تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: من درر العلم

  1. افتراضي من درر العلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    هذه بعض الدرر العلمية,التي إنتخبنها في تلك الكتب عند المطالعة.وما سمعناه من محاضرات ودروس علمائنا عليهم رحمة الله جميعا,والأحياء منهم,نسأل الله جل وعلا أن يبارك في أعمارهم.وعلمهم,ه و ولي ذالك والقادر عليه وحده سبحانه.
    وأريد أن أشاركها مع إخوننا في ملتقانا هذا المبارك,لأستفيد منها بتعقيبات وتعليقات إخواني أكثر من فهمي المحدود ,المعرض والأقرب للخطأ أكثر من الصواب.
    وتارتا أنقلها لفظا لفظا,وتارتا بالمعنى(كما فهمته).ونسأل الله الإخلاص والتوفيق والبركة.وأستغفر الله وأتوب إليه والصلاة والسلام على عبده ورسوله الحبيب نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان عليهم رحمة الله تعالى,والحمد لله رب العالمين.
    من محاضرات الشيخ أبو إسحاق الحوينى حفظه الله تعالى.
    معنى (جواب الحكيم) في عبارات الفقهاء.
    معنى (جواب الحكيم),أن يزيد المفتي في جوابه على سؤال السائل زيادة لا تتم الفائدة من الجواب إلا بها.
    مثال ذلك:قال صلى الله عليه وسلم -وقد سألته امرأة، كما في صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما-: (أنها حملت صبياً صغيراً ورفعته، وقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر.
    ) ، فجواب السؤال تم بقوله صلى الله عليه وسلم: (نعم).
    وما سألت المرأة: هل لها أجر أم لا، إنما زادها رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الزيادة؛ لأن الإنسان لا يعمل إلا إذا أُجر، هكذا خلق الله عز وجل الإنسان، لذلك خلق له الجنة والنار كترغيب وترهيب.
    ومنه أيضاً ما رواه أصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء أعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! إنا نركب البحر، ونحمل القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) مع أنهم لم يسألوا عن حل الميتة، إنما سألوا عن طهورية ماء البحر أهو طاهر؟ فكان يكفي الشطر الأول في الجواب: ( هو الطهور ماؤه) لكن زادهم الرسول عليه الصلاة والسلام حكماً لم يسألوا عنه، وهذا من تمام شفقته عليه الصلاة والسلام بهؤلاء السائلين.
    فإذا كان هؤلاء الأعراب استشكلوا طهورية ماء البحر، فلأن يستشكلوا ميتة البحر أولى، إذا كان استشكلوا الشيء المشهور المعروف، فلأن يستشكلوا ما هو أغمض منه أولى، وهؤلاء أعراب يركبون البحر، فقد يغيب الرجل خمسة عشر يوماً في البحر وينفد زاده، وقد يضطر إلى أكل السمك أو أكل حيتان البحر، وليس عنده أي معلومة هل ميتة البحر حلال أم حرام؛ فأشفق عليهم فأفتاهم.....فربما نفد زاد هؤلاء فظنوا أن ميتة البحر تدخل في عموم الميتة في القرآن، فلا يأكلون، قال الله تبارك وتعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3] و(الميتة): اسم جنس محلى بالألف واللام، يفيد العموم، أي: حرمت عليكم كل أنواع الميتة.
    ...فأنت إذا عرفت أن أحد كبار الصحابة المجتهدين لم يكن يعرف هذا الحكم سهل عليك أن تعرف أن هؤلاء الأعراب لا يعرفون الحكم.
    فهذا الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وقد روى خبره هذا البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: أرسلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، وأمر علينا أبا عبيدة بن الجراح ، وأعطاهم جراباً فيه تمر، فكان يعطينا الحفنة من التمر فنأكلها.
    فلما كاد التمر أن ينفد كان يعطينا تمرة تمره، فكنا نمصها كما يمص الصبي، ونشرب عليها الماء، فلما نفد التمر أكلنا ورق الشجر -يضربونه بالعصي ثم يطحنونه، ثم يأكلونه، فسمي هذا الجيش جيش الخبط، الذي هو نسبة إلى ورق الشجر الناشف- فظلوا يأكلون ورق الشجر شهراً حتى قرحت أشداقهم.
    قال: ثم قذف البحر لنا دابة عظيمة يقال لها العنبر -دابة عظيمة: حوت من حيتان البحر، لكنه عظيم الخلق- قال: وجلس ثلاثة عشر رجلاً منا في وقب عينه -مكان العين هذه مكث فيه ثلاثة عشر واحداً من الصحابة- قال: وكنا نأخذ الدهن من عينه بالقلال.
    فأول ما رمى البحر هذا العنبر على الشاطئ قال أبو عبيدة : ميتة! لا تأكلوه -لم يكن عند أبي عبيدة خبر أن ميتة البحر مستثناة من عموم الميتة في كتاب الله عز وجل-.
    ثم قال لنفسه: نحن جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الله، ونحن مضطرون، فكلوه -إذاً أبو عبيدة أيضاً لما أكل لم يخالف النص القرآني: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:3]، فحمل هذا الأمر على الضرورة، وأكلوا- وأخذوا من لحمه وشائق -أي: وضعوا عليها ملحاً وقددوها-.
    فلما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه بذلك قال: (هذا رزق رزقكموه الله عز وجل، فهل معكم منه شيء؟).
    ...فإذا كان هذا الحكم يخفى على مثل أبي عبيدة بن الجراح فله أن يخفى على مجموعة من الأعراب أولى وأولى، والرسول عليه الصلاة والسلام علم استشكال هؤلاء عن ماء البحر، فأعطاهم هذا الحكم الزائد الذي لم يسألوا عنه؛ رحمة بهم.
    ومن هذا الباب أيضاً: قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، لما ذهب يبحث عن راهب يفتيه: هل له توبة؟ فدل على راهب فأتى إليه، فقال: هل لي من توبة؟ قال: لا؟ فقتله فأتم به المائة، ثم أذن الله له بالتوبة، فسأل عن أعلم أهل الأرض.
    فدلوه على راهب عالم، فقال له : إني قتلت مائة نفس، ألي توبة؟ قال: نعم، ومن يحجب عنك باب التوبة؟ اخرج إلى أرض كذا وكذا، فإن فيها قوماً يعملون الصالحات.
    قال: (ألي توبة؟ قال: نعم).
    . وهنا تم الجواب.
    كل الزيادة القادمة هذه من تمام (جواب الحكيم) لا تتم الفائدة، ولا ينتفع هذا الرجل إلا بتمام الفتوى.
    (ألي توبة؟ قال: نعم.
    -الزيادة- (ومن يحجب عنك باب التوبة؟ اخرج إلى أرض كذا وكذا فإن فيها قوم يعملون الصالحات).
    أول زيادة: فيها أمانة العالم، وأن العالم أمين على دين الله تبارك وتعالى لا يطلب مكاسب شخصية، ولا يحقق بطولات على حساب النصوص.
    ...سئل ابن القيم رحمه الله عن دواء العشق، رجل ابتلي بحب امرأة وأراد أن يتوب، كيف يتوب؟ قال: يخرج من الأرض التي لقي المرأة فيها.
    لأن كل شيء في هذه الأرض يذكره بها، والإيمان يزيد وينقص، يعني: ما يعمل هذه الأيام كل شخص يأخذ مسماراً ويحفر على شجرة فيرسم صورة قلب أو كذا، ويرسم سهماً في وسطه، فكلما نظر القلب يتذكر أيام قعوده إلى جانب الشجرة، وأيام قعوده في المكان الفلاني، ويمشون في المكان الفلاني.
    فقد يوافق أن يكون عنده هبوط في الإيمان فيرجع مرة أخرى إليها.
    2_إختيار الأسماء.
    أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام بإحسان الأسماء؛ لأن الاسم هو وعاء الإنسان، وكل إنسان له من اسمه نصيب، فمثلاً: شخص يسمي ابنه (خيشة)، عندما يكبر يمسح به البلاط؛ لأن له من اسمه نصيب، فالرسول عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية عندما جاء عروة بن مسعود الثقفي وذهب، وجاء أناس من قريش وذهبوا، فأرسلت قريش سهيل بن عمرو .
    فأول ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم، التفت إلى أصحابه وقال: (سهل لكم أمركم) أخذ السهولة من اسمه، وفعلاً جاء الفتح بعد هذا التشدد مباشرة، واتفقوا على أن توضع الحرب بينهم، وأن لا يعتمروا هذا العام، وإنما في العام المقبل...وفي كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري ، عن سعيد بن المسيب بن حزن قال: (جاء جدي حزن إلى النبي صلى الله عليه وسلم -والحزن ضد السهل الذي هو المكان المنبسط، والحزن: المكان المرتفع- فجاء حزن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما اسمك؟ قال: اسمي حزن، قال: بل أنت سهل، قال: لا أغير اسماً سمانيه أبي، فقال سعيد بن المسيب: فما زالت فينا الحزونة بعد) التي هي الحدة، توارثوها مثلما يتوارث المال، وكذلك الأخلاق تورث.
    3_من أداب المفتي:
    قالوا لا يجب على المفتي الزيادة في جوابه على قدر سؤال أو حاجة السائل!
    -الزيادة-فيها أمانة العالم، وأن العالم أمين على دين الله تبارك وتعالى لا يطلب مكاسب شخصية، ولا يحقق بطولات على حساب النصوص.
    ...فالعالم له حدود يقف عندها، ومن هذه الحدود أنه إذا سئل: يقول: ...بمقتضى الأدلة العامة القاطعة. يأتيك رجل يقول: أنا فعلت كذا وكذا وكذا .
    ولم أترك شيئاً في الحج إلا فعلته، هل حجي مقبول؟ لا تقل له: حجك مقبول؛ لأنك لا تدري أمقبول أم لا، لكن قل: حجك صحيح.
    صليت صلاتي الآن وخشعت، وحاولت أن أخشع: هل صلاتي مقبولة؟ لا تقل: صلاتك مقبولة؛ لأنك لا تدري أقبلت صلاتك أنت أم لا؛ فضلاً عن علمك بصلاة الخلق، ولكن قل: صلاتك صحيحة، أما مسألة القبول من عدمها فهذا ليس إلى أحد على وجه الأرض...فكثير من الناس يظن أن العالم بيده أن يتوب الله على الناس، فهذا الرجل أمين -وهذه هي طبيعة العلماء- يبين ما له الحق فيه وما ليس له الحق فيه.
    ...والحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في الجمعة إذ جاءه أعرابي، فقال: يا رسول الله! هلك الزرع والضرع ونفقت الماشية، فادع الله أن يسقينا( الحديث)...في الجمعة التالية جاء هذا الأعرابي وقال: (يا رسول الله! هلك الزرع والضرع، ونفقت الماشية، فادع الله أن يحبس عنا الماء، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أني عبد الله ورسوله) حتى لا يظن ظان أن نزول المطر منه، أو أنه يسمع الناس يتحدثون أنه هو الذي أنزل المطر فيرتاح لذلك ويتركهم على الاعتقاد الخاطئ، فبعض الناس إذا أشيعت عنه شائعة، كأن يقال:...أن هذا الرجل بركة، وإذا دعا دعوة تستجاب دعوته مباشرة.
    لا، هذا ليس من الأمانة، قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (أشهد أني عبد الله ورسوله) أي: هذا ليس بحولي ولا بقوتي، وقال هذا حتى لا يضل الناس ويخرجوا من حظيرة التوحيد...
    فجواب الحكيم لا يتفطن إليه إلا أهل الفكر الأفذاذ، ولهذا فإن المفتي لابد أن يكون عالماً بجواب الحكيم حتى تكون فتاواه متنورة.
    ومن أفضل الذين تجد في فتاواهم هذه الروح هو شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
    وقد عابوا عليه، كما ذكر ابن القيم قال: عابوا على شيخنا التوسع في الفتوى، فإذا سأله الرجل عن طريق مصر فيصف له طريق الشام وطريق مصر.
    وهذه طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، إذا سئل في مسألة معينة لا يجيب إجابة مباشرة، إنما يطوف ويدور ويضرب الأمثال حتى يؤكد المعنى -الذي هو الاستطراد والخروج عن الموضوع- ثم يرجع إلى الموضوع مرةً أخرى، هذا أفضل بكثير بالنسبة للمستمع؛ لأنك تقرب له الفكرة عن طريق عدة أمثلة، لكن لو سألك أحد: وقلت له: نعم، يجوز .
    4-الإجازة المعاصرة.
    إذا كان سقم في سلسلة عالم معاصر(عصرنا هذا)أي كان,نوع الضعف,فهذا لايضر شيئا في السلسلة,مادام الأصل صحيح وثابت ومضبوط في الدواوين.لأن الكتب هي الأساس,هي المعتمدة بأسانيدها.
    فمثلا رواية صحيح البخاري,بإسنادك إليه,ولو كان فيه مجروح,إلا أن هذا لا يؤثر على الحديث شيئا...والله أعلم.
    (منتخب من محاظرة ودروس الشيخ ابو إسحاق الحويني حفظه الله وشفاه.
    ويتبع إن شاء الله,كل موعد بدرر.
    سبحان الله وبحمده ولاإله إلا الله وحده لاشريك وأستغفر الله وأتوب إليه وحده.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    المشاركات
    7,011

    افتراضي رد: من درر العلم

    شكرا على النقل الموفق .
    رقمي على الواتس أب
    00962799096268



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    36

    افتراضي رد: من درر العلم

    أظن أن التسمية المتعارف عليها عند العلماء تسمية مثل هذا بأسلوب الحكيم
    والله أعلم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •