فضول الكلام ***
قال ابن القيم:
-------- فضول الكلام تفتح للعبد أبواباً من الشر كلها مداخل للشيطان، فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب كلها، وكم من حرب جرتها كلمة واحدة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ: (وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم) وفي الترمذي أن رجلاً من الأنصار توفي فقال بعض الصحابة طوبى له، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فما يدريك لعله تكلم بما لا يعنيه، أو بخل بما لا ينقصه)، وأكثر المعاصي إنما تولدها من فضول الكلام والنظر، وهما أوسع مداخل الشيطان، فإن جارحتيهما لا يملان ولا يسأمان، بخلاف شهوة البطن، فإنه إذا امتلأ لم يبق فيه إرادة للطعام، وأما العين واللسان فلو تركا لم يفترا من النظر والكلام فجنايتهما متسعة الأطراف كثيرة الشعب، عظيمة الآفات، وكان السلف يحذرون من فضول الكلام، وكانوا يقولون ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.
وفي جامع العلوم والحكم عند شرح حديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) ما مضمونه:
ما ليس بخير من الكلام فالسكوت عنه أفضل من التكلم به اللهم إلا ما تدعو إليه الحاجة مما لابد منه وقد روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: إياكم وفضول الكلام، بحسب امرئ ما بلغ حاجته؛ وقال: يهلك الناس في فضول المال والكلام. وأيضاً فإن الإكثار من الكلام الذي لا حاجة إليه يوجب قساوة القلب.