يقول الشاطبي رحمه الله " إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة، فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان ولا حكايات الأحوال ."
فالقاعدة الكلية لابد وأن تكون قطعية، لأن الحديث عن الأصول الكلية قطعية ، بخلاف الأعيان أو القضايا الجزئية فهي مظنونة أو متوهمة، والمظنون لا يعارض القطعي .
الأمر الثاني : استناد القواعد الكلية الى الأدلة القطعية يجعلها غير محتملة، والجزئيات أو القضايا الأعيان محتملة وذلك لعدم انضباطها أولإمكان كونها على غير ظاهرها أو مستثناة من الأصل، وحالتئذ القاعدة تبطل تلك الجزئية التي اتصفت بهذا الشأن .
الأمر الثالث : القضايا العينية تبقى جزئية والقواعد لا تخلو من كونها مطردة كلية، فالأخير لا تنتقض بالأولى، فأحكام الكليات تبقى جارية في الجزئيات وإن لم يظهر فيها معنى الكليات على الخصوص .
الأمر الرابع : وهو دليل قوي بطريق الحصر والتقسيم ومفاده أن القاعدة الكلية اذا عارضتها الجزئية لا يخلو الأمر من أربع حالات :
1 اما يعملا معا .
2 اما يهملا معا .
3 اما يعمل بالجزئية دون الكلية .
4 وإما يعمل بالكلية وتهمل الجزئية .
فأما الأولى والثانية فباطل ، لأن إهمالهما أو توقف فيهما فرع عن تعارضهما مع عدم الترجيح لأحدهما وهذا باطل لأنه لا معارضة إلا عند التساوي فقط وهذا غير متحقق .
وأما الثاث فهو إعمال الفرع وترجيحه على اصله وهو خلاف القاعدة .
فيبقى وجه الأخير وهو إعمال الكلي على الجزئي وهو المطلوب .