نفثة مصدور
قال _ تعالى _: [وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (33) فصلت.
إن أعذب الناس لفظاً، وأحسنهم قولاً الذي يدعو إلى الله، وإلى دينه الحقِّ، وشريعته الحكيمة العادلة الكفيلة بسعادة الناس في دنياهم وأخراهم.
وكيف لا يكون أحسن الناس كلاماً وقد سلك مسلك الرسل في الدعوة، لقد جاء الرسول الأعظم بهذه الدعوة الشاملة، فكانت مصدر خير ومطلع حكمة، وقد أيدها الله _ تعالى _ بما يضعها في النفوس موضع القبول، ويجعلها قريبة من متناول العقول.
فهي دعوة الحق، لقد اتجه إليها أقوام لا يؤمنون بأنها وحي سَمَاويّ، فاطلعوا على جملة من حقائقها، ووقفوا على جانب من أسرارها، فشهدوا لها بأنها محكمة الوضع، سامية الغاية، علية القدر.
وإن أعظم ما ترمي إليه هذه الدعوة الصادقة وهو هدفها الأسمى: الدعوة إلى التوحيد و إصلاح العقائد.
فبينما العالم يتخبط في جهل وغواية فإذا بنور التوحيد يلوح في السماء، وتنبعث أشعته في اليمين واليسار، حتى أخذت بلاد الدنيا من أطرافها، وضربت في أقاصي الشرق والغرب، لينقلب الجهل إلى علم، والغواية إلى هدى.
عندما سادت ثقافة عصور التخلُّف، أصبح التوحيدُ وهو الرُّكن الرَّكين وقطْب الرَّحى في العقيدة الإسلامية أقربَ إلى مباحثَ لاهوتيَّةٍ، ومسائلَ كلاميَّةٍ، لا تبعث على الحركة والإيجابيَّة؛ لهذا يجب الرجوع إلى المعنى الأصيل للتَّوحيد، وهو معنًى حيٌّ لِخدمة المسلم في تعبُّده لله، وخِدمة الإسلام، وإصْلاح الآفاق والأنفُس، بأحكامِه وآدابِه، وإذا ما تَجاوزْنا التعقيداتِ الكلاميَّةَ، واستقَيْنا المفاهيمَ من القُرآن والسنَّة؛ فإنَّ التَّوحيد يبدو لنا حركةً إيجابيَّة، تربطُ المسلم بربِّه وبِغيره من النَّاس، وكذلك بالكون.
قال تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ] الأنبياء: 25.
فإذا صلحت هذه العلاقة وتمتَّنتْ، أثْمرت الحرِّيَّة في أبْهى صُورِها، ذلك أنَّ مَن رضي بالله ربًّا، وفهم معنى "لا إله إلا الله" تحرَّر مِن جَميع قِيَم الأرض وقيودِها، وغدا خاضعًا لله وحدَه، محبًّا له، غيرَ مبال بأسباب الرَّغبة والرهبة؛ إلا ما كان في الله ومنْه سبحانه وتعالى.
التوحيد الخالص هو الذي يرفع نفوس معتقديه ويخلصها من رق الأغيار ويفك إرادتهم من أسر الرؤساء الروحانيين كما يسمون، وشيوخ الطرق الباطلة والدجل، والضلال والتعلقات بالأحياء والأموات، ويخلصها كذلك من إله المادة والتعلق بالطواغيت الماديين وكل مخلوق، فيطلق عزائمهم من قيود العبودية لغير الله والتعليقات بالأحياء والأموات، فيكون المؤمن مع الناس حرا عزيزا كريما، ومع الله عبدا خاضعا ذليلا خائفا، فهذا الذي يجب على العبد أن يعتني به أشد الاعتناء، ويحذر أشد الحذر أن ينحرف عنه؛ لأن الانحراف عنه هو الهلاك المحتم والخسران الأكبر والخلود في جهنم.
إن أول وأعظم الواجبات الشرعية المنوطة بنا هي الاهتمام بالتوحيد وذلك وَفق عقيدة "أهل السنة والجماعة" من السلف الصالح والتابعين لهم بإحسان؛ ذلك أن الإنسان بدون توحيد صحيح يحيا به، لا شأن له ولا قيمة عند الله تعالى؛ لأن التوحيد هو حياة الإنسان ورُوحه، وهو الصلة الوثيقة بينه وبين خالقه تعالى، فإذا انقطعتْ هذه الصِّلة، فقَد الإنسان رُوحه الإيمانية، وتخبَّط في الحياة، لا يعرف له طريقًا، ولا إلى الحق سبيلاً.
والمجتمع الذي لا يسُوده التوحيد الصحيح هو مجتمع ضالٌّ، ويفقد كل مقومات الحياة السعيدة، وإن كان يملِك الكثير من مقومات الحياة المادية، التي كثيرًا ما تقوده إلى الدمار، كما هو مشاهَد في المجتمعات الضالة؛ لأن هذه المقومات المادية تحتاج إلى توجيه رشيد للاستفادة من خصائصها ومنافعها، ولا موجِّه لها سوى التوحيد الصحيح.
ومع تطور وسائل العلم و التقنية الحديثة نشأت الثورة الإلكترونية فما أحوجنا لتسخيرها لخدمة الدين الحق، ولاشك أن أعظم ما تسخر له؛ لتكون أوفى ميزانا وأكثر خدمة استقصاء التوحيد.نفثة مصدور
قال _ تعالى _: [وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (33) فصلت.
إن أعذب الناس لفظاً، وأحسنهم قولاً الذي يدعو إلى الله، وإلى دينه الحقِّ، وشريعته الحكيمة العادلة الكفيلة بسعادة الناس في دنياهم وأخراهم.
وكيف لا يكون أحسن الناس كلاماً وقد سلك مسلك الرسل في الدعوة، لقد جاء الرسول الأعظم بهذه الدعوة الشاملة، فكانت مصدر خير ومطلع حكمة، وقد أيدها الله _ تعالى _ بما يضعها في النفوس موضع القبول، ويجعلها قريبة من متناول العقول.
فهي دعوة الحق، لقد اتجه إليها أقوام لا يؤمنون بأنها وحي سَمَاويّ، فاطلعوا على جملة من حقائقها، ووقفوا على جانب من أسرارها، فشهدوا لها بأنها محكمة الوضع، سامية الغاية، علية القدر.
وإن أعظم ما ترمي إليه هذه الدعوة الصادقة وهو هدفها الأسمى: الدعوة إلى التوحيد و إصلاح العقائد.
فبينما العالم يتخبط في جهل وغواية فإذا بنور التوحيد يلوح في السماء، وتنبعث أشعته في اليمين واليسار، حتى أخذت بلاد الدنيا من أطرافها، وضربت في أقاصي الشرق والغرب، لينقلب الجهل إلى علم، والغواية إلى هدى.
عندما سادت ثقافة عصور التخلُّف، أصبح التوحيدُ وهو الرُّكن الرَّكين وقطْب الرَّحى في العقيدة الإسلامية أقربَ إلى مباحثَ لاهوتيَّةٍ، ومسائلَ كلاميَّةٍ، لا تبعث على الحركة والإيجابيَّة؛ لهذا يجب الرجوع إلى المعنى الأصيل للتَّوحيد، وهو معنًى حيٌّ لِخدمة المسلم في تعبُّده لله، وخِدمة الإسلام، وإصْلاح الآفاق والأنفُس، بأحكامِه وآدابِه، وإذا ما تَجاوزْنا التعقيداتِ الكلاميَّةَ، واستقَيْنا المفاهيمَ من القُرآن والسنَّة؛ فإنَّ التَّوحيد يبدو لنا حركةً إيجابيَّة، تربطُ المسلم بربِّه وبِغيره من النَّاس، وكذلك بالكون.
قال تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ] الأنبياء: 25.
فإذا صلحت هذه العلاقة وتمتَّنتْ، أثْمرت الحرِّيَّة في أبْهى صُورِها، ذلك أنَّ مَن رضي بالله ربًّا، وفهم معنى "لا إله إلا الله" تحرَّر مِن جَميع قِيَم الأرض وقيودِها، وغدا خاضعًا لله وحدَه، محبًّا له، غيرَ مبال بأسباب الرَّغبة والرهبة؛ إلا ما كان في الله ومنْه سبحانه وتعالى.
التوحيد الخالص هو الذي يرفع نفوس معتقديه ويخلصها من رق الأغيار ويفك إرادتهم من أسر الرؤساء الروحانيين كما يسمون، وشيوخ الطرق الباطلة والدجل، والضلال والتعلقات بالأحياء والأموات، ويخلصها كذلك من إله المادة والتعلق بالطواغيت الماديين وكل مخلوق، فيطلق عزائمهم من قيود العبودية لغير الله والتعليقات بالأحياء والأموات، فيكون المؤمن مع الناس حرا عزيزا كريما، ومع الله عبدا خاضعا ذليلا خائفا، فهذا الذي يجب على العبد أن يعتني به أشد الاعتناء، ويحذر أشد الحذر أن ينحرف عنه؛ لأن الانحراف عنه هو الهلاك المحتم والخسران الأكبر والخلود في جهنم.
إن أول وأعظم الواجبات الشرعية المنوطة بنا هي الاهتمام بالتوحيد وذلك وَفق عقيدة "أهل السنة والجماعة" من السلف الصالح والتابعين لهم بإحسان؛ ذلك أن الإنسان بدون توحيد صحيح يحيا به، لا شأن له ولا قيمة عند الله تعالى؛ لأن التوحيد هو حياة الإنسان ورُوحه، وهو الصلة الوثيقة بينه وبين خالقه تعالى، فإذا انقطعتْ هذه الصِّلة، فقَد الإنسان رُوحه الإيمانية، وتخبَّط في الحياة، لا يعرف له طريقًا، ولا إلى الحق سبيلاً.
والمجتمع الذي لا يسُوده التوحيد الصحيح هو مجتمع ضالٌّ، ويفقد كل مقومات الحياة السعيدة، وإن كان يملِك الكثير من مقومات الحياة المادية، التي كثيرًا ما تقوده إلى الدمار، كما هو مشاهَد في المجتمعات الضالة؛ لأن هذه المقومات المادية تحتاج إلى توجيه رشيد للاستفادة من خصائصها ومنافعها، ولا موجِّه لها سوى التوحيد الصحيح.
ومع تطور وسائل العلم و التقنية الحديثة نشأت الثورة الإلكترونية فما أحوجنا لتسخيرها لخدمة الدين الحق، ولاشك أن أعظم ما تسخر له؛ لتكون أوفى ميزانا وأكثر خدمة استقصاء التوحيد.