رسالة شيخ الاسلام ابن تيمية الى اهل البحرين تنسف منهج غلاة التبديع !!كتب شيخ الاسلام ابن تيمية رسالة إلى اهل البحرين عندما وقع بينهم خلاف في بعض المسائل ، ومنها مسألتان ( رؤية الكفار ربهم )
( ومحاسبة الكفار يوم القيامة ) ، وهي مثال رائع في كيفية التعامل مع مسائل الخلاف بين اهل السنة والجماعة مما يلامس واقعنا العلمي والدعوي الذي ضيع البعض هذا القواعد في التعامل مع مسائل الخلاف كما فعل شيخ الاسلام ، سأذكر لكم فوائد مهمة في هذه الرسالة العزيزة المهمة في بابها يتبين من خلالها حرص ابن تيمية على الجماعة والائتلاف ودفع كل ما يثير الفرقة والاختلاف ،
والرسالة كاملة مودعة في المجلد السادس من مجموع الفتاوى الصفحة 485 وما بعدها أرجو الرجوع إليها ومطالعتها ،
والآن إلى الفوائد والدرر فدونكها فتطلبها :-
1- وصفه لمسألة ( رؤية الكفار ربهم ) بأنها مسألة خفيفة ! قال رحمه الله ( وما كنا نظن أن الأمر يبلغ بهذه المسألة إلى هذا الحد فالأمر في ذلك خفيف !) مع أن المسألة لها تعلق بالاعتقاد كما لا يخفى ، ولكن عند التنازع يصير الخفيف عند البعض عظيماً !!
2-أهمية إقامة الحجة في التكفير ، قال ( والذي عليه جمهور السلف أن من جحد رؤية الله في الدار الآخرة فهو كافر ، فإن كان ممن لم يبلغه العلم في ذلك عُرِف ذلك كما يعرف من لم تبلغه شرائع الاسلام فإن أصر على الجحود بعد بلوغ العلم له فهو كافر )
3- الناس في رؤية الكفار ربهم ثلاثة أصناف ( تكلموا اثباتاً أونفياً ، وقسم وقفوا وأمسكوا ) قال شيخ الاسلام ( فأما مسألة رؤية الكفار فأول ما انتشر الكلام فيها وتنازع الناس فيها -فيما بلغنا- بعد ثلاثمائة سنة من الهجرة ، وأمسك عن الكلام في هذا قوم من العلماء وتكلم فيها آخرون فاختلفوا فيها على ثلاثة أقوال مع أني ما علمت أن أولئك المختلفين فيها تلاعنو ولا تهاجروا فيها!! إذ في الفرق الثلاثة قوم فيهم فضل وهم أصحاب سنة !!)
هل يتعظ بهذا إخواننا من غلاة التجريح ، فاني أرى أن كثيرا من الخلافات الدائرة اليوم من هذا الجنس ! فلمَ التهاجر والتطاحن مع أن الجميع اهل فضل وسنة !!
4- ضبط المسائل التي يهجر لأجلها وهذه مسألة جديرة بالبحث والدراسة ، قال ابن تيمية ( محاسبة الكفار ، هل يحاسبون أم لا ؟ هي مسألة لا يكفر فيها بالاتفاق والصحيح أيضاً أن لا يضيق فيها ولا يهجر ، وقد حكي عن ابي الحسن بن بشار انه قال : لا يصلى خلف من يقول : أنهم يحاسبون ! والصواب الذي عليه الجمهور انه يصلى خلف الفريقين ... مع انه قد اختلف فيها أصحاب الإمام احمد .. واختلف فيها غيرهم من اهل العلم وأهل الكلام )
5- ثم ذكر شيخ الاسلام الأقاويل الثلاثة في المسالة والقائلين بها وأدلة كل فريق باستيعاب وإنصاف وهذا هو الذي ينبغي أن يسلكه كل من سلك طريق العلم وتعليمه في ملفوظ أو مكتوب وهو موجب العدل الذي يسدد الله صاحبه للصواب ، وتفصيله في الجواب هو المناسب عندي التصدي للفتن العلمية لكي لا يبقى لصاحب فتنة شبهة أو شهوة !!
6- مع نقل ابن تيمية كلاماً شديداً من بعض الأطراف في الأطراف الأخرى كما يقع اليوم في التضخيم والتعظيم للمسائل الخفيفة ، بين أن هذا ليس موجباً لهذا التضخيم !!
قال ( الغرض بيان هذه المسألة ليست من المهمات ! التي ينبغي كثرة الكلام فيها ، وإيقاع ذلك إلى العامة والخاصة !!!!!! حتى يبقى شعاراً ويوجب تفريق القلوب وتشتت الأهواء !!!! ) هكذا فليكن العلم والدين المتين !!7- ( وليست هذه المسألة فيما علمت مما يوجب المهاجرة والمقاطعة ، فإن الذين تكلموا فيها قبلنا عامتهم اهل سنة واتباع وقد اختلف فيها من لم يتهاجروا ويتقاطعوا ..) وهذا ضابطٌ حسن في المسائل التي لا هجر فيها أن تكون المسألة تكلم فيها اهل السنة والخلاف محصور فيهم !
8- الغلظة في كلام السلف عند الاختلاف لا يعني التضليل والهجر والمقاطعة !
قال ( كما اختلف الصحابة رضي الله عنهم والناس بعدهم في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا وقالوا فيها كلمات غليظة كقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها من زعم أن محمداً رأى ربه فقد اعظم على الله الفرية ! ومع هذا فما أوجب هذا النزاع تهاجراً وتقاطعاً !! وكذلك ناظر الإمام احمد اقواماً من اهل السنة في مسألة الشهادة للعشرة بالجنة حتى آلت المناظرة إلى ارتفاع الأصوات !! وكان احمد وغيره يرون الشهادة ولم يهجروا من امتنع من الشهادة إلى مسائل نظير هذه كثيرة ) وهذا يفيدنا في فهم كثير من الغلظة المنقولة في كتب العقائد السلفية عن اهل السنة ..
9- ثم ختم رسالته الإصلاحية بآداب عظيمة ينبغي مراعاتها وخصوصاً في هذه الفتن آلت تعصف بأهل السنة والجماعة !
قال رحمه الله ( وهنا آداب تجب مراعاتها :
منها1- :- أن من سكت عن الكلام في هذه المسألة ولم يدع إلى شئ فانه لا يحل هجره وان كان يعتقد احد الطرفين فان البدع التي هي اعظم منها لا يهجر فيها الا الداعية دون الساكت فهذه أولى ) اين أخواننا من غلاة التجريح من تسميتهم من سكت عن هذه الفتن في التبديع المنفلت (واقفة ، وانهم أخطر من المتكلمة ) سبحان الله اين هم من هذا الأدب
2- قال ( انه لا ينبغي لأهل العلم أن يجعلوا هذه المسألة محنة وشعاراً يفضلون بها بين إخوانهم واضدادهم ، فان مثل هذا مما يكرهه الله ورسوله ) اين هم من هذا الأدب امتحنوا إخوانهم في ( الموازنات ، الجرح المفسر ، في الرجال ، المجمل والمفصل ، خبر الثقة ، وغير ذلك ) مع الانتباه أن مسألة رؤية الكفار ربهم أيضاً فيها نصوص عليها قام الخلاف وعذر ابن تيمية الجميع !!
3- وكذلك لا يفاتحوا بها عوام المسلمين الذين هم في عافية وسلام من الفتن !! ولكن اذا سئل الرجل عنها أو رأى من هو اهل لتعريفه ذلك ألقى اليه مما عنده من العلم ما يرجو النفع به) وهذا الأدب قد أخل به أخواننا من غلاة التجريح فإنهم يتكلمون في هذه المسائل الدقيقة عن العامة ، بل نبه شيخ الاسلام أن من يسأل ممن عنده علم فليكن الجواب علمياً لا هجومياً انتقامياً !!
4- الأدب الرابع قال ( اذا اشتبه الأمر هل هذا القول أو الفعل مما يعاقب صاحبه عليه أو ما لا يعاقب ؟ فالواجب ترك العقوبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ادرؤا الحدود بالشبهات فإنك أن تخطئ في العفو خير من أن تخطئ في العقوبة ) رواه ابوداود ، ولا سيما اذا آل الأمر إلى شر طويل وافتراق اهل السنة والجماعة ، فإن الفساد الناشئ في هذه الفرقة أضعاف الشر الناشئ من خطأ نفر قليل في مسألة فرعية ) اين أخواننا الغلاة من هذا الأصل الجامع العظيم ولقد أخلوا بها اخلالاً كبيراً !!
5- الأدب الخامس قال ( وإذا اشتبه على الإنسان أمرٌ فليدع بما رواه مسلم في صحيحه { عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام إلى الصلاة يقول : اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم }