تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: كثرةُ الكلامِ ((من أسبابِ قسوةِ القلب))

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    لن ألبَثَ كثيرًا حتّى أكونَ تحتَ التُّراب.
    المشاركات
    603

    افتراضي كثرةُ الكلامِ ((من أسبابِ قسوةِ القلب))

    كثرةُ الكلامِ مِن أسبابِ قسوةِ القلب

    قال عطاء بن أبي رباح : "إن من قبلكم كانوا يعدّون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها ، أتذكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين ، عن اليمين وعن الشمال قعيد ، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ، أما يستحي أحدكم لو نشرت صحيفتُهُ التي أملى صدر نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته".


    إن من القلوب القاسية من لا يصلح معه إلا مثل هذه اللهجة القاسية، وإن كثرة الكلام بالباطل لا تُعالَج إلا بقوة كلام الحق، لكن عبد الله بن المبارك كان أخف لهجة حين خاطب من كان قلبه بين القساوة والحياة قائلا:
    وإذا ما هممت بالنطق في الباطل فاجعل مكانه تسبيحا
    فاغتنام السكوت أفضل من خوض وإن كنت في الحديث فصيحا

    إن كثرة الكلام هي علامة واضحة على قسوة القلب، لكن كثرة الكلام كذلك من أسهل الطرق الموصلة إليه، لذا قال بشر بن الحارث: "خصلتان تقسيان القلب: كثرة الكلام وكثرة الأكل"، وأخطر من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:
    «وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا الثرثارون المتفيهقون المتشدِّقون».
    و«الثرثارون» أي الذين يُكثرون الكلام تكلفا وتشدقا، و«المتفيهقون»هم مدَّعو الفقه الذين يتوسعون في الكلام ويفتحون به أفواههم تفاصحا وتفاخرا؛ وهو مأخوذ من الفهق وهو الامتلاء والاتساع، لأنه يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه إظهارا لفصاحته وفضله واستعلاء على غيره؛ ليميل بقلوب الناس وأسماعهم إليه، أما«المتشدِّقون» فهم الذين يتكلمون بأشداقهم ويتقعرون في مخاطبتهم من غير احتياط واحتراز، لكن يبادرنا هنا سؤال:
    ما الدافع إلى كثرة الكلام؟!
    قال المناوي:
    "كثرة الكلام تتولد عن أمرين: إما طلب رئاسة يريد أن يرى الناس علمه وفصاحته، وإما قلة العلم بما يجب عليه في الكلام".
    فكثرة الكلام نابعة من قسوة القلب، فإن القلب القاسي إما أن يمتلئَ بحب الرئاسة، أو يمتلئَ غفلة وعدم إدراك عواقب الكلام، وكلٌّ منهما دافع إلى كثرة الكلام، أما حب الرئاسة فيدفع صاحبه إلى التباهي بما فيه وما ليس فيه، فيمتلئ فخرا وينطق زهوا، وأما قلة العلم فتجعل صاحبها ينسى أنه محاسب على فلتات لسانه ومنتجات فمه، فيكثر كلامه وإن كان فيه الهلاك، وصدقك نصر بن أحمد النصيحة حين أنشدك محذِّرا :
    لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل *** وكل امرىء ما بين فكيه مقتل
    وكم فاتحٌ أبواب شرٍّ لنفسه *** إذا لم يكن قفل على فيه مقفل
    إذا ما لسان المرء أكثر هذره *** فذاك لسان بالبلاء مُوَكَّل
    إذا شئت أن تحيا سعيدا مُسلَّما *** فدبِّر وميِّز ما تقول وتفعل


    و يُتبَعُ بإذنِ الله
    لكن إن تأخّرتُ فعُذرًا
    وأظنُّها تكفينا هذهِ الجُرعةُ اليوم
    واللهُ المُستعان!
    د.خالد أبو شادِي
    بأيّ قلبٍ نلقاه
    سلسلة رُدّ إليّ روحِي

    إن وعدْتُ بعودةٍ أو مُشاركةٍ ولم أعُد، أو كانَ لأختٍ حقٌّ عليّ فلتُحلّلني، أستودعُكُنّ الله .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    في ديار الإسلام
    المشاركات
    424

    افتراضي رد: كثرةُ الكلامِ ((من أسبابِ قسوةِ القلب))


    جميل
    بارك الله فيكِ
    في انتظارك
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
    [رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    لن ألبَثَ كثيرًا حتّى أكونَ تحتَ التُّراب.
    المشاركات
    603

    افتراضي رد: كثرةُ الكلامِ ((من أسبابِ قسوةِ القلب))

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدير مشاهدة المشاركة

    جميل
    بارك الله فيكِ
    في انتظارك
    حيّاكِ اللهُ أُختِي، وجمّلَكِ بطاعَتِه...
    إن شاءَ اللهُ ربّ العالَمِين اليومَ أو غدًا أضعُ التّتِمّة، جُزءٌ يسيرٌ هُوَ ما تبقّى.
    إن وعدْتُ بعودةٍ أو مُشاركةٍ ولم أعُد، أو كانَ لأختٍ حقٌّ عليّ فلتُحلّلني، أستودعُكُنّ الله .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    لن ألبَثَ كثيرًا حتّى أكونَ تحتَ التُّراب.
    المشاركات
    603

    افتراضي رد: كثرةُ الكلامِ ((من أسبابِ قسوةِ القلب))

    وإن كثرة الكلام مُهلكة مُهلكة حتى وإن كان الكلام مباحا، لأنها ستجر حتما إلى الكلام الحرام، والشيطان يستدرجك لينقلك من المنطقة المباحة إلى الدائرة المحرَّمة، وكثرة السير في الأرض الموحلة لا بد أن تؤدي بصاحبها إلى الانزلاق في الوحل.

    قال عمر رضي الله عنه: "من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قلَّ حياؤه، ومن قلَّ حياؤه قلَّ ورعه، ومن قلَّ ورعه مات قلبه".
    وحسبُ كثيرِ كلامِه أنه بمثابة منتظر الفتنة وموشك على الخطأ، ويكفي قليلُ الكلامِ أنه ينتظر الرحمة ويدنو بإنصاته من الهداية والصواب.

    ولأن العاقل يعلم أنه محاسب عن كل كلمة، لذا يتفكَّر في كلامه أولا، فإن كان لله أمضاه، وإن كان لغيره حبسه، لذا قلَّ كلامه، وسكت عن كثير الكلام، أما قاسي القلب فلا يعمل حسابا لقول أو كلام لذا ينطق بكل سوء، ويزيد في منطقه دون خشية أو مراقبة، إن القلب الحي مصفاة لكل قول سيء ، والقلب القاسي باب مفتوح لكلمات السوء. فعن الحسن البصري قال:
    "كانوا يقولون إن لسان المؤمن وراء قلبه، فإذا أراد أن يتكلم بشيء تدبره بقلبه ثم أمضاه بلسانه، وإن لسان المنافق أمام قلبه فإذا هم بشيء أمضاه بلسانه ولم يتدبره بقلبه".



    وليست كثرة كلام المرء من العقل في شيء، لذا كان من أحكم ما قيل: إذا تمَّ العقل نقص الكلام، وقد قال المهلب بن أبي صفرة الأزدي: "يعجبني أن أرى عقل الرجل الكريم زائدا على لسانه"، وهل أوفر عقلا وأكثر نبوغا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لذا كان من صفات كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُحدِّث حديثا لو عده العاد لأحصاه، وهذا إشارة إلى قلة كلامه، وفي هذا كذلك الوقار والمهابة التي يلبس تاجها أحياء القلوب.
    تاج الوقار وحسن سمت المسلم .. صمت المليء وحكمة المتـكلِّم
    وقد جعل أبو الدرداء رضي الله عنه قلة الكلام من علامات الفقه؛ ما هو بغزارة العلم ولا كثرة الرواية ،فقال رحمه الله: "من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه".
    أقلل كلامك واستعذ من شرِّه *** إنَّ البلاء ببعضه مقرون
    واحفظ لسانك واحتفظ من عِيِّه *** حتى يكون كأنه مسجون
    وكِّل فؤادك باللسان وقُْلْ له *** إنَّ الكلام عليكما موزون



    وفي نهاية كلامنا عن كثرة الكلام يبادرنا سؤال: هل لا بد لأحياء القلوب أن يكونوا قليلي الكلام؟!
    والجواب: كلا، وليس إذا كان الكلام صحيحا وفي الخير؟! ولذا لمّا عِيبَ إياس بن معاوية بكثرة الكلام قال: وأما كثرة الكلام فبصواب أتكلم أم بخطأ؟ قالوا: بصواب، قال: "فالإكثار من الصواب أمثل".


    تمّ بفضلِ اللهِ والحمدُ لله
    إن وعدْتُ بعودةٍ أو مُشاركةٍ ولم أعُد، أو كانَ لأختٍ حقٌّ عليّ فلتُحلّلني، أستودعُكُنّ الله .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: كثرةُ الكلامِ ((من أسبابِ قسوةِ القلب))

    جزاك الله خيرا موضوع قيم الأمة الفقيرة إلى الله بارك الله فيك
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    2,172

    افتراضي رد: كثرةُ الكلامِ ((من أسبابِ قسوةِ القلب))

    ((وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم)), صححه الألباني
    نسأل الله السلامة.

    استمتعتُ بكل حرف فيه, لا حرمكِ الله الأجر.
    أرجو من أخواتي الفاضلات قبول عذري عن استقبال الاستشارات على الخاص.
    ونرحب بكن في قسم الاستشارات على شبكة ( الألوكة )
    انسخي الرابط:
    http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/Counsels/PostQuestion.aspx

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •