تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: مذهب ابن عبد البر في ثبوت عدالة الراوي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي مذهب ابن عبد البر في ثبوت عدالة الراوي

    لقد ذهب ابن عبد البر رحمه الله ت 463 في أمر حصول ثبوت عدالة الراوي مذهبا توسع فيه حيث يقول :
    وكل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدا على العدالة حتى تتبين جرحته في حاله أو في كثرة غلطه لقوله صلى الله عليه وسلم : "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله".
    قال ابن الصلاح رحمه الله في علوم الحديث المعروف بالمقدمة : وَفِيمَا قَالَهُ اتِّسَاعٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ووافقه ابن أبي الدم الحموي كما في فتح المغيث حيث قال : إنه قريب الاستمداد من مذهب أبي حنيفة في أن ظاهر المسلمين العدالة وقبول شهادة كل مسلم مجهول الحال إلى أن يثبت جرحه
    قال : وهو غير مرضي عندنا لخروجه عن الاحتياط ويقرب منه ما ذهب إليه من قبول شهادة المتوسمين من أهل القافلة اعتمادا على ظاهر أحوالهم المستدل بها على العدالة والصدق فيما يشهدون به .
    ولم يسلم بعض العلماء لابن عبد البر دليله ، وذلك من وجهين ؛ الأول : من حيث ثبوته حيث اختلف في وصله وإرساله . والثاني : من جهة معناه فللعلماء في معناه لهم كلام كثير .
    وتجدر الإشارة إلى أن ابن عبد البر قد سبق فيما قاله ـ كما ذكر السخاوي ـ فقال :
    فروينا في شرف أصحاب الحديث للخطيب من طريق محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال : رأيت رجلا قدم آخر إلى إسماعيل بن اسحق القاضي فادعى عليه شيء فأنكر فقال للمدعي : ألك بينة ؟ قال : نعم فلان وفلان فقال أما فلان فمن شهودي وأما فلان فليس من شهودي قال فيعرفه القاضي قال نعم قال بماذا قال أعرفه بكتب الحديث قال فكيف تعرفه في كتبة الحديث قال ما علمت إلا خيرا قال فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ومن عدله رسول الله صلى الله عليه و سلم أولى ممن عدلته أنت قال فقم فهاته فقد قبلت شهادته .
    وهذه واقعة فردية عن رجل لم يسم ، فيبقى الأمر على أصله من أن أبا يوسف ابن عبد البر هو أول من ذهب إلى هذا المذهب وصرح به . والله أعلم .
    لكن مما يلاحظ أن كثيرا من المتأخرين قد ذهبوا مذهب ابن عبد البر وأيدوا قوله .
    قال أبو عبد الله ابن المواق في كتابه بغية النقاد ـ كما في شرح العراقي لألفيته وكذا فتح المغيث للسخاوي ـ : وأهل العلم محمولون على العدالة حتى يظهر منهم خلاف ذلك . وقال ابن الجوزي ـ ولعله خطأ وصوابه : ابن الجزري ـ : إن ما ذهب إليه ابن عبد البر هو الصواب وإن رده بعضهم ، وسبقه المزي فقال : هو في زماننا مرضي بل ربما يتعين
    ونحوه قول ابن سيد الناس لست أراه إلا مرضيا وكذا قال الذهبي : إنه حق قال ولا يدخل في ذلك المستور فإنه غير مشهور بالعناية بالعلم فكل من اشتهر بين الحفاظ بأنه من أصحاب الحديث وإنه معروف بالعناية بهذا الشأن ثم كشفوا عن أخباره فما وجدوا فيه تبينا ولا اتفق لهم علم بأن أحدا وثقه فهذا الذي عناه الحافظ وإنه يكون مقبول الحديث إلى أن يلوح فيه جرح قال : ومن ذلك إخراج البخاري ومسلم لجامعة ما اطلعنا فيهم على جرح ولا توثيق فهو لا يحتج بهم لأن الشيخين احتجاجهم ولأن الدهماء أطبقت على تسميته الكتابين بالصحيحين .
    قال السخاوي : بل أفاد التقي ابن دقيق العيد أن إطباق جمهور الأمة أوكلهم على كتابيهما يستلزم إطباقهم أو أكثرهم على تعديل الرواة المحتج بهم فيهما إجتماعا وانفرادا قال مع أنه وجد فيه من تكلم فيه
    ولكن كان الحافظ أبو الحسن بن المفضل شيخ شيوخنا يقول فيهم إنهم جازوا القنطرة يعني أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيهم
    قال التقي وهكذا نعتقد وبه نقول ولا نخرج عنه إلا ببيان شاف وحجة ظاهرة تزيد في غلبة الظن على ما قدمناه من استلزام الاتفاق .

