المقصود هو كيفية التعامل مع هذه المسافة الشاسعة ، لذلك قلت: متى سنقطعها لا متى سنلغيها ، وفي الحق علماء الأمة لنا هو من باب العلم الذي ينتفع به الوارد في الحديث ، لهم أجره ولنا الانتفاع إن شاء الله ، ولكن الأنفاس تنقطع في الاطلاع على ماذكرتم. ابن رشد مثلاً ألف "الضروري في أصول الفقه" ، في إشارة إلى مايحتاج إليه المرء من هذا العلم ، وكذلك الصنعاني ألف رسالة في ما يُحتاج إليه من أصول الفقه ، ومنهج المتكلمين الذي يسمى منهج الشافعية في الأصول منهج مطول دخل فيه من المباحث مالا يحتاج إليه في الغالب ، فهذا الحس عند الأوائل بأن هناك مالا يستغني عنه العالم هو الذي ينبغي عدم تجاوزه إلا بقدر ما تدعو إليه الحاجة ، هكذا بالنسبة لسائر الفنون ، فالفقه عند الحنابلة مثلاً لا يلزم ضبط كتب المذهب كلها لأمور تعرفونها أولها التكرار ، ومعرفة أقوال الإمام منها ما هو حاضر ظاهر فتؤخذ وتحفظ ، ومنها ماهو على روايات في المسألة ، اكثرها مخرج لا مصرح به وبين بعضها تضارب ، فلا يُكلف المرء تمحيصها على وجه الإلزام وفي المشهور المعروف من الأقوال غنية فلا ينبغي أن تأخذ تلك من الوقت الذي ينبغي أن يصرف لحفظ الآيات و الأحاديث والتفقه فيها. وهناك وسائل تساعد على اختصار الزمن والجهد منها إدمان النظر في كتب شروح الحديث وكتب التفاسير. وهكذا في اللغة ، و علوم الحديث ، الخ.