قال الإمام أحمد رحمه الله في مسنده :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَقَصَّرَ آخَرُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَرْحَمُ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِي نَ ؟ قَالَ: " يَرْحَمُ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِي نَ قَالَ: " يَرْحَمُ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِي نَ ؟ قَالَ: " وَالْمُقَصِّرِي نَ "، قَالُوا: فَمَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ، يَا رَسُولَ اللهِ ظَاهَرْتَ لَهُمُ الرَّحْمَةَ ؟ قَالَ:
" لَمْ يَشُكُّوا "
قَالَ: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وقال المشرف العام على تحقيق المسند الشيخ شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره ، وجود إسناده صاحب الفتح الرباني .
قوله: "ظاهرت لهم الرحمة "، قال السندي: أي جمعت وكررت لهم الترحم أي: بالترحم ثلاثاً. ، ويحتمل أن المراد : أعَنْتهم وأيدتهم .
وقوله: " لم يشكُوا"، قال: أي: لم يعاملوا معاملة من يشك في جواز التحلل ، أي: من قصَر فكأنه شك في جواز التحلل حتى اقتصر في التحلل على بعضه، ومن حلق فلا يشك فيه، أي: ثم يعاملوا معاملة من يشك في أن الاتباع أحسن، وأما من قصَر فقد عامل معاملة الشاك في ذلك، حيث ترك فِعْلَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله تعالي أعلم .