طُبع مؤخرا كتاب تاريخي مهم , طالما انتظره الباحثون , وهو مرآة الزمان في تواريخ الأعيان : لأبي المظفر يوسف بن قُز أوغلي الشهير بسبط ابن الجوزي (ت 654هـ) , في ثلاثة وعشرين مجلدا . بتحقيق : كامل الخراط وجماعة , وطباعة الرسالة العالمية .
ومع الجهد المشكور والكبير في طباعة الكتاب , فقد استوقفني في تحقيقه أمران :
الأول : ذكر المحقق أنه تبين لهم أن بعض نسخ الكتاب لم تتوفر لهم إلا من خلال مختصر للكتاب , ولا بين المحققون الفضلاء للقارئ ماذا تمثل النسخة المختصرة من تحقيقهم المطبوع ! فكيف يميز القارئ الآن بين الكتاب الأصلي ومختصره في هذه المطبوعة ؟!
وهذا خلل كبير , ما كنت أتـنمى وقوعهم فيه .
الثاني : أخلوا في الترجمة لمؤلف الكتاب إخلالا كبيرا , فالمؤلف تكلم عنه غيرما إمام , وشككوا في مصداقية نقله , مما له أثر كبير في اعتماد تاريخه . فلم يدرسوا هذه الاتهامات , ولا أشاروا إليها !!
ومن هذه الاتهامات :
قول الإمام الذهبي عنه : ((قَدْ بلوتُ عَلَى أَبِي المُظَفَّرِ المجَازفَة وَقِلَّة الوَرَع فِيمَا يُؤرّخه -وَاللهُ الموعدُ -وَكَانَ يَترفّض، رَأَيْت لَهُ مُصَنّفاً فِي ذَلِكَ فِيْهِ دَوَاهٍ)) . سير أعلام النبلاء (21/ 464) .
وقال في موطن آخر : ((قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ - بِقِلَّةِ وَرَعٍ -...)) . سير أعلام النبلاء 22/ 230
وقال أيضا : (( هَذَا من خسف أبي المظفر، فهو مجازفٌ)). تاريخ الإسلام 13/ 272
وترجم له الذهبي في الميزان , ونقل فيه عن محيي الدين اليونيني أنه قال عند وفاة سبط ابن الجوزي : (( لا رحمه الله ! كان رافضيا )) .
وقال ابن رجب عنه : ((ليس بحجة فيما ينقله)) . ذيل طبقات الحنابلة 1/ 446.
وهذان الأمران لا يخفيان على المحققين الفضلاء .
ولعل ظروفا عجلت بإخراج الكتاب قبل تتميم العمل فيه , وأرجو استدراكهما في طبعة أخرى للكتاب .