قولهم في الراوي: هذا من صحيح حديث الراوي هل يقتضي صحة الحديث؟
الأئمة لا يعتبرون بما يحدث به الرجل إلا إذا كان من حديثه، لم يُلَقَّنْهُ أو يُدخلْ عليه أو يَدْخلْ له إسناد في إسناد، أو نحو ذلك، ولذا يميزون أولًا بين ما هو من حديثه الذي سمعه، وبين ما ليس من حديثه، لأنَّ ما ليس من حديثه ريحٌ لا قيمة له، ثم ينظرون في حديثه بالسَّبْرِ والاعتبار وعرضه على أحاديث الثقات. من ذلك ما رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» (11/48) من طريق القاسم بن عبد الرحمن الأنباري، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمن أراد العلم فليأت بابه».
قال القاسم: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث، فقال: هو صحيح.
قال الخطيب: أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل، إِذْ قد رواه غير واحد عنه. اهـ.
ومقصود ابن معين فيما رواه القاسم عنه أن الحديث معروف من حديث أبي معاوية، لم ينفرد به أبو الصلت الهروي عنه، بل قد تابعه عليه محمد بن جعفر الفيدي، كما قاله ابن معين في رواية الدوري «تاريخ بغداد» (11/50).
أما الحديث في نفسه، فاستنكره الأئمة، ومنهم ابن معين نفسه، فقد قال في رواية عبد الخالق بن منصور عنه: ما هذا الحديث بشيء «تاريخ بغداد» (11/49) وللعلَّامة المعلمي بحث ممتع حول هذا الحديث في «حاشية الفوائد المجموعة» (ص349-353).