.......
الأخت الفاضلة العاصمية ..
لقد كان الصحابة رضى الله عنهم يجتمعون فى اجتهادهم ويتوقفون توقفاً شديداً ويقيسون الأمور بأمثالها قبل إصدار أى حكم فيما يعرض عليهم من مسائل أو وقائع لانص فيها .
وسار على هديهم التابعين وتابعى التابعين .

ومن بعدهم نهج نهجهم الطبقات المختلفة من المجتهدين منهم : طبقة الحسن البصرى ومحمد بن سيرين وطبقة أيوب السختيانى وقتادة وحفص بن سليمان وطبقة حماد وسليمان
والثورى والأوزاعى والليث بن
سعد .. ثم جاءت طبقة الأئمة الأربعة وقاموا بتدوين اجتهادهم .
كانوا يبذلون كل مافى وسعهم فى طلب العلم والبحث والفحص لإدراك الحكم الشرعى عن طريق الإستنباط من الكتاب أوالسنة .
.....

فهناك أمور مسلمات لايجوز الإجتهاد فيها وهى .. كل ماكان قطعى الثبوت وقطعى الدلالة .. فمثل هذه الأمور محسومة مقطوع بها .. لايجوز الحوار أو الجدل بشأنها .. مثل :
الإيمان
بوحدانية الله . والإيمان بأن القرآن الكريم هو كلام الله . والإيمان بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم . والأمر بالصلاة والزكاة وحج بيت الله .....
.....

وهناك أمور يجوز تأويلها والإجتهاد فيها وهى .. التى ورد حكمها حكماً ظنياً وليس قطعياً مثل : قوله تعالى : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ } .
فالمسح على الرأس من أركان الوضوء وهو أمر لا اجتهاد فيه لأنه قطعى الثبوت وقطعى الدلالة ..
أما مقدار المسح : هل هو
كل الرأس أم الربع أم البعض .. فهذا هو محل الإجتهاد .
.

ومثل قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ }
فحجاب المرأة فى ستر جسدها أمر محسوم لأنه قطعى الدلالة والثبوت ..
أما مسألة كشف الوجه : فالدلالة
فيه ظنية وليست قطعية .. ولذا تكون محلاً للتأويل والإجتهاد .
.....

وكذلك الآيات التى ورد اللفظ فيها محتملاً لأكثر من معنى مثل : قوله تعالى : { وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍۚ }
فلفظ " القرء " يأتى فى اللغة بمعنى : الحيض . ويأتى أيضاً بمعنى : الطهر . . فهل المطلقة تتربص فى عدتها ثلاث حيضات أم ثلاثة أطهار .
وهذا يختلف عن ذاك فى الحكم بالزيادة أو النقصان .
فهذا يكون أيضاً محلاً للتأويل والإجتهاد .
.......