بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير من أرسل للعالمين .. وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله القائل



تأمل هذا الحديث جيداً

لما صالح أهل البحرين رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عليهم العلاء بن الحضرمي ، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافت صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما صلى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، وقال: ( أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء ). قالوا: أجل يا رسول الله، قال: ( فابشروا وأملوا ما يسركم ، فو الله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم ) رواه البخاري






تفضل هنا



قال صلى الله عليه وسلم ( لو أنكم تتوكلون علــى الله حــق توكلــه ، لرزقكــم كمــا يرزق الطير ، تغدو خماصاً وتروح بطاناً ) رواه الترمذي
خماصاً .. أي ضامرة من الجوع
بطاناً .. أي شبعا



وعـن أبي هريرة رضــي الله عنــه ، أن فقـراء المهـاجرين أتوا رسـول الله صلى الله عليه وسلـم ، فقالوا .. ذهب أهل الدثور بالدرجات العلـى ، والنعيم المقيم ، يصـلـون كما نصلـي ، ويصـومون كما نصوم ، ولهــم فضــل من أمــوال يحجــون ، ويعتمــرون ، ويجاهدون ويتصــدقون . فقــال : ( ألا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم ، وتسبقون به من بعدكم ، ولا يكـون أحد أفضـل منكــم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ قالوا .. بلى يا رسول الله ، قال .. تُسبحون ، وتحمدون ، وتكبــرون ، خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ), قــال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة ، لمــا سئــل عن كيفيــة ذكرهن قال .. يقول .. سبحان الله والحمد لله والله أكبر ، حتى يكون منهن كلهن ثلاثاً وثلاثين ) متفق عليه وزاد مسلم في روايته .. ( فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالوا .. سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) .



هكذا هم الأفذاذ ..
لم ينافسوا من أجل الدنيـا
وجمع الأمـوال والتكـاثـر
بالأولاد.. بل همهم الوحيد
إرضاء رب العباد ..

ونظرة إلى هؤلاء الأغنياء
لم تلههم الدنيا .. ولا كثـرة
الأموال والأولاد عن عبادة
الواحد الديان ...

أين من تزاحموا في البنوك عند


( الأسهم )

حتى أنك ترى كثير منهم
لا يتحرز من بعض الأسهم
المشبوهة والعياذ بالله

كُن منافس للأعمال الصالحات
حتى تبقى لك بعد الممات
أين أغنياء هذا الزمان ..


عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( لا حسد إلا في اثنتين ..رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به أناء الليل وأناء النهار ، ورجل أتاه الله مالاً فهو ينفقه أناء الليل وأناء النهار ) .. متفق عليه .

نحــن فــي زمـن قــل أن تجـد فيـه الفقيـر
وهذا فضـل من الله فالحمد لله والشكر لــه
ولو أخرج الأغنياء جميعـهم زكاة أموالهم
وتصـدق المقتــدر ونظــر الجــار لجــارة
لما وجدة أحد مديون أو به فاقه ولكن حب
الدنيا ألهانا عن القيام بواجبنـا حتــى مــع
أرحــامنـــا .. فلا حـول ولا قـوة إلا بالله



ولو توكلنا على الله حق التوكل .. لزقنا من حيث لا نحتسب عن عمر رضي الله عنه قال .. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( لو أنكم تتوكلون علــى الله حــق توكلــه ، لرزقكــم كمــا يرزق الطير ، تغدو خماصاً وتروح بطاناً ) رواه الترمذي .

فلا إله إلا الله ..
ولسنا أفضل من محمد بن عبد الله عليه الصلاة والســــلام ولا أبو بكر وعمر رضي الله عنهم فقد خرجوا من بيوتهم وما أخرجهم إلا الجوع ولما تقابلوا مع خير البشر بأبي هو وأمي وذهبوا إلى بيت الأنصاري وقدم لهم الرطب والبسر والتمر وذبح لهم الشاة وأكلا وشربا قــال عليــه الصــلاة والســلام ( والذي نفسي بيده ، لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة ) رواه مسلم

اللهــــــم لك الحمـــــــد
كما ينبغي لعظيم وجهك



فحذر أخي صاحب المال أن تكون من أول الناس الذين تسعر بهــم النـــار يــوم القيــامــة .. فأخلص عمــك لله فقــد ورد بالحديث عــن أبــو هريرة رضــي الله عنـــه قــال حدثنــي رسول الله صلــى الله عليـه وسلم : إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة نزل إلى القيامة ليقضي بينهم وكل أمة جاثية ..حتى قال ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له .. ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قلى.. بلى يا رب ، قال فما عملت فيما أتيتك ؟ قال .. كنت أصل الرحم وأتصدق , فيقول الله له .. كذبت ، وتقول الملائكة كذبت ، ويقول الله .. بل أردت أن يقال فلان جواد .. فقد قيل ذلك ... فهذا أول من تسعر بهم النار يوم القيامة .

وتذكر جيدا قوله تعالى



أخرجه الترمذي في سننه ( ج5/ص560، رقم ( 3563 ) قال: ( حدثنا عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن أخبرنا يحيى بن حَسَّانَ حدثنا أبو مُعَاوِيَةَ عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سَيَّارٍ عن أبي وَائِلٍ عن عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فقال إني قد عَجَزْتُ عن كِتَابَتِي فَأَعِنِّي قال ألا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لو كان عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ ثبير دَيْنًا أَدَّاهُ الله عَنْكَ قال قُلْ اللهم اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عن حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ) قال أبو عِيسَى هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وأخرجه الحاكم وصححه وأحمد والبيهقي في الدعوات الكبير وغيرهم، وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (266) .




من أجمل ما قرأت
الانتكاسة بين الأمس واليوم
لعبد الرحيم بن سعيد الإسحاقي



انتكاسة الأمس كانت انتكاسة آحاد وكانت تراجع أفراد ، لا يكاد يشعر بها أحد إذ إن أولئك - في الغالب - كانوا يتسللون لواذًا من صفوف الصالحين، وكانوا يتخففون رويدًا رويدا من تبعات الاستقامة، وإذا أراد بعضهم الانتكاسة ( نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا ) .

وأما اليوم فالانتكاسة موضة جارفة وجاذبة وصرعة عصرية يتكالب عليها شباب الصحوة - إلا من رحم ربي - زرافات ووحدانا ، بل صارت قضية تدق لها الطبول ، وفرحة يشيّع صاحبها ويفتخر به .ويسوِّقها الإعلام ويحتفي بها ويباركها .. ويجاهر بها صاحبها ويعلنها على الملأ بلا خجل ولا وجل .

كنا بالأمس نرى قوافل العائدين ونسمع بركاب التائبين ولكن الصوت الإعلامي المأجور لم يكن يعبأ له بل كنا يخذل أصحابها، بينما نراه اليوم يعظم ويمجد فلول المنتكسين وشراذمة المرتكسين .

انتكاسة الأمس .. كانت انتكاسة يقر صاحبها بخطئه، ويعترف بزلة قدمه، ويسأل من يلومه الدعاء له بالهداية، ويطلب ممن ينكر عليه سؤال الله له التوبة، ولا تراه منكرا على من ينكر عليه أو مثربا على من يلومه بل تجده مستسلما مطرق الرأس يستمع النصح واللوم وتقرأ على صفحات وجهه الندم والتحسر والتأسف بل تراه يتوارى عن الأنظار ويتحاشى أن يلتقي بأصحاب الأمس .

وأما انتكاسة اليوم .. فهي انتكاسة مبررة يصر فيها صاحبها على خطئه ويتشبث بها تشبث الغريق بمنقذه، بل يرى انتكاسته صوابا لا مرية فيه ورجوعا إلى الحق وتغييرا إلى الأحسن ونضوجا فكريا ومرحلة مهمة وترجيحا بعد إعمال فكر، فتجده ينكر على من يلومه ويُخطّئ من ينصحه ويصادم بكل قوة من يثنيه عن طريقه ولسان حاله ( فلا ينازعنك في الأمر إنك لعلى هدى مستقيم) .

وتجد منتكس اليوم .. يتهم ناصحه بالإقصائية المجتمعية، وينبزهم بالديكتاتورية الفكرية، ويرميهم بادعاء الإلهية أو الحاكمية المطلقة أو العصمة النبوية، ويلمزهم بمصادرة الآراء وممارسة الوصاية على الأفكار ... وهكذا من كلام سامج صرنا نحفظه من كثرة ترداده منهم، وليته يكتفي بهذا بل تراه بكل وقاحة يهاجم المنهج الحق والطريق الذي كان يسير فيه ويهاجم هجمة شرسة ويشن حرب شعواء على القيم والمبادئ التي تنازل عنها ويصفه بأشنع الأوصاف فتراه يقول في انهزامية مقيتة وفسولة بغيضة : كنا نلقن أفكار خاطئة .. تبين لنا فساد ما كنا فيه .. كنا في غيبوبة فكرية .. كنا مؤدلجين .. وكنا تحت تأثير أيدلوجيات منظمة .. وهكذا من كلمات هزيلة ضحلة خاوية كاذبة خاطئة وصدق المثل العامي ( شين وقوي عين ) .

انتكاسة الأمس .. كانت لشهوة غالبة، ونزوة ملحة وجدت قلبا خاليا فتمكنت منه، ولحظة ضعف سقط فيها صاحبها، من تسويف نفس، أو تزيين شيطان، أو صحبة سوء، أو سهم من إبليس - أعني : نظرة محرمة - أصابت في مقتل ، أو مزمارة شيطان - أعني: الغناء - تمكنت من قلب صاحبها .

لقد كانت انتكاسة الأمس شهوة عارمة لم يطق صاحبها صبرا ثم أي شهوة كانت تلك بالأمس صورة صعبة المنال وخلوة على خوف وفحشاء على ترقب في مجتمع ينكر ومعصية تنزوي وممانعة لدى الناس .

وأما انتكاسة اليوم فجمعت مع الشهوة بلا خجل الشبهة بلا وجل، فسقط فئام في ضلالات فكرية بل دخلوا في مذاهب ضالة ، وأعادوا بدع المعتزلة والباطنية والاشاعرة وغيرهم جذعة، بل أعظم من ذلك إلحاد وزندقة وإنحلال . وانتكاسة اليوم منظمة ومقننة ، وتلقن تلقينا وفق مناهج مدروسة وخطط مبرمجة - نعم أؤمن بنظرية المؤامرة ولكنني بين تهوينها وتهويلها –

هذه انتكاسة اليوم طوفان عارم من الشبهات قبل الشهوات، وسيل هادر من الانحلال العقدي قبل الانحلال الخلقي، ودوامة جارفة والإضلال الفكري قبل الإضلال الجنسي، انتكاسة ليست في باب الأحكام بل في باب العقائد، انتكاسة ليس في ترك مأمور وفعل محظور بل في مقارعة المأمور والطعن فيه وصرفه عن ظاهرة، وتبرير المحظور ونزع مهابته . انتكاسة ليست في مخالفة النص بل لجعل النص مباركا لمخالفته ومقرا لها ودليل عليها .
وأخيرًا .. كان من دعائه صلى الله عليه وسلم ( اللهم يا وليّ الإسلام وأهله ، مسّكنا بالإسلام حتى نلقاكَ به )







اللهم ارزقنا العلم النافع والعمل الصالح ووفقنا لما تحب وترضى
اللهم أني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك



أخوكم ومحبكم في الله




طاب الخاطر
1/2/1434هـ