مشايخ التغريب | محمد الحريري

لم يكن المسلم الصادق يتصور ما يقرأه في بعض الكتب والمجلات من تمرير بعض المُتَشَرِّعَة (أصحاب الجِباب والبشوت!) لبعض مشاريع التغريب؛ باتخاذهم أبواقًا للتغريبيين، أو كالدواب لهم يمتطونهم لتمرير أفكارهم!
كل ذلك لتحقيق أهداف التغريبيين الشهوانيين (بمباركةٍ دينيةٍ)! زعموا.
أقول: لم يكن المرء ليصدق ذلك لولا أن الله تبارك وتعالى أطال في أعمارنا فرأينا ذلك عيانًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ فأحدهم يخطب خُطبة جمعة لتمرير مشروعٍ مختلط، والثاني يكتب مقالًا بل كتابًا في تسويغه وتسويقه، والثالث ينسف عقيدة الولاء والبراء الواردة في القرآن والسنة لأجل الآخَر! ورابعٌ يكتب ويتحدث ويُغَرِّد (أي شيء!)؛ يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا متى ما كانت السياسة تريدُ ذلك! فإن تغيَّرَت السياسة كان أول المتغيرين (مجرد سياسة!).
قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23) سورة الجاثية.
وقال: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (50) سورة القصص.
وكتابتي هذه ليست من باب التباكي على هؤلاء؛ فهم أقل من أن يُهتم بشأنهم، وسيُلقى بهم في زبالة التاريخ بعد استخدامهم وانتهاء صلاحيتهم، ولكني أكتب اليوم لمن رزقه الله السلامة والعافية من هذا النفاق والتلون؛ فأوصيه ونفسي بأمور:
1ـ سؤال الله الثبات على هذا الدين؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"، فـ"اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان".
2ـ تحذير النشء والأولاد من الاغترار بهذا المسلك الخبيث؛ بالمشافهة والمكاتبة وغيرها، وتبيين أحكام الدين لهم بكل وضوح، وعدم غشهم وملاينتهم في مسائل بحجة انتشارها وعموم البلوى بها؛ فـ"ما وجدنا في كتاب الله من حلال أحْلَلْناه، وما وجدنا في كتاب الله من حرامٍ حَرَّمناه"، شاء من شاء وأبى من أبى.
الحذر من النطق بكلمة الباطل أو تمريرها والتليين فيها؛ فلأن تكون تابعًا في الحق خيرٌ لك من أن تكون رأسًا في الباطل، ".. ومن سَنَّ في الإسلامِ سُنةً سيئةً كان عليه وِزرها وَوِزرُ من عَمِل بها من بعدهِ من غيرِ أن ينقُصَ من أوزارِهم شيء"، (وطوبى لمن إذا ماتَ ماتَتْ معهُ ذُنوبه، والويل الطَّويل لمن يموت وتبقى ذُنوبه مائة سنة، ومائتي سنة أو أكثر! يُعَذَّبُ بها في قبره، ويُسْألُ عنها إلى آخر انقراضها).
4ـ الارتباط بأهل العلم الراسخين من الكبار، وربط النشء بهم، والنظر في طريقة تعاملهم مع الفتن، مع قراءة ما ورد عن السلف رحمهم الله في ذلك.
تذكير النفس والغير دومًا بنصوص الثبات عند الفتن، وفضله، والثبات على الدين آخر الزمان؛ "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر"، وقد "كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ، أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ"، {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (8) سورة البروج.
هذا ما فعلوه في أولئك الأبطال فصبروا؛ فهل فعلوا فيك عُشْرَهُ يا شيخ كي تتغير؟!