الأخ الشَيخ الحَبيب الغَالي / أبو مالك المَديني - سلمك الله - .
قد أجدتَ وأفدتَ ولخصتَ المسألة باختصارٍ نَافع وكَلامٍ كَالدر النَفيس واللؤلؤ البَهيج فلا حُرمت الأجر - نفع الله بك - ، وأما فيما يَتعلق بَقول الإمام العَلم والجَهبذ المُحدث يحيى بن مَعين فقد رُويَّ عَنه كَما نَقل ابن الصَلاح : (( لا ينبغي للمحدث أن يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك، وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء، وزاد بعضهم فكَرِ الروايةَ ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه، لسنه، أو غير ذلك. وقال ابن معين: إذا حدثت في بلد فيه مثل أبي مسهر فيجب للحيتي أن تحلق. وعنه أيضاً إن الذي يحدث بالبلدة، وفيها من هو أولى بالتحديث منه فهو أحمق )) أهـ ، وهو مرويٌ عنه بإسناد جيد .
كذا في المَجروحين لابن حبان (2/77) : (( كان يقبل كلامه في التعديل والجرح في أهل بلده، كما كان يقبل ذلك من أحمد ويحيى بالعراق، وكان يحيى بن معين يفخم أمره )) أهـ ، وغاية ما يُقال أن الأمر عند الأئمة المُتقدمين كما رأينا كَراهة التَحديث كما أشرتَّ وفي البلدةِ مَن هو أولى مِنه أو أسن منه فذلك من النصيحة في العلم ، وفي مُقدمة ابن الصلاح في محاسن الإصطلاح (1/421) : (( وينبغي للمحدث إذا التُمِسَ منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسنادٍ أعلى من إسناده أو أرجحَ من وجهٍ آخر، أن يُعلم الطالب به [70 / ظ] ويرشده إليه، فإن الدين النصيحة. ولاَ يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النيَّةِ فيه، فإنه يُرجى له حصولُ النيةِ من بعد. روينا عن " معمر " قال: كان يقال: " إن الرجل ليطلب العلم لغير الله، فيأبى عليه العلمُ حتى يكونَ لله - عز وجل - " . وليكن حريصًا على نشره مبتغيًا جزيلَ أجره. وقد كان في السلف - رضي الله عنهم - من يتألف الناسَ على حديثه، منهم " عروةُ بن الزبير " - رضي الله عنهما -. والله أعلم )) أهـ .