يقول علامة العراق محمود شكري الألوسي رحمه الله : ( واعلم أن اقتران اسم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مع اسمه عز وجل في كلمتي الشهادة مما يدل على رفعة قدره صلى الله تعالى عليه وسلم ، وكيف لا ، وقد قال تعالى : " ورفعنا لك ذكرك " . روي عن مجاهد وقتادة ومحمد بن كعب والضحاك والحسن وغيرهم أنهم قالوا في ذلك : " لا أذكر إلا ذكرت معي " ، وفيه حديث مرفوع ، أخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاثم وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : " أتاني جبريل عليه السلام وقال : إن ربك يقول : أتدري كيف رفعت ذكرك . قلت : الله تعالى أعلم . قال : إذا ذكرت ذكرت معي " .
وكأن ذلك من الاقتصار على ما هو أعظم قدراً من إفراد رفع الذكر .
ويشير إلى عظم قدره قول حسان :

أعز عليه للنبوة خاتم * من الله مشهود يلوح ويشهد وضم الاله اسم النبي على اسمه * إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
فينبغي أن لا يذكر مع الشهادة الأولى غير الثانية محافظة على المروي واتباعه للسلف الصالح والطريق الواضح . فخير أمور الدين ما كان سنة ، وشر الامور المحدثات البدائع . فزيادة الشيعة " وأشهد أن علياً ولي الله " وإن كان موافقاً لنفس الامر مما لم يرو عن الأئمة الاطهار ولا عن غيرهم من الاخيار . فإن رووا فيه شيئاً فهو محض بهتان يظهر لمن تتبع كتب الأئمة من ذوي العرفان . وأبدع من ذلك واشنع ما يصدر عن بعض الجهلة والعوام من قولهم لا إله إلا الله " شيخ عبد القادر شيء لله " لأنه مع ما فيها من المحذور السابق ، قد نهى عن التلفظ بها وحدها فضلاً عن اقترانها مع اسم الله تعالى الذي كان رفعة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم به على غيره ، وبه صرح جمع من الفقهاء . قال عبد البر في شرح الرحبانية عند قوله .
كذا قول " شيء لله " ، قيل بكفره * ويا حاضر يا ناظر ليس يكفر
لعل وجهه : أنه طلب شيئاً لله تعالى ، والله سبحانه غني عن كل شيء والكل مفتقر ومحتاج إليه . ثم قال : وينبغي أن يرجح عدم التكفر فإنه يمكن أن يقول أردت أطلب شيئاً إكراماً لله تعالى . ثم ذكر ابن عابدين عليه الرحمة في حاشيته في باب الردة بعد ما ساق كلام شارح الرحبانية ، قلت : فينبغي أو يجب التباعد عن هذه العبارة . وأن ما فيه خلاف يؤمر بالتوبة والاستغفار وتجديد النكاح ، ثم قال : لكن هذا إن كان لا يدري ما يقول ، أما عن قصد المعنى الصحيح فالظاهر أنه لا بأس به .
قال بعض الفضلاء واغلب من يتكلم بهذه العبارة اليوم عوام أو لا يعرف اللغة العربية . فكيف يتدبر معنى صحيح منها لا يفهم لا بنكلفات كثيرة ، فيجب التجنب عنها وزجر من تكلم بها .
ومن الغريب أن بعضهم أتخذ ذلك ورداً يتلوه في الاوقات المأثورة ، وذكراً يتوسل به للوصول إلى الدرجات العالية المبرورة . وزعم كثير من الجهلة أن نحو ذلك جائز عند أرباب التصوف ، ولو كان مخالفاً للشرع ، مع أن المحققين في الصوفية قدست أسرارهم الزكية مصرحون بأن لا فرق في الحقيقة بين الشريعة والطريقة . ومن قال إن الباطن يخالف الظاهر فهو للكفر أقرب منه للإيمان . والإستدلال على المخالفة بقصة الخضر عليه السلام في غاية الضعف كما لا لايخفى على من له أتدنى تدبر في آي الفرقان ) إهــ كنز السعادة في شرح الشهادة (90/92).