أكد الفقيه والداعية السعودي فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان أستاذ الفقه المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والمشرف العام على شبكة قنوات ومواقع ومنتديات رسالة الإسلام أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها، وهي حق من آكد حقوقها عليه، فيلزمه توفير كل ما تحتاج إليه من طعام وكساء ودواء ومأوى وأدوات تنظيف ومتاع بيت ونحو ذلك مما تحتاجه المرأة وجرت به العادة وتعارف عليه الناس.

وأوضح فضيلته أن النفقة لازمة على الزوج على كل حال سواء كان موسراً أو معسراً، وسواء كانت زوجته غنية أو فقيرة، لأن نفقته عليها من باب المعاوضة، فهي محبوسة عليه لمصلحته ومصلحة بيته وعياله، فتجب عليه نفقتها ولو كانت تملك الملايين .وهذا من أهم الفروق بين نفقة الزوجات، ونفقة القرابة كالوالدين والأولاد وغيرهم، لأن النفقة عليهم من باب الإحسان والمواساة، فيشترط لوجوب النفقة لهم أن يكون المنفِق غنياً قادراً على الإنفاق، وأن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به، فإن كان أحدهم موسراً أو قادراً على التكسب فلا نفقة له، لأنها تجب له على سبيل المواساة، والموسر مستغنٍ عن المواساة.
أما الزوجة فتجب لها النفقة مطلقاً، موسرة كانت أو معسرة، لأن وجوب تلك النفقة ليس لوجود الحاجة، وإنما على سبيل المعاوضة، فهي مقتضى عقد النكاح، وما وجب بالعقد آكد مما وجب على سبيل الإحسان والمواساة، فيستوي فيها المعسرة والموسرة، كالمهر الذي يجب لكل زوجة غنية كانت أو فقيرة.

وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع والمعقول. قال الله ـ تعالى ـ: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} فدلت الآية على وجوب نفقة الزوجة على زوجها، وأن إلزامه بهذا الواجب من أسباب جعل القوامة له عليها. وقال ـ عز وجل ـ: {لينفق ذوسعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لايكلف الله نفساً إلا ماآتاها}.

وقد جاءت هذه الآية في سياق أحكام الزوجات، والخطاب فيها للأزواج أن ينفقوا على زوجاتهم بقدر استطاعتهم، والأمر للوجوب.
قال القرطبي في الآية: " أي: لينفق الزوج على زوجته، وعلى ولده الصغير على قدر وسعه، حتى يوسع عليهما إذا كان موسّعاً عليه. ومن كان فقيراً فعلى قدر ذلك "

وقال - عز وجل -: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لاتكلف نفس إلا وسعها}

فالضمير في قوله: { رزقهن وكسوتهن } راجع إلى الوالدات المذكورات في أول الآية، فدلت الآية على أنه يجب على والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن بالمعروف.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخلت هند بنت عتبة، امرأة أبي سفيان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يارسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لايعطيني من النفقة مايكفيني، ويكفي بنيّ، إلا ماأخذت من ماله بغير علمه، فهل عليّ في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذي من ماله بالمعروف، ما يكفيك ويكفي بنيك" متفق عليه.
فهذا الحديث صريح في وجوب نفقة الزوجة على زوجها، وأن ذلك مقدر بكفايتها، ولو لم تكن نفقتها واجبة عليه، لم يأذن لها بالأخذ من ماله بغير إذنه.
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث، وهي كثيرة. وعلى ذلك أجمعت الأمة، قال ابن قدامة: " اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن، إذا كانوا بالغين، إلا الناشز منهن. ذكره ابن المنذر وغيره "
كما يدل على ذلك: المعقول الصحيح، حيث إن المرأة محبوسة على زوجها، لمنفعته ورعاية حقه. فكانت نفقتها عليه، لأن نفع حبسها عائد إليه، فالنفقة جزاء الاحتباس، وكل من كان محبوساً لمنفعة تعود إلى غيره، كانت نفقته عليه. وذلك كالوالي والقاضي والمفتي، والمضارب، والعامل على الصدقات، ونحوهم.
ولهذا فلا يجوز للزوج الامتناع عن النفقة أو المماطلة فيها، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم – إثم من يفعل ذلك فقال: " كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول " رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم والذهبي. ورواه مسلم بلفظ "كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته"، والمعنى: يكفيه من الإثم أن يضيع من يلزمه قوته من الزوجات والأقارب.

وتابع فضيلته حديثه قائلا :ولم يكتف الإسلام بتحريم منع النفقة الواجبة، بل ألزم مانعها بدفعها لمستحقيها، ولو أدى ذلك إلى حبسه، أو أخذ النفقة من ماله كرهاً.


فقد قال العلماء: إذا امتنع شخص من دفع النفقة الواجبة عليه رُفع أمره إلى الحاكم، فيأمره بالإنفاق، ويجبره عليه، فإن أبى حَبَسه، وضربه، فإن لم يُجد ذلك معه، أخذ الحاكم النفقة من ماله ودفعها لمستحقها من الزوجات أو القرابات. وهذه قاعدة عامة في كل من امتنع من أداء حق واجب عليه، مع قدرته على أدائه.

فإن كان الزوج فقيراً عاجزاً عن النفقة لم تسقط عنه نفقتها، فيجب عليه تدبير نفقتها ولو بالاقتراض ونحوه، فإن عجز عنها أو ماطل بها مع قدرته عليها كال للزوجة الحق في طلب الطلاق، فإن أبى رفعت أمرها إلى القاضي لكي يفسخها منه.
جاء ذلك في معرض رده على سؤال يقول صاحبه إذا كانت المرأة مقتدرة مادياً أو غنية هل يعفى الزوج من مسؤولياته تجاهها وتجاه بيته وأولاده ؟
http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=6293