    قال : ومن ذلك إخراج البخاري ومسلم لجامعة ما اطلعنا فيهم على جرح ولا توثيق فهو لا يحتج بهم لأن الشيخين احتجاجهم ولأن الدهماء أطبقت على تسميته الكتابين بالصحيحين .
    قال السخاوي : بل أفاد التقي ابن دقيق العيد أن إطباق جمهور الأمة أوكلهم على كتابيهما يستلزم إطباقهم أو أكثرهم على تعديل الرواة المحتج بهم فيهما إجتماعا وانفرادا قال مع أنه وجد فيه من تكلم فيه ....إلخ
    قلت : ومن راجع كلام ابن دقيق العيد رحمه الله في الاقتراح وجده قد توسع توسعا أكثر من ابن عبد البر فنقول فيه قولة ابن الصلاح في مذهب ابن عبد البر : وَفِيمَا قَالَهُ اتِّسَاعٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ . لما علم من دقة الشيخين وتخريجهما مما لم يتحقق عند من جاء بعدهما بالصورة التي كانت عندهما ، ومن المعلوم انتقاد العلماء لكثير من الأحاديث التي خرجها غير واحد ممن التزم الصحة في كتابه ، فقوله على إطلاقه محل نظر ، والله أعلم .
    ووما تجدر الإشارة به أن رواة الصحيحين لا يحتج بهم مطلقا عند المحدثين ، بل احتجاجهم مقيد عندهم بقيود معلومة ـ نعم قفزوا القنطرة ـ لكن ليس على إطلاقه ، والله أعلم ـ بدليل ما قاله ابن حجر في مقدمة الفتح ـ هدي الساري ـ في ترجمة ابن أبي أويس حيث قال :

    إسماعيل بن أبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي بن أخت مالك بن أنس احتج به الشيخان إلا أنهما لم يكثرا من تخريج حديثه ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري وروى له الباقون سوى النسائي فإنه أطلق القول بضعفه وروى عن سلمة بن شبيب ما يوجب طرح روايته واختلف فيه قول بن معين فقال مرة لا بأس به وقال مرة ضعيف وقال مرة كان يسرق الحديث هو وأبوه وقال أبو حاتم محله الصدق وكان مغفلا وقال أحمد بن حنبل لا بأس به وقال الدارقطني لا أختاره في الصحيح قلت وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله وأذن له أن ينتقي منها وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به ويعرض عما سواه وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه لأنه كتب من أصوله وعلى هذا لا يحتج بشئ من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره إلا أن شاركه فيه غيره فيعتبر فيه .أهـ
    هذا أمر وأمر آخر هو : أ، سبب ذهاب المتأخرين لمذهب ابن عبد البر ، عائد إلى اختلاف الحال بين زمن الرواية الأول ، وبين ما آلت إليه الرواية في العصور المتأخرة من الإقراء وضبط الكتاب والإبقاء على سلسلة حدثنا وأخبرنا ، ونحو ذلك ، ومما يدل على ذلك قول المزي المتقدم : هو في زماننا مرضي بل ربما يتعين . وعلى هذا يتضح أنه لا خلاف بين ما ذهب إليه كثير من المتأخرين وبين مذهب الجمهور في الاستفاضة ، والله أعلم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: مذهب ابن عبد البر في ثبوت عدالة الراوي

    من له المزيد حول هذا الموضوع للإثراء والفائدة ، بورك فيكم .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: مذهب ابن عبد البر في ثبوت عدالة الراوي

    بارك الله فيك شيخنا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: مذهب ابن عبد البر في ثبوت عدالة الراوي

    وفيك بارك الله .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: مذهب ابن عبد البر في ثبوت عدالة الراوي

    للمشاركة ، بارك الله فيكم .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: مذهب ابن عبد البر في ثبوت عدالة الراوي

    وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث 1 / 283 بعد نقله لكلام ابن الصلاح المتقدم ذكره آنفا عن ابن عبد البر:
    قلت : لو صح ما ذكره من الحديث لكان ما ذهب إليه قويا ، ولكن في صحته نظر قوي ، والأغلب عدم صحته ، والله أعلم .أهـ
    قلت : وقد أعله غير واحد من أهل العلم كابن عدي في الكامل ، والعقيلي في الضعفاء ، وقواه آخرون كالعلائي في بغية الملتمس ، وكذا الألباني .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: مذهب ابن عبد البر في ثبوت عدالة الراوي

    ولو صح الحديث الذي استدل به ابن عبد البر لما كان فيه حجة ، إذا الحديث فيه الإخبار ، وهو بمعنى الإنشاء ، وجاء في رواية :
    " ليحمل هذا العلم .."
    أي : ينبغي أن يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، فكأنه للإرشاد .والله أعلم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •