تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: وقفة مع ... (حديث)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    14

    افتراضي وقفة مع ... (حديث)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
    " لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ "

    أورد البخاري رحمه الله هذ الحديث في كتاب الأدب وهو يفيد إجمالا أن مع المؤمن قدرا زائدا ممّ هو مشترك بين الأمم في اليقظة والتذكر والاعتبار وعدم الغفلة

    وهذا من موجبات الإيمان الذي يحمله

    فهو يشبه حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
    " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له "

    فقوله صلى الله عليه وسلم :
    "وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن "
    لأنه لا يحمل على الصبر والشكر إلا الإيمان ، الإيمان بالله وبصدق موعوده ، الإيمان بالبعث والحساب ، الإيمان بالجنة والنار ، الإيمان بصدق النبي عليه الصلاة والسلام فيما أخبر به عن ربه عز وجل ، ولن يكون هذا لأحد غيرهم .

    أينما ذكر الإيمان فثمرته خاصة بالمؤمنين في كتاب الله عز وجل أو حديث رسوله صلى الله عليه وسلم
    وهذه الفائدة نافعة بإذن الله في التدبر .

    مثال آخر

    النصر :
    لا يأتِ إلا مع الصبر " وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ "

    والصبر من موجبات الإيمان
    قال علي رضي الله عنه : إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد
    ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له
    فلا يصبر إلا المؤمن
    ولذا لا يكون النصر حليفاً لغيرهم عليهم أبدا
    قال الله عز وجل :
    " وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ "
    وهذا موعود الله عز وجل لا يتخلف ، فإن تخلف شرطه من الصبر قد يكون للكافرين نصيب
    قال الله تعالى :
    " الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا "

    قال السعدي رحمه الله :
    ( وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ ) ولم يقل فتح؛ لأنه لا يحصل لهم فتح، يكون مبدأ لنصرتهم المستمرة، بل غاية ما يكون أن يكون لهم نصيب غير مستقر، حكمة من الله.اه

    فأينما ذكر الإيمان فثمرته خاصة بالمؤمنين .

    فالثمرة المقصودة بالحديث ( لا يلدغ ) خاصة بالمؤمن

    ذكر الطحاوي رحمه الله :
    (وَإِنَّمَا قَصَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْقَوْلِ إلَى الْمُؤْمِنِ لأَنَّهُ يُبَيِّنُ فِيهِ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي ) [1]

    ووقفة مع ألفاظ الحديث تبين بعض معنى ذلك :...

    يتبع بحول الله وقوته


    [1] (مشكل الآثار )

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    16

    افتراضي رد: وقفة مع ... (حديث)

    جزاك الله خيرا
    في انتظارك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: وقفة مع ... (حديث)

    وجزاكم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وقفة مع ألفاظ الحديث :

    ورود الحديث بصيغة الخبر :

    فإن كان خبرا بمعنى الْأَمر فكأن عزة الإيمان تأبى عليه ذلك فتنهاه

    ويرجح ذلك سبب ورود الحديث – إن صح - فإنه صلى الله عليه وسلم قاله لأبي عزة الجمحي وكان شاعرا فأسر ببدر فشكا عائلة وفقرا فمن عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأطلقه بغير فداء ، فظفر به بأحد فقال : مُنّ عليّ وذكر فقره وعياله ، فقال : لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين ، وأمر به فقتل .


    وإلى هذا المعنى أشار الطيبي : أنه (- صلى الله عليه وسلم - لما رأى من نفسه الزكية الميل إلى الحلم جرد منها مؤمنا حازما فنهاه عن ذلك ، يعني ليس من شيمة المؤمن الحازم الذي يغضب لله أن ينخدع من الغادر المتمرد فلا يستعمل الحلم في حقه ، بل ينتقم منه . ومن هذا قول عائشة " ما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها " قال فيستفاد من هذا أن الحلم ليس محمودا مطلقا ، كما أن الجود ليس محمودا مطلقا ، وقد قال - تعالى - في وصف الصحابة أشداء على الكفار رحماء بينهم .

    قال وعلى الوجه الأول وهو الرواية بالرفع فيكون إخبارا محضا لا يفهم هذا الغرض المستفاد من هذه الرواية ، فتكون الرواية بصيغة النهي أرجح والله أعلم .)[1]


    والرواية جاءت بالرفع ..

    فإن كان خبرا محضا يستفاد من ذلك فوائد
    منها :

    قوله صلى الله عليه وسلم " لا يلدغ "
    اللدغ يؤلم لأنه لا يكون إلا من ذوات السموم
    لكنه مؤلم للحي لا للميت و ما لجرح بميت إيلام
    والذي يتألم هو الذي يحذر ويتقي
    ومن لوازم الحي السمع والبصر

    فما الذي سبّب حياته ؟
    الجواب :
    قوله صلى الله عليه وسلم " المؤمن "

    الإيمان سبب حياة القلب
    جاء بوصف الإيمان ورتب عليه عدم اللدغ من جحر مرتين
    ففيه أن وصف الإيمان مانع من ذلك
    كيف يحيي الإيمان القلوب ؟

    الإيمان نور :
    يقول الله تعالى :" اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ "
    قال أبي بن كعب: مثل نوره: يعني نوره في قلب عبده المؤمن
    وعن ابن عباس أنه قرأها كذلك : " نور من آمن بالله " .

    ما علاقة النور بالحياة ؟

    النور مادة الحياة :
    قال ابن القيم رحمه الله:
    فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة ( آية النور ) ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة فقد ذكر سبحانه وتعالى نوره في السموات والأرض، ونوره في قلب عباده المؤمنين: النور المعقول المشهود بالبصائر والقلوب، والنور المحسوس المشهود بالأبصار الذي استنارت به أقطار العالم العلوي والسفلي. فهما نوران عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر.

    وكما أنه إذا فقد أحدهما من مكان أو موضع لم يعش فيه آدمي ولا غيره، لأن الحيوان إنما يكون حيث يكون النور، ومواضع الظلمة التي لا يشرق عليها نور لا يعيش فيها حيوان ولا يكون البتة، فكذلك أمة فقد فيها نور الوحي والايمان ميتة ولا بد، وقلب فقد منه هذا النور: ميت ولا بد، لا حياة له البتة، كما لا حياة للحيوان في مكان لا نور فيه.

    والله – سبحانه – وتعالى – يقرن بين الحياة والنور؛ كما في قوله – عز وجل-:
    " أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا " [2]

    فجمع بين الأصلين:

    الحياة والنور فبالحياة تكون قوته وسمعه وبصره وحياؤه وعفته وشجاعته وصبره وسائر أخلاقه الفاضلة ومحبته للحسن وبغضه للقبيح فكلما قويت حياته قويت فيه هذه الصفات وإذا ضعفت حياته ضعفت فيه هذه الصفات وحياؤه من القبائح هو بحسب حياته في نفسه فالقلب الصحيح الحى إذا عرضت عليه القبائح نفر منها بطبعه وأبغضها ولم يلتفت إليها بخلاف القلب الميت فإنه لا يفرق بين الحسن والقبيح كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه:
    هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف وينكر به المنكر .
    وكذلك القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه
    وكذلك إذا قوى نوره وإشراقه انكشفت له صور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه فاستبان حسن الحسن بنوره وآثره بحياته وكذلك قبح القبيح . [3]

    فالإيمان يعني نور يهتدي به
    وحياة بلوازمها من السمع والبصر والعقل
    المؤمن منتفع ببصيرته وحواسه وعلى حسب ما معه من الإيمان يكون انتفاعه من ذلك .

    فأول ألفاظ الحديث تفيد حياته والثانية تفيد نوره

    إذا كان كذلك :
    فلم كانت اللدغة الأولى ؟

    الجواب :
    قوله صلى الله عليه وسلم : " من جحر "
    الجحر مكان مظلم غيبي
    فكان لا بد أن يمر بالتجربة الأولى
    قال البخاري رحمه الله : قال معاوية : لا حكيم إلا ذو تجربة .
    و المؤمن أمره كله خير فإن اللدغة الأولى علمته اتقاءها مرة أخرى


    قوله صلى الله عليه وسلم : " مرتين "

    حياة القلب ونوره على حسب كمال ما معه من إيمان
    و نقصهما بقدر نقصانه
    ولعله لأجل ذلك جاء معرفاً بأل أي :
    المؤمن الحق أو الكامل الإيمان
    فعدد اللدغات بحسب ما معه من نقص الإيمان

    يبقى السؤال :
    ما هو الجحر وما هي لدغته ؟
    يتبع بحول الله وقوته

    والله تعالى أعلم


    [1] ( فتح الباري )


    [2] (الوابل الصيب)

    [3] ( إغاثة اللهفان )

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: وقفة مع ... (حديث)


    بسم الله الرحمن الرحيم

    ما هو الجحر وما هي لدغته ؟

    أولا :خبايا الناس

    ظاهر صنيع البخاري – رحمه الله - في ترتيب الأبواب أنه :
    في خبايا الناس
    فإنه أورد :
    - باب الانبساط إلى الناس
    وفيه حديث
    أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ
    فهذا الأصل في مخالطة الناس أنه بانبساط وتراحم وألفة ومودة

    لكن هناك دائماً الاستثناء فجاء
    بباب مداراة الناس

    وفيه حديث عائشة رضي الله عنها : أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ : " ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ "
    فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْكَلَامَ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : قُلْتَ مَا قُلْتَ ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ فِي الْقَوْلِ ؟
    فَقَالَ : " أَيْ عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ "
    فالمداراة انبساط بحذر لدفع شر واستجلاب خير

    ومع ذلك قد لا يسلم فجاء :
    بَاب لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَا حَكِيمَ إِلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
    " لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ "

    ثم رجع إلى الأصل وهو الإحسان إلى الناس فجاء بباب :
    حق الضيف
    وذكر حديث عبدالله بن عمرو –رضي الله عنه – وأتى به بتمامه
    فالمؤمن وإن لُدغ وإن أوذي فلا يحملنّه ذلك على العزلة واجتناب الناس بل يحسن إليهم خصوصا في حقوقهم وإن زاحمت النوافل .
    وذكر فيه الاجتهاد بالطاعات .
    والطاعة تزيد الإيمان فيزداد نور المؤمن


    .....
    وإلى ذلك ذهب أيضا السخاوي رحمه الله أيضاً قال :
    وإليه الإشارة بقول يعقوب في قصة ابنه يوسف عليهما الصلاة والسلام :
    "هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ "[1]

    .....


    ثانياً : النفس

    وأخطر نفس ممكن أن تلدغ المرء هي التي بين جنبيه
    لذلك كان يستعيذ منها النبي عليه الصلاة والسلام :
    " نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا "
    " اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي "
    " اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه."

    فهي تلدغ بالذنوب وإلى ذلك ذهب الطحاوي رحمه الله :
    وَإِنَّمَا قَصَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْقَوْلِ إلَى الْمُؤْمِنِ لأَنَّهُ يُبَيِّنُ فِيهِ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي سِوَى الْمُنَافِقِ وَسِوَى الْكَافِرِ ، لأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْهُ الذَّنْبُ أَحْزَنَهُ ذَلِكَ ، وَخَافَ غِبَّهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَرْكِ عَوْدِهِ فِيهِ أَبَدًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ : " إنَّ الْمُؤْمِنَ لا يُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ " ، أَيْ : لا يُذْنِبُ ذَنْبًا يَخَافُ عُقُوبَتَهُ ، ثُمَّ يَعُودُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ.[2]

    وإلى مثله ، العلامة السعدي رحمه الله :
    هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم : لبيان كمال احتراز المؤمن ويقظته ، وأن المؤمن يمنعه إيمانه من اقتراف السيئات التي تضره مقارفتها ، وأنه متى وقع في شيء منها ، فإنه في الحال يبادر إلى الندم والتوبة والإنابة .
    ومن تمام توبته : أن يحذر غاية الحذر من ذلك السبب الذي أوقعه في الذنب ، كحال من أدخل يده في جحر فلدغته حية ، فإنه بعد ذلك لا يكاد يدخل يده في ذلك الجحر ، لما أصابه فيه أول مرة .
    وكما أن الإيمان يحمل صاحبه على فعل الطاعات ، ويرغبه فيها ، ويحزنه لفواتها ، فكذلك يزجره عن مقارفة السيئات ، وإن وقعت بادر إلى النزوع عنها ، ولم يعد إلى مثل ما وقع فيه . [3]


    ثالثاً : مكايد الشيطان
    والذنب إما يكون من النفس وإما يكون من الشيطان
    الذي هو أصل كل شر
    وهو العدو المتربص الذي لا يفتر
    ومكايده يخفيها بالتزيين فلا تكاد للحذِر تبين
    قَالَ أَبَو الدَّرْدَاءِ – رضي الله عنه -: " إِنَّ مِنْ فِقْهِ الْعَبْدِ أَنْ يَتَعَاهَدَ إِيمَانَهُ وَمَا نَقَصَ مِنْهُ ، وَمِنْ فِقْهِ الْعَبْدِ أَنْ يَعْلَمَ أَمُزْدَادٌ هُوَ أَمْ مُنْتَقِصٌ ؟ وَإِنَّ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ أَنَّى تَأْتِيهِ ؟ " .

    فذكر الإيمان مع ذكر نزغات الشيطان


    رابعاً : المعنى عام
    جاء في الفتح :
    وقال أبو عبيد : معناه ولا ينبغي للمؤمن إذا نكب من وجه أن يعود إليه . قلت وهذا هو الذي فهمه الأكثر ومنهم الزهري راوي الخبر ، فأخرج ابن حبان من طريق سعيد بن عبد العزيز قال : " قيل للزهري لما قدم من عند هشام بن عبد الملك : ماذا صنع بك ؟ قال : أوفى عني ديني ، ثم قال : يا ابن شهاب تعود تدان ؟ قلت : لا " وذكر الحديث .[4]


    الخلاصة :
    في الحديث معنىً زائداً عن الذكاء والفراسة والحكمة والخبرة والمعرفة وما شابه
    فإن هذا مشترك بين الناس
    وهو يشير إلى لازم من لوازم الإيمان يحصل به اليقظة والتذكر والاعتبار
    فيوجب على حامله ألا يلدغ من جحر واحد مرتين
    فلا يحتاج إلا إلى تجربة واحدة فيعود هذا الجحر شهادة كلما مر عليه
    وغيره لا تزال الغشاوة في كل مرة تُعمي عينيه
    والله تعالى أعلم



    ملاحظة :
    ما دلالة التنكير في قوله " جحر واحد " ؟
    لماذا لم يقل عليه الصلاة والسلام : من الجحر الواحد ؟
    هذا ما لم أجد الإجابة عليه




    [1]
    المقاصد الحسنة فى كثير من الاحاديث المشتهرة على الالسنة

    [2] مشكل الآثار

    [3] بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار

    [4] فتح الباري شرح صحيح البخاري



  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: وقفة مع ... (حديث)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

    اللهم اجعل فى قلبى نورا وفي لساني نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا
    ومن فوقي نورا ومن تحتي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا
    ومن أمامي نورا ومن خلفي نورا واجعل في نفسي نورا
    وأعظم لي نورا وعظم لى نورا واجعل لى نورا واجعلنى نورا
    اللهم أعطنى نورا
    واجعل فى عصبى نورا وفى لحمى نورا وفى دمى نورا
    وفى شعرى نورا وفى بشرى نورا
    اللهم اجعل لى نورا فى قبري ونورا فى عظامى
    وزدنى نورا
    وأعطنى نورا
    وهب لى نورا على نور





الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •