"ولا شك أن من خاف التلف من استعمال الماء ، أبيح له التيمم مع وجوده ، وهو إجماعٌ.
وهل يلحق به خوف الزيادة فيه فقط ؟. فيه قولان للعلماء والشافعي ، والأصح عنده : نعم ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وعن مالكٍ رواية أخرى بالمنع .
وقال عطاء والحسن البصري في رواية : لا يستباح التيمم بالمرض أصلاً ، وكرهه طاوس .
وإنما يجوز له التيمم عند عدم الماء ، فأما مع وجوده فلا ، وهو قول أبي يوسف ومحمد.
والدليلُ على أن من خاف الزيادة في المرض ؛ يباح له التيمم ، ما احتج به أبو موسى على ابن مسعودٍ من الآية ، ولم يفرق بين مرض يخاف منه التلف ، أو الزيادة ، فهو عام في كل مرض ، وقياساً على سائر الرخص ، كالفطر ، وترك القيام والاضطرار ، فإنه لا يعتبر فيها خوف التلف ، بل الجزع الشديد كافٍ.
وحديث عمرو دال لجواز التيمم للخائف من استعمال الماؤ وللجنب ، خلاف ما روي عن عمر ، وابن مسعود ، ولأجل البرد المفضي إلى محذور ، وأن المتيمم يصلي بالمتطهرين ، وأنه لا إعادة إذ لم يذكر ، وفيه خلافٌ للشافعي والسلف ، والأصح وجوبه .
وقام الإجماع على أن المسافر إذا كان معه ماءٌ وخاف العطش ؛ أنه يتيمم ويشربه ، وأن الجنب يجوز له التيمم ، إلا ما ذكر عن عمر وابن مسعود ، فإنهما منعاه له ، لقوله تعالى :"وإن كنتم جُنباً فاطهروا" ، وقوله :"ولا جنباً إلا عابري سبيلٍ حتى تغتسلوا" ."(211-210).