تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: ماذا عن اجتماع العيد والجمعة

  1. #1

    Lightbulb ماذا عن اجتماع العيد والجمعة

    إذا اجتمع عيدان : الجمعة وعيد الأضحى أو الفطر ؛ فمن صلى العيد سقط عنه وجوب إتيان الجمعة ، وبقي ذلك في حقه مستحبا ؛ فهو بالخيار بين أن يصليها ، وبين أن يصلي الظهر بدلا عنها ، وأن لا يصليهما جميعا حتى يصلي العصر .
    عن إياس بن أبي رملة الشامي قال: (شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يصلي فليصل) رواه : أبو داود (رقم1071)، وغيره ، وصححه جماعة .
    وعن عطاء قال: (اجتمع يوم جمعة، ويوم فطر على عهد ابن الزبير، فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة، لم يزد عليهما حتى صلى العصر) أخرجه : أبو داود (1/ 281)، وصحح إسناده الألباني .
    زاد عبد الرزاق (5725) في روايته : قال عطاء: (فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، قال: ولقد أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ. قال: حتى بلغنا بعد أن العيدين كانا إذا اجتمعا صليا كذلك واحدا) .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ( 24/ 210- 211) : (الصحيح أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة لكن على الامام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد وهذا هو المأثور عن النبى وأصحابه كعمر وعثمان وابن مسعود وبن عباس وبن الزبير وغيرهم ولا يعرف عن الصحابة فى ذلك خلاف . وأصحاب القولين المتقدمين لم يبلغهم ما فى ذلك من السنة عن النبى لما اجتمع فى يومه عيدان صلى العيد ثم رخص فى الجمعة وفى لفظ أنه قال أيها الناس إنكم قد أصبتم خيرا فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد فإنا مجمعون .
    وأيضا فإنه إذا شهد العيد حصل مقصود الإجتماع ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهدالجمعة فتكون الظهر فى وقتها والعيد يحصل مقصود الجمعة وفى ايجابها على الناس تضييق عليهم وتكدير لمقصود عيدهم وما سن لهم من السرور فيه والانبساط ، فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالابطال ولأن يوم الجمعة عيد ويوم الفطر والنحر عيد ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد أدخل احداهما فى الأخرى كما يدخل الوضوء فى الغسل وأحد الغسلين فى الآخر والله أعلم) .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي رد: ماذا عن اجتماع العيد والجمعة

    القول المفيد في اجتماع الجمعة مع العيد

    محمود بن أحمد أبو مسلّم

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم , فهذا مبحث لطيف في اجتماع العيد مع الجمعة وكيف تصلّي الجمعة والعيد فيه ,

    أولا أقوال العلماء في المسألة :

    وفي الجملة , في المسألة أربعة أقوال :
    الأول : أن الجمعة تجب ولا تسقط بالعيد أو إحداهما بالأخرى , ونقل في المغني هذا القول (1/404) عن أكثر الفقهاء .
    الثاني : تسقط حضور الجمعة عمّن صلّى العيد , قال في المغني : وقيل هذا مذهب عمر , وعثمان , وعليّ , وسعيد , وابن عمر , قال الإمام أحمد : بشرط أن تصلّى الظهر (المجموع 4/359)
    الثالث : تسقط الجمعة عن أهل العوالي البعيدين عن المدن والقرى , دون غيرهم من أهل المدن والأمصار, وهو قول عثمان رضي الله عنه ونقله في المجموع عن الجمهور .
    الرابع : تؤخر صلاة العيد وتصلّى حين يرتفع النهار , ولا يصلي الجمعة ولا الظهر وهذا مذهب ابن الزبير وابن عباس , وهو داخل في القول الثاني من وجه سقوط أحد الصلاتين , وروي عن أحمد أنها تجزئه الأولى منهما , فتجزئه عن العيد وعن الظهر , ولا يلزمه شيء إلى العصر عند من جوّز الجمعة في وقت العيد ( المغني 1/404)

    ثانيا : أدلة الأقوال ومناقشتها

    (1) أما القول الأول , أن الجمعة والعيد لا تسقطان عن أحد , فقال المنتصرون لهذا القول :

    - تجب الجمعة لعوم الآية , والأخبار الدالة على وجوبها , ولأنهما صلاتان واجبتان , فلم تسقط احداهما بالأخرى كالظهر مع العيد , (أي ان كان العيد في يوم غير الجمعة ) (المغني 1/404) ,
    - وقال ابن المنذر (الأوسط ح 2185) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ، وَصَلاةُ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَلاةَ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ وَدَلَّتِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أَنَّ صَلاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ، لَمْ يَجُزْ تَرْكُ فَرْضٍ بِتَطَوُّعٍ ا.هـ.

    قلت : وهذا القول , وهو مروي عن علي بن أبي طالب أنه كان يصلي العيد مع الجمعة كما عند عبد الرزاق ( 5733) لكن سنده ضعيف ,
    وهو قول أبي حنيفة : لا تسقط الجمعة عن أهل البلد ولا أهل القرى (المجموع 4/359)
    وكذلك هو قول ابن حزم ( المحلّى 5/98-99) واستدلّ بضعف الآثار الواردة في الترخيص في ترك الجمعة ,
    وهذا من أقوى الأقوال في الحقيقة , إلا أنه لم يجب عن حديث عثمان الآتي , أنه رخّص لأهل العالية , وسيأتي أنه في صحيح البخاري , ولم ينكر أحد من الصحابة على عثمان في هذا , وهو أصحّ ما روي في الباب , إلا ما جاء عند الشوكاني في النيل (2/295) أن قول عثمان لا يخصصّ قوله صلّى الله عليه وسلّم .ا.هـ.
    قلت : هذا على العين والرأس لو صحّ الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك , وسيأتي ان شاء الله ما فيه .

    (2) أن حضور الجمعة يسقط , بشرط أن يصلي الظهر , واستدل أصحاب هذا القول

    - بحديث إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، قَالَ: أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ " ,
    و نقل الحافظ بن حجر في التلخيص عن ابن المديني تصحيحه ,
    وما وقفت على كلام ابن المديني إلا ما نقله عنه ابن عبد البرّ في الاستذكار (ح 9518) " وَقَالَ عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ مَا حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ ا.هـ. , فلم يصرح بتصحيحه ,
    و قال ابن المنذر : هذا الحديث لا يثبت وإياس بن أبي رمله راويه عن زيد مجهول ,
    وقال ابن خزيمة لم يثبت فيه جرح ولا تعديل كما نقل عنه الحافظ في إتحاف المهرة , وهناك لفظ مغاير لهذا الحديث أخرجه البخاري في تاريخه الكبير (1/394) إشارة منه كعادته إلى تعليل لفظه المشهور به , ولفظه البخاري " ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ هَلْ شَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ ؟ قَالَ: " نَعَمْ، صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ " , وهذا موافق لحديث النعمان بن بشير كما سيأتي عند مسلم .
    وواضح الفرق بين اللفظين , فلفظ البخاري معناه أنه ما رخص في ترك الجمعة , فالله أعلم .
    - وضعّف الحديث كذلك ابن حزم في المحلّى (5/99) , واعترض عليه الشيخ أحمد شاكر وصحّحه , ولم يأت الشيخ بحجة قوية في تصحيحه , بل نقل تصحيح ابن المديني له , وقد تقدم ما فيه .
    - واحتجوا كذلك بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ " , وهو حديث معلول , وصحّح ارساله الإمام أحمد والدارقطني (العلل 10/2015) وانظر (التلخيص الحبير 2/185) والعلل المتناهية (1/374) ,
    وقال ابن عبد البرّ : وهذا الحديث لم يروه فيما علمت عن شعبة أحد من ثقات أصحابه الحفاظ، وإنما رواه عنه بقية بن الوليد، وليس بشيء في شعبة أصلا.وروايته عن أهل بلده: أهل الشام فيها كلام، وأكثر أهل العلم يضعفون بقية عن الشاميين وغيرهم، وله مناكير، وهو ضعيف، ليس ممن يحتج به , وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مُرْسَلا، قَالَ: اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّا مُجَمِّعُونَ: فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ ".فَاقْتَصَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ذِكْرِ إِبَاحَةِ الرُّجُوعِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الإِجْزَاءَ، وَرَوَاهُ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، إِلا أَنَّهُ أَسْنَدَهُ , ثم أخرجه أبو عمر من طريق زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْبَكَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: اجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ عِيدٍ، وَيَوْمِ جُمُعَةٍ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْعِيدِ: " هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ: عِيدُكُمْ هَذَا، وَالْجُمُعَةُ، وَإِنِّي مُجَمِّعٌ إِذَا رَجَعْتُ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ فَلْيَشْهَدْهَا ، قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَّعَ بِالنَّاسِ " ثم قال أبو عمر : فقد بان في هذه الرواية، ورواية الثوري لهذا الحديث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جمع ذلك اليوم بالناس، وفي ذلك دليل على أن فرض الجمعة والظهر لازم، وأنها غير ساقطة، وأن الرخصة إنما أريد بها من لم تجب عليه الجمعة ممن شهد العيد من أهل البوادي، والله أعلم.وهذا تأويل تعضده الأصول، وتقوم عليه الدلائل، ومن خالفه فلا دليل معه، ولا حجة له.ا.هـ.

    وقد روي عن ابن عمر " قَالَ: اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَصَلَّى بِالنَّاسِ، ثُمَّ قَالَ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَأْتِهَا، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتَخَلَّفَ فَلْيَتَخَلَّفْ " , وفي اسناده مندل بن علي , متروك الحديث , والراوي عنه جبارة بن مغلّس ضعيف أو متروك أيضا ( ابن ماجة ح 1312)

    وكذلك استدلّ لهذا القول بحديث مرسل عن ذكوان بن صالح , أن عيدين اجتمعا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصلى بهم صلاة العيد، وقال: " إنكم قد أصبتم ذكرا وخيرا، ونحن مجمعون إن شاء الله، فمن شاء منكم أن يجمع فليجمع، ومن شاء أن يجلس فليجلس ", أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ( ح 5728)
    قلت : فالحديث ضعيف أيضا , وهذا القول مروي عن :
    علي بن أبي طالب كما عند ابن أبي شيبة (5837) وسنده صالح
    وهو قول أحمد : تسقط الجمعة عن أهل القرى وأهل البلد ولكن يجب الظهر (المجموع 4/359) , وذهب إليه ابن تميمية كما في مجموع الفتاوى ( 24/ 210- 211 )0
    قلت : وقيد أحمد هذا , يعني بعدم سقوط صلاة الظهر , لازم , وسيأتي بيانه عند الكلام عن القول الرابع .

    (3) القول الثالث , :
    تسقط الجمعة عن أهل العوالي البعيدين عن المدن والقرى ممن لا تجب عليهم الجمعة فقط , إذ أنهم لا يسمعونها أصلا , وهذا قول عثمان رضي الله عنه , وقد أخرجه البخاري في صحيحه , من حديث الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ يَوْمَ الْأَضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْعِيدَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ مِنْ نُسُكِكُمْ "، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي، فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ "، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ شَهِدْتُهُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثٍ " .
    والشاهد في قول عثمان : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي، فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ " .
    وهذا أقدم الأقوال صحّة عن الصحابة , وأصحّها , ولا يعرف لعثمان رضي الله عنه مخالف في ذلك أو معترض من الصحابة رضوان الله عليهم ,
    ونقله النووي في المجموع عن الجمهور (4/359) " قد ذكرنا أن مذهبنا وجوب الجمعة على أهل البلد وسقوطها عن أهل القرى وبه قال عثمان بن عفان وعمر بن عبد العزيز وجمهور العلماء .ا.هـ.
    وذهب إلى هذا الحديث الطحاوي أيضا , كما في شرحه على مشكل الآثار (2/414) , وكذلك ابن عبد البرّ.

    ويعضد هذا القول ما أخرجه مسلم (ح1452) من حديث حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ مَوْلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ ، وَفِي الْجُمُعَةِ بِـ « سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى » وَ « هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ » ، قَالَ : وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلاتَيْنِ .
    وهذا واضح وصريح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يصلّي العيد والجمعة ,
    نعم .. يبقى الأمر هل هو على الإيجاب أو الندب , فإذا انضم هذا إلى فعل عثمان , دلّ على أن المستثنى فقط هم أهل العالية , والله أعلم .

    (4) القول الرابع ,
    وهو أن الجمعة والظهر يسقطان عمّن صلّى العيد , قيل صلّى العيد فقط , وقيل العيد وبعده ركعتين ,
    , وهذا قول ابن الزبير وابن عباس , وعطاء , واستدلّوا بما رواه أبوداود (907) عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ " فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا " وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَصَابَ السُّنَّةَ "

    وهذا الأثر , ننقل كلام ابن عبد البرّ عليه فقد كفانا الردّ عليه , قال أبو عمر كما في التمهيد " فذهب عطاء بن أبي رباح إلى أن شهود العيد يوم الجمعة يجزئ عن الجمعة إذا صلى بعدها ركعتين على طريق الجمع.وروي عنه أيضا أنه يجزيه، وإن لم يصل غير صلاة العيد، ولا صلاة بعد صلاة العيد حتى العصر.وحكي ذلك عن ابن الزبير، وهذا القول مهجور، لأن اللَّه عزّ وجلّ افترض صلاة الجمعة في يوم الجمعة على كل من في الأمصار من البالغين الذكور الأحرار، فمن لم يكن بهذه الصفات، ففرضه الظهر في وقتها فرضا مطلقا، لم يختص به يوم عيد من غيره .. إلى أن قال " ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة وأي الأمرين كان، فإن ذلك أمر متروك مهجور، وإن كان لم يصل مع صلاة العيد غيرها حتى العصر، فإن الأصول كلها تشهد بفساد هذا القول، لأن الفرضين إذا اجتمعا في فرض واحد، لم يسقط أحدهما بالآخر، فكيف أن يسقط فرض لسنة حضرت في يومه؟ هذا ما لا يشك في فساده، ذو فهم، وإن كان صلى مع صلاة الفطر ركعتين للجمعة، فقد صلى الجمعة في غير وقتها عند أكثر الناس، إلا أن هذا موضع قد اختلف فيه السلف: فذهب قوم إلى أن وقت الجمعة صدر النهار، وأنها صلاة عيد، وقد مضى القول في ذلك في باب ابن شهاب، عن عروة.وذهب الجمهور إلى أن وقت الجمعة وقت الظهر، وعلى هذا فقهاء الأمصار .. ثم قال " وأما القول الأول إن الجمعة تسقط بالعيد، ولا تصلى ظهرا، ولا جمعة فقول بين الفساد، وظاهر الخطأ، متروك مهجور، لا يعرج عليه، لأن اللَّه عزّ وجلّ، يقول:{ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ } ولم يخص يوم عيد من غيره، وأما الآثار المرفوعة في ذلك، فليس فيها بيان سقوط الجمعة والظهر، ولكن فيها الرخصة في التخلف عن شهود الجمعة، وهذا محمول عند أهل العلم على وجهين: أحدهما: أن تسقط الجمعة عن أهل المصر وغيرهم، ويصلون ظهرا.والآخر: أن الرخصة إنما وردت في ذلك لأهل البادية، ومن لا تجب عليه الجمعة .. ثم قال أبو عمر " وليس فيه دليل على سقوط الجمعة، وإنما فيه دليل أنه رخص في شهودها، وأحسن ما يتأول في ذلك أن الأذان رخص به من لم تجب الجمعة عليه ممن شهد ذلك العيد، والله أعلم.وإذا احتملت هذه الآثار من التأويل ما ذكرنا لم يجز لمسلم أن يذهب إلى سقوط فرض الجمعة عمن وجبت عليه، لأن اللَّه عزّ وجلّ يقول:{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } ولم يخص اللَّه ورسوله يوم عيد من غيره من وجه تجب حجته، فكيف بمن ذهب إلى سقوط الجمعة، والظهر المجتمع عليهما في الكتاب والسنة والإجماع بأحاديث ليس منها حديث إلا وفيه مطعن لأهل العلم بالحديث ولم يخرج البخاري، ولا مسلم بن الحجاج منها حديثا واحدا، وحسبك بذلك ضعفا لها" ا.هـ.
    قلت : يضاف على هذا , أن عمل عثمان رضي الله عنه السابق متقدّم عنه وكان الصحابة أشهر وأكثر , ولو كان فيهم من عنده علم بخلاف قول عثمان لاعترض , حتى لو ابن عباس رضي الله عنه , فعمل عثمان مقدّم ولا شكّ على عمل ابن الزبير عند التعارض , والغريب أن الشوكاني وغيره استدلّ لحديث ابن الزبير أن أحدا لم يعارضه من الصحابه , وهذه الحجة أولى أن تنسحب على قول وفعل عثمان رضي الله عنه .
    - وأما قول ابن عباس أصاب السنّة , فقال ابن خزيمة في صحيحه (2/360) " قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَابَ ابْنُ الزُّبَيْرِ السُّنَّةَ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ سُنَّةَ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ عُمَرَ، أَوْ عُثْمَانَ، أَوْ عَلِيٍّ، وَلا أَخَالُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَصَابَ السُّنَّةَ فِي تَقْدِيمِهِ الْخُطْبَةَ قَبْلَ صَلاةِ الْعِيدِ، لأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ خِلافُ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ تَرْكَهُ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ بَعْدَمَا قَدْ صَلَّى بِهِمْ صَلاةَ الْعِيدِ فَقَطْ دُونَ تَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ قَبْلَ صَلاةِ الْعِيدِ ا.هـ .
    قلت : ويردّ على ذلك بما قدّمنا , أن فعل عثمان رضي الله عنه متقدّم على ذلك , ولو كان فيه سنّة صحيحة ما خفيت على الصحابة , خاصّة وأن هذا أمر مشهود , ويحضره الجماعات من الناس , وكذلك ما ورد في الأثر أنه قدم الخطبة على الصلاة , وهذا ليس من سنة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا الخلفاء من بعده , والله أعلم .
    - وحديث ابن الزبير له طرق عنه من رواية أبي الزبير , وعطاء , ووهب بن كيسان , وقد أعلّه ابن عبد البرّ بالاضطراب , وفي حال صحّته , فهو معارض بفعل عثمان ,
    وهذا أصحّ الأجوبة عن هذا الحديث من وجهة نظري .

    تكملة :

    و يروى عن أحمد قول هو من مفردات المذهب , قال في المغني (1/404) وإن قدم الجمعة فصلاها في وقت عيد , فقد روي عن أحمد قال : تجزئ الأولى منهما , فعلى هذا تجزئه عن العيد والظهر , ولا يلزمه شيء إلى العصر عند من جوّز الجمعة في وقت العيد .. وذكر أثر ابن الزبير , ثم قال , قال الخطابيّ : وهذا لا يجوز أن يحمل إلا على قول من يذهب إلى تقديم الجمعة قبل الزوال , فعلى هذا يكون ابن الزبير قد صلّى الجمعة فسقط العيد , والظهر , ولأن الجمعة اذا سقطت مع تأكدها , فالعيد أولى أن يسقط بها , أما إذا قدم العيد , فإنه يحتاج إلى أن يصلي الظهر في وقتها إذا لم يصلّ الجمعة ا.هـ.
    قال إبراهيم النخعي كما في مصنف عبد الرزاق (5727) اذا اجتمعا عيدين يجزيء أحدهما عن الآخر وسنده صحيح ,
    وكذلك هو مروي عن الشعبي كما عند ابن أبي شيبة (5897) , ولم أجد لهما سلفا أو دليلا على هذا القول , والغريب أن ابن أبي شيبة في مصنفه ترجم للمسألة بهذا فقال " في العيدين يجتمعان بجزيء أحدهما من الآخر "

    النـتـيـجـة :
    بعد هذا العرض , للأقوال والأدلّة , يظهر لنا ما يلي :

    - لم يصحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثا في الباب .
    - أصحّ ما ورد عن الصحابة في ذلك أثر عثمان , وهو في صحيح البخاري , وأثر ابن الزبير وهو لا يعارض أثر ابن عثمان قوّة , لا في السند ولا في العمل , ولم يقل به أحد من الفقهاء ,
    - قوة القول الثالث ظاهرة, وهو قول عثمان رضي الله عنه , في أنه رخّص لأهل العالية فقط الذين لا جمعة عليهم أصلا, ممن لا يسمع النداء يوم الجمعة عدم حضور الجمعة, وأما من سمع النداء داخل الأمصار , فحق عليه أن يحضر الجمعة وإن صلّى العيد , وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها , خاصّة لو اجتمع معها حديث النعمان بن بشير عند مسلم كما قدّمناه , وهو أولى لأن كلّ الأقوال الأخرى استعمال أدلتها يبطل الأخرى , والله أعلم .

    . انتهى .
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    700

    افتراضي رد: ماذا عن اجتماع العيد والجمعة

    اجتمع عيدان في يومكم هذا فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون إن شاء الله
    الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1090
    خلاصة حكم المحدث: صحيح .

    [ نرجو من كل مسلم ومسلمة دعاء الله عز وجل بشفاء أخي وشقيقـى من المرض الذي هو فيه ]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    sudan
    المشاركات
    96

    افتراضي رد: ماذا عن اجتماع العيد والجمعة

    صحح العلامة الألبانى أحاديث أبى داوود التى فى الموضوع ، وهى أربعة أحاديث ، أوردها أبو داوود رحمه الله تحت عنوان :
    باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد .
    من الحديث رقم 1070 إلى الحديث رقم 1073 وكلها صحيحة .

  5. #5

    افتراضي رد: ماذا عن اجتماع العيد والجمعة

    ولي على هذه الرسالة مؤاخذات فإني رأيت فيها نفسا غريبا في البحث والنقد!

    المؤاخذة الأولى:
    القول بعدم سقوط وجوب الجمعة عمن صلّى العيد من أضعف المذاهب في الاستدلال في الباب وتقريره أنه:
    1. لا تعارض بين الأدلة العامة الموجبة للجمعة وبين الأدلة الخاصة في المقام فلم يجز الاستدلال بالعام عند قيام دليل التخصيص مثل حديث زيد بن أرقم وحديث أبي هريرة وحديث ابن عباس وبن عمر رضي الله عنهم.
    2. كون العيدين سنة لم يقم عليه دليل سالم بل الراجح وجوبهما، إما على الأعيان أو على الكفاية فإن العيد من شرائع الإسلام الظاهرة التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم والقيام بها
    والحث عليها حتى أمر بإخراج الحيض وذوات الخدور إليها فدل ذلك على أهميتها.
    وما ذكره بعض أهل العلم كابن حزم والنووي والرملي من الإجماع على السنية فليس بصواب عند المحققين إذ قد ذهب إلى الوجوب الحنيفة وهو وقول عند المالكية وهو ظاهر نص الشافعي قال المزني في المختصر: «قال الشافعي:وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْعِيدَيْنِ»ـ وفي البناية شرح الهداية من كتب الحنفية:«وقال الشافعي أيضا تجب صلاة العيد على كل من تجب عليه الجمعة. وهذا منه يقتضي أن تكون فرض عين»ـ
    وقال الحافظ ابن رجب في فتح الباري معلقا على تأويلات الشافعية لنص الشافعي:«وقال الشافعي: من وجب عليه حضور الجمعة وجب عليه حضور العيدين.وهذا صريح في أنها واجبة على الأعيان.. وكثير من أصحابه تأولوا نصه بتأويلات بعيدة، حتى إن منهم من حمله على أن الجمعة فرض كفاية كالعيد.وأقرب ما يتأول به: أن يحمل على أن مراده: أن العيد فرض كفاية؛ لأن فروض الكفاية كفروض الأعيان في أصل الوجوب، ثُمَّ يسقط وجوب فرض الكفاية بفعل البعض دون فرض العين. فقد يقال: إن الشافعي أراد أن يعلق الوجوب في العيد بمن يتعلق به وجوب الجمعة وإن كانت العيد تسقط بحضور بعض الناس دون الجمعة.
    وهذا أشبه مما تأوله به أصحابه، مع مخالفته لظاهر كلامه وبعده منه؛ فإنه صرح بوجوب الحضور في العيد كحضور الجمعة»ـ وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
    وذهب إلى أنها فرض كفاية بعض أهل العلم وهو المشهور في مذهب الحنابلة وبه قال بعض الشافعية والمالكية فبطل القول بعدم سقوط الواجب بالسنة.
    3. وإن سلّمنا فيطالبون بتصحيح الدعوى الخاصة في أن صلاة العيد لا تسقط بها الجمعة فأن الدليل الخاص قد قام على الإسقاط.
    4. قياسهم منقوض بسقوط الظهر بالجمعة، وبأنه قياس مع الفارق لأن الجمعة كانت واجب الوقت فسقط وجوبها بالعيد مع إمكان الأداء بالدليل الخاص، وأما الظهر في غير هذا اليوم فواجب الوقت فلم يسقط بالعيد.
    فتحرر أن العيدين يسقط أحدهما بالآخر، واجتماع العيدين وصف منصوص يمكن اعتباره فلم يجز إلغاؤه إلا بدليل:«قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة»
    5. وردّ أيضا بأنه قياس مع النص وهو فاسد الاعتبار، بيانه أن العيد في معنى الجمعة وتصير بدلا عنها عند الاجتماع، بخلاف الظهر في غير يوم الجمعة وهو فرق ظاهر.
    وبالجملة فما استدلوا به من المنصوص فهو عام مخصوص بالأدلة الخاصة،وأما قياسهم فمنقوض بالظهر مع الجمعة مع أنه قياس في مقابلة نص خاص وهو فاسد الاعتبار.

    المؤاخذة الثانية: تضعيف حديث زيد بن أرقم بهذا الأسلوب فيه نظر كبير بيانه:
    أن الإمام أبا داود قال في سننه حديث رقم (1070) حدثنا محمد بن كثير أخبرنا إسرائيل ثنا عثمان بن المغيرة عن إياس بن أبي رملة الشامي قال:«شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم ؟ قال نعم قال فكيف صنع ؟ قال صلى العيد، ثم رخص في الجمعة فقال:«من شاء أن يصلي فليصل».
    وفي رواية عند غيره: «سمعت معاوية سأل زيد بن أرقم: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين؟ قال: نعم، صلّى العيد من أول النهار ثم رخّص في الجمعة».
    وفي رواية أخرى:«نعم صلى العيد في أول النهار ثم رخص في الجمعة فقال: من شاء أن يجمع فليجمع»
    وأخرجه النسائي في المجتبى: 3/194.وفي الكبرى:2/310. وابن ماجه (1310) وأحمد في المسند (4/372) والطيالسي (685) والدارمي (1/316) وابن أبي شيبة (2/188) والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/303) وابن خزيمة (2/359) وقال:«إن صحّ الخبر فإني لا أعرف إياس بن أبي رملة بعدالة ولا جرح» والطحاوي في مشكل الآثار (2/53) والطبراني في الكبير (5120) والحاكم (1/288) والبيهقي في الكبرى (3/317) وفي المعرفة (2/116) وفي الصغرى (1/262) وغيرهم. [حديث صحيح رجاله كلهم ثقات]
    إياس بن أبي رملة الشامي ذكره ابن حبان في ثقات التابعين(4/320) وصحّح له ابن المديني والحاكم ولم يجرّح فمثله يحتج به كما بيّنه الذهبي في الموقظة:
    «الثقة من وثّقه كثير ولم يضعّف، ودونه من لم يوثّق ولا ضعّف، فإن خُرِّج حديثُ هذا في الصحيحين،فهو مُوَثَّق بذلك، وإن صَحَّح له مثلُ الترمذيِّ وابنِ خزيمة فجيِّدٌ أيضاً،وإن صَحَّحَ له كالدارقطنيِّ والحاكم،فأقلُّ أحوالهِ: حُسْنُ حديثه».
    نعم صحّح له ابن المديني والحاكم ووثّقه ابن حبان، يقول بعض أهل العلم في توجيه التصحيح: «لأن إياسا تابعي وقد صح سماعه من معاوية وزيد بن أرقم رضي الله عنهما، ثم إن ما رواه ليس منكرا بل له شواهد صحيحة، وأيضا فالمتن المرفوع قصير لا يحتاج إلى حافظة قوية لاسيما وأن القصة والمحاورة شهدها وحضرها، وهذا أدعى للحفظ واستبعاد احتمال الوهم أو الخطأ لاسيما والحادثة نادرة الوقوع» الحديث الحسن لذاته ولغيره (1/131) لخالد بن منصور الدريس.
    وعلى هذا فأقل أحوال إياس بن أبي رملة أن يحسّن حديثه هذا، ويمكن تصحيحه على قاعدة الذهبي من أجل تصحيح الحاكم مع عدم التجريح له فكيف مع تصحيح ابن المديني وتوثيق البستي وسكوت السجستاني.
    والحديث صححه الإمام علي بن المديني ذكره الحافظ ابن حجر في التخليص وهو إمام في النقل، ونقل ابن عبد البر وعبد الحق الإشبيلي أنه قال:«في هذا الباب غير ما حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد جيد».
    وسكت عليه أبو داود فهو صالح عند أو حسن، وابن عبد البر الذي اعتمد عليه الأخ في تزييف الأحاديث والآثار من الذين يحتجون بسكوت أبي داود في السنن.
    وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد على شرط مسلم.
    وسكت عليه الذهبي أو وافقه
    وصححه الحافظ عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الصغري (1/321).
    وقال النووي في شرح المهذب (4/320):
    «رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد جيد ولم يضعفه أبو داود».
    وأورده أيضا في خلاصة الأحكام (2/816) في فصل الصحيح وقال:
    «رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن».
    وقال الشيخ أحمد شاكر ردا على ابن حزم في المحلى (5/89): "كلا بل هو حديث صحيح"
    وقال الشيخ الألباني:«حديث صحيح وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي».
    وقال شعيب الأرناؤط: صحيح لغيره.
    ظاهر الحديث: أن الجمعة تصير رخصة في حق من صلّى العيد، وعموم قوله:«من شاء أن يصلّي فليصلّ» يتناول الإمام وغيره من المكلفين بها.
    قال الإمام الشوكاني رحمه الله:
    «يدلّ أن الجمعة تصير بعد صلاة العيد رخصة لكل الناس فإن تركوها جميعا فقد عملوا بالرخصة وإن فعلها بعضهم فقد استحق الأجر وليست بواجبة عليه من غير فرق بين الإمام وغيره.. وجميع ما ذكرناه يدل على أن الجمعة بعد العيد رخصة لكل أحد ولا ينافي ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "فإنا مجمّعون" فدلت أقواله على أن هذا التجميع منه صلى الله عليه وآله وسلم ليس بواجب ». السيل الجرار 1/304)

    المؤاخذة الثالثة: في قوله:«مندل بن علي متروك الحديث»
    لا يحسن إسقاط حديث ابن عمر عن درجة الاستشهاد، وكذلك الوصول بمندل بن علي إلى درجة الترك، ذلك؛ أن الإمام ابن ماجه قال في السنن (1312) حدثنا جبارة بن المغلس حدثنا مندل بن علي عن عبد العزيز بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ثم قال:«من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف» .إسناده ضعيف.
    قال الحافظ البوصيري في الزوائد (430): «هذا إسناد ضعيف لضعف جبارة ومندل، وله شاهد من حديث زيد بن أرقم رواه النسائي في الصغرى ورواه الحاكم من حديث عبد الله بن السائب وقال: وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».
    وقال الشيخ الألباني: صحيح لغيره.
    وقال صاحب إنجاز الحاجة (4/97) رحمه الله:«والحديث صحيح بما قبله»
    الطريق الثانية: أخرجها الطبراني في الكبير (13591) عن شيخه محمد بن يوسف التركي ثنا عيسى بن إبراهيم البركي ثنا سعيد بن راشد السمّاك ثنا عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر, قال: «اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر, وجمعه فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العيد, ثم أقبل عليهم بوجهه, فقال:يا أيها الناس, إنكم قد أصبتم خيرا وأجرا, وإنا مجمعون, فمن أراد أن يجمع معنا فليجمع, ومن أراد أن يرجع إلى أهله فليرجع». إسناده ضعيف جدا من أجل سعيد بن راشد أبو محمد السماك المازني البصري.
    وأما مندل بن علي العنزي فجمهور المحدثين على عدم الترك فلا يعارض بقول ابن حبان ولا بقول الدارقطني الذي قول له آخر موافق للجمهور.
    المؤاخذة الرابعة: قوله في نقد القائلين يجزئ أحدهما عن الآخر
    (لم أجد لهما دليلا) فيه نظر وهو مذهب الشعبي وإبراهيم النخعي وابن أبي شيبة وأحمد رحمهم الله.
    قال الشعبي:«إذا كان يوم جمعة وعيد، أجزأ أحدهما من الآخر».ابن أبي شيبة (5849) بسند حسن، لأن مجالدا فوق الأجلح الكندي في الشعبي عند أبي الحسن المديني.
    وقال إبراهيم النخعي في العيدين إذا اجتمعا:«يجزئه الأولى منهما».«يجزئ واحد منهما عن صاحبه».
    عبد الرزاق في المصنف (5727) وابن أبي شيبة في المصنف (5847) بسند صحيح.
    وقال عطاء بن أبي رباح:«إذا اجتمع عيدان في يوم فأيهما أتيت أجزأك».ابن أبي شيبة (5844) بسند حسن ويشهد له ما في حديث ابن الزبير.
    وقال عطاء بن السائب:«اجتمع العيدان في يوم، فقام الحجاج في العيد الأول فقال: من شاء أن يجمّع معنا فليجمّع، ومن شاء أن ينصرف فلينصرف ولا حرج. فقال أبوالبختري وميسرة:ما له قاتله الله من أين سقط على هذا؟»وفي رواية:«اجتمع عيدان على عهد الحجاج فصلّى أحدهما، فقال: أبو البختري :ما له قاتله الله أنّا علِق هذا؟».ابن أبي شيبة (25890، 5894) عن هشيم وابن فضيل كلاهما عن عطاء، وإسناده حسن.
    وقال عبد الله بن أحمد:«سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما؟ قال: لا بأس به، أرجو أن يجزئه». سؤلات عبد الله (482).
    وقال ابن أبي شيبة: «في العيدين يجتمعان يجزئ أحدهما من الآخر» وكأنه يختار هذا المذهب.

    قلت: ظاهر هذا المذهب أنه إذا قدّم الجمعة فصلاها تجزئه عن العيد والظهر، ولا يلزمه شيء إلى العصر، وقياسه أيضا: أنه إذا صلّى العيد أجزأ عن الجمعة والظهر معا وإن لم يصرحوا.
    ودليلهم من باب القياس على المنصوص وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«فمن شاء أجزأه من الجمعة» فإذا أجزأ العيد من الجمعة وكان سببا في سقوط وجوب الجمعة أجزأت الجمعة من العيد إلحاقا بنفي الفارق لأنهما عبادتان من جنس واحد.
    وقد يقال: إنه قياس في الأسباب وفيه ما عرف في الأصول.

    المؤاخذة الخامسة: في الاستدلال بأثر عثمان وأنه أخص من الدعوى.
    يجاب عن أثر عثمان رضي الله عنه بأن يقال:
    1. لا يخصّض قول رسول الله صلى الله عليه وسلم به لأن ظاهره الاجتهاد وعدم التوقيف وتقرر في الأصول: أن النصوص لا تخصّص بقول الصحابي ولا بفعله إلا إذا كان له حكم الرفع لأنها حجة على كل من خالفها، والأصل عدم التوقيف.
    قال صاحب «البحر الزخار» (3/10) من أئمة الزيدية:«لايخصّص قوله صلى الله عليه وسلم بقول عثمان».
    وأيده العلامة صالح بن المهدي المقبلي قائلا: «هو كذلك» المنار في المختار من جواهر البحر الزخار (1/230).
    2. أثر عثمان دليل للقائلين بسقوط الجمعة عمن صلى العيد وقد استدلوا به، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:«استدل به من قال بسقوط الجمعة عمن صلّى العيد إذا وافق العيد يوم الجمعة وهو محكي عن أحمد. وأجيب: بأن قوله: «أذنت له» ليس فيه تصريح بعدم العود. وأيضا فظاهر الحديث في كونهم من أهل العوالي أنهم لم يكونوا ممن تجب عليهم الجمعة لبعد منازلهم عن المسجد،وقد ورد في أصل المسألة حديث مرفوع». فتح الباري10/30).
    3. أهل عوالي المدينة إن كانت الجمعة واجبة عليهم فلا يسقط الفرض بإذن عثمان بن عفان فلا معنى للإذن إلا سقوط الجمعة بالعيد وهو المطلوب.
    وعلى هذا فقول عثمان غير مخالف للحديث بل هو دليل آخر للقائلين بالسقوط.
    يقول العلامة المقبلي رحمه الله:«ويزاد بأن قول عثمان غير مخالف للحديث، إذ نصص على أهل العالية لبعدهم عن المسجد، ولا يمنع ذلك الترخيص لغيرهم مع ثبوت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم،وإن لم يثبت لم يكن قول عثمان حجة». المنار في المختار من جواهر البحر الزخار (1/230)
    4. وإن لم تجب الجمعة على أهل العوالي فلا يحتاجون إلى إذن من عثمان ولا يلزمهم الانتظار، فالأثر أخصّ من الدعوى.
    والظاهر أنه اختار الجمع بين العيدين وأذن لبعض أهل الرخصة تصريحا لبعدهم عن المسجد ولا يمنع هذا الترخيصَ لغيرهم إلا من باب مفهوم المخالفة وهو مفهوم لقب وضعيف عند أهل الأصول.
    5. أهل العوالي لم يكونوا من أهل البوادي وإنما هم من أهل المدينة وهذا يدل على أن عثمان اختار لهم الترخصّ بينما اختار التجميع كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
    6. تعليل الأخ أنهم لا يسمعون النداء يحتاج إلى إثبات وأنه شرط للوجوب بالدليل، ثم هو شرط مختلف بين أهل العلم، وظاهر السنة أن الجمعة واجبة على كل محتلم ..
    7. ثم هو معارض بأحاديث الباب من حديث زيد بن أرقم وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وبفعل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب.
    8. إنه تقسيم لأهل الجمعة بالإذن وعدم الإذن وهو خارج عن الأصول جدا، أو تقسيم في غير محلّه بالاجتهاد عند عدم الوجوب.وبالجملة فلا حجة لهم في أثر عثمان والله أعلم.

    المؤاخذة السادسة: ترك الأخ مذهبين مشهورين:
    الأول: مذهب الزيدية أن الجمعة تصير بعد جماعة العيد رخصة لغير الإمام وثلاثة (البحر الزخار (3/9-11).ضوء النهار: (2/759-) والسيل الجرار:1/304)
    ولا أعلم لهم إلا التشبث بقوله:«وإنا مجمّعون» وهو لا يدل على أكثر من أرجحية التجميع على الترك وذلك يتحقق بحمل التجميع على الاستحباب للإمام وغيره.
    وقوله:" فمن شاء" دليل على أن الرخصة قد حصلت على العموم وهو مناف للوجوب على أحد لأنها إذا وجبت على ثلاثة صارت فرض كفاية كالجنازة وفرض الكفاية ليس برخصة بل وجوبه متعلق بكل مكلف.(ضوء النهار (2/760).
    الثاني: مذهب ابن تيمية: أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها وكذلك من لم يشهد العيد.
    وذكر أنه المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كعمر وعثمان وابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وغيرهم ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف.
    ولا أعرف له دليلا غير الاستدلال بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل بعض الصحابة، وأنت خبير أن قوله عليه السلام قد بيّن أن الجمعة رخصة حتى في حق الإمام إذا صلّى العيد.
    وما ذكره من عدم الخلاف فغير وجيه، إذ الظاهر أن مذهب ابن عباس وابن عمر وابن الزبير مثل مذهب عطاء ومن وافقه من الفقهاء.
    وإذا لم تكن الجمعة رخصة في حق الإمام صارت فرض كفاية وفرض الكفاية ليس برخصة وهذا تناقض لا يحتمل من الإمام، ويرده أيضا: ترك ابن الزبير وهو الإمام للجمعة كما هو المنصوص وتصويب ابن عمر وابن عباس له.

    المؤاخذة السابعة: مذهب عطاء بن أبي رباح هو الراجح في الباب، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وهو اللازم لجميع القائلين بسقوط وجوب الجمعة بصلاة العيد إن أنصفوا.وهو قول ابن عباس وابن الزبير وعطاء بن أبي رباح والفقهاء الذين لم ينكروا على ابن الزبير، قال ابن رشد في بداية المجتهد: «اختلفوا إذا اجتمع في يوم واحد عيد وجمعة هل يجزئ العيد عن الجمعة؟
    فقال قوم: يجزئ العيد عن الجمعة وليس عليه ذلك اليوم إلا العصر فقط ،وبه قال عطاء وروي عن ذلك عن ابن الزبير وعلي...».
    وقال العلامة العثماني الشافعي رحمه الله: «وقال عطاء تسقط الجمعة والظهر معا في ذلك اليوم فلا صلاة بعد العيد إلا العصر» رحمة الأمة في اختلاف الأئمة (ص59)
    ويمكن أن يستدلوا بأن:
    1. النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث أبي هريرة رضي الله عنه:«فمن شاء أجزأه عن الجمعة» فلم يأمرهم بالجمعة ولا بالظهر ولا شك أن الجمعة كانت واجب الوقت ثم سقط الوجوب بصلاة العيد فلو كان الظهر واجبا على من لم يصلّ الجمعة لأمرهم لأن المقام مقام بيان وتعليم للأمة.
    2. قول زيد بن أرقم رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صلى العيد من أول النهار ثم رخّص في الجمعة».وقوله عليه السلام في حديث ابن عمر رضي الله عنهما:«من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها ومن شاء أن يتخلف فليتخلف».
    دليل على أنه لو كان ثمّ شيء غير الترخص في ترك الجمعة أو الاتيان إليها لبيّنه، ألا ترى أنه أدار الكلام على أمرين: إتيان الجمعة لمن شاء، أو الترخص في الترك وعدم الصلاة بها، فلو كان ثمّ شيء ثالث لذكره، ولأمرهم به، فلما لم يفعل دل على عدم وجوب الظهر في حق من صلى العيد يوم الجمعة، والحكم الشرعي ينتفي بانتفاء الدليل.
    3. قال الإمام أبو داود (1071) حدثنا محمد بن طريف البجلي ثنا أسباط عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح قال: «صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا وكان ابن عباس بالطائف فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال: أصاب السنة». إسناده صحيح.
    وأخرجه النسائي في الكبرى (1807) والمجتبى (1592) وابن أبي شيبة في المصنف (2/186) وابن خزيمة (1465) والحاكم (1138) من طرق عن عبد الحميد بن جعفر عن وهب بن كيسان قال: اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار ثم خرج فخطب فأطال الخطبة ثم نزل فصلى ولم يصل للناس يومئذ الجمعة فذكر ذلك لابن عباس فقال أصاب السنة».
    وفي رواية ابن خزيمة وابن أبي شيبة:«شهدت ابن الزبير بمكة وهو أمير فوافق يوم فطر أو أضحى يوم الجمعة فأخر الخروج حتى ارتفع النهار فخرج وصعد المنبر فخطب وأطال ثم صلى ركعتين ولم يصل الجمعة فعاب عليه ناس من بني أمية بن عبد شمس فبلغ ذلك ابن عباس فقال: أصاب ابن الزبير السنة.وبلغ ابن الزبير فقال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا».
    وفي لفظ:«فبلغ ابن الزبير فقال: شهدت العيد مع عمر فصنع كما صنعت».
    إسناده صحيح.وصحح الحديث الإمام ابن خزيمة والحاكم والنووي والذهبي
    قال الحاكم:«صحيح على شرط الشخين ولم يخرجاه».
    وقال الذهبي:«على شرطهما».
    وقال النووي في شرح المهذب:«إسناده صحيح على شرط مسلم».
    وقال الحافظ جمال الدين أبو المحاسن:«إسناده جيد».
    وقال الشيخ الألباني: «صحيح» وفي موضع آخر:«إسناده صحيح على شرط مسلم».
    وقال شعيب الأرناؤط: إسناده صحيح.
    وقال الأعظمي: إسناده حسن.
    وقال ابن جريج قال عطاء بن أبي رباح:
    «إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما فليصلّ ركعتين قط حيث يصلّي صلاة الفطر ثم هي هي حتى العصر».عبد الرزاق في المصنف (5725).
    وقال عبد الرزاق في مصنفه (5725) عن ابن جريج قال: قال عطاء:«إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما فليصل ركعتين قط حيث يصلي صلاة الفطر ثم هي هي حتى العصر. ثم أخبرني عند ذلك قال: اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد في زمان ابن الزبير فقال ابن الزبير:
    عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا بجعلهما واحدا وصلى يوم الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر.
    قال: فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، قال: ولقد أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ، قال حتى بلغنا بعد أن العيدين كانا إذا اجتمعا كذلك صليا واحدة» وإسناده صحيح كما قاله العلامة الألباني رحمه الله.
    وقال الإمام أبو داود(1072). حدثنا يحيى بن خلف ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال قال عطاء: «اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير فقال عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر».
    قال النووي: إسناده صحيح على شرط مسلم.
    قال الشيخ الألباني: صحيح.
    وقال الشيخ شعيب: إسناده صحيح.
    وقال القاضي حسين محمد المغربي رحمه الله:
    «وذهب عطاء إلى أنها يسقط فرضها عن الجميع وهو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم «فمن شاء أن يصلي فليصل» ولفعل ابن الزبير..
    وعنده أيضا يسقط فرض الظهر ولا يصلي إلا العصر، وفي روايته عن ابن الزبير أخرجها أبو داود قال ابن الزبير:«عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة ولم يزد عليهما حتى صلى العصر».
    وعلى القول بأن الجمعة أصل في يومها والظهر بدل فهو يقتضي صحة هذا القول لأنه إذا سقط وجوب الأصل مع إمكان أدائه سقط البدل.
    وظاهر الحديث أيضا حيث رخّص لهم في الجمعة ولم يأمرهم بصلاة الظهر مع تقدير إسقاط الجمعة للظهر يدل على صحة هذا القول والله أعلم». البدر التمام شرح بلوغ المرام (2/136-).
    وأيّده العلامة أبو الخير نور الحسن خان القنوجي رحمه الله في فتح العلام شرح بلوغ المرام (2/114-115)
    وقال الإمام الشوكاني رحمه الله:«ظاهره أنه لم يصل الظهر، وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوّغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر، وإليه ذهب عطاء..
    والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة الأصل، وأنت خبير بأن الذي افترضه الله على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة فإيجاب صلاة الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم». نيل الأوطار (6/427).
    وقال أبو الحسن السندي رحمه الله:
    «ولا يخفى على المتتبع أن أحاديث هذا الباب بعضها يقتضي سقوط الظهر أيضا لحديث ابن الزبير وهو غير مذكور في الكتاب، وبعضها يقتضي عدم لزوم الحضور للجمعة مع كونه ساكتا عن لزوم الظهر والله أعلم». حاشية السندي على ابن ماجه (2/114-115)
    وقال في موضع آخر:
    «ولا يخفى أن أحاديث الباب دالة على سقوط لزوم حضور الجمعة، بل بعضها يقتضي سقوط الظهر أيضا كروايات حديث ابن الزبير والله تعالى أعلم» حاشية السندي على النسائي:3/194-195)
    واختاره الشيخ صديق حسن خان.
    4. وأما قياس الجمهور في لزوم الظهر لمن ترك الجمعة يوم العيد على لزوم الظهر لمن ترك الجمعة في غير يوم العيد فهو إن سلِّم قياس مع فارق مؤثر من وجوه:
    الأول: أن الجمعة في غير يوم العيد فرض عين على من تجب عليه، ومستحبة في حقّ من ترخّص الترك في العيد فيكون من باب قياس الأخف على الأغلظ وهو مردود.
    الثاني: التارك للجمعة في غير يوم العيد تارك لها من غير بدل فوجب الظهر، وأما التارك لها يوم العيد تارك لها ببدل شرعي فافترقا بل العيد في حقه بمثابة الجمعة.
    الثالث: من وجبت عليه الجمعة في غير يوم العيد لا يجوز له أداء الظهر مع إمكان الجمعة إذ لا ينتقل إلى البدل مع إمكان الأصل، ومن صلى العيد يجوز له ترك الجمعة مع إمكان أدائها فافترقا فلا يستقيم القياس.وهذا يكون بين خيارين إما أن يجمع بين العيدين وإما أن يقتصر على أحدهما.
    وبهذا يتضح أن مذهب عطاء أقوم دليلا، وأظهر قياسا على الأصول.
    وبالله تعالى التوفيق.

  6. #6

    افتراضي رد: ماذا عن اجتماع العيد والجمعة

    بحث ماتع ؛ جزاك الله خيرا .

  7. #7

    افتراضي رد: ماذا عن اجتماع العيد والجمعة

    وإياك أخي، بارك الله فيك

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •