تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: حديث أهل السفينة .

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي حديث أهل السفينة .

    عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: بلغنا مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي، أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم - إما قال: بضع، وإما قال: - في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلاً من قومي، فركبنا سفينةً، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدِمنا جميعًا، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، وكان أناس من الناس يقولون لنا - يعني لأهل السفينة -: سبقناكم بالهجرة، ودخلت أسماء بنت عميس، وهي ممن قدم معنا، على حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زائرةً، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟
    قالت: أسماء بنت عميس، قال عمر: الحبشية هذه، البحرية هذه، قالت أسماء: نعم، قال: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منكم، فغضبت وقالت: كلاَّ والله، كنتم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله، وفي رسوله - صلى الله عليه وسلم - وايم الله، لا أطعم طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتى أذكر ما قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن كنا نُؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأسأله، والله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد عليه، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: يا نبي الله، إن عمر قال كذا وكذا، قال: ((فما قلت له؟))، قالت: قلت له كذا وكذا، قال: ((ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان))، قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالاً، يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم.

    قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني
    [59].

    قلت ( أبو البراء ) : الهجرة إلى الحبشة كانت مرتين، ذكر أهل السير أن الأولى كانت في شهر رجب من سنة خمس من المبعث، وأن أول من هاجر منهم أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، وقيل: وامرأتان، وقيل: كانوا اثني عشر رجلاً، وقيل: عشرة، وكان السبب في هجرتهم إلى الحبشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه لما رأى المشركين يؤذونهم، ولا يستطيع أن يكفهم عنهم: ((إن بالحبشة ملكًا لا يظلم عنده أحد، فلو خرجتم إليه حتى يجعل الله لكم فرجًا، فكان أول من خرج منهم عثمان بن عفان، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم)).

    فأما الرجال فهم: عثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وأبو حذيفة بن عتبة، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة بن عبدالأسود، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة، وسهيل بن بيضاء، وأبو سبرة بن أبي رهم العامري، ويقال بدله حاطب بن عمرو العامري، فهؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى الحبشة.

    وأما النسوة فهنَّ: رقية بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهلة بنت سهل امرأة أبي حذيفة، وأم سلمة بنت أبي أمية، امرأة أبي سلمة، وليلى بنت أبي حثمة، امرأة عامر بن ربيعة.
    وذكر أهل السير أن المسلمين بلغهم - وهم بأرض الحبشة - أن أهل مكة أسلموا، فرجع ناس، منهم: عثمان بن مظعون إلى مكة، فلم يجدوا ما أخبروا به من ذلك صحيحًا، فرجعوا، وسار معهم جماعة إلى الحبشة، فكانت الهجرة الثانية
    [60].
    أما أبو موسى الأشعري ومن معه، فكانوا يقصدون الهجرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، فركبوا السفينة، فهاجت بهم الريح، فألقت بهم إلى الحبشة؛ كما هو مذكور في الحديث.

    وهذا الحديث مشتمل على عدة فوائد نذكر منها:

    • فيه منقبة لأهل السفينة واضحة؛ وذلك من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان)).

    • فيه منقبة خاصة لأسماء بنت عميس
    [61] - رضي الله عنها - ومدى حرصها على تحصيل الأجر والثواب؛ وذلك من قولها لعمر عندما قال لها: فنحن أحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منكم، فغضبت وقالت: كلاَّ والله، كنتم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسوله - صلى الله عليه وسلم - وايم الله، لا أطعم طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتى أذكر ما قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن كنا نؤذى ونخاف.

    • الفرح بنعمة الله، والتحدث بها؛ وذلك من قول عمر بن الخطاب لأسماء بنت عميس: سبقناكم بالهجرة، ومن قول أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالاً، يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك نظير قوله تعالى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس : 58].

    • التنافس على الخير؛ وذلك واضح من موقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع أسماء بنت عميس - رضي الله عنها.

    • أن النية الصالحة ترفع من ثواب الأعمال؛ لأن أهل السفينة كُتب لهم بنيَّتهم الصالحة هجرتان: هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة.

    • أن الابتلاء والامتحان لا بد للتمكين، وهذا ظاهر؛ حيث هاجروا وتركوا أولادهم وأوطانهم، كل هذا لماذا؟
    قالت أسماء : وذلك في الله وفي رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن قولها: ونحن كنا نُؤذَى ونخاف.

    • اعلم أن الجزاء من جنس العمل، لما تركوا لله ولرسوله رزقهم الله من حيث لم يحتسبوا؛ ففي رواية عند البخاري: "حتى قدمنا جميعًا، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، أو قال فأعطانا منها، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا، إلا لمن شهِد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم.

    • حرص الصحابة - رضي الله عنهم -على أخْذ العلم من مصدره؛ كما في قول أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالاً، يسألوني عن هذا الحديث، وفي قولها: لقد رأيت أبا موسى، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني.

    • أخيرًا: لطيفة للنساء : ماذا قال عمر - رضي الله عنه - عندما رأى أسماء بنت عميس عند ابنته حفصة؟ قال: من هذه؟ هل يا ترى لماذا لم يعرفها عمر؟!

    [59] (متفق عليه)؛ البخاري (4230)، كتاب: المغازي، باب: هجرة الحبشة، ومسلم (2503)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عُميس، وأهل سفينتهم - رضي الله عنهم.
    [60] انظر: فتح الباري (7/ 266 - 267).
    [61]
    هي أسماء بنت عُميس بن معبد بن الحارث الخثعمية أم عبدالله، من المهاجرات الأول، قيل: أسلمت قبل دخول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة، وبايعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كانت تحت جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهاجرَتْ معه إلى أرض الحبشة، ثم هاجرَتْ معه إلى المدينة سنة سبعٍ، ثم استشهد يوم مُؤْتة، فتزوَّجها أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ثم مات عنها، فغسَّلته، ثم تزوَّجها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه. ولَدت لجعفر: عبدَالله، ومحمدًا، وعونًا، وولدت لأبي بكر: محمدًا وقت الإحرام، فأمرها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن تغتسل وتَسْتَثْفِر وتُحْرِم، وولدت لعليٍّ: يحيى، وهي أخت ميمونة، وأمِّ الفضل امرأة العباس، وأخت أخواتِهن لأمهن، وكنَّ عشْرَ أخوات لأم، وقيل: تسع، وكانت أسماء أكرم الناس أصهارًا، فمِن أصهارِها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحمزة، والعبَّاس، وغيرهم؛ انظر: تهذيب الأسماء واللغات؛ للنووي، (2/330)، وسير أعلام النبلاء؛ للذهبي (2/ 282).

    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/46612/#ixzz2FgyUdVal
    [/LEFT]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    هكذا كان تنافسهم رضي الله عنهم
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •