كما نُقْلِي السلام عليه لا بد أن نُلْقِي النصيحة العَابِرة عليه بلا وقوف معه.

(مخطئ من يعتقد أن ذكر الله يقتصر على أذكار الصباح والمساء أو الأذكار المأثورة أو غيرها مما يحفظه الناس وتمتلا به الكتب .فذكر الله أوسع وأشمل بل وأسهل من ذلك)
ـ فلا يقتصر قولنا ذكر الله تعالى على الأذكار صباحا ومساءا والتسبيح والتحميد والتهليل وفقط ...
فإن قراءة القرآن ذِكر، والصلاة ذِكر، والصيام ذِكر، والجهاد في سبيل الله تعالى ذِكر، وطلب العلم ذِكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذِكر ...
إذن فالعمل الصالح بمجمله ...هو ذِكر لله تعالى ....

ـ ونرى في الطريق الكبار والصغار يحملون المسبحة ويجهرون بالتسبيح في الطرقات والمواصلات وأماكن العمل .... وإن كان الأفضل العقد على الأنامل ...
ـ إلا أن ذِكر الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول والموعظة الحسنة أمر مطلوب بقوة فِعله ونشره بين المجتمع الآن بعدما اندثر ... وصار فاعله اليوم مستغرب بين الناس ... وندر من يفعله .... ويتجاهله الكثير من الناس إلا من رحم الله ...
ـ ونرى من يرفع صوت الغناء في الطريق في المحال ولا منكر له بل ومقبول فعله ...
نعم ومن يرفع صوت القرآن مقبول فعله ..... إلا أن القرآن لا يستمع له فحسب وإنما يتدبر ويعمل به ...
ولذلك حثنا النبي صلى الله عليه وسلم ... على إعطاء الطريق لحقه ( بغض البصر ، وإفشاء السلام ، وإماطة الأذى ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ..
ـ وإن كان الإسلام قد حثّ على إلقاء السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف .. فإنه كذلك قد حثّ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على من عرفت وعلى من لم تعرف.
ـ ومن لم نعرفه نستطيع القيام معه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالكلمة الطيبة والموعظة والنصيحة والقول الحسن ....
فكما أن إلقاء السلام عليه سنة سنها الإسلام ... فكذلك مجرد إلقاء الكلمة المختصرة عليه لنصحه ووعظه لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فريضة شرعها الإسلام ... (وهذا أدل دليل على تقارب المجتمع المسلم بين أمراده) ...
ـ وما النماذج في إلقاء الكلمات المختصرة على من لم نعرفه ؟
ولا نريد الوقوف مع الشخص ومحادثته والأخذ والرد معه ... ولكن كما تقلي السلام عليه ألق النصيحة العابره عليه ولا تقف معه ...
( السلام عليكم ورحمة الله ) ...
( الصلاة الصلاة ) ( أو حان وقت الصلاة ) ( أو صلاة الظهر جماعة ) ... هذا بشأن الدعوة لأداء الصلاة ...
( عافاك الله ) ... تقولها لمن يدخّن ...
( الحجاب الحجاب ) ... تقولها للمرأة المتبرجة ..
( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) .. تقولها للمرأة التي يسمع لنعالها صوتا عاليا ، أو لمن تلبس ملابس تخالف الإسلام ....
ـ ولكن ما نريده أمر مستغرب من قبل الناس ... في هذه الأيام...
هذا ما أمر به الإسلام (عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف)
والاستغراب حدثنا عنه نبي الإسلام ( فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة)..
إذن فما تفعله اليوم هو قبض على الجمر ....
ـ ربما سيقولون عنا ألفاظا ـ بأفعالنا هذه ـ غير لائقة ... لكن الإسلام أمرنا بالصدع بالحق وبالإكثار من ذكر الله تعالى ، ومدح المولعين به المداومين عليه لا يبالون ما قيل فيهم ولا ما فعل بهم ...
فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق المُفَرِّدُونَ قالوا وما المُفَرِّدُونَ يا رسول الله قال المُسْتَهْتِرُو نَ في ذكر الله يُضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافا . رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب .
الْمُسْتَهْتَرُ ونَ بِذِكْرِ اللَّهِ هُمُ مولعون بِهِ الْمُدَاوِمُونَ عَلَيْهِ لَا يُبَالُونَ مَا قِيلَ فِيهِمْ وَلَا مَا فُعِلَ بِهِمْ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِي الْجَوَابِ قَالَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ .

فهذا نصيب أهل الذكر المولعين به المداومين عليه
لا يبالون ما قيل فيهم ولا ما فعل بهم
نحتاج إلى إضافة (شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) بيننا إلى مفهوم ذكر الله تعالى الشامل .. ولا نقصره على مجرد التسبيح والتهليل والتحميد ...
د/ أبو مسلم خالد مصطفى الوكيل