تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل الترمذي متساهل ؟.

  1. Lightbulb هل الترمذي متساهل ؟.

    هل الترمذي متساهل ؟
    للعلماء في تساهل الترمذي موقفان :
    الموقف الأول : وهو رأي جمهور العلماء المحققين أن الترمذي متساهل ، وبعصهم يطلق ذلك ، والبعض يقيده بما صححه ، والبعض يقيده بما حسينه .الموقف الثاني : وهو رأي لبعض العلماء ، يقدمون فيه ، ما حسنه الترمذي على ما صححه الحاكم ، ويفهم من هذا ؛ مدح وإطراء لما حسنه ، فما بالك بما صححه ، وإن لم يصرحوا بعدم تساهله ؟ ! .

    ونصَّ بعضهم على نفي التساهل عن الترمذي .فسنذكر فيما يلى أقوال أصحاب كل موقفٍ ، ثم نذكر الراجح بعون المولى عزَّ وجل َّ .الموقف الأول : قال ابن دحيه : " وكم حسن الترمذي في كتابه ، من أحاديث موضوعة ، وأسانيد وااهية " . وفي هذا إشارةٌ إلى تساهله في التحسين ، مع أن كلام ابن دحية مبالغٌ فيه .

    وقال ابن القيم : " والترمذي فيه نوع تساهل في التصحيح " . وقال : " مع أن الترمذي يصحح أحاديث لم يتابعه غيره على تصحيحها ، بل يصحح ما يضعفه غيره أو ينكره ، فإنه صحح حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، وأحمد يضعف حديثه جداً ...وقال النسائي والدار قطني : "متروك الحديث" ، وقال الشافعي : " هو ركنٌ من أركان الكذب..." ، وقيد تساهله في التصحيح .

    وقال الذهي في ترجمة الترمذي : " جامعه قاضٍ بإمامته وحفظه وفقهه ، ولكن يترخص في قبول الأحاديث ، ولا يُشدد ، ونَفسه في التضعيف رخوٌ " .وقال في ترجمة كثير بن عبد الله المزني : " لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي " .وقال في ترجمة كثير بن عبد الله المزني : " قد يترخص الترمذي ، ويصحح لابن أرطاة ، وليس بجيدٍ " .وقال في ترجمة يحيى بن اليمان : " حسنه الترمذي ، مع ضعف ثلاثة ، فلا يُغتر بتحسين الترمذي ، فعند المحاققة غالبها ضعاف " .وفي في بعض المواطن : "حسنه الترمذي ، فلم يحسن " ، ووصفه بالتساهل في عدد من مؤلفاته .

    وذهب الحافظ ابن رجب ، إلى أن أبا داود أشد انتقاداً للرجال من الترمذي ، وأن النسائي أشد منهما ، ويفهم من هذا أنه يتساهل أكثر من أبي داود ، ومن النسائي . وكذلك أشار الحافظ ابن حجر إلى أنه يتساهل في بعض ما يحسنه .وقال المباركفوري في حديث ضعيفٍ ؛ حسنه الترمذي : "وأما تحسين الترمذي ، فلا اعتماد عليه لما فيه من التسااهل " .ويقول شيخنا العلامة محمد ناصر الدين الألباني : "تساهل الترمذي إنكاره مكابرةً ، لشهرته عند العلماء ، وقد تتبعت أحاديث " سننه " حديثاً حديثاً ، فكان الضعيف منها نحو ألف حديث ، أي : قريباً من خُمس مجموعها ، ليس منها ما قويتهت لمتابعٍ أو شاهدٍ ...... والتساهل من مثله ؛ لا يكون إلَّا عن اجتهادٍ وليس عن هوى أو غرض " .الموقف الثاني : قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وتصحيح الحاكم دون تحسين الترمذي " ، ققدم تحسين الترمذي ، مع علمه بأنه لا يخلو من بعض الضعف على تصحيح الحاكم .

    وقال في بعض المواضع : "إن تصحيح الترمذي ؛ أعلى من تصحيح الحاكم ، ودون تصحيح مسلم " مع تأكيده على أن بعض ما يصححه ؛ ينازعه غيره فيه ، كما قد ينازعونه أيضاً في بعض ما يضعفه ويحسنه .

    وهذه العبارات مشعرةٌ بتقوية تحسين الترمذي وتصحيحه ، لا سيما أني لم أر ابن تيمية يصفه بالتساهل ، كما فعل مع الحاكم مثلاً .
    وممن ذهب إلى نحو ذلك الزيلعي ، فقد قال في تصحيح الحاكم : "بل تصحيحه ؛ كتحسين الترمذي ، وأحياناً يكون دونه " .

    وقال ابن حجر الهيثمي : "فإن قلت : قد صرحوا بأن عنده _ أي : الترمذي _ نوع تساهل في التصحيح ، فقد حكم بالحسن مع وجود الانقطاع في أحاديث في سننه ، وحسن فيها بعض ما تفرد به رواته ، كما صرح هو بذلك ، فإنه يورد الحديث ثم يقول عقيبه : " إنه حسنٌ غريبٌ " و "حسنٌ صحيحٌ غريبٌ ، لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه " .قلت : هذا كله لا يضره ، لأن ذلك اصطلاحٌ جديدٌ له ، ومن بلغ النهاية في الإمامة والحفظ ؛ لا ينكر عليه ابتداع اصطلاحٍ يختص به ، وحينئذٍ فلا مشاحة في الاصطلاح " .

    وعقب أحمد شاكر على قول الذهبي : "بأن العلماء لا يعتمدون على تصحيح الترمذي " بقوله : "وهو غلوٌ منه ، فإن تصحيح الترمذي معتمدٌ عند العلماء " .

    ويظهر أن المعيار الذي اعتمده من وصف الترمذي بالتساهل ؛ هو معيار مخالفة كبار النقاد ، إما حكمهم علىالحديث ، أو في حكمهم على أحد الرواة ، حيث رأوا الترمذي حسن ، أو صحح احاديث ، قد أعلَّها غيره من كبار أئمة النقد ، وكذلك قوى عدداً من الأحاديث في أسانيدها رواةٌ طعن فيهم ، بعض كبار الأئمة ، فاستدلوا بتلك المعارضات على تساهله .

    ولا ريب أن الترمذي ؛ قد صحح ، أو حسن أحاديث تكلم فيها بعض النقاد الكبار ، الذين هم أعلم بهذا الفن وأشهر منه .
    فمن ذلك ؛ أنه حكم على حديث عثمان _رضى الله عنه _ في " تخليل اللحية" ، بأنه : حسن الصحيح" ، مع علمه بان المحدثين قد تكلموا في ثبوته ، فقد قال البخاري : " إنه أصح شئٍ في الباب " فقال له الترمذي : "إنهم يتكلمون في هذا الحديث " ، ورواية عامر بن شقيق ، ضعفه أحمد بن حنبل ، وابن معينٍ ، وأبو حاتمٍ الرازي ، فلم يكتف بتحسينه كما فعل شيخه الإمام البخاري ، بل صححه مع علمه بأنه متكلمٌ فيه .

    ومن ذلك حديث "المسح على الجوربين " ، حكم عليه بأنه : " حسنٌ صحيحٌ " ، وع أن عدداً من كبار النقاد ضعفوه ، كعبد الرحمن بن مهدي ، والثوري ، وأحمد بن حنبل ، وابن معينٍ ، وعلى بن المديني ، ومسلم بن الحجاج . وكذلك صحح حديثاً في عدم وجوب العمرة في سنده : الحجاج بن أرطاة ، ونص هو نفسه : أن الشافعي ضعفه !! .

    ومن ذلك : حديث : "ليس على خائنٍ ولا منتهبٍ ، ولا مغتلس قطع " قال فيه : "حسنٌ صحيحٌ " ، وقد ضعفه أحمد بن حنبل ، وأبو حاتمٍ ، وأبو زرعة ، وغيرهم ، بسبب تدليس ابن جريج .

    ومنه أيضاً : الحديث الذي يروية معمر عن يحيى بن أبي كثير في "أفطر الحاكم والمحجوم " قال فيه : "حسنٌ صحيحٌ " ، وقد قال البخاري : "هو غير محفوظ "، وقال أبو حاتمٍ : " هذا الحديث عندي باطلٌ " . وقال إسحاق بن منصور : " هو غلطٌ " .

    وحديث : "إذا بقى من النصف من شعبان ؛ فلا تصوموا " . قال فيه : "حسنٌ صحيحٌ " ، وقد تكلم فيه : ابن مهدي ، وأحمد بن حنبل ، وأبو زرعة الرازي ، والأثرم .وحديث : " ليس لابن آدم حقٌ سوى هذه الخصال : بيتٌ يسكنه ، وثوب يواري عورته ، ..." . وقال فيه : "صحيحٌ " ، وقد أنكره أحمد بن حنبل ، وغيره .

    وحديث : "كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ إذا دخل الخلاء ؛ نزع خاتمه " . قال فيه : "حسنٌ صحيحٌ غريبٌ " . وقد ضعفه : أبو داود ، والنسائي ، والدار قطني ، وغير ذلك من الأمثلة المشابهة .

    ومما يدل على تساهله أيضاً : تقويته لأسانيد فيها من لا يحتج به . فمن ذلك : تصحيحه لحديثٍ فيه مجهولٌ ، علق الحافظ ابن حجرٍ عليه بقوله : "وقال الترمذي : "حسنٌ صحيحٌ " ، وكأنه صححه ؛ باعتبارات المتابعات والشواهد ، وإلَّا فأبو قابوس ، لم يرو عنه : سوى عمرو بن دينار ، ولا يعرف اسمه ، ولم يوثقه أحدٌ من المتقدمين " . وصحح حديثاً فيه : محمد مولى الميغرة بن شعبة ، وهو مجهول الحال .

    كما صحح عدداً من الأحاديث فيها رواةٌ متكلمٌ فيهم : كعلي بن زيد بن جُدعان ، والججاج بن أرطأة ، ودراج أبي السمح ، وإسماعيل بن عبد الملك ، والمفضل بن صالح ، وغيرهم كثير .

    والذي يترجح لدي ؛ إن الإمام الترمذي _رحمه الله _ ، لديه تساهلٌ في تصحيح بعض الاحاديث ، كما ظهر لنا فيما سلف من أمثلة ، ولا أرى أنه كان متساهلاً بنفس القدر فيما حسنه ، لأنه أبان عن شرطه في الحسن ،أنه يشمل حديث الرواي ، الذي لا يحتج بما ينفرد به إذا سلم من الشذوذ، وكانت له شواهد . ولهذا ؛ لا يستقيم الاعتراض عليه ؛ بأنه حسن حديث فلانٍ وهو ضعيفٌ ، والأولى : الاعتراض عليه ؛ بأنه حسن جديثاً لم يتوفر فيه شروط الحسن التي ذكرها في تعريفه .

    ثم ينبغي أن يعلم أن وصف الترمذي بالتساهل في بعض ما يصححه أو يحسنه ، لا يعني هدر أحكامه كلها ، بزعم أنه متساهل على الدوام ، فهذا تصرف خاطئ ، لأنه كما يتساهل في بعض أحكامه ، قد يتشدد في البعض الأخر ، كما قال العلامة المعلمي اليماني _رحمه الله _ : " ما اشتهر أن فلاناً من الأئمة مُسهلٌ ؛ وفلاناً مُشددٌ ، ليس على إطلاقه ، فإن منهم من يسل تارةً ، ويُشدد أخرى ، بحسب أحوال مختلفة .." .
    ولا أدل على ذلك ؛ من أن الذهبي ، وهو الذي انتقد الترمذي مراراً كما تقدم ، اعتمد في توثيق بعض الرواة الذين لا كلام للنقاد فيهم على تصحيحات الترمذي .

    والنتيجة التي نخرج بها من كلام بعض العلماء المحققين ، في وصف الترمذي بالتساهل ؛ بأنه يصبح من موجبات الاحتياط ؛ عدم قبول ما صححه إذا عارضه ما يوجب النظر ، إو عدم الأخذ بحكمه ، ومن ذلك ؛ مخالفة قول إمام من أئمة النقد المعروقين بالتوسط ، كعبد الرحمن بن مهدي ، وأحمد ابن حنبل ، والبخاري ، ونحوهم ، أو يكون في الحديث ؛ ما يوجب الضعف ، على مقتضى قواعد أئمة النقد . ويعضد ذلك قول النووي في حديثٍ قواه الترمذي ، مع أن عدداً من الحفاظ ؛ تكلموا فيه، منهم: ابن مهدي ، وابن المديني ، وابن حنبل ، : "وهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث ، مقدمون عليه ، بل كل واحدٍ من هؤلاء لو انفرد ، قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة " .

    وقال ابن رجب في حديثٍ أخر ؛ قواه الترمذي ، ومعه ابن حبان ، والحاكم ، : " وتكلم فيه ، من هو أكبر من هؤلاء وأعلم ، وقالوا : هو حديثٌ منكرٌ ، منهم : عبد الرحمن بن مهدي ، والإمام أحمد ، وأبو زرعة الرازي ...." . وهذا صحيحٌ بلا شك ، فإن هؤلاء الأئمة ، أعلم بالعلل والنقد ، من الإمام الترمذي ، وقولهم ؛ أرجح ، إلَّا أن يكون مع الترمذي حجة ظاهرةُ ، وكذلك إذا صحح حديثاً فيه ، ما يوجب الضعف ، حسب القواعد المقررة في علم الحديث ، فالراجح : هو ما تقتضية القواعد _ والله أعلم _ .

    مبحث من كتاب : "الحديث الحسن " لخالد بن منصور أدريس . وسأعقبه بالتعلقيات والإضافات ، إن شاء الله وقدر .
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    535

    افتراضي رد: هل الترمذي متساهل ؟.

    عند البعض نعم، وعند البعض الآخر لا، فلا بد من معرفة مصطلحات الترمذي ومدلولاتها عندما يطلقها، فلا يصح وصفه بإطلاق أنه متساهل!!

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: هل الترمذي متساهل ؟.

    أحسنت أخي الحبيب عالي السند ، فلابد مِنْ فهم مُصطلحات الترمذي قبل إطلاق التساهل مِنْ عدمه . والله أعلم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •