بسم الله الرحمن الرحيم اخوة الاسلام اهلا بكم من جديد مع حصة جديدة من تفسير ما تيسر من كتاب الله العزيز: يقول عزوجل في هذا الجزء من سورة الرعد : { الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى يدبر الامر يفصل الا يات لعلكم بلقاء ربكم توقنون }........................ ربنا عزوجل يدعونا ويسوق عقولنا وقلوبنا للنظر في كيفية رفعه السموات بدون اعمدة مادية محسوسة كما ترفع الاشياء كالسقف للبيت وما الى ذالك فلن يستطيع احد مهما اوتي من قوة رفع شيء ويثبته في الافق بدون اسناده بالاسطوانات وغيرها, لكن الله قد رفع السما ء بدون أي شيء من هذا القبيل ونحن نرى هذا بأعيننا , الايدعونا هذا الفعل الالهي البديع الفريد الى تحريك ضميرنا للتامل في القدرة المطلقة المحيطة بالكون ارضا وسماء ؟ ويدعونا هذا المشهد العلوي ايضا العجيب بمختلف اجرامه من كواكب ونجوم ومجرات الى الاعتقاد بإله واحد متصف بالكمال المطلق في ذاته و صفاته وافعاله واسمائه يفعل في الوجود ما يشاء لا احد يقف في وجه تنفيذ ما اراده ان يثبته في هذا الكون الدال بدوره على وحدانية صا نعه و مبدعه كما قيل : وفي كل شيء له اية تدل على انه الواحد . اذا اردنا ان نقوم بجولات استكشافية وجرد الايات المباركات التي تحدثت عن السما ء وسيقت مساق الاستدلال على وجود الخالق ذي الجلال ولا كرام سنحصل حتما على العديد من النصوص في كثير من السور مما يدل على ان السماء فعلا صناعة الهية ليست بالشيء العادي , يقول عزوجل في هذا السياق : افلم ينظروا الى السماء كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ... وغيرها من الايات التي تؤشر الى هذا الابداع العلوي الفريد والجميل في نفس الان . اما الاستواء على العرش لا ينبغي ان نقوم بتحديدات دقيقة لكيفياته فقد نهينا ان نقدم على مثل هذه الخطوات المسمومة النتائج’ فعلا نؤمن بالا ستواء والعرش لكن بدون تمثيل او تعطيل اوتشبيه كما يقول علماء الكلام المتخصصون في مجال الاعتقاد’ وهذا الامر ليس محصورا في هذه الاية فقط بل يغطي كل الايات التي من هذا القبيل وما اكثرها في كتاب الله العزيز لماذا؟ لان اطلاق العنان للتفكير فيها مظنة الوقوع في انساب ما لا يليق بالله جلت قدرته ان ينسب اليه ولهذا على المسلم الواعي ان يبادر الى قطع العلاقات مع كل تفكير يجره الى هذا المنزلق الخطير’ فالله عزوجل قدم تعريفا اجماليا بنفسه في سورة الاخلاص من اراد معرفته فعليه بقراءة هذه السورة وفهم معانيها الواضحة .. ثم ينتقل بنا البيان الالهي ويقول {وسخر الشمس والقمر كل يجري لا جل مسمى } فمعنى التسخير هنا هو التذليل لهذه الاشياء المستقرة في السماء, لاشك انها تضيف رونقا وجمالا لهذا الفضاء الرحب وتقدم خدمات لا حدود لها للكائنات الحية انسانا وحيوانا ونباتا ’ لولا وجود الشمس لتجمدت الحياة على كوكب الارض بفعل قوة الصقيع والبرودة’ وكذالك خدمات ومصالح القمر عديدة منها المتوصل اليها علميا وغير المتوصل اليه لحد الان, كل هذا يدخل تحت مفهوم مصطلح التسخير الالهي لهذه الموجودات, وكل ما يوجد في الارض والسماء سخر لمن ؟ فلا يمكن إلا ان نقول ايجابة على هذا السؤال: للانسان حسب ما صرحت به اية اخرى من هذا القبيل, قال ربنا تدعيما لهذا الامر : وسخرلكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه . ما يسترعي الانتباه في الاية ان هذه العلويات المسخرة لمنافع الناس هي في جري ودوران مستمر لم تسجل وقفة منذ ان اخرجها سبحانه الى حيز الوجود وهذه الحركات الفلكية ليست حركات اعتباطية بل صممت خصيصا لمصالح انسانية وغير انسانية عديدة , فهذا الدوران ايضا من نصيب الارض كذالك لان الحكم الكلي المطلق من طرف ربنا في هذا الخطاب قد استوعب كل الاجرام العالقة في غياهب الفضاء العلوي السماوي , ومما يدل على حركة الارض نقف خاشعين عند قول الله عزوجل في اية اخرى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شيء ... اما علميا فقد توصل العلم المتخصص في البحث عن الظواهر الكونية الفضائية الى ان القمر يسير بسرعة قدرها 18عشر كلم في الثانية الواحدة والارض تسير بسرعة 15 عشركلم في الثانية , اما الشمس تسير بسرعة مقدارها 12 كلم في الثانية ... قال ربنا الكريم تصديقا لهذا الامر العجيب الذي يعكس قدرة الهية لا حدود لها ابدا {وكل في فلك يسبحون } ما يثير الاعجاب ويستدعي يقضة ايمانية قوية في النفوس المؤمنة التواقة الى معرفة ربها عبر التامل في مشاهد الكون البديع المهندس من طرف ذي القوة والعظمة والجلال سبحانه وتعالى هو ان هذه الاجرام رغم ثقلها وطول احجامها واقفة في احيازها الفضائية الفارغة لااعمدة مادية تشكل رافعة لها كما هو مألوف عند الاغيار, كل هذا يشهد ويعلن على رءوس الاشهاد ان ربكم واحد في صفاته وذاته وافعاله واسمائه يستحق العبادة وحده بدون ان يشرك معه احد في هذا الخصوص , هناك من العلماء من يقول المراد بالاجل المسمى هو نهاية الوجود الكوني المنصوص عليه في كثير من الايات المباركة والتي كتب فيها المفسر الكبير والمعروف كتيبا عنونه : بمشاهد القيامة في القران الكريم وقد استفاض رحمه الله في ذكر كثير من الايات التي تعالج بشكل مفصل هذه الظواهر المرعبة التي ستقع حتما في نهاية مطاف الاكوان وكل ذالك سيقع باذن ربنا الملك العلام .و هناك من يقول: الاجل المسمى غير ذالك بل المراد به ما ينتج عن الدوران من فصول وشهور وايام شمسا وقمرا وارضا وكلا المعنيين صحيح تقريبا والله اعلم بتمام المراد ..... الى مناسبة قادمة بحول الله استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ...