تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 30

الموضوع: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

  1. #1

    افتراضي دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
    أما بعد..
    فهذه دروس ميسرة في علم البيان الذي هو أحد علوم البلاغة نشرح فيه متن تحفة الإخوان في علم البيان للشيخ العلامة أحمد الدردير المالكي رحمه الله أسأل الله أن يتمها على خير وأن ينفع بها إنه سميع مجيب.


    ( الدرس الأول )

    مقدمة


    البيان: قواعد يعرفُ بها إيرادُ المعنى الواحد بطرقٍ مختلفةٍ في وضوحِ الدلالةِ.
    وفائدته: الاقتدار على التعبير عن المعنى الواحد بطرق مختلفة، وفهم القرآن والسنة.

    بمعنى أن الإنسان يدور في ذهنه معنى معين فيريد أن يعبر عما في داخله، فيجد في علم البيان الوسائل والطرق المتعددة التي يوصل بها المعنى الواحد بأكثر من أسلوب، فمثلا لو أراد شخص أن يتحدث عن كرم زيد فتارة يقول: ( زيدٌ كريمٌ ) وهذا أسلوب تقليدي مباشر لا خفاء فيه يحسنه كل من يعرف النطق بالعربية، وقد لا يقنع به المتكلم فيلجأ إلى أسلوب آخر فيقول: ( زيدٌ مثل حاتم في الكرم ) فَيُفهم منه نفس المعنى وهو كرم زيد ولكن بأسلوب مختلف هو أقوى في نفس السامع وهو تشبيهه بحاتم الطائي في الكرم ، وقد يعبر بأسلوب آخر فيقول:
    ( رأيتُ بحرًا يحسن للناس ) فيعرف منه كرمه أيضا، وقد يختار أسلوبا آخر كأن يقول: ( زيدٌ النارُ في بيته لا تنطفئ) كناية عن كثرة الطبخ واستقبال الضيوف والزوار، وهو يدل أيضا على كرمه، ولا شك أن هذه الأساليب تختلف في وضوح الدلالة على كرم زيد فبعضها أوضح من بعض.
    فعلم البيان يعلمك أنواع الأساليب المتعددة التي كان البلغاء من العرب يستعملونها في كلامهم للتعبير عما في نفوسهم.
    ثم إن أفصح كلام وأبلغه هو كلام الله تعالى، ثم كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة هذا العلم تعين على الفهم السليم للنصوص من كتاب أو سنة.
    مثال: قال الله تعالى على لسان أحد أصحاب يوسف عليه السلام في السجن: (إِنِّي أَراني أعصرُ خمرا ) فقد يستشكل الناظر أمرا وهو أن الخمر حال كونها خمرا لا تعصر إذْ هي سائل مسكر، فإذا رجع إلى علم البيان عرف أن هذا مجاز وليس حقيقة والمعنى هو أني أراني أعصر عنبا سيصير بعد مدة خمرا، وهذا أسلوب من أساليب العرب التي سندرسها إن شاء الله تسمي الشيء باسم ما سيؤول إليه كما يقال: إني أعجن خبزا أي أعجن عجينا سيصير بعد ذلك خبزا.
    مثال آخر: قال الله تعالى: ( يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذرَ الموت ) ومعلوم أن حقيقة الأصبع هو من الأنملة إلى أسفله، وهذا المعنى لا يتأتى هنا لأنه لا يمكن أن يدخلوا كامل أصابعهم في آذانهم، وإنما المعنى هو يجعلون أناملهم في آذانهم، وهذا أسلوب آخر من أساليب العرب تذكر الشيء وتريد بعضه كما هو هنا فقد ذكر الأصبع وأريد بعضه لا كله.
    فبدراسة علم البيان نتعلم أساليب العرب في كلامهم، فيمكننا تفسير القرآن الذي نزل بلغتهم وفق تلك الأساليب.
    وتدور مباحث علم البيان على ثلاثة مباحث هي: التشبيه، والمجاز، والكناية. وهي مجتمعة تشكل علم البيان وستكون دروسنا القادمة إن شاء الله في شرحها وتفصيلها.
    فتلخص أن علم البيان هو قواعد يعرف بها التعبير عن المعنى الواحد بعدة طرق يختلف بعضها عن بعض في درجة الوضوح، وأن فائدته هي في الاقتدار على التعبير عن المعنى الواحد بأكثر من طريق، وفهم القرآن والسنة.


    ( الأسئلة )


    1- في ضوء ما تقدم ما هو علم البيان ؟
    2- ما هي فائدة دراسة علم البيان ؟
    3- عبر عن شجاعة زيد بأكثر من أسلوب ؟


  2. #2

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    موفق لكل خير ونحن معك بإذن الواحد الأحد

  3. #3

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الكناني مشاهدة المشاركة
    موفق لكل خير ونحن معك بإذن الواحد الأحد
    آمين جزاك الله خيرا.

  4. #4

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس الثاني )


    التشبيه

    التشبيه هو: الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى بالكاف ونحوها.
    مثل: زيدٌ كالأسدِ في الشجاعةِ، فهنا دللنا وبينا بهذا التعبير على مشاركة زيد للأسد في معنى ووصف هو الشجاعة واستعملنا لذلك ( الكاف)، وإذا قلنا كأنَّ زيدًا أسدٌ في الشجاعة، فقد استعملنا لذلك ( كأنَّ ).

    ومن التعريف والمثال يتضح أن للتشبيه أربعة أركان هي:
    1- المشبَّهُ وهو هنا زيد.
    2- المشبَّهُ به وهو هنا الأسد.
    3- وجه الشبه أي المعنى الذي يشترك به المشبَّه والمشبَّه به وهو هنا الشجاعة.
    4- الأداة التي يحصل بها التشبيه نحو الكاف وكأنَّ ومِثل. وهذه الأركان الأربعة قد يحذف بعضها في اللفظ، بأن يحذف وجه الشبه، أو أداة التشبيه. وأما المشبه والمشبه به فلا يحذفان فوجودهما ضروري في أسلوب التشبيه ويسميان طرفي التشبيه.
    مثل: ( زيدٌ أسدٌ في الشجاعةِ ) وهنا حذفت أداة التشبيه فقط.
    ومثل: ( زيدٌ كالأسدِ ) وهنا حذف وجه الشبه فقط.
    ومثل: ( زيدٌ أسدٌ ) وهنا حذف وجه الشبه وهو الشجاعة، وأداة التشبيه، والتقدير زيد كالأسد في الشجاعة.
    ويسمى التشبيه الذي حذف منه أداة التشبيه بالتشبيه المؤُكَّد، والتشبيه الذي حذف منه وجه الشبه بالتشبيه المجمل، والتشبيه الذي حذفت منه أداة التشبيه ووجه الشبه معا بالتشبيه البليغ.
    مثال: قال الله تعالى: ( كَأَنَّهُنَّ اليَاقُوتُ والمَرجَانُ ) فهنا شبه الله سبحانه الحور العين بالياقوت والمرجان في الصفاء والجمال، فالمشبه هي الحور العين، والمشبه به هو الياقوت والمرجان، وأداة التشبيه هي كأنَّ، ووجه الشبه المحذوف هو الصفاء والجمال، ونوع التشبيه مجمل لحذف وجه الشبه.
    مثال: قال الله تعالى: ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة ) فهنا شبه الله قلوب اليهود بالحجارة في القسوة، فالمشبه هو قلوب اليهود، والمشبه به هي الحجارة، وأداة التشبيه هي الكاف، ووجه الشبه المحذوف هو القسوة والصلابة، فهو تشبيه مجمل أيضا.
    مثال: قال تعالى: ( نساؤكم حرثٌ لكم ) الحرث هو شق الأرض بآلة من أجل غرس البذور فيها، فالمعنى إذاً هو نساؤكم كالحرث لكم ووجه الشبه هو أن كلا من الأرض المحروثة والنساء موضع يلقى فيهما شيء لينتج منهما شيء فهذا تشبيه بليغ لحذف أداة التشبيه ووجه الشبه معا.
    فتلخص أن التشبيه هو الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى بالكاف ونحوها، وأركانه أربعة هي: المشبَّه والمشبَّه به وأداة التشبيه ووجه الشبه، وهنا أربع صور هي: 1- أن تذكر الأركان كلها مثل: زيد كالأسد في الشجاعة وهو التام، 2- أن تحذف أداة التشبيه مثل: زيد أسدٌ في الشجاعةِ ويسمى مؤَكَّدًا، 3-أن يحذف وجه الشبه مثل: زيدٌ كالأسد ويسمى مجملا، 4- أن يحذف أداة التشبيه ووجه الشبه معا مثل: زيدٌ أسدٌ ويسمى بليغا.

    ( الأسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هو التشبيه ؟
    2- ما هي أركان التشبيه ؟
    3- مثل بمثال من عندك للتشبيه التام والمؤكد والمجمل والبليغ ؟

    ( التمارين 1 )

    بيّن أركان التشبيه ونوعه فيما يأتي:
    ( العلمُ نورٌ والجهلُ ظلامٌ- كلامُ فلانٍ كالشهدِ في الحلاوةِ- الناسُ سواسيةٌ كأسنانِ المشطِ- هذه الطفلة بدرٌ في الحسنِ- أَقوالُ الملوكِ كالسيوفِ القواطعِ- أَنا كالماءِ إِنْ رضيتُ صفاءً... وإذا مَا سَخِطتُ كنتُ لهيبا- الجوادُ في السرعةِ برقٌ خاطفٌ- العالِمُ سراجٌ لأمتهِ ).

    ( التمارين 2 )

    اجعل كلا مما يأتي مُشَبَّهًا:
    ( الكتاب- الحسد- الصديق ).

    ( التمارين 3 )

    اجعل كلا مما يأتي مُشَبَّهًا به:
    ( ثعلب- مرآة صافية- الجبال الشاهقة ).


  5. #5

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس الثالث )


    أقسام التشبيه

    قد علمت أن التشبيه هو: الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى بالكاف ونحوها، وأن أركانه أربعة هي: المشبَّه والمشبَّه به، وأداة التشبيه ووجه الشبه، وأنه قد يذكر بتمام أركانه وقد يحذف منه بعضها.
    وللتشبيه أقسام عدة باعتبارات مختلفة فينقسم باعتبار طرفي التشبيه ( المشبّه والمشبَّه به ) إلى: الحسيين، والعقليين، والمختلِفين.
    1-أن يكون الطرفان حسيين.
    2- أن يكون الطرفان عقليين.
    3- أن يكون أحد الطرفيين حسيا والآخر عقليا.
    ونعني بالحسي أن يكون مدرَكا بإحدى الحواس الخمس وهي: السمع والبصر والشم والذوق واللمس.
    مثل: خدكَ كالوردِ، وكل من الخد والورد مبصران، وشعركَ كالليل في السواد والشعر والليل مبصران بالعين.
    ومثل: صوت المنشدِ كالبلبل، وهما يدركان بالسمع، وريحكَ كالمسكِ، ويدركان بالشم، وعصير الليمون كالخل ويدركان بالذوق، وجلد الطفل كالحرير ويدركان باللمس.
    مثال: قال الله تعالى: ( فجعلهم كعصفٍ مأكولٍ ) العصف هو ورق الشجر، أي جعل الله أصحاب الفيل كورق شجر أكلته الدواب ثم راثته ووجه الشبه هو تقطع أوصالهم كتقطع العصف حينما يؤكل.
    والمهلكون من الكفار والعصف المأكول محسوسان.
    ونعني بالعقلي أن يكون مدركَا بالعقل دون الحس الظاهر، كالمعاني والأوصاف نحو الكرم والشجاعة والخير والحق والباطل والعمل الصالح والهدى والضلال والجبن والبخل، ومثل المشاعر القلبية والإحساسات الداخلية كالرضا والغضب والفرح والحزن والألم فكلها لا ترى ولا تسمع ولا تشم ولا تذاق ولا تلمس.
    مثل: العلمُ كالحياة في كونهما جهتي إدراك ومعرفة، والعلم والحياة صفتان معقولان لا يدركان بالحس، ومثل الجهلُ كالموتِ، والضلال عن الحق كالعمى.
    مثال: قال الله تعالى: ( يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ ) فالمشبه وهو خشية الناس، والمشبه به وهو خشية الله أمران عقليان لأن الخشية محلها القلب فهي تحس بالوجدان ولا تسمع ولا تبصر ولا تذاق ولا تشم ولا تلمس.
    ونعني بان يكون أحدهما حسيا والآخر عقليا أن يدرك أحدهما بالحواس الخمس ولا يدرك بها الثاني.
    مثل: العلم كالنور، فالعلم عقلي، والنور حسي مبصر، ونحو الجهل كالظلام، والغضب كالنار المشتعلة، والموت كالسبع في الاغتيال والإهلاك.
    مثال: قال الله تعالى: ( وقَدِمْنا إلى ما عَمِلوا من عملٍ فجعلناهُ هباءً منثورًا ) أي توجهنا إلى ما عمله الكفار من أعمال البر كالكرم والإحسان للناس فجعلناه كالهباء المنثور، والهباء ذرات ترى أثناء فتح الشباك وتسرب أشعة الشمس منه كالغبار، والمنثور هو المتفرق، وتلك الأعمال معقولة والهباء محسوس مبصر.
    فتلخص أن التشبيه ينقسم باعتبار طرفيه إلى ثلاثة أقسام: تشبيه محسوس بمحسوس، وتشبيه معقول بمعقول، وتشبيه مختلف بين محسوس ومعقول.

    ( الأسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هي أقسام التشبيه باعتبار الطرفين ؟
    2- ما معنى الحسي وما معنى العقلي ؟
    3- مثل بمثال من عندك لكل نوع من أنواع التشبيه المتقدمة ؟

    ( التمارين 1 )

    عين نوع التشبيه من حيث الحسية والعقلية:
    ( الإيمان حياة، الكفر موت، خلقك الكريم كالريحان، العطش كلهيب النار، هذه الفاكهة عسل، العدل كالميزان، الظلم ظلمات يوم القيامة- وكأنَ أجرامَ السماءِ لوامِعَاً... دُرَرٌ نُثِرْنَ على بساطٍ أزرقِ ).

    ( التمارين 2 )

    اجعل كلا مما يأتي مُشَبَّهًا على أن يكون المشبه به أمرا محسوسا:
    ( التقوى- الصلاة- الحقد ).

    ( التمارين 3 )

    اجعل كلا مما يأتي مُشَبَّهًا على أن يكون المشبه به أمرا معقولا:
    ( الحب، الفقر، المرض).

  6. #6

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس الرابع)


    تقسيم التشبيه إلى تمثيلي وغير تمثيلي

    قد علمتَ أن التشبيه ينقسم باعتبار طرفيه إلى تشبيه محسوس بمحسوس، وتشبيه معقول بمعقول، وتشبيه مختلف.
    ونريد أن نقسم التشبيه هنا باعتبار وجه الشبه فينقسم بهذا الاعتبار إلى: تمثيلي، وغير تمثيلي.
    فالتشبيه غير التمثيلي هو: ما كان وجه الشبه فيه غير مركب.
    مثل: زيدٌ كالأسدِ في الشجاعة، فالشجاعة التي هي وجه الشبه شيء مفرد غير مركب. ومثل: زيدٌ كالبحرِ في الجود، فالجود مفرد، ونحو: العلم كالنور في الهداية، فالهداية أمر مفرد.
    مثال: قال الله تعالى: ( وهيَ تجري بهم في موجٍ كالجبالِ ) أي في الضخامة وهي صفة مفردة مشتركة بين الموج والجبال.
    والتشبيه التمثيلي هو: ما كان وجه الشبه فيه صورة مركبة من شيئين.
    مثل: الدمع على خد الطفلة كنقط طل على رمان، فهنا جرى تشبيه هيئة الدمع وهو يسيل على خد أحمر بهيئة وصورة أخرى وهي قطرات الطل -وهو بقية ماء المطر الذي يكون على النباتات- وهي تسيل على الرمان الأحمر. ووجه الشبه هو ( شيء أبيض شفاف يسيل على شيء أحمر ) فهو كما ترى مركب وليس أمرا مفردا فهو عبارة عن صورة وهيئة كاللوحة الفنية، فعندنا ( الدموع، وقطرات الطل ) انتزعنا منهما الشيء الأبيض الشفاف، وعندنا (الخد والرمان ) انتزعنا منهما الشيء الأحمر، فهما شيئان متركبان أي شيء أبيض+ شيء أحمر، فلا يصلح أحدهما للتشبيه دون الآخر ولا يكتمل التشبيه إلا بهما معا فهذا هو ما نعنيه بالتركيب.
    ومثل: الحديقة الخضراء المضاءة بمصابيح الكهرباء كالثوب الأخضر المرصع باللآلئ، فلو فكرت قليلا في هذا المثال لوجدت أن القصد منه تشبيه هيئة وصورة معينة بصورة أخرى ووجه الشبه منتزع منهما وهو صورة شيء أخضر يتناثر عليه أشياء بيض، فوجه الشبه مركب منهما وليس وصفا مفردا فقد انتزعنا من الحديقة الخضراء والثوب الأخضر ( شيء أخضر ) ومن مصابيح الكهرباء واللآلئ ( أشياء بيض تلمع ) وتركب منهما وجه الشبه.
    ومثل: الشيب حين يبدأ بشيبة واحدة ثم ينتشر في الرأس كالحريق العظيم يبدأ بشرارة صغيرة ثم تنتشر النار. وواضح أن القصد هو تشبيه هيئة وصورة ومشهد معين بصورة ومشهد آخر ووجه الشبه ننتزعه من الطرفين فنقول هو صورة شيء صغير يتسبب في حصول شيء كبير، فوجه الشبه هو هذه الصورة وليس أمرا مفردا بدليل أن وجه الشبه لا يتم بالشيء الصغير فقط أو بالشيء الكبير بل لا بد من المجموع.
    مثال: قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) كلمة مثل تعني هنا الحال وحملوا التوراة: أي كلفوا بالعمل بها، ثم لم يحملوها: لم يعملوا بما فيها، الأسفار: الكتب.
    والمعنى هو: حال اليهود الذي كلفوا بالعمل بالتوراة فقرؤوها ودونوها ثم لم يعملوا بها وتركوا ما فيها من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم كحال الحمار يحمل كتبا ثقالا على ظهره ولا ينتفع بما فيها، فواضح جدا أنه تشبيه صورة بصورة أخرى ووجه الشبه هو ( شيء تحمَّل شيئا ثقيلا من غير انتفاع به ).
    مثال: قال الله تعالى: ( مثلُ الذينَ يُنفقونَ أَموالَهم في سبيلِ اللهِ كمثلِ حبةٍ أنبتتْ سبعَ سنابلَ في كلِ سنبلةٍ مائةُ حبةٍ ) أي حال الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم يلقون أجرا عظيما أكبر بكثير من عملهم، كحال من يبذر حبة من قمح أو غيره فتنبت تلك الحبة سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، فهو تشبيه صورة وحالة بحالة أخرى ووجه الشبه هو ( صورة شيء يعمل قليلا فيحصل منه على شيء كثير ).
    مثال: قال الله تعالى: ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) أي حال المشركين الذين اتخذوا الأوثان آلهة يتولونها ويرجون رزقها ونصرها في الشدائد كحال العنكبوت تتخذ بيتا من خيوطها لتحمي نفسها من المخاطر وهي لا تغنيها عن ذلك لشدة ضعف تلك البيوت، ووجه الشبه هو ( شيء يحتمي بشيء آخر لا يحميه إطلاقا ).
    مثال: قال الله تعالى: ( مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ) أي حال أعمال الذين كفروا بربهم وهي تبدوا أعمالا صالحة حسنة ثم يضيع سعيهم يوم القيامة كرماد مكدس اشتدت به الريح في يوم ذي ريح عاصفة قوية فتناثر وتفرق ولم يمكن تجمعه بعد والانتفاع به، فهو تشبيه هيئة بهيئة أخرى ووجه الشبه هو ( صورة شيء كثير متجمع جاءه شيء آخر فضيعه ) وذلك أننا انتزعنا من أعمال الكفار طول حياتهم ومن الرماد المتكدس ( شيء كثير متجمع ) ومن الموت الذي نزل بهم والريح العاصف ( شيء ضيع شيئا آخر ) فتركب وجه الشبه منهما.
    ونختم بكلام مفيد للشيخ العلامة ابن عاشور رحمه الله في تفسيره قال فيه: (ولما شاع إطلاق لفظ المَثَل بالتحريك- أي تحريك الميم والثاء - على الحالة العجيبة الشأن جعل البلغاء إذا أرادوا تشبيه حالة مركبة بحالة مركبة أعنى وصفين منتزعين من متعدد أتوا في جانب المشبه والمشبه به معا أو في جانب أحدهما بلفظ المثل ، وأدخلوا الكاف ونحوها من حروف التشبيه على المشبه به منهما ولا يطلقون ذلك على التشبيه البسيط فلا يقولون مثل فلان كمثل الأسد ) اهـ ج1 ص 302 دار سحنون، يقصد أن البلغاء يستعملون كلمة مثل مع الكاف في التشبيه التمثيلي فقط.
    فتلخص أن التشبيه ينقسم باعتبار وجه الشبه فيه إلى تشبيه مفرد ( غير تمثيلي )، وتشبيه مركب ( تمثيلي ).

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو التشبيه التمثيلي ؟
    2- ما هو التشبيه غير التمثيلي ؟
    3- مثل بمثال من عندك لتشبيه تمثيلي، وآخر غير تمثيلي ؟

    ( التمارين 1 )

    عين التشبيه التمثيلي من غيره فيما يأتي:
    ( العلماءُ العاملونَ كالنجومِ في الهدايةِ- مَن صنعَ معروفًا لعاجلِ الجزاءِ فهو كملقي الحبِ للطيرِ لا لينفعها بل ليصيدها به- عزيمة الشخص الحازم كالسيف الصارم- مثلُ المؤمنينَ في توادِهم وتراحمِهم كمثلِ الجسدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسدِ بالسهرِ والراحةِ- الشيخُ ينشر العلم وحوله تلاميذه كقمر تحيط به النجومُ- كأنَّ سوادَ الليلِ والفجرُ طالعٌ... بقيةُ لطخِ الكحلِ في الأعينِ الزرقِ ).

    ( التمارين 2 )

    اجعل كلا مما يأتي مشبها في تشبيه تمثيل:
    ( جيش منهزم يتبعه جيش ظافر- رجل صالح يفسد لمصاحبته الفساق- شخص عزيز صار أمره إلى ذل ).

    ( التمارين 3 )

    اجعل كلا مما يأتي مشبها به في تشبيه تمثيل:
    ( الشمسُ تحتجبُ بالغمامِ ثم تظهرُ- الحبة لا تنبت حتى تدفن في التراب- معدن الذهب لا يصفو من شوائبه حتى يعرض على النار ).


  7. #7

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس الخامس)

    تقسيم التشبيه إلى قريب وبعيد


    قد علمتَ أن التشبيه ينقسم باعتبار وجه الشبه إلى تمثيلي وغير تمثيلي وذلك بحسب تركب وجه الشبه فيه أو عدم تركبه.
    وهو ينقسم باعتبار وجه الشبه أيضا إلى قريب وبعيد وذلك بحسب وضوح وجه الشبه فيه وقربه من الذهن أو غموضه.
    فالتشبيه القريب هو: الذي يكون وجه الشبه فيه ظاهرا.
    مثل: زيدٌ كالأسدِ، فمن الواضح أن وجه الشبه هو الشجاعة، وكذا زيدٌ كالبدر أي في الجمال، والخدُ كالورد أي في الحمرة، وفلانٌ كحاتم الطائي أي في الكرم فإن هذه التشبيهات واضحة قد ذاعت وانتشرت ولذا ينتقل الذهن فيها مباشرة إلى وجه الشبه بلا حاجة إلى تفكر وتدقيق نظر.
    والتشبيه البعيد هو: الذي يكون وجه الشبه فيه غير ظاهر.
    كما هو الحال في التشبيهات التمثيلية التي يكون فيها وجه الشبه مركبا، فإن هذه يحتاج في معرفة وجه الشبه فيها إلى إعمال ذهن وفكر.
    مثل: كأن أزهار البنفسج وهي على سيقانها نار تشب في أعواد كبريت، فإن هذا التشبيه جرى فيه تشبيه صورة بصورة أخرى ووجه الشبه مركب منهما وهو صورة شيء ذي لون بنفسجي محمول على شيء آخر.
    إضافة إلى ما في هذا التشبيه من الغرابة وعدم الخطور في الذهن.
    مثال: قال الله في شأن المنافقين: ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله ذهبَ الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) فهنا شبه الله سبحانه حال المنافقين في رؤيتهم نور الإسلام والهداية ثم رجوعهم إلى الضلال بحال من كان في ظلمة فأوقد نارًا فلما أبصر وعرف الطريق انطفأت النار ورجع إلى الظلمة، ووجه الشبه هنا صورة مَن كان في تيه فزال تيهه لبرهة، ثم عاد إلى ما كان عليه.
    فاتضح أن التشبيه التمثيلي لتركب وجه الشبه فيه يحتاج معه إلى إعمال فكر ولذا عد بعيدا.
    والتشبيه البعيد أبلغ وأفضل من التشبيه القريب الذي يكون في متناول الجميع يفهمه عامة الناس وخاصتهم.
    ولكن قد يتصرف الناظر البصير من شاعر وكاتب في التشبيه القريب بإضافة بعض الميزات إليه فترتفع قيمته ويلتحق بالبعيد.
    مثل: تشبيه كرم الجواد بمطر السحاب كأن يقال: إن كرمكَ كمطر السحاب فإن هذا التشبيه شائع مطروق بكثرة وواضح فهو قريب ولكن لو قيل: إنَّ كرمكَ كمطر السحاب إلا أنَّ السحاب ليستحي إذا قارن بين ما يفيض منه على الناس بفيض عطائك العظيم.
    فإن هذه الإضافة اللطيفة وحديث الحياء من السحاب قد رفع من منزلة ذلك التشبيه وصيره حسنا بعيدا.
    وكذلك إذا تم إضافة شرط للتشبيه فسيضفي ذلك عليه نوع غرابة ترفع من قيمته.
    مثل: تشبيه الجميل بالشمس أو بالقمر فإنه قريب لكن إذا تصرف فيه بالقول: زيدٌ كالشمس لولا ما يعتريها من الكسوف، أو فلان كالقمر لولا ما يعتريه من الخسوف، صار بعيدا فإنه يريد أن يقول إن المشبَّه أكمل من الشمس لأنه يعتريها الكسوف، وأكمل من القمر لأنه يعتريه الخسوف.
    ومثل: زيدٌ كالبحر لو لم يكن ملحا، فتشبيه الكريم بالبحر شائع قريب إلا أنه بإضافة اشتراط أن لا يكون البحر ملحا حسن التشبيه ففيه ادعاء نقص البحر عن زيد.
    فتلخص أن التشبيه القريب هو الذي يكون وجه الشبه فيه ظاهرا، والتشبيه البعيد هو الذي يكون وجه الشبه فيه بعيدا، وهو أبلغ وأفضل من القريب وقد يتصرف في القريب بما يرفع من منزلته ويلحقه بالبعيد.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو التشبيه القريب وما هو التشبيه البعيد ؟
    2- كيف يمكن رفع قيمة التشبيه القريب ؟
    3- مثل بمثال من عندك لكل من التشبيه القريب والبعيد ؟

    ( التمارين 1 )

    ميز بين التشبيه القريب والبعيد فيما يأتي: ( العلمُ كالنور- مثل الذي يعلِّم الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه- هذه الطائرة كالريح- الشيب حين يظهر في الشعر الأسود كالفجر حين يبزغ من الليل ).

    ( التمارين 2 )

    تصرف في التشبيهات القريبة الآتية بما يزيد من قيمتها:
    ( زيدٌ كالأسدِ- السيف الصقيل كالبرقِ- شَعرُهُ كالليل ).

  8. #8

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس السادس )


    تقسيم التشبيه إلى صريح وضمني

    قد علمتَ أنَّ للتشبيه عدة تقسيمات باعتبارات شتى فقسمناه باعتبار الطرفين إلى تشبيه محسوس بمحسوس ومعقول بمعقول وتشبيه مختلف، وباعتبار وجه الشبه تارة إلى: تمثيلي وغيره، وتارة إلى: قريب وبعيد.
    ثم إن كل تلك الأنواع التي سبق شرحها تندرج تحت اسم واحد هو التشبيه الصريح وهو: ما يكون التشبيه فيه علنيا ظاهرا، وقد مرت علينا أساليبها وصورها فتارة نقول: زيد كالأسد، وتارة نقول زيد أسدٌ، وتارة نقول: مثل زيد وهو يطارد أعدائه كأسد يلاحق قطيع من الخراف، فكل هذا تشبيه واضح مكشوف.
    وهنالك تشبيه من نوع آخر يسمى بالتشبيه الضمني وهو: ما يكون التشبيه فيه غير صريح بل يفهم من مضمون الكلام.
    فهو ليس كما مر عليك من الأساليب والصور التقليدية للتشبيه بل هو خفي يستنتج من الكلام ويفهم من لازم المعنى، وغالبا ما تكون طريقة تأليفه هكذا: ( جملة تخبر عن أمر ما فيه نوع غرابة + جملة أخرى فيها دليل يؤكد مضمون الجملة الأولى ).
    مثل: الذي يزاولُ عملا ضارا يتحاشاه الناس مُعرضٌ نفسه للهلاك؛ فإنَّ مَن يتناول السمَّ للتجربة محققٌ هلاكه.
    فقل لي أين التشبيه هنا وأين المشبه والمشبه به، وأين بقية الأركان ؟ ونلاحظ أن الجملة الأولى تامة المعنى غير مفتقرة إلى الجملة الثانية المصدرة بقولنا: فإنَّ مَن....، ولكن مع هذا كل مَن له ذوق يفهم أن المتكلم يريد أن يقول إن حال مَن يزاول العمل الضار مثل حال مَن يتناول السم للتجربة، ولذا قلنا هو تشبيه غير صريح وإنما يجري بسبب القياس إي أن الذهن يعمل مقايسة عقلية بين الحالين فلذا يفهم التشبيه.
    والآن لو أردنا أن تغيِّر قليلا في المثال السابق لنجعله صريحا فسنقول: الذي يزاول عملا ضارا يتحاشاه الناس كمتناول السم للتجربة.
    ولا أظنه يخفى عليك أنه تشبيه صورة بصورة أي تشبيه تمثيل والتشبيه فيه واضح وصريح وليس ضمنيا، ولعلك لاحظت أيضا كيف أن الكلام كله جملة واحدة وكلام واحد فإن المشبه وهو ( الذي يزاول عملا ضارا يتحاشاه الناس ) أخبر عنه بالمشبه به وهو ( كمتناول السم للتجربة ).

    والآن إذا أدرت أن تخترع مِن نفسك تشبيها ضمنيا فما عليك إلا أن تفكر في قضية ما وتجعلها على حدة ثم تأتي بقضية أخرى تصدق معنى القضية الأولى.
    مثل: مَنْ يكتفي بفهم مسائل العلوم دون حفظها سيضيع تحصيله فإنَّ مَن يصيد غزالا ثم يطلقه أحمق.
    فاللبيب يفهم أن المتكلم يشبه حال مَن يكتفي بالفهم دون الحفظ بحال مَن يصيد غزالا ثم بعد العناء يطلقه.
    ولو قيل: مَن يكتفي بفهم مسائل العلوم دون فهمها مثل مَن يصيد غزالا ثم يطلقه لصار تشبيها تصريحيا. ومثل: لا تكثر مِن المزاح مع أخيك فقد يفسدُ الملحُ الطعامَ، فهنا الجملة الأولى ( لا تكثر مِن المزاح مع أخيك ) تامة المعنى وقد جيء بعدها بجملة ( فقد يفسدُ الملحُ الطعامَ ) تؤكد مضمون الجملة الأولى، فينتزع التشبيه حينئذ أعني تشبيه المزاح إذا كثر فأفسد العلاقة بالملح إذا كثر فأفسد الطعام. ومثل: تريد الرزقَ ولا تسعى لكسبه إنَّ السماءَ لا تمطر الذهبَ، فهنا يفهم ضمنا من الكلام تشبيه حال مَن ينتظر الرزق في بيته ولا يخرج للكسب بحال مَن يجلس وهو ينتظر أن تمطر السماء الذهب ووجه الشبه صورة مَن ينتظر شيئا لن يقع.
    ومن الأمثلة المشهورة قول المتنبي يمدح أبا فراس الحمداني أمير حلب في وقته:
    فإنْ تَفُقْ الأنامَ وأنتَ منهمْ... فإنَّ المِسكَ بعضُ دمِ الغزالِ
    يقصد إن تفق الناس رغم أنك واحد منهم فإن المسك بعض دم الغزال، فالمسك هو في الأصل دم غزال استحال إلى طِيب، فالتشبيه ضمني شبه تفوق الممدوح على الناس مع أنه منهم بتفوق المسك على دم الغزال مع أنه منه.
    فتلخص أن التشبيه نوعان: صريح وهو: ما يكون التشبيه فيه ظاهرا، وضمني وهو: ما يكون التشبيه فيه خفيا.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو التشبيه الصريح ؟
    2- ما هو التشبيه الضمني ؟
    3- مثل بمثال من عندك لتشبيه صريح وآخر ضمني ؟

    ( التمارين 1)

    عين التشبيه الصريح والتشبيه الضمني فيما يأتي :
    ( لا تستصغرْ خصمك فقد تدمي البعوض عين الأسد- إنَّ المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا أي صرفه بيده - ترجو النجاةَ ولم تسلكْ مسالِكها.. إنَّ السفينةَ لا تجري على اليبسِ- كل الحوادثِ مبَداها من النظرِ.. ومعظمُ النارِ مِن مستصغر الشررِ ).

    ( التمارين 2 )

    حول التشبيهات الصريحة الآتية إلى تشبيهات ضمنية:
    ( مثلُ مَنْ يسعَ في أذى المسلم كالذي يحفر بئرا لأخيه فيقع هو فيه- الذي يحومُ حولَ الشبهات كالفَراشِ يحوم حول النار ثم لا يحرق إلا نفسه- مثل الذي يأمر بالخير ولا يأتيه كمثل السراج تضيء للناس ويحرق نفسه ).

    ( التمارين 3 )

    حول التشبيهات الضمنية الآتية إلى تشبيهات صريحة:
    ( تَعيبُ معالي الأمور لعجزك عنها ومَن لا تنال يداه العنبَ يدعي حموضته- مَن يَهُنْ يسهلِ الهوانُ عليهِ.. ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ- عليكم بالجماعةِ فإنما يأكل الذئبُ من الغنمِ القاصيةِ ).


  9. #9

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس السابع )



    تقسيم التشبيه إلى مقلوب وغير مقلوب

    قد علمتَ أن التشبيه يكون صريحا وهو ما كان التشبيه فيه واضحا، ويكون ضمنيا وهو ما كان التشبيه فيه خفيا.
    ثم إن التشبيه ينقسم قسمة أخرى بحسب وجه الشبه إلى تشبيه على الأصل وتشبيه مقلوب وإليك البيان:

    إذا قلتَ: زيدٌ كالأسدِ في الشجاعةِ، فوجه الشبه وجوده في الأسد أقوى منه في زيد كما هو واضح ولذا شبه زيد به فالأسد هو الأصل في الشجاعة وقد شبهنا زيدا به فهذا هو التشبيه الأصلي وأكثر التشبيهات جارية عليه بأن يكون وجه الشبه في المشبَّه به أقوى منه في المشبَّه في الواقع.
    وكذا إذا قلنا زيدٌ كالبدر، وعمرو كالبحر، وبكر كالجبل ونحو ذلك.
    ولكن أحيانا يحاول المتكلم أن يلجأ إلى أسلوب آخر مبني على الإدعاء والمبالغة بأن يشبه الأصل بالفرع زاعما أن وجه الشبه فيه أقوى مثل: الأسد كزيد في الشجاعة، فهو لأجل المبالغة في وصفه بالشجاعة ادعى أن الأسد يشبه زيدا في الشجاعة لا أنه هو يشبه الأسد وهذا هو ما يسمى بالتشبيه المقلوب.
    فالتشبيه المقلوب: ما جعل فيه المشبَّه مشبَّها به بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى.
    مثل المسك كرائحتك، فهنا الأصل هو رائحتك كالمسك ولكن للمبالغة في التشبيه ادعى المتكلم العكس.

    ومثل: كأن ضوء النهار جبينك، والأصل كأن جبينك ضوء النهار ولكنه عكس للمبالغة.
    مثال: قال الله تعالى عن مستحلي الربا: ( إنما البيعُ مثلُ الربا ) أي في الحل والإباحة، ولا يخفى أن الإباحة ظاهرة في البيع بلا خلاف فكان الأصل أن يقولوا : إنما الربا مثل البيع، ولكنهم بالغوا في ادعاء الحلية حتى زعموا أن البيع يشبه الربا في الحل وهذا من انتكاس الفطرة عافانا الله.
    وهنا تنبيهان:
    الأول
    : قد يكون التشبيه المقلوب تمثيليا فلا يختص القلب بتشبيه المفرد بالمفرد.
    مثل: الدمع على خد الطفلة كنقط طل على رمان، فهذا تشبيه تمثيلي غير مقلوب، فإذا أردنا قلبه للمبالغة قلنا: نقط الطل على الرمان كدمع على خد الطفلة، فهذا تشبيه تمثيلي مقلوب.
    الثاني: قد يكون التشبيه المقلوب ضمنيا فلا يختص القلب بالتشبيه الصريح، مثل: الذي يزاول عملا ضارا يتحاشاه الناس معرض نفسه للهلاك فإنَّ من يتناول السم للتجربة محقق هلاكه، فهذا تشبيه ضمني غير مقلوب، فإذا أردنا قلبه للمبالغة قلنا: متناول السم للتجربة محقق هلاكه فإنَّ من يزاول عملا ضارا يتحاشاه الناس معرض نفسه للهلاك، فهذا تشبيه ضمني مقلوب.
    فتلخص أن التشبيه ينقسم باعتبار وجه الشبه إلى مقلوب وغير مقلوب، فغير المقلوب ما كان وجه الشبه في المشبه به أقوى منه في المشبه، والمقلوب هو: ما كان وجه الشبه في المشبه أقوى منه في المشبه به.

    ( الأسئلة )
    1-في ضوء ما تقدم ما هو التشبيه المقلوب ؟
    2- هل يختص التشبيه المقلوب بتشبيه المفرد والتشبيه الصريح ؟
    3- مثل بمثال من عندك لتشبيه مقلوب وآخر غير مقلوب ؟

    ( التمارين 1 )

    ميِّز التشبيه المقلوب من غير المقلوب فيما يأتي:
    ( الريشة في مهب الرياح كقلوب العباد- بائع المخدرات كبائع السم الفتاك- كأنَ البرق في السحاب سيف مسلول في يدكَ- حمرة الوردِ خداكَ- وجعلنا الليل لباسا- مثلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأَتْرُجَّةِ ريحها طيب وطعمها طيب ( الأترجة هي: فاكهة من الحمضيات بحجم الجريب فروت تقريبا ).

    ( التمارين 2 )

    حول التشبيهات غير المقلوبة الآتية إلى تشبيهات مقلوبة:
    ( كأنَّ غضبَ زيد صاعقة- إنَّ صوتها المنكر نهيق الحمار- حجتكَ الساطعة كالصبح المنير ).

    ( التمارين 3 )

    رد التشبيهات المقلوبة الآتية إلى أصلها:
    ( الماءُ مثلُ طَبْعِكَ في الصفاءِ- كأنَّ سوادَ الليلِ شَعركَ الفاحم- الخشب الفارغة كالمنافقين ).

  10. #10

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    وبذا نكون قد انتهينا من مبحث التشبيهات.
    بقي علينا المجاز والكناية.
    نسأل الله التيسير.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    39

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    هل توقف الشيخ ؟

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    المشاركات
    13

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    نسأل الله أن يكون المانع خيرا

    ننتظرك ياشيخنا

  13. #13

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    نعتذر عن الانقطاع ونرجو من الله الفتح.

  14. #14

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    الباب الأول.
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  15. #15

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    نريد الحصول على المتن يا فضيلة الشيخ صفاء جزاك الله خيراً

  16. #16

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الطيب المدني مشاهدة المشاركة
    نريد الحصول على المتن يا فضيلة الشيخ صفاء جزاك الله خيراً
    تفضل أخي الكريم.
    http://majles.alukah.net/showthread....7#.UQyTOfJ6WIo

  17. #17

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس الثامن )



    الحقيقة والمجاز

    قد علمتَ أن أبحاث علم البيان هي: التشبيه، والمجاز، والكناية، وقد فرغنا من التشبيه، فلنتبعه ببيان المجاز، ولكي يعرف المجاز لا بد أن نعرف ما المقصود أولا بالحقيقة.
    فالحقيقة هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له.
    مثال: كلمة أسد وضعتها العرب للحيوان المفترس المعروف أي جعلوا هذه اللفظة دالة على هذا الحيوان بحيث متى ذكروا كلمة الأسد فهم يعنون به الحيوان المعروف، فإذا قالوا: رأيتُ اليومَ أسدًا فالمعنى رأيت الحيوان المعروف فيكون استعمال الأسد حقيقة لأنه استعمل في معناه الأصلي.
    والمجاز هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعَلاقة وقرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
    مثال: إذا استعملنا كلمة الأسد في الإنسان الشجاع لوجود المشابهة بين الأسد والرجل الشجاع فهذا يسمى مجازا لأنه لفظ استعمل في غير المعنى الذي وضعته له العرب فقد نقل هذا اللفظ أعني الأسد إلى الرجل الشجاع لوجود المشابهة بينهما.
    مثال آخر: إذا قيل: أشرقت الشمسُ فالمعنى هو ظهرت الشمس المعروفة التي في السماء فهذا معنى حقيقي، وإذا قيل: رأيتُ شمسا تبتسم فالمقصود بالشمس هنا هو إنسان جميل الوجه بدليل أن الشمس الحقيقية لا تبتسم فهذا معنى مجازي.
    وبتعبير آخر أوضح إن الحقيقة هي: اللفظ المستعمل في المعنى الأصلي للكلمة، والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير المعنى الأصلي للكلمة. ولكن قد يقال كيف نعرف أن هذا هو المعنى الأصلي للكلمة فيكون الاستعمال حقيقة أو أنه ليس المعنى الأصلي للكلمة فيكون مجازا؟
    والجواب: من خلال التبادر وعدم الاحتياج إلى القرينة
    .

    فإذا قلتَ رأيتُ اليومَ أسدًا فلن يفهم السامع من كلامك ولن يتبادر إلى ذهنه إلا الحيوان المفترس المعروف ولن يفهم أنك رأيت رجلا شجاعا فيكون استعمال لفظ الأسد في الحيوان المفترس حقيقة واستعماله في الرجل الشجاع مجازا، وإذا قلت رأيت اليوم أسدا يحمل بندقيته فسيفهم السامع أنك تقصد الرجل الشجاع بدليل القرينة وهي: (يحمل بندقيته ) فمثل هذا لا يكون للأسد.
    فعلم أن الحقيقة لا تحتاج إلى قرينة لتفهم من اللفظ بينما المجاز لا يفهم إلا بقرينة.
    ونقصد بالقرينة: الدليل الذي يمنع إرادة الحقيقة، كقولنا في المثال السابق ( يحمل بندقيته ) فهذه العبارة قرينة ودليل على إرادة المعنى المجازي وهو الرجل الشجاع لأن الحيوان المفترس لا يحمل البندقية.
    والقرينة نوعان: لفظية، وغير لفظية.
    فاللفظية هي: التي تكون مذكورة في الجملة، كما في المثال السابق فعبارة ( يحمل بندقيته ) دليل لفظي على المجاز.

    وغير اللفظية هي: التي لا يكون لها لفظ يدل عليها في الجملة بل تفهم من الواقع.
    مثل: أن يمشي زيد مع صاحبه فيلتفت إلى شخص قادم نحوهما فيقول زيد: ( جاءَ الأسدُ ) فالمعنى المراد هنا هو الرجل الشجاع بدليل أن الحديث كان على هذا الشخص القادم فلذا نقول هي قرينة حالية تؤخذ من الحال وليست قرينة لفظية.
    ونقصد بالعَلاقة: المناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، مثل المشابهة فهي المناسبة التي تجمع بين الأسد والشجاع فإن الرجل الشجاع يشبه الأسد في شجاعته وجرأته، فحينما يستعمل اللفظ في غير ما وضع له لا بد من علاقة بين المعنى الأصلي والمعنى الجديد كي يصح الانتقال من المعنى الأصلي إلى المعنى الجديد.
    فاتضح أن المخلوقات لا بد لها من أسماء تدل عليها فنقول هذا جبل وهذا إنسان وهذا أسد وهذه شمس.. فهذه الأسماء هي حقيقة لمعانيها، فإذا جاء مَن يستعمل الأسماء في غير ما وضعت له أولا فهذا مجاز وحينئذ لا بد من علاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي تصحح الانتقال، ولا بد من قرينة تدل على أن المعنى الحقيقي غير مراد سواء أكانت لفظية أو حالية.

    ( الأسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هي الحقيقة وما هو المجاز ؟
    2- ما المقصود بالقرينة والعلاقة ؟
    3- مثل بمثال من عندك للحقيقة والجاز ؟

  18. #18

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس التاسع )


    أقسام المجاز

    قد علمتَ أن الحقيقة هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
    ثم إن المجاز قسمان: لغوي، وعقلي.
    فالمجاز اللغوي هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادته.

    أي هو ما سبق بيانه أن توجد كلمة أو أكثر في الجملة قد استعملت في غير معناها الحقيقي مثل استعمال الأسد للشجاع، والشمس لجميل الوجه.

    والمجاز العقلي هو: إسناد الشيء إلى غير ما هو له.
    مثل: ( بنى الأميرُ المدينةَ ) فلو نظرنا إلى هذا المثال لوجدنا ألفاظه قد استعملت في معناها الحقيقي؛ فإن المراد بالبناء هو وضع الحجر على الحجر وإقامة الدور ونحوها، والمراد من الأمير هو شخص تولى إدارة بلد، والمراد من المدينة هو المعنى المعروف لها المقابل للقرية، فلا توجد كلمة في تلك الجملة قد استعملت في غير معناها الحقيقي ومع هذا ففي الجملة مجاز ظاهر لأن الأمير ليس هو الذي يباشر البناء ويحمل الحجر بل هو الآمر بذلك فالمجاز قد وقع في إسناد ونسبة البناء للأمير أي أنه لما أسند الفعل بنى لغير ما هو له أي لغير فاعله الحقيقي صار مجازا ولهذا يسمى هذا المجاز أيضا بالمجاز الإسنادي لأنه يقع في الحكم والإسناد وليس في الألفاظ المستعملة في الجملة والأصل الحقيقي للمثال هو بنى العمالُ بأمر الأميرِ المدينةَ فالباني حقيقة هم العمال وليس الأمير.
    فظهر أن الفرق بين المجاز اللغوي والعقلي هو أن اللغوي يكون المجاز في كلماته بينما العقلي يكون في إسناد الشيء لغير فاعله الحقيقي.

    مثال: قال الله تعالى عن فرعون: ( يُذَبِّحُ أبناءَهُم ) هنا مجاز عقلي لأنه أسند التذبيح لفرعون مع أنه ليس الفاعل لأنه لم يكن يذبحهم بيديه والأصل الحقيقي هو يُذَبِّحُ الجنودُ بأمر فرعون أبناءَهم.

    وهنالك عدة صور للمجاز العقلي هي:

    1-أن يسند الفعل إلى سبب الفعل وليس للفاعل الحقيقي مثل: بنى الأميرُ المدينةَ وإنما أسند البناء للأمير لأنه سبب البناء والأصل الحقيقي بنى العمال بأمر الأمير المدينةَ فالعلاقة هنا هي السببية.
    2- أن يسند الفعل إلى زمان الفعل وليس للفاعل الحقيقي مثل أنبتَ الربيعُ البقلَ، ولا ريب أن المنبت هو الله سبحانه والربيع هو زمان وقوع الإنبات لا أكثر فالأصل الحقيقي هو أنبتَ اللهُ في الربيعِ البقلَ، فالعلاقة هي الزمانية.
    3- أن يسند الفعل إلى مكان الفعل وليس للفاعل الحقيقي مثل جرى النهرُ، والمقصود بالنهر حقيقة هو الشق والحفرة التي فيها الماء، فالنهر هو مكان جريان الماء لا أنه هو الذي يجري فالأصل الحقيقي هو جرى الماء في النهرِ أو جرى ماء النهر، قال تعالى: ( تجري من تحتها الأنهارُ ) وهذا مجاز عقلي والحقيقة هي: تجري من تحتها مياه الأنهار فالعلاقة هي المكانية.
    4- أن يسند الفعل إلى المفعول به وليس للفاعل الحقيقي مثل خَسِرَ المالُ، والمال ليس هو الخاسر بل صاحبه والأصل الحقيقي هو خسرَ فلانٌ المالَ، فالعلاقة هي المفعولية.
    فتلخص أن المجاز نوعان: لغوي وهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادته، وعقلي وهو إسناد الشيء إلى غير ما هو له، وله أربع صور: أن يسند إلى سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو المفعول.

    ( الأسئلة )
    1-في ضوء ما تقدم ما هو المجاز اللغوي والمجاز العقلي ؟
    2- ما هي علاقات المجاز العقلي ؟
    3- مثل بمثال من عندك لكل علاقة من علاقات المجاز العقلي ؟

    ( التمارين 1 )

    ميز بين المجاز اللغوي والمجاز العقلي فيما يأتي:
    ( رأيتُ بحرا في المسجد- هذا ثعلبٌ يحتال على الناس- ازدحمت شوارعُ المدينةِ- يا هامانُ ابنِ لي صرحًا ).

    ( التمارين 2 )
    وضح المجاز العقلي وبين علاقته:
    (ضجَّ المسجدُ بالتكبيرِ- وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا- ستبدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلا رَضِيَت العيشةُ)


  19. #19

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    ( الدرس العاشر )

    أقسام المجاز اللغوي

    قد علمتَ أن المجاز ينقسم إلى لغوي، وعقلي، وأن الأول يقع في الألفاظ والثاني في الإسناد، وقد فصلنا الكلام على العقلي فلنتبعه ببيان اللغوي. فينقسم المجاز اللغوي إلى استعارة، ومجاز مرسل.
    فالاستعارة هي: مجاز لغوي علاقته التشبيه.
    مثل: رأيتُ أسدا يحمل سيفا، فالأسد هنا لم يرد به حقيقته وهو الحيوان المفترس المعروف، وإنما يراد به الشجاع ولو نظرنا إلى وجه الصلة والمناسبة بين ( ذلك الحيوان ) و ( الشجاع ) لوجدناها المشابهة فإن الشجاع يشبه الأسد في جرأته، فحينئذ يكون استعمال الأسد بمعنى الشجاع استعارة.
    ومثل: جاءَ الثعلبُ في سيارته، فالثعلب هنا لم يرد به حقيقته وإنما يراد به الماكر، والعلاقة بين المعنيين هي المشابهة فإن الماكر يشبه الثعلب في مكره، فحينئذ يكون استعمال الثعلب بمعنى الماكر استعارة.
    والمجاز المرسل هو: مجاز لغوي علاقته غير التشبيه.
    مثل: رأيتُ فاجرا يعصر خمرا، والخمر هنا لم يرد بها حقيقتها وهي الشراب المسكر؛ لأنه لا يتأتى عصر الشراب وإنما يراد بها حبات العنب، والعلاقة بين ( الشراب المسكر ) و ( العنب ) ليست المشابهة بل هي علاقة تسمى اعتبار ما يكون أي أنه قد سمي العنب خمرا نظرا لما سيصير إليه في المستقبل فهو مجاز مرسل.
    وكذا إذا قيل: سأشعل نارا، فلا معنى لإشعال النار وإنما المقصود هو سأشعل حطبا يؤول إلى نار فهو مجاز مرسل علاقته اعتبار ما يكون.
    ومثل: أكلت الحليب مع الخبز، تقصد الجبن الذي كان حليبا أي أنه قد سمي الجبن حليبا نظرا لما كان عليه في الماضي فهذه علاقة أخرى تسمى اعتبار ما كان.
    مثال: قال الله تعالى: ( وآتوا اليتامى أموالهم ) اليتيم هو الصغير الذي مات والده وهو حال صغره ويتمه لا تدفع إليه أمواله لأنه لا يعرف يتصرف فيها ولكن يعطى ماله عندما يبلغ، فالمقصود إذاً آتوا الذين كانوا يتامى أموالهم فبعد البلوغ والرشد يدفع لهم أموالهم لا حال يتمهم وصغرهم فهو مجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان في الماضي.
    ومثل: أرسل الملكُ عيونَه، والمقصود بالعيون هم الجواسيس، والعين حقيقتها هي العضو المبصر، ولكن المراد هو الإنسان الذي يتجسس والعلاقة بين ( العين المبصرة ) و ( الجاسوس ) هي أن العين جزء وبعض من الجاسوس. فالعلاقة هي الجزئية أطلق البعض وهو العين والمراد الكل وهو الإنسان الجاسوس.
    مثال: قال الله تعالى: ( فتحرير رقبة ) أي عتق إنسان، والرقبة حقيقتها هي العضو الذي يقف عليه الرأس، وواضح أنه ليس المقصود أن نعتق رقبته ويبقى باقيه عبدا، وإنما هو مجاز مرسل أطلق البعض وهو الرقبة وأريد به الكل والعلاقة هي الجزئية لأن الرقبة جزء من الإنسان، وهذه من أساليب العرب الاقتصار على ذكر بعض الشيء وهم يريدون كله.
    ومثل: شربتُ ماءَ زمزم، ولا يعقل أنه يشرب زمزم كله، بل أريد بعضه فأطلق الكل ( زمزم ) وأريد بعضه فهو مجاز مرسل علاقته الكلية لأنه أطلق الكل وأريد البعض.
    مثال: قال الله تعالى: ( جعلوا أصابعهم في آذانهم ) ومعلوم أن إدخال الأصبع بكامله في الأذن غير ممكن بل المقصود هو بعضه وهو الأنامل فأطلق الكل ( الأصبع ) وأريد بعضه ( الأنملة ) فهو مجاز مرسل علاقته الكلية.
    فهذه أربع علاقات للمجاز المرسل: ( اعتبار ما سيكون- وضدها اعتبار ما كان)، ( والجزئية- وضدها الكلية ).
    فتلخص أن المجاز اللغوي نوعان: ما علاقته التشبيه، ويسمى استعارة، وما علاقته غير التشبيه ويسمى مجازا مرسلا، ومن علاقاته: اعتبار ما سيكون، واعتبار ما كان، والجزئية، والكلية.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هي الاستعارة ؟
    2- ما هو المجاز المرسل وما هي علاقاته ؟
    3- مثل بمثال من عندك لكل علاقة من علاقات المجاز المرسل ؟

    ( التمارين 1 )

    بيِّن المجاز المرسل وعلاقته فيما يأتي:
    ( شربتُ البنَّ- فبشرناه بغلام حليم- سكنتُ العراقَ - ولا يلدوا إلا فاجرا كفَّارا - ناصية كاذبة خاطئة- أيها الطينُ لا تتكبر - ألقى الشاعر كلمة بليغة- دماؤنا فداء للإسلام ).

    ( التمارين 2 )
    اجعل الكلمات التالية مجازا مرسلا في جملة: ( رأس- رَجُل- سيارة ).


  20. #20

    افتراضي رد: دروس في شرح تحفة الإخوان في علم البيان سهلة وواضحة

    موفق إن شاء الله ... جزاكم الله خيرًا...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •