هذه مقارنة بين التنويري الحقيقي و التنويري المزيف نستعرضها على شكل نقاط وهي في الحقيقة إشارات سريعة و لعل الله ييسر الوقت و تكون نواة بحث موسع !
بداية الفارق الأساس بين التنويري المزيف و التنويري الحقيقي أن التنويري المزيف يحمل خلفية ثقافية أخرى ( اللبرالية ) و يحاول انتاج اسلام جديد ( الإسلام المدني ) من خلالها و توفير غطاء شرعي لأدبياتها و هذه الثقافة تجده مؤمن بها حقيقة أو أنه واقع تحت أسرها و هو لا يشعر و تتحكم في مواقفه و تصرفاته بخلاف التنويري الحقيقي فهو عنده مناعة فكرية و حصانة ثقافية عن كل فكرة دخيلة على الإسلام فهو لا يعرف إلا الإسلام و لا يدعو إلا للإسلام و لا يتحرك إلا من أجل الإسلام و المراد الإسلام الحقيقي الذي أنزله الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم و ليس اسلام فلان أو جماعة أو حزب أو غيرها !!
نبدأ في استعراض النقاط

1-التنويري المزيف يمارس التفكير المتخلف و ينشيء صناعة الرجعية و هو لا يشعر فهو يدعو إلى اطلاق الحريات بكافة أشكالها و الدعوة للدميقراطية و مفاهيمها مثل الأنسنة و المواطنة و أمثال هذا و هي في الحقيقة أفكار قديمة جدا بعضها يرجع إلى ما قبل الميلاد انتجها فلاسفة في بيئات التخلف و الإنحطاط أمثال ارسطو و أفلاطون و مزدك و غيرهم !
أما التنويري الحقيقي فهو يعلم أن عصر التنوير بدأ منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فهوالنموذج المشع الذي تستلهم منه المثل والقيم و التعاليم وينتصب أمامه المرء بسكينة الانتماء !

2-التنويري المزيف يمارس الإنتقاء بين النصوص دون الجمع بينها فهو ليس همه معرفة مراد الله و حكمه الشرعي ! همه توفير الغطاء الشرعي للخلفية الثقافية اللبرالية له و القيام بكل إمكانياته في تأويل ما يتعارض معها وتخريجه بشتى المخارج !!! بمعنى تحويل الوحي من حاكم على الأفكار و المواقف إلى مجرد محام عنها !!!!

التنويري الحقيقي متجرد من جميع المؤثرات التي تؤثر على بحثه عن مراد الله فهو لا يريد إلا الحكم الشرعي كما أنزله الله سواء وافق فكره معينة أو خالفها و سواء أرضى أناس أو أسخطهم فهو مدرك المسؤولية الكبيرة و التبعة العظمية إذا خالف مراد الله فهو يجمع النصوص جميعا و يعملها جميعا !!

و التنويري الحقيقي عندما يرى التنويري المزيف يمارس هذا الفعل الفاضح المشين يطرح عليه هذا السؤال المؤلم الذي يفرض نفسه هاهنا: ماهي المساهمة الحقيقية التي يمكن أن نقدمها للعالم اذا كان قصارى مانقوله للغرب و اللبراليين هو : أن ما تقومون به من ممارسات و سلوكيات و تروجون له من أفكار يمكن تخريجها على بعض الاقوال الفقهية لدينا, أويحتمل أن تدل عليها بعض الادلة؟ و هم يمارسون هذه الممارسات و السلوكيات قبل أن يعرفونا أصلاً !!!!!!!


3-عند التنويري المزيف البوصلة الفكرية قد فقدت قوتها المغناطيسية تماماًفهو يتمتع باللغةَ الناعمةَ البشوشة في التعامل مع خصوم الحل الإسلامي سواء لبراليا أو روافض أو غيرهم و يعقد التحالفات و اللقاءات بل و المناصرة كما يتمتع بالتفهمَ الودودَ للدراسات التجديفية والروايات العبثية !!!
التنويري الحقيقي لا يعرف المواقف الرمادية و لا أنصاف الحلول و لا التنازلات عن المبادئ و القيم فهو ينطلق من الإسلام كما أراد الإسلام الذي يرفض التعاون على الفساد و التهاون مع المفسدين !!

4-التنويري المزيف متذبب في الأفكار و المواقف فلا تستغرب منه مثلا أن يثني على دكتاتور أو استبدادي و لما تنقلب أحواله يأتي تنويرينا المزيف يناقض ما قاله فيه بالأمس فاتحا على نفسه باب من الضحك و التندر بتصرفاته فلا تستغرب أن يقوم البعض بعمل مقاطع فيديو يقولون فيها فلان قبل كذا و بعدا كذا يبرزون فيها أقواله و تصرفاته المتناقضه !!!
أما التنويري الحقيقي فتجده ثابت المواقف راسخ الأقوال خالي من التناقضات لأنه ينطلق من مبادئ ثابته أضفت على مواقفه الثبات و البعد عن التناقضات !!!

5-التنويري المزيف يجد الحرج في الزام غيره بالشريعة فهو يرى ذلك يخالف الحريات بسبب لخلفية الثقافية اللبرالية المسيطرة على تفكيره و مواقفه فهو سلبي تجاه الفساد لا بل وصل به الأمر إلى أنه يتقبل الفساد و يتفهمه بلا حرج أما التنويري الحقيقي فهو ينطلق من قوله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ....) و غيرها من النصوص فهو يعلم يقينا أن الإسلام دين كفاح و تحرير للإنسان من كافة اشكال الفساد و لو استلزم ذلك الإكراه فالإسلام لا يرضى إلا أن تكون ايجابيا تمارس الإصلاح حيثما تحل و ترحل و لا يرضى بالسلبية فالإسلام لا يرضى أن تنقذ نفسك من الفساد و تكتفي بهذا بل عليك العمل على انقاذ غيرك و تحريره من الفساد و الفساد كلمه عامه تشمل الفساد بكافة اشكاله سواء العقدي أو الأخلاقي أو السياسي أو الإداري أو غيرها !!!
قال تعالى ( إن الله لا يحب الفساد ) و قال سبحانه ( إن الله لا يصلح عمل المفسدين ) و قال سبحانه ( و لا تتبع سبيل المفسدين ) و قال سبحانه ( قال رب انصرني على القوم المفسدين )

هذه نقاط سريعة سجلتها على عجل ( لعلي أقوم بتفصيلها أكثر و ضرب الشواهد و الأمثلة )
نعلم منها أن الخلط بين التنويري الحقيقي و التنويري المزيف هي سبب التشوش الإجتماعي الحاصل اليوم !!
كما نعلم أن التنويري المزيف في الحقيقة فاسد يمارس التخريب بدعوى الإصلاح !!