أخي الكريم أبا زرعة جزاك الله خيرا .
قولك : إنهُ لمِنْ محبتي لكُمْ أن أقول أنك تُكرر نفسَّ الكلامِ في كُل مرةٍ - سددك الله - فكلامُنا عَنْ ما نقلهُ ابن الجوزي -رحمه الله - مِنْ تضعيفهِ للحديث بالجُملةِ فإننا علمنا سابقاً أن ابن الجوزي -
رحمه الله
- قد ضعف أحاديثاً لا يَختلفُ أحداً على صحتها في مُسند الإمام أحمدِ...
أنا لا أكرر الكلام إلا إذا احتاج الأمر للرد على ما لم تتنبه إليه من كلامي أو لأجيب عن شيء قد سألته وقد أجبت عنه في أثناء كلامي فأراك قد تتساءل مرة أخرى ، فأكرر الكلام للتوضيح أوللتأكيد . ثم أنتقل إلى فقرة جديدة . وأراك تفعل هذا تكرر أحيانا وذلك للتوضيح فيما أحسب أيضا .
وقولك :..
قد ضعف أحاديثاً لا يَختلفُ أحداً
على صحتها
في مُسند الإمام أحمدِ...
هذا عجيب منك ـ سددك الله ـ بل الخلاف في كونها موضوعة أم لا ؟ لكن قد تكون ضعيفة وليست صحيحة ، وقد يكون بعضها صحيحا أو حسنا ، والبعض ضعيف ، فتنبه .
وكون ابن الجوزي قد حكم على بعض الأحاديث في المسند أو غيره بالوضع لا يعني أنه يخطيء في كل حكم ، وزد على ذلك أنه لم يحكم على هذا الحديث بأنه موضوع بل قد يذكر الحديث في كتابه الموضوعات وقد تبين له أنه غلط أو خطأ من بعض الرواة وإن لم يتعمد الكذب ، قال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله :
ولهذا تنازع الحافظ أبو العلاء الهمداني والشيخ أبو الفرج ابن الجوزي : هل في المسند حديث موضوع ؟ فأنكر الحافظ أبو العلاء أن يكون في المسند حديث موضوع وأثبت ذلك أبو الفرج وبين أن فيه أحاديث قد علم أنها باطلة ؛ ولا منافاة بين القولين . فإن الموضوع في اصطلاح أبي الفرج هو الذي قام دليل على أنه باطل وإن كان المحدث به لم يتعمد الكذب بل غلط فيه ولهذا روى في كتابه في الموضوعات أحاديث كثيرة من هذا النوع ....
وقولك وفقك الله
: وأما صنيعُ الإمام أحمد بإطلاقِ لفظِ النكارةِ فقد رجحَ لدينا مِنْ النظر الطَويل في كلام العُلماء والمشيخة في قول الإمام أحمد [
مُنكرٌ
] فإنهُ إذا أطلقها فإنهُ يريدُ بها الغرابة والتفردِ لا النكارة بإصطلاحها في كُتب الإصطلاحْ عند ..
نعم هذا ما أردت ، فأنت قد اتفقت معي على هذا ، وهذا هو المراد الغرابة والتفرد وطلق قد تفرد بهذا الحديث ، واسمح لي أن أقول : أحيانا أراك ـ وفقك الله ـ تقول ما أذكره لك من حيث لا تشعر وتوافقني عليه وهذا من إنصافك بارك الله فيك .
وقولك :
وقال الحافظ في مقدمة الفتح ما نصه :(ص436) "
المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له
" .
هذا ينطبق على طلق فقد تفرد ولا متابع له عن شيخه ،وأما الشواهد الأخرى فهي خطأ وغلط ، وأنت تنقل لي ما يؤيد قولي ، فتدبر . والحافط البرديجي على طريقة المتقدمين من أهل الحديث يعل بما نذكره ، كما يفعل أبو يعلى في الإرشاد أيضا وغيره .
ونقلك عن اللاحم حفظه الله :
فهؤلاء يقبل تفرد التابعين منهم عن الصحابة ويتوقف في ما عدا ذلك ..
فطلق ليس من التابعين فيتوقف فيما تفرد به ـ أي لا يقبل تفرده ـ وأنت تؤيد ما أقوله لك بهذه النقول ـ بارك الله فيك ـ .
وقولك :
أكثر الحفاظ المتقدمين يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه : إنه لا يتابع عليه ، ويحعلون ذلك علة فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات به الثقات الكبار أيضا ، ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه
في الحقيقة أنا أكرر لك شكري فأنت تؤيد ما أقوله بالحرف الواحد ، لأن طلقا ليس كالزهري ، وليس ممن كثر حفظه وعليه فتفرده غير مقبول.
وقولك :
ولو كان تفرده علةً لتنبه لذلك الشيخ الألباني - رحمه الله - بل تعقب أبي حاتم - رضي الله عنهُ - لأعلالهِ الحديث بتفرد طلقٍ ! فالرجلُ ثقةٌ وقد جاء الحديث مِنْ غير طريقٍ يُؤكدُ أن العلةَ ليست في تفردهِ برواية الحديثِ ..
جزاك الله خيرا أخي الحبيب أبا زرعة ، أنت تكرر ما سبق مرة أخرى ، ولا بأس عليك في هذا ، فأنت تريد التوضيح والتأكيد على ما تعتقده .
الشيخ الألباني كغيره من العلماء قد يصيب وقد يخطيء ، وقد يوافق بعض الأئمة ، أو يخالف البعض ، فرحمه الله .
وأخيرا وقد يكون آخرا ، جزاك الله خيرا على كلامك الطيب ، وأدبك العالي ، ودمت في أمان الله ، وهذا ما أعتقده في إعلال الحديث من حيث التفرد والنكارة في المتن ، والله أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله ، والحمد لله رب العالمين .