تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 32

الموضوع: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    الْحَمْدُ للهِ الْوَاقِي مَنْ اتَّقَاهُ مَرَجَ الأَهْواءِ وَهَرَجِهَا . وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً كَامِنَةً فِي الْقَلْبِ وَاللِّسَانُ يَنْطِقُ بِهَا وَالْجَوَارِحُ تَعْمَلُ عَلَى مِنْهَاجِهَا . آمِنَةً مِنْ اخْتِلالِ الأَذْهَانِ وَغَلَبَةِ الأَهْوَاءِ وَاعْوِجَاجِهَا . ضَامِنَةً لِمَنْ يَمُوتُ عَلَيْهَا حُسْنَ لِقَاءِ الأَرْوَاحِ عِنْدَ عُرُوجِهَا . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِمَامُ التَّقْوَى وَضِيَاءُ سِرَاجِهَا . وَالسِّرَاجُ الْمُنِيْرُ الْفَارِقُ بَيْنَ ضِيَاءِ الدِّينِ وَظُلُمَاتِ الشِّرْكِ وَاعْوِجَاجِهَا . وَالآخِذُ بِحُجُزِ مُصَدِّقِيهِ عَنِ التَّهَافُتِ فِي النَّارِ وَوُلُوجِهَا . صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ أَزْكَى صَلاتِهِ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍ لَهَا فِي أَبْرَاجِهَا .... وَبَعْدُ ..

    نا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ ، عَنْ شَرِيكٍ ، وَقَيْسٍ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " . قد جاء هذا الحديث عَنْ ستةِ أنفسٍ : (( أبو هريرة - رضي الله عنه - ، أنس بن مالك - رضي الله عنهُ - ، وعَنْ يوسف بن ماهك ، ورواية أبي بن كعب - رضي الله عنه - ، ورواية الحسن البصري - رحمه الله - مُرسلاً ، وعَنْ أبي أمامة الباهلي )) رحمهم الله تعالى ورضي عنهم أجمعين ، وأحسنُ هذه الطُرق ما روي عَنْ الصحابي الجليل أبو هريرة - رضي الله عنهُ - مرفوعاً عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .

    @ الحُكم على الحديث : [ صحيحٌ لغيرهِ ] .

    [ أولاً ] رواية أبو هريرة - رضي الله عنهُ - عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .
    أخرجه الدارمي (2597) قال: أخبرنا محمد بن العلاء، حدَّثنا طَلْق بن غَنَّام، عن شريك، وقيس. و"أبو داود" 3535 قال: حدَّثنا محمد بن العلاء، وأحمد بن إبراهيم، قالا: حدثنا طَلْق بن غَنَّام، عن شريك، قال ابن العلاء: وقيس. و"التِّرمِذي" 1264 قال: حدَّثنا أبو كُريب، حدَّثنا طَلْق بن غَنَّام، عن شريك، وقيس كِلاهما : (( شريك النخعي ، قيس بن الربيع )) عَنْ أبي حصين عَنْ أبي صالح وهو - السمان - عَنْ أبي هريرة - رضي الله عنه - عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً .

    قال الترمذي في سننه (1/238) : (( هذا حديثُ حسنٌ غريب )) .
    وقال الحاكم في مُستدركه (2/46) : ((صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه )) ووافقهُ الإمام الذهبي .
    قُلتُ : وقولُ الحاكم أبي عبد الله النيسابوري - رحمه الله تعالى - محلُ نظرٍ إذ أن شريك بن عبد الله النخعي - القاضي - قد أخرج لهُ الإمام مُسلم في الشواهد والمُتابعات ولم يخرج لهُ في أصولهِ حديثاً ، وقد جاء حديثهُ مقروناً بحديث قيس بن الربيع عَنْ أبي حصينٍ عَنْ ابي صالح السمان عَنْ أبو هريرة - رضي الله عنه - وهو نحوهُ في الضعف وكلاهما يقوي رواية الأخر كما قال الإمام الألباني - رحمه الله تعالى - في إرواء الغليل (5/381) وصحح إسنادهُ - رحمه الله - .
    وفي العلل عند أبي حاتم الرازي (1/375) : (( وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ هُوَ ابْنُ عَمِّ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، وَهُوَ كَاتِبُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، رَوَى حَدِيثًا مُنْكَرًا عَنْ شَرِيكٍ ، وَقَيْسٍ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " . قَالَ أَبِي : وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ )) أهـ .
    قُلتُ : رضي الله عنكَ ! ورحمكَ قد ثبت لنا وثاقة طلق بنُ غنامٍ قال أبو داود السجستاني [ صالح ] ومعناهُ إن قيلت في أحد الرواة فأن الصلاح في الدين والإسلام وأنهُ صاحبُ عبادةٍ ودين ، وقال ابن حزم الظاهري [ ضعيف ] فتبعهُ بذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - وقال : [ قالها وحدهُ ] وقال الجيلي [ ثقة ] قال ابن حجر : [ ثقة، ومرة: من كبار شيوخ البخاري وشذ بن حزم فضعفه في المحلي بلا مستند واحتج به أصحاب السنن ] وقال الدارقطني [ ثقة ] وقال عثمان بن أبي شيبة [ ثقة صدوق ، لم يكن بالمتبحر بالعلم ] ووثقهُ محمد بن سعد كاتب الواقدي وقال ابن نمير [ ثقة ] ولعل الدافع لكلام ابي حاتم الرازي فيه أنهُ في كتاب الجرح والتعديل لم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً وهذا لا يضرُ طلق بن غنام لثبوت وثاقته عِنْدَ أئمةِ الجرحِ والتعديل وقد شذ في تضعيفه ابن حزم وقولهُ مردودٌ ، وليس في كلام ابي حاتم - رضي الله عنه - ما يُعَلُّ بهِ حَديثُ طلق بن غنام عَنْ أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - عَنْ النبي صلوات ربي وسلامهُ عليه وعلى آل بيتهِ وأصحابه وأمهاتنا .
    وفي جامع الترمذي - رحمه الله - أنهُ قال : [ وَفِي الْبَاب ، عَنْ سَمُرَةَ ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَأَنَسٍ ، قَالَ : وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ] قُلتُ : وسيأتي إن شاء الله الكلام على قول الإمام الترمذي - رحمه الله تعالى - حسنٌ غريب ! هل يقصدُ بها التضعيف أم أنهُ أراد بقرن لفظة الغريب بالحسن إطلاقهُ ولذلك جاء القرنُ عند الترمذي - رحمه الله - للفظتي ( الحسن ) و ( الغريب ) . والله أعلم .
    وقال الحافظ في البلوغ كما في روضة المُحدثين (
    9/288) : (( حسنه أبو داود، وصححه الحاكم، واستنكره أبو حاتم الرازى، وأخرجه جماعة من الحفاظ وهو شامل للعارية )) وفي الباب ذاتهِ قال الفقي (1/183) : (( إنما استنكره أبو حاتم لأنه روى من طرق فى أحدها طلق بن غنم، وفى الآخر أيوب بن سويد، وفى الآخر من لا يعرف. ولذا قال ابن الجوزى: لا يصح من جميع طرقه شىء )) قُلت : رضي الله عنكَ وهذا غيرُ مقبولٍ مِنْكَ البتةَ إذ أن رواية أبو هريرة - رضي الله عنه - صحيحٌ لغيرهِ ، وطُرق الحديث الأخرى تُعضدُ رواية أبو هريرة - رضي الله عنه - فلا يكونُ الحديث ضعيفاً بل صحيحاً لغيره .
    - صححه الإمام الألباني في أكثر مِنْ موضعٍ في كُتبهِ .
    - وقد تكلم فيه أحمد وابن ماجة والشافعي كَما نقل السخاوي في المقاصد الحسنة وحسنهُ الترمذي وصححه الحاكمُ والإمام الألباني - رحمهم الله - وطُرق الحديث تعضدُ بعضها البعضْ فيكونُ الحديث في منزلة الصحيح لغيرهِ كما قال الإمام الألباني في كتابه ارواء الغليل في تخريج أحاديث المنار ، قال الدوريُّ : ((
    قلتُ (لطلق) بن غَنَّام، أكتب شَرِيكا وأدع قيسا؟ (قَالَ: أَنْت أبْصر. قَالَ الْحَاكِم) : وَحَدِيث شريك عَلَى شَرط مُسلم، وَلم يخرجَاهُ )) أهـ .
    - وقد خالف الإمام البيهقي - رحمه الله - أبي حاتم الرازي في قولهِ أن تفرد به طلق بن غنام فقال في السنن : ((
    تفرد بِهَذَا الحديثِ شريكُ القَاضِي وقيسُ بن الرّبيع، وَقيس ضَعِيف، وَشريك لم يحْتَج بِهِ أَكثر أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا ذكره مُسلم بن الْحجَّاج فِي الشواهد )) فيكونُ حديثُ أبي هريرة - رضي الله عنه - صحيحٌ لغيرهِ لا ضعيفاً كما قال بعضُ طلبة العلمِ .

    [
    إستدراك ] قولُ الترمذي - رحمه الله - حسنٌ غريبٌ هل يُريدُ بهِ الضعف !! .
    أخطأ بعضُ طلبة العلمِ في فهم مُصطلح الإمام الترمذي - رحمه الله - فجعل قولهُ [ حسنٌ غريب ] تضعيفٌ للحديث وهذا ليس في محلهِ إذ أن الغريب : [ هُو ما تفرد بهِ الراوي وحدهُ إما بسندهِ أو متنهِ أو الإثنين معاً ] ويقولُ الترمذيُّ - رضي الله عنه - في علله الصغير في تعريف الحسن : [ وما ذكرنا فى هذا الكتاب حديث حسن ، فإنما أردنا حسن إسناده عندنا ، وهو كلُّ حديثٍ لا يكون فى إسناده من يتهم بالكذب ، ولا يكون شاذاً ، ويروى من غير وجهٍ نحو ذاك ، فهو عندنا حديث حسن ] قال الشيخ أبو محمد الألفي فيما قرأتُ لهُ في مُلتقى أهل الحديث : [أن الترمذى كثيراً ما أورد هذا الاصطلاح مقروناً بقوله (( وقد روى من غير وجه نحوه )) ، وبقوله (( وفى الباب عن فلان )) ، وهذا أقوى البراهين على إرادة الترمذى بقاء رسم الحسن على إطلاقه ؛ أطلق اللفظ أو قرنه بالغرابة أو الصحة أو هما معاً ] ويشهدُ لهُ حُكم الإمام الترمذي رحمه الله تعالى عَلى الأحاديث بهذا اللفظ مُبينا أنها قد وردت مِنْ طريقٍ أخر ولهذا قال (( ويروى مِنْ غير وجهٍ نحو ذاك )) وبالإطلاع على أحكامهِ في السُنن فإن الصحيح أن نقول بأن الترمذي أراد بقولهِ - حسن - : هو تعدد مخارج الحديث ، وقولهُ - غريب - :تفرد الراوي بالحديث الذي ذكرهُ عنهُ وعَنْ شيخنا الألفي أنهُ قال في الأليق بما يجبُ قولهُ عنْ قول الترمذي : [ كلُّ حديث قال عنه ((حسن غريب )) فهو حديث قد رُوى من غير وجهٍ نحوه ، وإنما يُستغربُ من الطريق المذكورة لتفرد راوٍ بها ] وبهذا يتبينُ القولُ ويُرجى النظر لرسالة الشيخ المُحدث السكندري أبو محمد الألفي التي أسماها [ إتحاف الأريب بمعنى قول الترمذي حسن غريب ] . والله أعلم .

    [
    ثانياً ] شاهدٌ مِنْ رواية أنس بن مالك - رضي الله عنه - للحديث مِنْ رواية أبي التياح .
    قال الإمام الألباني في الإرواء (5/381) : [ أخرجه الدارقطنى (303 ـ 304) والحاكم والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 96) وأبو نعيم فى " الحلية " (6/132) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (ق 248/2) كلهم من طريق أيوب بن سويد أخبرنا ابن شوذب عن أبى التياح به ] . قُلتُ : قال الطبراني في مُعجمهِ الصغير : [ لم يَرْوِهِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، إِلا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ ، تَفَرَّدَ بِهِ أَيُّوبُ ، وَلا يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ ، إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ ] ! رضي الله عنكَ بل لم يتفرد بهِ أيوب بن سويد عَنْ ابن شوذب بهذا الإسناد بل قد تابعهُ ضُمرة وأنْتَ نفسكَ قد أخرجتَ روايتهُ في المُعجم الكبير : [ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ الْقَزَّازُ ، ثنا ضَمْرَةُ ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " ] وهذا في مُعجمك أيها الإمام الجليل - رضي الله تعالى عنكَ - فلا يكونُ أيوب قد تفرد بهِ بل رواهُ الإثنين [ أيوب بن سويد - ضمرة بن ربيعة الفلسطيني ] وضمرة بن ربيعة الفلسطيني (( ثقة )) قال آدم بن أياس العسقلاني : [ ما رأيت أحدا أعقل لما يخرج من رأسه من ضمرة ] وقال أبي حاتم الرازي [ صالح ] وقال أبو سعيد بن يونس المصري [ فقيههم في زمانه ] وقال الإمام أحمد بن حنبل : [ صالح الحديث من الثقات المأمونين، لم يكن بالشام رجل يشبهه ] وقال النسائي [ ثقة ] وقال الجيلي [ ثقة ] وابن معين [ ثقة ] وقال ابن حجر [ صدوقٌ يهم قليلا ] وفي إسنادهِ عِنْدَ الطبراني في المُعجم الكبير - أحمد بن زيد القزاز - [ مجهول الحال ] ، وقد نقل بعضُ طلبةُ العلم في مُلتقى أهل الحديثِ عَنْ ابن عدي قولهُ ولم يذكرهُ كاملاً فقال ابن عدي في الكامل : [ وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ لا يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ غَيْرُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ ، وَهُوَ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ ، وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا الْمَتْنُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ] فلا يكونُ أيوب قد تفرد برواية الحديث بل تابعهُ عليه ضمرة الفلسطيني وفي إسنادهِ عِنْد الطبراني - مجهول الحال - والضعفُ في هذه الطريق ليس شديداً لجهالة حال القزاز فيصلحُ شاهداً لرواية أبي هريرة رضي الله عنهُ فإجتماعهُ مَعْ الطريق السابق ويحيى بن عثمان شيخ الطبراني - مقبول - وأيوب ممن يستشهدُ بهِ .

    [
    ثالثا ]وشاهدٌ مِنْ رواية أبي بن كعب - رضي الله عنهُ - عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .
    وهذا الطريق ضعيفٌ قال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - في تلخيص الحبير (1/73) : [ ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية. وفي إسناده من لا يعرف ] ذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» من هَذَا الْوَجْه، وَأعله بِيُوسُف بن يَعْقُوب قَاضِي الْيمن، قَالَ أَبُو حَاتِم: مَجْهُول. وَمُحَمّد بن مَيْمُون الزَّعْفَرَانِي ، قَالَ خَ س: مُنكر الحَدِيث .

    [
    رابعاً ] رواية يوسف بن ماهك المكي تابعي عَنْ فلان .
    أخرجهُ ابو داود في سُننه (3/290) والبيهقي في سُننه الكبرى (10/271) عَنْ يوسف بن ماهك المكي أنهُ قال : [ كنتُ أكتب لفلانٍ نَفَقَة أَيْتَام كَانَ وليهم، فغالطوه بِأَلف دِرْهَم؛ فأدَّاها إِلَيْهِم، فأدركتُ لَهُم (أَمْوَالهم) مثلهَا، قَالَ: قلت: اقبض الْألف الَّذِي ذَهَبُوا بِهِ مِنْك. قَالَ: لَا. حَدثنِي (أبي) أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: أدِّ الْأَمَانَة إِلَى مَنِ ائتمنك ] قال الإمام البيهقي في السُنن : [ هُوَ فِي حكم الْمُنْقَطع، حَيْثُ لم يذكر يوسفُ بن مَاهك اسْمَ مَنْ حدَّثه، وَلَا اسْمَ مَنْ حدَّث عَنهُ (من حَدثهُ) ] قال ابن حزم في المحلى (8/182) : [أما حديث فلان عن أبيه، ناهيك بهذا السند! ليت شعري: مَن فلان؟ ونبرأ إلى الله تعالى من كل دين أُخِذَ عن فلان الذي لا يُدرى من هو، ولا ما اسمه، ولا من أبوه، ولا اسمه ] قُلتُ : وقد أسرف ابن حزم في كلامهِ لأن مَنْ لم يذكرهُ يوسف بن ماهك يُحتمل أن يكون صحابياً لَا يُحتاج إِلَى اسْمِ مَنْ حدَّث عَنهُ (من حَدثهُ) فَإِنَّهُ صَحَابِيّ؛ فَلَا تضر جهالته، وَأخرجه ابْن السكن فِي «صحاحه» وَقَالَ: رُوي من أوجه ثَابِته .

    [ خامساً ] رواية أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
    رواهُ البيهقي مِنْ حديث أبي حفص الدمشقي عَنْ مكحول عَنْ أبي أمامة بهِ وقال : [
    هُوَ ضَعِيف؛ لِأَن مَكْحُولًا لم يسمع من أبي أُمَامَة شَيْئا و [أَبُو حَفْص] الدِّمَشْقِي مَجْهُول ] وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : [ رواهُ البيهقي مِنْ طريق أبي أمامة بسندٍ ضعيفٍ ] وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4|145): [ رواه الطبراني في الكبير. وفيه يحيى بن عثمان بن صالح المصري: قال ابن أبي حاتم: تكلموا فيه ] .

    [ سادساً ] رواية الإمام البصري مُرسلاً عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .
    رواهُ البيهقي عنهُ ثُم قال : [
    وهو منقطع ] .

    وبعد هذا كُلهِ أقولُ كما قال الإمام الألباني - رحمه الله - : أن الحديث بمجموع هذه الطرق ثابت , فما نقل عن بعض المتقدمين أنه ليس بثابت , فذلك باعتبار ما وقع له من طرق , لا بمجموع ما وصل منها إلينا والله أعلم.


    وصلي اللهم وسلم على الحبيب مُحمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان الرجيم ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد .


    كَتبهُ وأملاهُ العبدُ العاثرِ كثير الزلل والأخطاءْ /
    أبو زُرعة الغزي الفلسطيني
    20/4/2013

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    240

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    تصحيح الحديث بمجموع الطرق هو مما زل فيه المتأخرون (وخاصة منهم المعاصرون) زللا كبيرا.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    جزاكم الله خيرا
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البراء مشاهدة المشاركة
    تصحيح الحديث بمجموع الطرق هو مما زل فيه المتأخرون (وخاصة منهم المعاصرون) زللا كبيرا.
    الأخ الكريم البراء - وفقه الله - /
    قولك هُنا فيهِ جرأةٌ عجيبةٌ على الإمام الألباني - رحمه الله - وليس هُو وحدهُ فالذي نُريدُ مِنْكَ أن تُبين الزلل الذي وقع فيهِ المُعاصرونَ كالألباني وغيرهُ مِنْ العُلماء ، كما وأريدُ ان تُبين الخطأ الذي وقعنا فيهِ في دراستنا لهذا الحديث .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رضا الحملاوي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا
    الأخ الكريم رضا الحملاوي - وفقه الله - /
    بارك الله تعالى فيكم وجزاكم الله كُل خيرٍ ولا تنسونا مِنْ صالح الدُعاء .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    الحمد لله وحده .
    جزاك الله خيرا أخي أبا زرعة وسددك الله . لكن اسمح لي أن أقول :
    إن البيهقي نقل في السنن الكبير (10/ 271) عن الشافعي ـ كما أشرت في كلامك ، سددك الله ـ أنه قال : هذا الحديث ليس بثابت عند أهل الحديث، ونقل ابن حجر في التلخيص (3/97) عن أحمد بن حنبل أنه قال : حديث باطل لا أعرفه من وجه صحيح . مع تضعيف أبي حاتم له في قوله : منكر . كما تفضلت بالنقل عنه من علل ابنه رحمهما الله .
    وكأن أبا حاتم رحمه الله يرى أن طلق بن غنام لا يحتمل التفرد بهذا الطريق ـ وإن كان ثقة فليس كل ثقة يحتمل منه التفرد ، كما بين ذلك مسلم في التمييز وغيره من أهل العلم كالدارقطني في علله وكذا أبي حاتم وأبي زرعة ـ فأبو حَصين عثمان بن عاصم ، عن أبي صالح سلسلة مشهورة، وأبو حصين له تلاميذ كبار ثقات حريصون على حديثه ، ومع ذلك لم يرووا هذا الحديث ، فكيف يتفرد طلق بن غنام به من بينهم ، ولو كان ثابتاً لرواه الثقات عن أبي صالح . هذه مسألة تتعلق بالعلل ، لذا حكم أبو حاتم بما حكم به وغيره من أهل الحديث .
    وكذا ضعفه ابن القطان ـ مع من ذكرت ، وفقك الله ، عنهم التضعيف ـ وقال ابن الجوزي في الأحاديث الواهية : لَا يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ .
    وقولك ـ سددك الله ـ : وقد أسرف ابن حزم في كلامهِ لأن مَنْ لم يذكرهُ يوسف بن ماهك يُحتمل أن يكون صحابياً لَا يُحتاج إِلَى اسْمِ مَنْ حدَّث عَنهُ (من حَدثهُ) فَإِنَّهُ صَحَابِيّ؛ فَلَا تضر جهالته .
    قال أبو داود : حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ أن يزيد بن زريع ، حدثهم قال : ثنا حميد الطويل ، عن يوسف بن ماهك المكي ، قال : كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليهم ، فغالطوه بألف درهم ، فأداها إليهم ، فأدركت لهم من مالهم مثليها ، قال : قلت : أقبض الألف الذي ذهبوا به منك ؟ قال : لا ؛ حدثني أبي ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أد الأمانة إلى من أئتمنك ، ولا تخن من خانك " .
    أخرجه : أبو داود (3534) ، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبير (10/270) .
    وكذلك ؛ رواه : محمد بن أبي عدي ، عن حميد . أخرجه : أحمد (4/414) .
    فسياق هذه الرواية ؛ أنها عن يوسف بن ماهك ، عن رجل ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
    وهكذا ؛ ساقه المزي في " أطرافه " (11/237) : "فصل : ومما رواه من لم يسم ( فلان ) عمن لم يسم أيضا( أبيه )عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
    لكن ؛ رواه محمد بن ميمون الزعفراني ، عن حميد الطويل ، عن يوسف بن يعقوب ، عن رجل من قريش ، عن أُبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
    أخرجه : الدارقطني (3/35) ، فخالفهما في موضعين : الأول : في يوسف بن ماهك ، إذ قال فيه : " يوسف بن يعقوب " .
    الثاني : في جعله الحديث من مسند " أُبي بن كعب " ، لا من مسند هذا المبهم .
    والظاهر ؛ أنه تصحف عليه " أبي " بفتح الألف وكسر الباء ، إلى " أبي " بضم الألف وفتح الباء ، ثم رواه بالمعنى ، فنسبه اجتهاداً لا رواية ، فقال " أبي بن كعب " . فالاحتمال بأنه صحابي ، هو مجرد احتمال لا دليل عليه ، وليس صحيحا والله أعلم .
    لذا قال الحافظ في التلخيص :... يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ فُلَانٍ عَنْ آخَرَ وَفِيهِ هَذَا الْمَجْهُولُ .أهـ ولم يتعرض لكونه صحابيا .

    وقال البيهقي : هذا في حكم المنقطع ـ ولو كان صحابيا ما قال هذا ـ : حيث لم يذكر يوسف بن ماهك اسم من حدثه، ولا اسم من حدث عنه من حدثه. (كما تفضلت بالنقل عنه )

    وقد ذهب بعض أهل العلم كالشافعي أن في متنه نكارة ؛ فقال البيهقي في السنن الكبير :
    أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِى عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ قَالَ قَالَ الشَّافِعِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِى هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْكُمْ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَيْنَا ثُمَّ سَاقَ الْكَلاَمَ إِلَى أَنْ قَالَ إِذَا دَلَّتِ السُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ حَقَّهُ لِنَفْسِهِ سِرًّا مِنَ الَّذِى هُوَ عَلَيْهِ فَقَدْ دَلَّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِخِيَانَةٍ ، الْخِيَانَةُ أَخْذُ مَا لاَ يَحِلُّ أَخْذُهُ فَلَو خَانَنِى دِرْهَمًا فَقُلْتُ قَدِ اسْتَحَلَّ خِيَانَتِى لَمْ يَكُنْ لِى أَنْ آخُذَ مِنْهُ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ مُكَافَأَةً بِخِيَانَتِهِ لِى وَكَانَ لِى أَنْ آخُذَ دِرْهَمًا وَلاَ أَكُونُ بِهَذَا خَائِنًا ظَالِمًا كَمَا كُنْتَ خَائِنًا ظَالِمًا يَأْخُذُ تِسْعَةً مَعَ دِرْهَمِى لأَنَّهُ لَمْ يَخُنْهَا.أهــ

    ومن الأمثال في " الكلب " :
    (( وقع الكلبُ على الذئبِ )) . (مجمع الأمثال[2/373]) وفيه :
    : (هذا مِن قول عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهم. وذلك أنَّه سئل عن رجلٍ غصب رجلاً مالاً، ثمَّ قدِرَ المغصوبُ على مال الغاصب، أيأخذ منه مثلَ ما أخذ؟ فقال عكرمة: وقع الكلبُ على الذئبِ، ليأخذ منه مثل ما أخذ، يضرب في الانتصار مِن الظالم). ا.هـ.
    قلت: وهذه المسألة تسمَّى عند العلماء: (مسألة الظَفَر).
    قال العلامة الشنقيطي رحمه الله:
    يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ( وإن عاقبتم ..) إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك؛ بغير الوجه الشرعي، ولم يمكن لك إثباتُه، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على علو وجهٍ تأمن معه الفضيحة والعقوبة، فهل لك أنْ تأخذَ قدرِ حقِّك أو لا؟

    أصحُّ القولين، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس: أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن غيرِ زيادةٍ؛ لقوله تعالى في هذه الآية: فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ… الآية، وقوله: فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم .
    وممن قال بِهذا القول: ابن سيرين، وإبراهيم النخعي، وسفيان، ومجاهد، وغيرهم. وقالت طائفة من العلماء -منهم مالك-: لا يجوز ذلك، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق المالكي في "مختصره" بقوله في الوديعة: وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها، واحتج من قال بِهذا القول بحديث: (أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) .
    وهذا الحديث -على فرض صحته- لا ينهض الاستدلال به؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه. ا.هـ. (أضواء البيان [3/353]).
    وهو قول البخاري، والشافعي، وانظر (طرح التثريب [8/226]) ، وقال الترمذي: ورخَّص فيه بعضُ أهل العلم مِن التابعين، وهو قول الثوري.
    فالصواب أن الحديث لا يصح إسنادا ولا متنا كما قاله الشافعي وغيره ، وجزاك الله خيرا على كلامك ونقلك الطيب ، ودمتم في أمان الله .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    رحمة الله على العلامة الألباني فهو مسبوق في تصحيحه للحديث ، وهو كغيره من أهل العلم له أجران إن أصاب وله أجر إن أخطأ ، والشيخ له جهود كبيرة لا ينكرها إلا جاحد أو جاهل ، كيف لا وهو محدث هذا العصر ، فرحمه الله رحمة واسعة ، وجزاك الله خيرا أخي أبا زرعة وكذا أخي البراء ، بارك الله فيكما وسددكما .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    الأخ الحبيب أبو مالك المديني - سدده الله ووفقهُ - /
    وأما ما نقلتَ ووردَ في دراستنا مِنْ أقوال الأئمة المُتقدمين فحالهُ أن الحُكم مِنْهم - رضي الله عنهم - لما ظهر لهم مِنْ طُرق الحديثِ لا ما وصل إلينا وهذا هو صنيع الإمام الألباني - رحمه الله - وقولهُ كذلك وقد سبقنا فيه الإمام الألباني كما قُلتَّ سدد الله خُطاك يا أبا مالكٍ ولذلك فإن الحُكم بالصحيح لغيرهِ مثيل قول الألباني - رضي الله عنهُ ورحمه - .
    [
    أولاً ] تفردِ الثقةِ بما حدثَ بهِ عَنْ شيخٍ ولم يَكُنْ مِنْ أصحابهِ .
    وحاصلهُ أنكَ أعللت تفردَّ طلق بن غنام بأن الحديث لم يروهِ أحدٌ مِنْ أصحاب أبي حصين ! والصوابُ ان تفرد الثقةِ مِنْ حيثُ القبولُ والرد يرجحُ للمُرجحات التي قعدها أهل الحديثِ في مُصنفاتهمْ وإِنْ كَان الشيخُ قد حدثَّ بحديثٍ عَنْ شيخٍ لم يَكُنْ مِنْ أصحابهِ فإنهُ محلٌ للتعليلِ وهذا ما حصلتهُ مِنْ معرضِ كلامكَ إلا أن التفرد لا يُعلُّ الحديثَّ بالإطلاقْ وليس كُل تفردٍ مِنْ ثقةٍ مَردوداً وإستدليتَ بكلام أبي حاتم الرازي - رضي الله عنه - العلل عند أبي حاتم الرازي (1/375) : ((
    وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ هُوَ ابْنُ عَمِّ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، وَهُوَ كَاتِبُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، رَوَى حَدِيثًا مُنْكَرًا عَنْ شَرِيكٍ ، وَقَيْسٍ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " . قَالَ أَبِي : وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ )) أهـ ، أقولُ : وصنيعُ أبي حاتم الرازي أن مَنْ كان صدوقاً وتفرد بالحديثِ عِنْدَهُ وله نصوص كثيرة جداً في كتاب (العلل) لابنه دالة على أنه يستنكر بعض تفردات الرواة ممن هم في نظره لم يبلغوا درجة من يقبل ذلك منهم، وقد ذكرنا سابقاً أن الحجة في اصطلاحه ليست كما عند الآخرين لما عرف من تشدده رحمه الله .
    [
    مثال ] وسئل عَنْ حديث روتهُ أم المؤمنين عائشة ... لا يحضرني مَتنهُ في عللهِ فقال : [ لم يرو هذا الحديث أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم غير بُرْد"، وهو حديث منكر، ليس يحتمل الزهري مثل هذا الحديث، وكان بُرد يرى القدر ] وهُنا عد أبو حاتم الرازي تفرد الصدوق عَنْ الزُهري مُنكراً ولم يكن أحدٌ مِنْ أصحاب الزُهري قد رواهُ عَنْهُ وهو [ صدوقٌ لا بأس بهِ ] وهذا الراوي الصدوق لم يخالف غيرهُ ! والإمام الألباني كان قد حكم على الحديث بأنهُ حسنٌ لذاتهِ لأنه يحسن تفرد الصدوق، وأبو حاتم يرى أن هذا التفرد عن الزهري في جلالته وكثرة الملازمين له لا يُحتمل، وإلا فأين كان أصحاب الزهري المكثرين عنه عن هذا الحديث؟! وكان هذا صنيعُ أبي مالك المديني في رواية طلق بن غنام وهو ثقة !
    طلق بن غنام - أخرج لهُ البخاري - ووثقهُ مَنْ سبق ذكرهم وإستنكارُ أبي حاتم - رضي الله عنه - للحديث لتفرد طلقٍ بهِ ولم يكن استنكاره وعللتُ إستنكار أبو حاتم والأئمة السابقين لهذا الحديثِ سابقاً - رضي الله عنهم - بأن طُرق الحديث علها لم تصلهُ أو تصلهم جميعاً - رضي الله عنهم - كما وصلتنا الآن ولأجله حكم الإمام الألباني على الحديث بأنهُ صحيحٌ لغيرهِ ولم يتكلم - رحمه الله - عَنْ تفرد الثقةِ مُطلقاً لأن تفرد طلق بن غنام للحديث مُحتملٌ عِنْدَهُ فلم يثبت لنا أن خالف ! ولو كان خالفَ فمَنْ خالف مِنْ أصحاب الحديث الذين هُم أوثقُ مِنْهُ روايةً وأثبتُ مِنْهُ ؟! .
    يقول فضيلة الشيخ الدكتور خالد الدريس : [
    وعلى أية حال فالشواهد كثيرة على أن أبا حاتم يكثر من التوقف والاستنكار لتفردات من هم دون مرتبة الثقة، وفيما ذكر آنفاً نماذج على ذلك، ولمن رغب في الزيادة فعليه بكتاب (العلل) لابنه ففيه من النصوص المؤكدة لذلك ما يرضي يقين الباحث ] وعليهِ فإن تفرد طلقاً برواية الحديثِ مُحتملٌ لما ورد مِنْ الشواهد والقرآئنِ على أن أبا حاتم يتوقفُ ويستنكرُ تفردات مَنْ هُم دُون مرتبة الثقةِ ! ومِنْ أئمةِ العلمِ مَنْ يقبل تفرد الثقة ما لم يُخالف ومِنْهُم مَنْ قال بأن تفرد الصدوقِ أو مَنْ هُو أعلى مِنْهُ مرتبةً لابد مِنْ التوقفِ فيه والصحيحُ أن يرجع للقرآئن والمُرجحات التي تُحيطُ بهِ .

    ويشهدُ لتحسن الحديثِ ما قالهُ ابن الصلاح : [
    ليس كل ضعيف يزول بمجيئه من وجوه بل ذلك يتفاوت فمنه ضعيف ٍيزيله ذلك بان يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه مع كونه من اهل الصدق والديانة فاذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا انه مما قد حفظه ولم يختل ضبطه له وكذلك اذا كان ضعفه من حيث الارسال زال بنحو ذلك كما في المرسل الذي يرسله امام حافظ اذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر. ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب او كون الحديث شاذا ]

    [
    ثانياً ] رواية يوسف بن ماهك عَنْ المَجهولِ .
    وأما احتمال أن يكون مَنْ حدث عَنْهُ يوسف بن ماهك - مِنْ الصحابة - فواردٌ وليس فيما ذكرتَّ ما يُقوي أن يكون مَنْ حدث عَنْهُ يوسف بن مهاك - مجهولاً - وهل قولهُ : [
    فصل : ومما رواه من لم يسم ( فلان ) عمن لم يسم أيضا( أبيه )عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] مما يُعل بهِ الحديثُ ويُظْهِرُ أن مَنْ حدث عنهُ لم يكن إلا مَجهولاً ! والذي يشهدُ أن يكونَ مَنْ حدث عَنْهُ يوسف بن مَاهك أنهُ أدرك جمعاً مِنْ الصحابة ففي التاريخ الكبير للبخاري (8/375) : [ سَمِعَ أُم هانئ، وابْن عَبّاس، وابْن عُمَر ] قال ابن حبان في ثقاتهِ (5/549) : [ أَصله من فَارس سكن مَكَّة وَكَانَ مولى للحضرميين وَكَانَ ينزل فيهم يروي عَن بن عَبَّاس وَابْن عمر وَأم هَانِئ روى عَنهُ أَبُو بشر وَإِبْرَاهِيم بن مهَاجر مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَة بِمَكَّة وَقد قيل سنة سِتّ وَمِائَة ] ومفادهُ أن إحتمال لقاء يوسف بن ماهك للصحابة - كبيرةٌ - فيُرجحُ ان يكون قد حدث بهِ عَنْ صحابيٍ ! وليس فيما نقلتَّ ما يُحتمل علةً لحديثهِ فاحتمالُ أن يكون صحابياً واردٌ للقاءِ يوسف بن ماهك عدداً مِنْ الصحابة . والله أعلم .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    240

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    الموضوع علمي بحت، و ليس فيه مجال للجرأة، بل للحجة. أقترح على الإخوة جمع كل ما ثبت عن الأئمة المتقدمين في موضوع تصحيح الحديث بمجموع الطرق لاستقراء منهجهم و التأصيل الصحيح لهذا الموضوع.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    نفع الله بك أخي أبا زرعة .
    قولك : لما ظهر لهم مِنْ طُرق الحديثِ لا ما وصل إلينا وهذا هو صنيع الإمام الألباني - رحمه الله - وقولهُ كذلك وقد سبقنا فيه الإمام الألباني كما قُلتَّ سدد الله خُطاك يا أبا مالكٍ ولذلك فإن الحُكم بالصحيح لغيرهِ مثيل قول الألباني - رضي الله عنهُ ورحمه - .
    هؤلاء هم أئمة حفاظ قد وصلهم ما تشير إليه لكنهم لا يعبأون بهذه الطرق إذ لا تصح ولا تصلح للاستشهاد عندهم . هذا أولا .

    ثانيا :
    قولك سددك الله : وحاصلهُ أنكَ أعللت تفردَّ طلق بن غنام بأن الحديث لم يروهِ أحدٌ مِنْ أصحاب أبي حصين ! والصوابُ ان تفرد الثقةِ مِنْ حيثُ القبولُ والرد يرجحُ للمُرجحات التي قعدها أهل الحديثِ في مُصنفاتهمْ وإِنْ كَان الشيخُ قد حدثَّ بحديثٍ عَنْ شيخٍ لم يَكُنْ مِنْ أصحابهِ فإنهُ محلٌ للتعليلِ وهذا ما حصلتهُ مِنْ معرضِ كلامكَ إلا أن التفرد لا يُعلُّ الحديثَّ بالإطلاقْ وليس كُل تفردٍ مِنْ ثقةٍ مَردوداً .
    بل الثقة قد ترد روايته عند التفرد ، وليس كل ثقة ، وكلامي واضح في هذا ، فتعليل أبي حاتم وغيره من الأئمة الحفاظ كالشافعي وأحمد ينصب على هذا فلم يروا أن طلقا ـ وإن كان ثقة ـ لا يحتمل منه التفرد ، وعليه فحديثه هذا لا يصح ، وقد ذكرت لك آنفا أن مسلما رحمه الله قد ذكر أمثلة في التمييز تتعلق بهذا ، وهو القائل رحمه الله :
    والجهة الأخرى أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد و متن واحد، مجتمعون على روايته في الإسناد و المتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد و إن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث، مثل شعبة و سفيان بن عيينة و يحيى بن سعيد و عبدالرحمن بن مهدي و غيرهم من أئمة أهل العلم.و سنذكر من مذاهبهم و أقوالهم في حفظ الحفاظ و خطأ المحدثين في الروايات ما يستدل به على تحقيق ما فسرت لك إن شاء الله ...
    فطلق بن غنام ـ وإن كان ثقة ـ لكنه أتى بشئ لم يأت به الملازمون العارفون بحديث أبي حصين ، ولو كان من حديثه فأين هم منه ؟! بل قد يكون تفرد الصدوق منكرا كما قاله الذهبي في الموقظة ، وقد يكون تفرد الثقة الذي لا يحتمل منه التفرد كذلك ، بل قد أنكر الأئمة بعض الأحاديث من حديث الزهري ـ وهو أهل للتفرد ـ لكن لما ترجح للأئمة أنه أخطأ حكموا عليه بالتفرد ومن ثم بالخطأ ، كحديث ذي الشمالين ، فإن الأئمة خطؤه في ذلك ، حتى قال ابن عبد البر : لا أعلم أحداً من أهل العلم والحديث المنصفين فيه عول على حديث ابن شهاب في قصة ذي اليدين لاضطرابه فيه وأنه لم يتم له إسنادا ولا متنا وإن كان إماماً عظيما في هذا الشأن فالغلط لا يسلم منه أحد والكمال ليس لمخلوق وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم فليس قول ابن شهاب أنه المقتول يوم بدر حجة لأنه قد تبين غلطه في ذلك أهـ
    وقال الحافظ رحمه الله في الفتح : لكن اتفق أئمة الحديث كما نقله بن عبد البر وغيره على أن الزهري وهم في ذلك وسببه أنه جعل القصة لذي الشمالين وذو الشمالين هو الذي قتل ببدر وهو خزاعي واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة وأما ذو اليدين فتاخر بعد النبي صلى الله عليه و سلم بمدة لأنه حدث بهذا الحديث بعد النبي صلى الله عليه و سلم ...إلخ
    فالزهري قد تفرد هنا ومع ذلك الأئمة ردوا روايته هذه ، مع جلالته وحفظه وهو أهل للتفرد ، كما ذكر مسلم في مقدمة الصحيح أنه يتفرَّد بسبعين حديثا، أو بتسعين حديثا لا يشارِكُه أحد فيها، هذا لسعة روايته وكثرة شيوخه رحمه الله .فإذا كان الراوي واسع الرواية، فإنه إذا روي الحديث عنه على أوجه مختلفة، وكان الرواة ثقات أثبات ، ولا تعارض بينها، أو انفرد فيقبل حديثه كما قرره مسلم نفسه ، ومع ذلك فهو في نفس الحديث ـ حديث ذي الشمالين ـ أنكره على الزهري .
    وغير ذلك من الأمثلة التي تدلل لنا أن الثقة ـ ممن ليس يحتمل منه التفرد ـ قد لا يقبل منه بعض ما انفرد به . وهذه أخي أبا زرعة ـ وفقك الله ـ مسألة تتعلق بعلم العلل ، وتفرد الثقة من أدق الأمور ، والخطب فيها واسع جدا وليس بالهين ، وإن كان حفاظ الحديث وصيارفته وهم أهل الصنعة ، يحكمون على الحديث بعدم الصحة ، فلا شك ولا ريب أن القول قولهم . والله أعلم .


    وقولك نفع الله بك :
    أن الحجة في اصطلاحه ليست كما عند الآخرين لما عرف من تشدده رحمه الله .
    فهل الشافعي وأحمد وغيرهما متشددون . ولا سيما أحمد عندما قال : باطل ؟!
    وقولك : .... لأنه يحسن تفرد الصدوق ..
    قلت : أما تحسين ما تفرد به الصدوق مطلقا ففيه نظر ، وهو مخالف لصنيع أكثر العلما ، وقد سبق أن نقلنا كلام الذهبي في الموقظة .
    وقولك نفع الله بك : وكان هذا صنيعُ أبي مالك المديني في رواية طلق بن غنام وهو ثقة ! . فهذا صنيعي أم صنيع أبي حاتم ومن ذكرنا من الأئمة والقول قولهم وهو الصواب ؟!

    قولك - بأن طُرق الحديث علها لم تصلهُ أو تصلهم جميعاً - رضي الله عنهم - كما وصلتنا الآن
    لا يقال هذا في حق الحفاظ أهل الصنعة بل يعلمون هذه الطرق ، لكنها لا تغني شيئا عندهم بدليل قول الشافعي وابن الجوزي والله أعلم .

    وأما يوسف بن ماهك ، فقولك بالاحتمالية ، هو نفسه يرد قولك ، إذ لابد من دليل يؤيد هذا ، ولا نستطيع أن نجزم أنه صحابي ، فهو يروي عن تابعين وصحابة ، فأين الدليل القاطع هنا أنه صحابي ، ولهذا لو دققت النظر تجد الأئمة كالبيهقي والحافظ وغيرهما نصا على الانقطاع ، ويبقى جهالة شيخ يوسف بن ماهك أيضا ، ثم جهالة الثاني ، ولهذا أوردت لك كلام المزي .
    وفي هذا القدر كفاية فالوقت قد تأخر ، وهذا ما عندي في هذه الساعة ، وجزاك الله خيرا على نقاشك الطيب الهادف ، ونفع بك .
    جعلنا الله وإياك من أهل الحديث المتبعين له
    .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البراء مشاهدة المشاركة
    الموضوع علمي بحت، و ليس فيه مجال للجرأة، بل للحجة. أقترح على الإخوة جمع كل ما ثبت عن الأئمة المتقدمين في موضوع تصحيح الحديث بمجموع الطرق لاستقراء منهجهم و التأصيل الصحيح لهذا الموضوع.
    الأخ الكريم البراء - وفقه الله - /
    هذا الأمر يتطلبُ دراسةً واسعةً ويحتاجُ لوقتٍ ليُدرس وفقك الله .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    الأخ الحبيب المُبارك أبو مالك المديني - نفع الله بعلمهِ وأيدهُ بنصرهِ والمؤمنين - /
    قولكَ حفظكَ الله تعالى : [ هؤلاء هم أئمة حفاظ قد وصلهم ما تشير إليه لكنهم لا يعبأون بهذه الطرق إذ لا تصح ولا تصلح للاستشهاد عندهم . هذا أولا ] قُلتُ : هُم الأئمةُ الحُفاظُ الثقاتُ الأثباتُ إليهم مرجعُنا نحنُ الصغارُ كثيروا العثراتِ في طريقِ هذا الفنِ وهُم الحملةُ بعد الصحابةِ والتابعين وطبقاتهم ، وهُم الجبالُ الراسياتُ والأمراءُ في الفنِ والصنعةِ والأولى بها وطُوبى والله لمَنْ رُزق ملكةَ فهم مُصطلحاتِهم وألفاظهم في الحديث ومنَاهجهم فليسَّ كُل حُكمٍ عُمم بمُطلق الأحاديثْ ! وليس كُل لفظٍ أطلق على ما ورد مِنْهُم هُو الحُكم بالتعميم ! فحريٌ بنا أن نُبحر في هذا الفن العظيم يا أبا مالك لا أن نُطلق نُعمم حديثهم فنجعلهُ في كُل ما ورد مِنْ طُرق الأحاديث مع الإقرار مِنْكُمْ بأنهُم حكموا عليهِ لما ورد لهُمْ مِنْ طُرقهِ فكيف يستقيمْ .
    فكيف حكمت على أنهم لا يعبأون بكُل طُرق الحديث وليس عَنْهُم نصٌ بذلك ؟!
    فقُلت أنها لا تصحُ ولا تصلح للإستشهاد وألفاظهم التي وردت عليهم ليست مُطلقةً أبداً في الحديثِ ! وقد حسنهُ الإمام الترمذي رحمه الله تعالى وصحح إسنادهُ الإمام الألباني وصححهُ الحاكمُ إلا أن قولهُ على شرط الشيخين ليس في محلهِ ، فحُكمهم قُلناهُ ونُكررهُ لما ظهر لهم مِنْ طُرق الحديث وليس لما وصل إلينا مِنْ طُرقهِ .
    قال ابن الصلاح
    ابن الصلاح : [ ليس كل ضعيف يزول بمجيئه من وجوه بل ذلك يتفاوت فمنه ضعيف ٍيزيله ذلك بان يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه مع كونه من اهل الصدق والديانة فاذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا انه مما قد حفظه ولم يختل ضبطه له وكذلك اذا كان ضعفه من حيث الارسال زال بنحو ذلك كما في المرسل الذي يرسله امام حافظ اذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر. ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب او كون الحديث شاذا ].
    وأغربُ ما رأيتهُ مِنْ فضيلتكُمْ قولكم : [
    بل الثقة قد ترد روايته عند التفرد ، وليس كل ثقة ، وكلامي واضح في هذا ، فتعليل أبي حاتم وغيره من الأئمة الحفاظ كالشافعي وأحمد ينصب على هذا فلم يروا أن طلقا ـ وإن كان ثقة ـ لا يحتمل منه التفرد ، وعليه فحديثه هذا لا يصح ] قُلتُ : وهذا خطأٌ منْ سماحتكم أيها الحبيب الغالي فكيف وقولُ الشافعي : [ هذا الحديث ليس بثابت عند أهل الحديث ] فكيف صار قولهُ هُنا حفظك الله إعلالاً بتفرد طلق بن غنام ! وليس في كلام أحمد ما أشرتْ إليه مِنْ إعلالهِ بتفردِ طلق بن غنام إنما قال بالضعف ! وأنت قُلت أن تفرد طلق لا يحتمل ولم تأتِ بالبينةِ على ذلك وهو ثقةٌ وقد أشرنا في حديثنا السابق أن تفرد الثقة مقبولٌ مالم يثبت أنهُ قد خالف وأنْتَ لم تأتِ بمنْ خالفهُ وهذا الواضحُ مِنْ كلام الإمام مُسلم الذي نقلتْ : [ والجهة الأخرى أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد و متن واحد، مجتمعون على روايته في الإسناد و المتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد و إن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث، مثل شعبة و سفيان بن عيينة و يحيى بن سعيد و عبدالرحمن بن مهدي و غيرهم من أئمة أهل العلم.و سنذكر من مذاهبهم و أقوالهم في حفظ الحفاظ و خطأ المحدثين في الروايات ما يستدل به على تحقيق ما فسرت لك إن شاء الله ] وهُنا كلامُ الإمام مُسلم - رضي الله عنه - عَنْ الشاذ ولا يكونُ الشاذُ مثل تفردِ الثقةِ برواية حديثْ فإن تفرد الثقة مقبولٌ عِنْدَ أهل العلمِ ما لم يثبت أنهُ خالف ! وأما إعلالهُ بأن طلق قد تفرد برواية الحديث ولم يأتِ أحدٌ مِنْ أصحاب أبي حصين بهِ ! وهذا مما لا أخالفكَ فيهِ بأن يكونَ علةً كأن يحدث الراوي بحديثٍ لم يعرفهُ أحدٌ مِنْ أصحابِ الشيخِ فيكونُ محل التعليل ولكن هل العلةُ قادحةٌ ؟! وقد ذكرهُ الشيخ ماهر بن ياسين الفحل - حفظه الله - في بعض كُتبهِ إلا أني هُنا أرى أن تفرد طلقا مُحتملاً لكونه ثقة وقد تبين لنا حالهُ مِنْ قبل ! فلو كان هذا الراوي ضعيفاً وحدث عَنْ الشيخ مالم يعرفهُ أحدٌ مِنْ أصحابهِ فهُنا يكونُ التعليلُ أما إن كان ثقةً يُحتمل فكيف يُعلُ بهِ ؟! .
    -
    لابد مِنْ قرائن ومُرجحات لمعرفة ما إن كان هذا الثقة يحتملُ تفردهُ ام لا يُحتمل ؟! فما هي القرائنُ التي رجحت لديك عدم تحمل طلق لحفظ الحديثِ وقد ورد هذا الحديثُ مِنْ غير طريقٍ ولهُ شواهدٌ وإن كان في أسانيدها ضعفٌ وليس الضعفُ فيها شديداً أخي الكريم أبو مالك المديني ؟! فما هي القرآئنُ والتي لا يخفى على علمكم أنها الميزانُ في التفردِ ؟!.
    وضابطُ معرفة التفردِ وعلتهِ ما قالهُ أبو عمر بن الصلاح - رحمه الله - في علوم الحديث ص89 : [
    ويستعان على إدراكها (أي العلة) بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك ] ويقول الدكتور الجديع في تحرير علوم الحديث (2/659) : [ والأصل في تفرد الثقات القبول، لا خلاف بين أهل العلم بالحديث في ذلك، وعلى هذا بنى أصحاب الصحاح كتبهم، وعليه جرى حكم الأئمة في تصحيح أكثر الحديث ، وعلى هذا جرى المبرزون من أئمة الحديث في معرفة علله، كأحمد وابن المديني والبخاري ومسلم، والرازيين، وغيرهم، يحتجون بأفراد الثقات ]أهـ.
    وقال كذلك : [
    رابعاً: تفرد الصدوق الذي لم يبلغ في الإتقان مبلغ الثقات، كمحمد بن عمرو بن عَلْقَمَة، وعمر بن شعيب، وأسامة بن زيد اللَّيثي، بما لم يروه غيره مطلقاً ، فهذا مقبول بتحقيق ما يُطلب لحسن الحديث ] وقد يُعل الحديث في حال أثبت أن هذا الثقة أو - الصدوق - ليس لهُ عناية بحديث الشيخ ! أو ليس مِنْ اهل الحفظِ والضبطِ ومُتكلمٌ فيه وهذا ليس حاصلاً في طلق بن غنام إذ أنه ثقة تفرد برواية الحديثِ وقد قُلتَّ أين أصحابُ أبي حُصين قُلنا قد تفرد بروايتهِ مُطلقاً ولم يروه أحدٌ مِنْ أصحابِ أبي حصين - رضي الله عنهم - إلا أن روايتهُ تُحتمل لحفظهِ وثقتهِ وليس في حديثهِ ما يُعابْ !
    وقولكِ حفظكَ الله : [ فهل الشافعي وأحمد وغيرهما متشددون . ولا سيما أحمد عندما قال : باطل ؟!] أهـ .
    قلتُ : ولابد مِنْ معرفة مناهج المُحدثين فمنهم [
    المُعتدل - والمُتشدد - ومُعتدلٌ مع بعض التساهل - ومُعتدلٌ مع بعض التشدد - ومُتساهلٌ ] والإمام أحمد مِنْ المُعتدلين مع بعضٍ مِنْ التساهل ! والإمامُ الشافعيُّ لم يحكم بعلةِ الحديث بتفرد طلقٍ وفقك الله للخير وإنما أعلهُ بالتفردِ أبو حاتم الرازي - رضي الله عنه - وقد سبق أن بينا الأمر ولا حاجة للتكرار .
    قُلتَ حفظكَ الله : [
    قلت : أما تحسين ما تفرد به الصدوق مطلقا ففيه نظر ، وهو مخالف لصنيع أكثر العلما ، وقد سبق أن نقلنا كلام الذهبي في الموقظة ، وقولك نفع الله بك : وكان هذا صنيعُ أبي مالك المديني في رواية طلق بن غنام وهو ثقة ! . فهذا صنيعي أم صنيع أبي حاتم ومن ذكرنا من الأئمة والقول قولهم وهو الصواب ؟!] .
    قُلت : وليس معناهُ أن تحسين حديث الصدوقِ يأتي مُطلقاً ! وإستنكارُ الإمام أبو حاتم لتفردِ طلق في محل نظر ولم يأتِ أبي زُرعة الرازي بهذا القول مِنْ عندهِ بل قالهُ الإمام الألباني قبلي وهو ما ظهر لي مِنْ كلام أبي حاتم الرازي .
    وقُلتَ أخي أبو مالك المديني : [
    لا يقال هذا في حق الحفاظ أهل الصنعة بل يعلمون هذه الطرق ، لكنها لا تغني شيئا عندهم بدليل قول الشافعي وابن الجوزي والله أعلم ] قُلت : غفر الله لي ولك يا أبا مالك لستُ مُتفرداً بهذا الصنيع فقد سبقني بهِ الإمام الألباني - رحمه الله - فهل تظنُ أنهُ قالها تقليلاً مِنْ شأنهم ! حاش وكلا يا عبد الله فإننا ما قلنا هذا إلا لما ظهر لنا وكما سبقنا به الإمام الألباني - رضي الله عنهُ ورحمه - ولهذا فإننا نستنكر عليك أن جعلت كلامنا كأنهُ إساءةً في حق هؤلاء العمالقة الجبال الأثبات الذين حملوا السنة جيلا بعد جيل حتى وصلت إلينا الأن ومن أنا ! .

    أما فيما يتعلق في رواية يوسف بن ماهك فلدي بعضُ المُلاحظات :-
    - سمِ لنا مَنْ روى عَنْهُمْ يوسف بن ماهك مِنْ التابعين ؟! .
    - صنيعُ الإمام البيهقي أن حكم بالإنقطاع لا حكم بجهالة الراوي ! ولمَ لم يحكم بجهالتهِ ؟! .
    - فجهالةُ مَنْ حدث عنهُ يوسف بن ماهك إحتمالُ ان يكون صحابياً واردٌ لما أوردتُ لكَ مَن القرآئن التي تُرجحُ أن يكون مَنْ حدث عَنْهُ هو صحابيٌ وهُناك قاعدةٌ تقول إذا ورد الإحتمال بطل الإستدلال وأنت يا شيخ لم يكن لديك دليلٌ ! .

    وأكتفي بهذا القدر وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد ونقاشكم هُو الطيبُ طيب الله أنفاسكم .

    والله أعلى وأعلم .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    نرفعهُ في انتظار الأخ الكريم أبو مالك المديني - سددهُ الله - وأسأل الله تعالى أن يكلأهُ بحفظهِ .

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    جزاك الله خيرا .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    معذرة أخي الحبيب ـ وفقك الله ـ فلقد شغلت الفترة السابقة ، ولم أر كلامك إلا الساعة ، جزاك الله خيرا على اهتمامك ، وبارك الله فيك وفي أمثالك وهدانا وإياك إلى سواء السبيل .
    قولك أخي الكريم : فكيف حكمت على أنهم لا يعبأون بكُل طُرق الحديث وليس عَنْهُم نصٌ بذلك
    ؟!
    كيف وابن الجوزي يقول :
    لَا يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ
    . وقول أحمد : باطل ، وقول الشافعي ...
    وقولك نفع الله بك :
    قُلتُ : وهذا خطأٌ منْ سماحتكم أيها الحبيب الغالي فكيف وقولُ الشافعي : [
    هذا الحديث ليس بثابت عند أهل الحديث
    ] فكيف صار قولهُ هُنا حفظك الله إعلالاً بتفرد طلق بن غنام ! وليس في كلام أحمد ما أشرتْ إليه مِنْ إعلالهِ بتفردِ طلق بن غنام إنما قال بالضعف ! وأنت قُلت أن تفرد طلق لا يحتمل ولم تأتِ بالبينةِ على ذلك وهو ثقةٌ..
    أولا :جزاك الله خيرا على أدبك الجم .
    ثانيا : قول الشافعي وأحمد بعدم ثبوت الحديث ، ولم يبينا لنا هذا ، فإما أن يكون الإعلال منهما بتفرد طلق ، وإما بشريك وقيس وكلاما متكلم فيه ، مع أن كلا منهما متابع ، فالأقرب أن إعلالهما بطلق لتفرده ،
    وهذا الذي حمل أبا حاتم على إعلاله الحديث
    ، وهو من أئمة هذا الشأن ، وأما قولك ـ وفقك الله ـ على عدم إتياني بالبينة في أن طلقا ممن لا يحتمل منه التفرد ، بلى قد أتيت لك بالبينة ، وذلك من خلال ترجمة طلق ـ التي تعلمها ـ أنه ليس بالحافظ ولا بالمكثر بل هو صدوق أو ثقة ، بل قال فيه أبو داود :
    صالح . وقال عثمان بن أبى شيبة : ثقة صدوق ، لم يكن بالمتبحر فى العلم . نعم وثقه جماعة من أهل العلم ، وهو ثقة ، لا أخالفك في هذا ، لكنه أتى بشيء لم يأت به غيره من تلاميذ شيخه ، فلا يحتمل منه التفرد ، وهذه طريقة أهل العلل كأبي حاتم وغيره كالدارقطني .
    وقولك نفع الله بك :
    وأما إعلالهُ بأن طلق قد تفرد برواية الحديث ولم يأتِ أحدٌ مِنْ أصحاب أبي حصين بهِ ! وهذا مما لا أخالفكَ فيهِ بأن يكونَ علةً كأن يحدث الراوي بحديثٍ لم يعرفهُ أحدٌ مِنْ أصحابِ الشيخِ فيكونُ محل التعليل ولكن هل العلةُ قادحةٌ ؟! وقد ذكرهُ الشيخ ماهر بن ياسين الفحل - حفظه الله - في بعض كُتبهِ إلا أني هُنا أرى أن تفرد طلقا مُحتملاً لكونه ثقة..
    جزاك الله خيرا فأنت قد اختصرت علي الطريق ، إذا كنت لا تخالفني في أنه علة ، لكنها عندك غير قادحة ، فالعلة عندي هنا قادحة ، كما تفضلت بالنقل عن الشيخ ماهر ـ وفقه الله ـ لأن طلقا ممن لا يحتمل منه التفرد .

    قولك : - سمِ لنا مَنْ روى عَنْهُمْ يوسف بن ماهك مِنْ التابعين ؟! .
    هو أولا من أواسط التابعين يعني أنه يروي عن الصحابة والتابعين وهذا واضح ، ولكن للزيادة ، روى عن التابعين ومنهم : عبد الله بن منبه أخو وهب بن منبه ـ وعبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، وهو في طبقته من أواسط التابعين ـ وعبد الله بن عصمة ـ وعبيد بن عمير الليثي وغيرهم .

    وقولك أبا زرعة وفقك الله : - صنيعُ الإمام البيهقي أن حكم بالإنقطاع لا حكم بجهالة الراوي ! ولمَ لم يحكم بجهالتهِ ؟! .

    - فجهالةُ مَنْ حدث عنهُ يوسف بن ماهك إحتمالُ ان يكون صحابياً واردٌ لما أوردتُ لكَ مَن القرآئن التي تُرجحُ أن يكون مَنْ حدث عَنْهُ هو صحابيٌ وهُناك قاعدةٌ تقول إذا ورد الإحتمال بطل الإستدلال وأنت يا شيخ لم يكن لديك دليلٌ ! .
    [right]
    البيهقي لم يحكم بجهالته (رجل) لأنها واضحة ، وأراد أن يزيد بأنه منقطع وهو ظاهر أيضا لكن له أن يعبر بأحد الأمرين أو كليهما وهذا الذي بينه المزي وغيره، والمنقطع مردود أليس كذلك ؟! هذا والله أعلم .
    وإذا كان ذلك كذلك ومع رواية يوسف بن ماهك للصحابة والتابعين ، فيبقى هذا الاحتمال فيبطل به الاستدلال ، وعليه فلا يصح الحديث بهذا ، وأنت ـ وفقك الله ـ لم تأت بقرينة ، بل نقلت أنه يروي عن أم هانيء و...من الصحابة ولم تنقل أنه روى كذلك عن التابعين ممن سميت لك آنفا ، فيبقى أنه مجرد احتمال ، ولقائل أن يقول : روى هنا عن تابعي . ولا نستطيع أن نرده .
    وتبقى إشكالية النكارة التي أوردتها عن الشافعي والشنقيطي رحمهما الله ، فيما يتعلق بالمتن ، فمن أخذ
    حقهممن سلبه منه فليس بخيانة كما قرره العلما .
    وأما العلامة الألباني فله كل الاحترام والتقدير فهو محدث زماننا ، فرحمه الله رحمة واسعة ، وهو مسبوق كما تفضلت .
    وفي هذا كفاية وغنية ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    الأخ الكريم أبو مالك المديني - سدد الله خُطاهُ وأيدهُ بنصرهِ - /
    لا بأس عليكم أخي الحبيب أبو مالك ما نحنُ إلا مُكملون لبعضنا البعض وكُلٌ مِنْا مرآةُ أخيهِ أيها المُبارك ، فبارك الله تعالى فيك وأحسن إليك وسدد خُطاك وأعاننا وإياك على فهمِ مُصطلحات الأئمةِ وكلامهم بارك الله فيكَّ وأكثر مِنْ أمثالكُمْ .
    [
    أولاً ] أما قول ابن الجوزي - رحمه الله - [ لا يصحُ مِنْ جميع طُرقهِ ] محلُ نظرٍ لما عُرف عَنْ الإمام - رحمه الله - مِنْ تضعيفِ أحاديثٍ صحاح أخرجها الإمام أحمد في مُسندهِ ، وهذا النص عَنْ ابن الجوزي وفيه - تشدد - رحمه الله تعالى .
    [
    ثانياً ] أما إحتمالُكَ لقول الإمام الشافعي وأحمد على أنهُ قد يكونُ إعلالاً بتفرد طلق فليس بقائمٍ أبداً لأننا لا نعلمُ عَنْهم ذلك وليس في ما ورد عنهم أن إعلالهم قد يكونُ لتفرد طلق ! ومِنْ الجميل أنك تقول أن قيس وشريك كلاهما مُتابعٌ ولحديثهما شاهدٌ مِنْ غير رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - فلا يُحتمل إعلال الأئمة الباقين للحديث لمجرد تفرد طلق .
    [
    ثالثاُ ] وأما مَنْ أعل الحديث بتفرد طلق فهو الإمام الثقة الثبت أبو حاتم الرازي - رحمه الله - وإن كان هو مِنْ أئمة العلل وهذا مما لا خلاف فيه ولا إنكار ومَنْ ينُكر أنهُ مِنْ أئمةِ هذا الشأن إلا مَنْ سفه نفسهُ ! ولكن الإمام قد تفرد بقولهِ بإعلال الحديثِ لمُجرد تفرد طلق بن غنام بهِ وقد سبق وأن بينا العلة في ذلك وأنها علةٌ غير قادحة في الحديث لأن الذي يثبت لنا أن إحتمال حفظ طلق للحديث أنهُ جاء مِنْ غير هذا الطريق وكما لا يخفى على شريف علمكم أننا لا نعل إلا بعد ورود القرائن على ذلك والمُرجحات فإن كان ثقةً تفرد برواية حديث وكان ممن لا يحتمل تفردهُ وجاء هذا الحديث مِنْ طرق أخرى فإنها تقوي إحتمال حفظ هذا الثقة للحديث فإحتمل تفردهُ وأما إعتبارك بأن ترجمة طلق هي الحُجة في إثبات أن طلق لا يحتمل هذا الحديث فهذا - محل نظر - إذ أنهُ ثقة وإن لم يكن قد ورد عَنْ أئمةٍ أنهُ حافظٌ ثبتٌ فيما يرويهِ فورود هذا الحديث مِنْ عدةِ طُرقٍ وتعدد مخرجهُ فإنهُ يقوي إحتمال حفظ طلق للحديث وبهِ قلت بأن إسناده حسنٌ أيها الشيخ المُبارك .
    [
    رابعاً ] أن يكونَ الثقة تفرد بحديث لا يعرفهُ أحدٌ مِنْ تلامذة الشيخ المُلازمين لهُ الثقات الأثبات محلُ علةٍ وأنا لم أختلف أبداً معك في هذا وأنهُ منهج أبي حاتم والدارقطني وغيرهُ وقُلنا أننا نعرفُ تفرد الثقة بين الرد والقبول للمُرجحات التي تُحيطُ بالرواية فمثلهُ مما يُحتمل حديثهُ لثقتهِ وورد هذا الحديث مِنْ عدةِ طُرقٍ ! ومثلُ ما يمكنُ أن يعل لتفردهِ وهو رواية محمد بن عبد الله بن الحسن لحديث بروك الجمل ووتفردهِ برواية الحديث ولم يأتِ باللفظ الذي حدث به إلا مِنْ طريقهِ وهو مُتكلمٌ فيهِ ! فمثلُ هذا نُعل حديثَهُ بتفرده بالرواية لأن مثله لا يحتمل تفردهُ وعدم رواية غير أصحاب مَنْ حدث عنهُ للحديث ومِنْهُمْ الشموس .
    [
    خامساً ] حدث عَنْ مَنْ في طبقتهِ مِنْ التابعين أحسنتُمْ ولكن هذا لا يُزيلُ إحتماليةَ أن يكون مَنْ حدث عنهُ صحابيٌ لما ورد في تراجم الرجال أن خُصَ ثلاثةٌ مِنْ الصحابة في ذكر ترجمتهِ وأنهُ قد حدث عنهم - وفقك الله - فالاحتمال مازال قائماً لدينا مع محبتي وتقديري لفضيلتكم وسماحتكم ومنكم أنا أتعلم إلي كون الذي حدث عنهُ أحدُ الصحابة ، وقد بنيت إستدلالاتكَ على الإحتمال كما سبق بيانهُ في النقاط السابقة فالحديثُ بمجموع طُرقهِ وشواهدهِ يرتقي لدرجة الحسنِ عندنا ! وإن كان في رواية يوسف بن ماهك علةٌ ورجحنا روايته عَنْ التابعي فتبقى الطُرق مُعضدةً للرواية عَنْ أبي هريرة - رضي الله عنه - فجزاك الله تعالى كل خير ونفع بك وسدد خُطاك وأعاننا وإياكم على الخير شيخنا الكريم ونفع الله بك وأعلى شأنكم على هذا النقاش الطيب المُفيد الذي أشهد أني قد إستفدتُ منهُ كثيراً فوفقك الله تعالى للخير ونفع الله بك . والله أعلم .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]

    اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •