قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه :

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ:
" لَمَّا كَانَ زَمَنُ الحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى المَوْتِ، فَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .


وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح :

قَوْله : ( لَمَّا كَانَ زَمَن الْحَرَّة )
أَيْ الْوَقْعَة الَّتِي كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة سَنَة ثَلَاث وَسِتِّينَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَان ذَلِكَ فِي مَوْضِعه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .
قَوْله : ( إِنَّ اِبْن حَنْظَلَة )
أَيْ عَبْد اللَّه بْن حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر الَّذِي يُعْرَف أَبُوهُ بِغَسِيلِ الْمَلَائِكَة ، وَالسَّبَب فِي تَلْقِيبه بِذَلِكَ أَنَّهُ قُتِلَ بِأُحُدِ وَهُوَ جُنُب فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَة ، وَعَلَقَتْ اِمْرَأَته تِلْكَ اللَّيْلَة بِابْنِهِ عَبْد الله بْن حَنْظَلَة ، فَمَاتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ سَبْع سِنِينَ وَقَدْ حَفِظَ عَنْهُ ، وَأَتَى الْكَرْمَانِي بِأُعْجُوبَةٍ فَقَالَ : اِبْن حَنْظَلَة هُوَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذ الْبَيْعَة لِيَزِيدَ بْن مُعَاوِيَة ، وَالْمُرَاد بِهِ نَفْس يَزِيد لِأَنَّ جَدّه أَبَا سُفْيَان كَانَ يُكَنَّى أَيْضًا أَبَا حَنْظَلَة فَيَكُون التَّقْدِير أَنَّ اِبْن أَبِي حَنْظَلَة ، ثُمَّ حُذِفَ لَفْظ أَبِي تَخْفِيفًا أَوْ يَكُون نُسِبَ إِلَى عَمّه حَنْظَلَة بْن أَبِي سُفْيَان اِسْتِخْفَافًا وَاسْتِهْجَانًا وَاسْتِبْشَاعًا بِهَذِهِ الْكَلِمَة الْمُرَّة اِنْتَهَى . وَلَقَدْ أَطَالَ رَحِمَهُ اللَّه فِي غَيْر طَائِل ، وَأَتَى بِغَيْرِ الصَّوَاب . وَلَوْ رَاجَعَ مَوْضِعًا آخَر مِنْ الْبُخَارِيّ لِهَذَا الْحَدِيث بِعَيْنِهِ لَرَأَى فِيهِ مَا نَصُّهُ " لَمَّا كَانَ يَوْم الْحَرَّة وَالنَّاس يُبَايِعُونَ لِعَبْدِ اللَّه بْن حَنْظَلَة ، فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن زَيْد : عَلَام يُبَايِع حَنْظَلَة النَّاس ؟ " الْحَدِيث . وَهَذَا الْمَوْضِع فِي أَثْنَاء غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة مِنْ كِتَاب الْمَغَازِي ، فَهَذَا يَرُدّ اِحْتِمَاله الثَّانِي ، وَأَمَّا اِحْتِمَاله الْأَوَّل فَيَرُدّهُ اِتِّفَاق أَهْل النَّقْل عَلَى أَنَّ الْأَمِير الَّذِي كَانَ مِنْ قِبَلِ يَزِيد بْن مُعَارِيَة اِسْمه مُسْلِم بْن عُقْبَة لَا عَبْد اللَّه بْن حَنْظَلَة ، وَأَنَّ اِبْن حَنْظَلَة كَانَ الْأَمِير عَلَى الْأَنْصَار ، وَأَنَّ عَبْد اللَّه بْن مُطِيع كَانَ الْأَمِير عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَأَنَّهُمَا قُتِلَا جَمِيعًا فِي تِلْكَ الْوَقْعَة . وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان .