تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: عقبات في طريق الالتزام 1- (غض البصر) من كلام الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

  1. #1

    افتراضي عقبات في طريق الالتزام 1- (غض البصر) من كلام الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى سادتنا من آل بيته الطاهرين المطهرين وأئمتنا من صحابته الراضين المرضيين والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين :
    وبعد :
    فكثيراً ما يجد أحدنا في صدره حرجاً من مسائلَ تقف عائقاً أمام التزامه واستقامته , وتحمله الحرقة التي يجدها في صدره على البحث عن سبيل للخلاص , وما أبرئ نفسي فأنا أول أولئك,فالاستقام وإن كانت ظاهرة على علانياتنا إلا أنّا نصارع بواطننا صراعاً شديداً على اتحادها مع الظاهر في الخير وجعلها مجلبةً لثناء الله علينا في الملإ الأعلى كما كانت ظواهرنا سببا في ثناء أهل الأرض وثقتهم العمياء في أهل الاستقامة والالتزام , وهذا ما حمل بعض الذئاب على لبس جلود الضأن لاصطياد الفرائس باسم الدين وكان لهم ذلك ولا حول ولاقوة إلا بالله.
    وقد أحببت إيراد هذه العقبات على شكل حلقات أجعل كل واحدة منها عن مرض معينٍ يقف عائقا أمام الالتزام الحقيقي , وسأجعل التوجيه والعلاج من كلام فضيلة الوالد الشيخ العلاّمة محمد بن محمد المختار الشنقيطي -المدرس بالحرم النبوي الشريف- حفظه الله تعالى ,وهذه الأجوبة منه حفظه الله وإن كانت ارتجالاً وغير مُعَـدٍّ لها فقد كتبتها بنصها أسأل الله النفع بها لي وله ولقارئها وناشرها, ومن بين تلك الأمور التي تحمل على الهم والكدر ,مجاهدة الواحد منا نفسه على غض بصره عن المحارم , خصوصا في ساعة الخلوة - التي لا يرافقنا فيها إلا الملكان وكفى بهما زارجاً -لو كانت قلوبنا حيةً عامرة- نسأل الله ذلك - على جهاز الحاسب ,وعند التنقل بين القنوات ومشاهدة المجلات ووقوع البصرعلى النساء المتبرجات في الأسواق والطرقات وغير ذلك من المواطن التي لا يثبت فيها إلا من ثبته الله , زقد سئل شيخنا عن هذا الداء السؤال التالي :

    فضيلة الشيخ : كثيرا ما نقع في النظر الحرام لضعف شهوتنا عندنا فهل من نصيحة من فضيلتكم . وجزاكم الله خيرا ؟

    الجواب :

    الله المستعان ! من شغل نفسه بالحرام ؛ شغله ، ومن شغل نفسه بالحلال ؛ شغله الله عن الحرام ، ونسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يشغلنا بطاعته عن معصيته ، وبمحبته ومرضاته عما يسخطه ، وأن يكفينا بحلاله عن حرامه ، ويغنينا بفضله عمن سواه .
    أخي في الله ! إن الفتن من رتع فيها ؛ نال بلاءها ، وأصيب بدائها .
    الفتن إذا انشغل عنها الإنسان بذكر الله ووطّن نفسه وقلبه وقالبه بمرضاة الله؛ ثبته الله على طاعته ، ومحبته ومرضاته ؛ قال : (( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أُشربها نكت في قلبه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصبح على قلبين : على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض ، وعلى أسود مربادًّا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أُشرب من هواه )) .

    هذا الحديث الذي قاله من لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه تجده أمام عينيك ، من التفت إلى الفتن وخرج خاوي القلب من ذكر الله ، وخاوي القالب من طاعة الله ، وأخذ يتلفّت يمينا وشمالا، جاء باكيا ، خرج مفتونا ، ورجع مفتونا ، ولربما دخل إلى مسجده فلم يعرف كيف يصلي -والعياذ بالله -.
    (( على أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه )) : فهو إذا مرّ خارجا من بيته وخارجا من سوقه إلى مسجده وإلى عبادته وإلى أشرف شيء من طاعة الله –عز وجل- لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ، فتجده يلتفت يمينا ويلتفت شمالا ، وينظر إلى هذه وتلك ، ثم يصيح ويقول: إن الفتن أمرضتني ، وإني لا أستطيع أن أصلي في الحرم ؛ لأن الفتن مليئة عند الحرم ، وإنني وإنني ... ولكن إذا رزقه الله – عز وجل - استقامة القلب ؛ استقام قلبه واستقامت جوارحه ، من امتلأ قلبه بالخوف من الله عز وجل، ولسانه بذكر الله ؛ فأصبح ذكّارا شكّارا أواها مخبتا منيبا تجده يخرج من بيته إلى المسجد ما بين التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وقراءة القرآن وعمارة الوقت بشيء يرضي الله يحس أن هذه الدقائق هي رأس ماله من هذه الدنيا ، وأن هذه الدقيقة إذا ذهبت فلن تعود إليه أبداً ، ويحس أنه إذا ذكر الله أن الله يذكره ، وأنه إذا ذكر الله أن الله يثبّته ويحبّه ويعينه ويسدده .

    يا هذا ! لم خرجت من بيتك خاوي القلب من ذكر الله .

    يا هذا ! إن الشيطان لن يستطيع أن يطرق قلب عبد يقول : لا إله إلا الله .

    يا هذا ! انظر إلى حالك حينما أرسلت النظر ، ومتعت نفسك يمينا وشمالا ، ثم تصيح وتقول : الفتن! وطّن نفسك بطاعة الله .

    البعض تجده يقول : لا أستطيع أن أحبس نفسي عن الغيبة ، ولا أستطيع أن أحبس نفسي عن النميمة، لا أستطيع أن أحبس نفسي عن السب والشتم ؛ لأنه عوّد لسانه ، فلما جاءته الفتنة في غيبة الناس ، وسبهم ، وشتمهم ، واتباع عوراتهم ، وكشف سوءاتهم ، والجرح ، واللمز حتى للأخيار والصالحين يأتي يوم من الأيام لا يستطيع أن يكفّ لسانه عن سب المسلمين، فتصبح أسود مربادًّا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أُشرب من هواه .

    طالب العلم الإنسان الصالح الذي يحس أن هذه الحياة هي رأس ماله من هذه الدنيا ، وأنه كم من طريح على الفراش وهو سقيم مريض الله يمتّعه بالصحة والعافية ، وأن الله أعطاني نعمة البصر التي لو أطفئ نورها ما استطاع أطباء الدنيا أن يرجعوه إليه طرفة عين ولا أقل من ذلك ، لما يخرج من بيته وهو ذاكر لله بقلبه أنه في نعم الله لما يخرج من بيته لكي يصلي الصلاة ، فيتذكر أن وهو رب أسرة وقائم على أسرته فيتذكّر رب الأسرة الذي هو طريح الفراش، ويتذكّر رب الأسرة الذي شغله أبناؤه وبناته وأمواله عن أن يخرج إلى بيت الله ، إذا خرج بهذا القلب الذي هو معمور بنعمة الله – عز وجل - وبتوحيد الله وبذكر الله – عز وجل - هل يجد فراغاً لكي يلتفت إلى فتنة ، أو يلتفت إلى محنة ، كلا والله، ((على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض)) ، تريد العافية في بصرك كُف بصرك، والغريبة جرب هذا الأمر تمر يوما من الأيام خارجا من بيتك فتراقب بصرك فتشتغل بقراءة القرآن بذكر الله سبحانه وتعالى لا ترسل بصرك في حرمة ، فإذا وجدت الحرمة مباشرة تغض وتكره وتتألم وتقول: يا رب ، اغفر لي ذنبا بليت به بالنظر إلى هذه الحرمة ، فإذا مرت المرة الأولى ثم المرة الثانية ثم المرة الثالثة لن تأتي المرة الرابعة تمر عليك امرأة فتضرك بإذن الله – عز وجل - ؛ لأن هذا الباب أقُفلت عليك فتنته حتى تصبح على قلبين : على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض ، ما وجد الشيطان طريقا إلى مثل هذا ، الذي يخرج من بيته وهو يحس أن هذه الساعات والدقائق ينبغي أن تُعمر بذكر الله – عز وجل - وينشغل بذكر الله والتسبيح والتحميد والتكبير لن يجد فتنة تصرفه عن طاعة الله إن صدق مع الله ، وعليك أخي في الله أن تعيد النظر في أخلاقك وفي تصرفاتك ، هذه الفتن مرتع وخيم لمن تساهل فيها يجلس الرجل على القنوات -والعياذ بالله- ويقلب نظره في المحرمات ، يجلس يستمع الملهيات والمغريات ثم يصيح ويقول ما أستطيع .

    يأتي طالب علم ويقول : والله أريد أن أغض بصري عن الحرام وما أستطيع ، إذا أردت أن تعرف مكانك في هذه الفتنة فانظر كيف تدعو من يسمون بغير الملتزمين ، إذا جئت إلى شخص عاصٍ وقلت له : يا أخي ، جرب الالتزام والطاعة والاستقامة ترى فيها خيراً كثيراً ، قال لك: والله ما أستطيع ، تقول له : كيف ما تستطيع ، ونقول لك : يا هذا كيف ما تستطيع أنت أن تغض بصرك ، وكيف أنت ما تستطيع نفس الجواب ؛ السبب أنها أماني من الشيطان ، ثم هناك شعور في النفس يشعر الإنسان أنه إذا وقع في الفتنة مرة خلاص ما يمكن أن يتركها ، كذب وفجر إبليس ولُقم الحجر ، بل تقول : لي رب الذي خلق لي هذا البصر قادر أن يصرفه عن حرمات الله – عز وجل - ، وإذا استدمت ذكره وشكره وحرّمت هذا البصر عن محارم الله ليبوأنّك الله في الدنيا مبوّأ صدق ، وإذا بكت العين من خشية الله ، واستدامت النظر في كتاب الله وكتب العلم ، ودائما الإنسان ينظر إلى الفتنة متى إذا الفتنة شيء كبير فيا لله العجب من عبد يرتع في ذكر الله في جنة الدنيا قبل جنة الآخرة ثم يصرف بصره عن طاعة الله إلى محارم الله ! هل نقص عليك شيء وأنت في طاعة الله ؟!

    هل تحس أن هذا النظر للحرام وأنت خارج إلى مسجدك أو إلى أي طاعة من طاعة الله – عز وجل - بل حتى لو خرجت إلى السوق هل هذا النظر يكمل فيك ناقصا ؟! ويصلح فيك فسادا ويرفع منك ضعة ؟

    لا والله ، على العكس تماما ، الشعور بالنقص البعض إذا التزم بالخير يحس أن أهل الشهوات أنهم فوق ، والله لو علم أن أهل الشهوات يبكون بكاء الليل والنهار مهما تمتعوا فإن متعهم عذاب ، ومهما وجدوا من الملهيات والشهوات فإنها جحيم لا يطاق ، وإن الذي أنت فيه من نضارة وجهك ونور الإيمان في وجهك وفي قلبك يتمنّونه صباحاً ومساءاً فاحمد نعمة الله عليك ، ولا تزدري ما أعطاك الله تحس أن هؤلاء أن الله فضّلك عليهم تفضيلا عظيما ولا تشعر بالنقص .
    نسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
    اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمن سواك ، اللهم اغننا بفضلك عمن سواك، اللهم اجعل ما وهبت لنا من الأعمار ومن الليل والنهار في محبتك ومرضاتك وذكرك وشكرك والإنابة إليك، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ، يا مصرف القلوب صرّف قلوبنا في محبتك ، اللهم اجعلنا ممن اصطفيتهم واجتبيتهم وهديتهم إلى صراط مستقيم ، اللهم اجعلنا ممن استغنى بك فأغنيته ، واستكفى بك فكفيته ، واستعاذ بك فأعذته ، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اصرف أبصارنا ، وجوارحنا ، وظواهرنا وبواطننا عن الفتن ، وعن كل شيء لا يرضيك عنا ولا تتوفانا إلا وأنت عنا راض يا رب العالمين .
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد على آله وصحبه أجمعين

  2. #2

    افتراضي رد: عقبات في طريق الالتزام 1- (غض البصر) من كلام الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاك الله خير اخي ابوزيد الشنقيطي

    وكتب الله اجر شيخنا العلامة محمد الشنقيطي

    موضوع جميل مفيد اريد ان اعلق على كلام الشيخ ولكن غلبني من الفوائد الجمة

    استاذنك ان احفظه لدي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    19

    افتراضي رد: عقبات في طريق الالتزام 1- (غض البصر) من كلام الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاكم الله خيرا..
    قال الله تعالى :{وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن...}سورة النور
    ممن تغض المؤمنة بصرها؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    القاهرة - مصر (حرسها الله)
    المشاركات
    62

    افتراضي رد: عقبات في طريق الالتزام 1- (غض البصر) من كلام الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    والله المستعان وعليه التكلان

    اللهم ثبتنا على الطاعة والإخلاص
    قال سفيان الثوري ( الإسناد سلاح المؤمن )
    ملتقى أهل الإسناد المتخصص في علوم الحديث www.ahlalisnad.com/vb

  5. #5

    افتراضي رد: عقبات في طريق الالتزام 1- (غض البصر) من كلام الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيمه الشدي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا..
    قال الله تعالى :{وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن...}سورة النور
    ممن تغض المؤمنة بصرها؟
    قال ابن كثير رحمه الله:
    (فقوله تعالى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } أي عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا , واحتج كثير منهم بما رواه أبو داود والترمذي من حديث الزهري عن نبهان مولى أم سلمة أنه حدث أن أم سلمة حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت [ فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجبا منه فقلت يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوعمياوان أنتما ؟ أوألستما تبصرانه ] ثم قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وذهب آخرون من العلماء إلى جواز نظرهن إلى الأجانب بغير شهوة كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد وعائشة أم المؤمنين تنظر إليهم من ورائه وهو يسترها منهم حتى ملت ورجعت..)3/378

    وقال القرطبي رحمه الله ( فأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار عما لا يحل فلا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة ولا المرأة إلى الرجل فإن علاقتها به كعلاقته بها وقصدها منه كقصده منها وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :[ إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة فالعينان تزنيان وزناهما النظر ])12/200

    وقال ابن عاشور رحمه الله ( أردف أمر المؤمنين بأمر المؤمنات لأن الحكمة في الأمرين واحدة وتصريحا بما تقرر في أوامر الشريعة المخاطب بها الرجال من أنها تشمل النساء أيضا . ولكنه لما كان هذا الأمر قد يظن أنه خاص بالرجال لأنهم أكثر ارتكابا لضده وقع النص على هذا الشمول بأمر النساء بذلك أيضاً)
    وفي صحيح مسلم من حديث أبي سلمة أنه قال سألت فاطمة بنت قيس فأخبرتني أن زوجها المخزومي طلقها فأبى أن ينفق عليها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نفقة لك فانتقلي فاذهبي إلى ابن أم مكتوم فكوني عنده فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده )
    قال محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله:
    [ ش ( تضعين ثيابك عنده وفي الرواية الأخرى فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك ) هذه الرواية مفسرة للآولى ومعناه لا تخافين من رؤية رجل إليك وقد احتج بعض الناس بهذا على جواز نظر المرأة إلى الأجنبي بخلاف نظره إليها وهذا قول ضعيف بل الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم عليه النظر إليها لقوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } ولأن الفتنة مشتركة وكما يخاف الافتتان بها تخاف الافتتان به ويدل عليه من السنة حديث نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة أنها كانت هي وميمونة عند النبي صلى الله عليه وسلم قد خل ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم احتجبا منه فقالتا إنه أعمى لا يبصر فقال النبي صلى الله عليه وسلم أفعمياوان أنتما ؟ أليس تبصرانه ؟ وهذا الحديث حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وغيرهما قال الترمذي هو حديث حسن) انتــهى

    وقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله هذا السؤال :
    قرأت في كتاب الحلال والحرام في الإسلام للشيخ: أحمد عساف، ما يلي: نظر المرآة إلى ما ليس بعورة من الرجل، أي ما فوق السرة وتحت الركبة مباح، ما لم تصحبه شهوة أو تخف منه فتنة، واستدل بذلك على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة - رضي الله عنها - أن تنظر إلى الحبشة وهم يعلبون بحرابهم في المسجد النبوي، وظلت تنظر إليهم حتى سئمت هي فانصرفت، ويقول صاحب الكتاب: كذلك نظر الرجل إلى ما ليس بعورةٍ من المرأة، أي إلى وجهها وكفيها فهو مباح، ما لم تصحبه شهوة أو تخف منه فتنة، واستدل على ذلك بحديث عائشة - رضي الله عنها - حيث أخبرت أن أسماء دخلت على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في لباس رقيق يشف عن جسمها، فأعرض عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه). رواه أحمد ومسلم.. الخ.، وبعد ذلك قال صاحب الكتاب: [إن النظرة البريئة إلى غير عورة من الرجل أو المرأة حلال، ما لم تتخذ صفة التكرار، أو التحديق الذي يصحبه غالباً التلذذ، وخوف الفتنة]. السؤال: ما رأي سماحتكم في مثل هذا الكلام؟ أفيدونا أفادكم الله؟

    فأجاب بالتالي:

    أما قوله فيما يتعلق بنظر المرأة إلى الرجال من غير شهوة ومن غير تلذذ فيما فوق السرة ودون الركبة فهذا لا حرج فيه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة في النظر إلى الحبشة ، ولأن الناس مازالوا يخرجون إلى الأسواق الرجال والنساء ، وهكذا في المساجد تصلي المرأة مع الرجال وتنظر إليهم كل هذا لا حرج فيه إلا إذا كان نظراً خاصاً قد يفضي إلى فتنة أو تلذذ أو شهوة هذا هو الممنوع ، أما إذا كان نظراً عاماً من غير تلذذ ولا شهوة ولا قصد الفتنة ولا خشية الفتنة فلا حرج فيه لما علمت من جواز صلاة المرأة خلف الرجال في المساجد، وخروجها للأسواق لحاجتها ، ونظر عائشة للناس في المسجد وهم يلعبون من الحبشة في المسجد كل هذا من الدلائل على جواز النظر من المرأة للرجال من دون قصد شهوة ولا تلذذ ، وهذا مستثنى من قوله جل وعلا: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [(31) سورة النــور]. فالله قال: يغضضن من أبصارهن ما قال : يغضضن أبصارهن من فدل ذلك أن تغض منها، ولا تغضها كلها، لها النظر إلى طريقها إلى ما أمامها إلى الجماعة أمامها لتسمع ما يقال ولتعي ما يقال ولتنظر ما يفعله الإمام أو ما يفعله الناس حتى تقتدي بهن وتنظر أمامها في الأسواق ولو كان أمامها رجال كل هذا لا حرج فيه ، أما إذا كان النظر يفضي إلى الفتنة أو ما التلذذ أو مع تكرار النظر للرجل فهذا هو الذي يمنع منه ، أما نظر الرجل إلى المرأة فهذا لا يجوز ، بل الواجب عليه غض البصر لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن نظر الفجأة ، قال: (اصرف بصرك) . وفي اللفظ الآخر قال: (إن لك الأولى وليس لك الثانية). فدل ذلك إلى أن الرجل، لا ؛ لأن الخطر عليه أكبر ، ولأن شهوته أشد ، فالفتنة عليه بهذا النظر عظيمة ، فليس له أن يديم النظر ، وليس له أن يتابع النظر لو صادفها مكشوفة المرأة فعليه غض البصر وعليها أن تحتجب منه وليس لها أن تكشف وجهها ولا رأسها ولا بدنها ، بل عليها أن تستر نفسها وتحتجب ، وعليه أن يغض البصر ومتى صادفها فجأة في شارع أو في باب أو غير ذلك صرف بصره، هذا هو الواجب عليه عملاً بقوله - جل وعلا -: قُل لِّلْمُؤْمِنِين َ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [(30) سورة النــور]. وعملاً بالأحاديث الدالة على أن غض البصر أمرٌ لازم من جهة الرجل، حتى قيل يا رسول الله: أرأيت نظر الفجأة؟ قال: (اصرف بصرك). يعني متى فاجئها ولمحها وجب صرف البصر حتى لا يفتن . وأما حديث عائشة في قصة أسماء فهو حديث ضعيف لا يجوز التعلق به فهو حديث رواه أبو داود ما رواه مسلم في الصحيح ، لا ، رواه أبو داود وجماعة لكن ما رواه مسلم في الصحيح ، وله ثلاث علل عند أهل العلم ، معلول بثلاث علل ، إحداها: أن خالد بن دريك الذي رواه عن عائشة لم يسمع منها، فهو منقطع . العلة الثانية: أنه من رواية سعيد بن بشير، وهو ضعيف الرواية لا يحتج به. والعلة الثالثة : أنه من رواية قتادة عن خالد ، وقتادة مدلس وقد عنعن ولم يصرح بالسماع ، والمدلس إذا عنعن لا يحتج به حتى يصرح بالسماع. فهذه ثلاث علل تدل على عدم صحة الحديث وأنه حديث واهي لا تقوم به الحجة ولا يتعلق عليه ، ثم لو صح لكان محمولاً على ما كان قبل الحجاب ، لو صح لكان هذا قبل الحجاب ، أما بعد الحجاب فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجاب ، وأمر الله بالحجاب - سبحانه وتعالى - في قوله: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ َ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [(53) سورة الأحزاب]. وهذه آية الحجاب. وهكذا قوله سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنّ َ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ [(31) سورة النــور]. الآية. والوجه من أعظم الزينة ، فعرفت بهذا أن الحديث حديث أسماء لا حجة فيه لضعفه ، وأنه لو صح على سبيل الفرض لكان محمولاً على ما قبل الحجاب ؛ لأن آية الحجاب صريحة في المنع وما جاء في معناها. بارك الله فيكم.انتــهى

  6. #6

    افتراضي رد: عقبات في طريق الالتزام 1- (غض البصر) من كلام الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    شكرا لك ... بارك الله فيك ...
    للرفع...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •