "اللغة"، فعلم اللغة ليس معناه معرفة أكثر من لغة.
فقد يكون الإنسان لغويًّا ناجحًا، ومع ذلك لا يعرف إلا لغته القومية، فالدراسات اللغوية "علم" أما معرفة عدة لغات، فهي صفة يتصف بها بعض الناس، وميزة من الميزات وهي واجب في الدرس اللغوي كالمقارنة بين عدد من اللغات، وكالدراسة التطورية للغة من اللغات، ولكن هذه المعرفة وسيلة من وسائل اللغوي، وليس غاية من غاياته.
وفي موضع آخر يشرح الدكتور السعران قول "دي سوسير": أن علم اللغة يدرس اللغة "في ذاتها ومن أجل ذاتها" فيقول: أما معنى قول "دي سوسير" أن علم اللغة يدرس اللغة "في ذاتها" فهو أنه يدرسها من حيث هي لغة، يدرسها كما هي، يدرسها كما تظهر، فليس للباحث فيها أن يغير من طبيعتها، كما أنه ليس للباحث في موضوع أي علم من العلوم: أن يغير من طبيعته، فليس له أن يقتصر في بحثه على جوانب من اللغة مستحسنًا إياها، وينحى جوانب أخرى استهجانًا لها، أو استخفافًا بها، أو لغرض في نفسه، أو لأي سبب آخر من الأسباب.
وبما أن علم اللغة يدرس اللغة "من أجل ذاتها" فمعناه: أنه يدرسها لغرض نفسها، يدرسها دراسة موضوعية تستهدف الكشف عن حقيقتها، فليس من موضوع دراسته أن يحقق أغراضًا تربوية مثلًا، أو أية أغراض عملية أخرى.
إنه يدرسها هدفًا إلى "ترقيتها" أو إلى تصحيح جوانب منها أو تعديل آخر، إن عمله مقصور على أن يصفها ويحللها بطريقة موضوعية.
ويهتم الدكتور السعران بموقف المتخصصين في المسائل اللغوية بصدد هذا العلم فيذكر أن معظم هؤلاء يفهمون منه أنه: "الصرف أو النحو أو الاشتقاق وتمييز الكلام الفصيح من غير الفصيح، ومعرفة الشوارد النادرة وحواشي الكلام ومعرفة معاني الكلمات أو تأليف المعجمات أو معرفة اللغات المذمومة وما أشبه هذا"، وذلك كما جاء في "فقه اللغة" للثعالبي أو ما عرض له ابن جني في "الخصائص" أو ما جاء في "المزهر" للسيوطي.
بل قد يذهب بعضهم إلى أبعد من هذا ويتوهم أن علم اللغة مقصور على البحث في الثروة اللفظية: الألفاظ المفردات من حيث جمعها، والتأمل والبحث في أصولها وفروعها، وما يطرأ عليها من تغيير أو تطور، وكذلك خلط كثيرون بين علم اللغة وبين الفيلولوجيا.
ومرجع هذا الخلط: ما أسند لعلماء الدراسات المقارنة من مسئولية تدريس الدرس اللغوي في جامعاتنا، ومن هنا قالوا: إن الدراسات اللغوية: معرفة عدد كبير من اللغات؛ وذلك لسيطرة هذه الفكرة عليهم، لما درجوا عليه من الدرس المقارن.

يليه: مفهوم الدراسات اللغوية عند الهنود...........
المصدر: منتديات جامعة المدينة العالمية