- قال في الأربعين النووية: الحديث العشرون عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري – رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى , إذا لم تستح فاصنع ما شئت " يعني أن من بقايا النبوة الأولى التي كانت في الأمم السابقة.
وأقرتها هذه الشريعة " إذا لم تستح فاصنع ما شئت " يعني إذا لم تفعل فعلاً يُستحى منه فاصنع ما شئت هذا أحد وجهين , أي ففعله في المعنى الوجه الثاني أن الإنسان إذا لم يستح يصنع ما شاء ولا يبالي وكلا المعنين صحيح . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- يستفاد من هذا الحديث : أن الحياء من الأشياء التي جاءت بها الشرائع السابقة , وأن الإنسان ينبغي له أن يكون صريحاً , فإذا كان الشيء لا يستحى منه فليفعله وهذا الإطلاق مقيد بما إذا كان في فعله مفسدة فإنه يمتنع الفعل خوفاً من هذه المفسدة . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- واعلم أن الحياء نوعان :
أحدهما : ما كان خلقا وجبلة غير مكتسب ، وهو من أجل الأخلاق التي يمنحها الله العبد ، ويجبله عليها ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " الحياء لا يأتي إلا بخير" ، فإنه يَكُفُّ عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق ، ويحث على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها ، فهو من خصال الإيمان بهذا الاعتبار ...
وعن بعضهم قال : رأيت المعاصي نذالة ، فتركتها مروءة فاستحالت ديانة .
النوع الثاني : ما كان مكتسبا من معرفة الله ، ومعرفة عظمته ، وقربه من عباده ، واطلاعه عليهم ، وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فهذا من أعلى خصال الإيمان ، بل هو من أعلى درجات الإحسان ... [ ابن رجب رحمه الله ]
- وقد يتولد من الله الحياء من مطالعة نعمه ورؤية التقصير في شكرها ، فإذا سُلب العبدُ الحياء المُكتسب والغَريزي ، لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح ، والأخلاق الدنيئة ، فصار كأنه لا إيمان له .[ ابن رجب رحمه الله ]