منقول من علي الحلبي الأثري السلفي
29/ 11 / 1433ه
15/ 10 / 2012 م
الإثنين
.............................. .............................. .......
كلمــــات
لمن أصابَه نَهَمُ التتبُّع لـ (الشيوخ للإجازات!)
-للعلامة محمد البشير الإبراهيمي-
قال عليٌّ الحلبيُّ-عفا الله عنه-بمنّه وكرمه-:
قبل ثلاثين سنة –وإلى خمسٍ من السنين بعدها-شَغَفَني البحثُ عن أشياخ مُجيزين! والتتبُّعُ لأشخاصٍ مُسنِدين!
وقد حصّلتُ من ذلك –وخلالَ فترة وجيزة-وبجُهد غير كبير-على عددٍ متميِّزٍ –منها- ، عن شيوخ مميَّزين -منهم-.
لم يكن لي مِن دافع لهذا -كلِّه -يومَها-والله أعلمُ بحقائق النفوسِ-إلا المواجَهةُ -والمقابَلةُ- لمن كان يتفاخرُ علينا-ويتعالى –من المبتدعة (السخّافين)-ممن حصَّلوا –مِن هنا!وهناك!وهنالك !-بضعة أسانيد ، عن بعض الأساتيذ!
فكان يُلَبِّس على كثير من المبتدئة الأغمار ، والجهلة الصِّغار: أنه –بإجازاته ومُجيزيه!-خيرٌ من أولئك الذين لا شيوخَ لهم ! ولا إجازاتٍ عندهم!!
فكان ما كان منِّي: لرد ضلالة هذا الجائر المتجنِّي...
وقد كان من ذلك –ولله الحمد-قَدْرٌ لا بأسَ به ؛ فقد جَرَّ -بعدُ-ذيّاك المبتدعُ- أذيالَ الخيبة ، وتاه في سردابِ الغَيْبة!
ولا أظنُّ مثلَ هذا المقصدِ-فيما لو كانت النوايا-حقاً-كذلك-:إلا مقصداً شرعياً ؛ لا فخرَ فيه ، ولا خُيَلاء-ولا ما شابَهُ-أو شابَهَهُ من مُفسدات الأشياء-!
ثم بعد سنينَ وسنينَ –وعند انتشار الإنترنت ، والفضائيات، ووسائل الاتصال الحديثة-المُبهِرة-: تغيّرت المقاييس!
واضطربت الأولويات!
واختلفت –أو اختفت!-المعالم!
فانتشر بين كثير من الطلبة –وفي عدد من البلدان-أمران كبيران:
* الأول: السعي وراء الإجازات! والبحث عن الشيوخ!واللَّهَ وراء المعمّرين –لمجرد الاستجازة منهم-!!
...حتى رأيتَ الافتخارَ ، والتسابقَ، والتناديَ –بل النواديَ-،والتنافسَ جَرَّاء ذلك ، ومن أجله!
وقد دفع هذا الأمرُ الأولُ إلى الأمر :
* الثاني ؛ وهو : عقد مجالس لسماع بعض كتب السنة ؛ كـ «الصحيحين»-وغيرهما-!
وأطراف هذه المجالس ثلاثةٌ:
-أولها : الشيخ –وغالباً ما يكون مُسِنّاً ، أو مريضاً -: وهو جالسٌ ليقرَّ بالسماع-أولاً-، ثم الإجازة-ثانياً-.
-ثانيها : القارئ : وهو الذي يتولّى القراءة من الكتاب المراد قراءتُه..
ولكن موضعَ العجَب -الشديد-جداً-: أنه يقرأ بسرعة فائقة!
لا تكاد الكلماتُ –فضلاً عن الحروف-تتميز لسامعها-وقد أقول:لقارئها!-!!
وقد نبّه الإمام الذهبي-قبل قرون وقرون-على مثل هذا الخلل=في رسالته «الموقظة»-حيث قال-رحمه الله-:
« وقد تَسمَّح الناسُ -في هذه الأعصار- بالإسراع المذموم الذي يَخفَى معه بعضُ الألفاظ!
والسماعُ –هكذا- لا مِيزةَ له على الإجازة!
بل الإجازةُ صِدْقٌ.
وقولُك: (سَمِعتُ)،أو:( قرأتُ) هذا «الجزءَ» -كلَّه- مع التَّمْتَمَةِ، ودَمْجِ بعض الكلمات: كَذِبٌ.
وقد قال النَّسائيُّ في عِدَّةِ أماكنَ مِن «صحيحه»: (وذَكَرَ كلمةً معناها: كذا وكذا)..
وكان الحُفَّاظُ يَعقِدون مجالسَ للإملاء.
وهذا قد عُدِمَ –اليومَ-.
والسَّماعُ بالإملاء يكون مُحقَّقاً ببيانِ الألفاظِ للمُسمِع والسامع»!
فكيف الشأنُ بما يحصل -اليومَ-؟!
احكموا أنتم!
-ثالثها: السامعون : وأكثرُ هَمِّ أكثرِهم : تحصيلُ إجازة السماع عن الشيخ!
وأنا -هنا-للتنبيه والبيان-لستُ ضدَّ مجالس السماع إذا كانت وَفق الشرط المعتبر..
ولستُ ضدَّ الحرص على الإجازات -وتطلُّبها- إذا كانت:
1-ممّن يستحقّها.
2-لمن يستحقّها.
3-بِقَدْرِها ، وإعطائها ما لا يزيد عن حجمها.
..وأمّا (النيّات!) –وتصحيحُها ! والحرصُ على تقويمِ مسارِها!وتعديلِ اعوجاجِها!!- ؛فهي أعسرُ مِن أن يضبطَها مثلي-والله العفُوُّ-:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}..
والله-وحده-المستعان.
وبعد:
فالذي هيّج هذه المعانيَ -عندي-، فأودعتُها هذه (التقدمةَ) -من غير سابق إعداد-:ما تذكّرتُه - ثم طالعتُه- من كلام عزيز عالٍ ، لعالم فَرْدٍ من أفراد هذا الزمان ؛ بحث فيه هاتين القضيتين الكبيرتين–باخت ار ،وقوة-؛ مُناقشاً في ذلك مَن لو قيل فيه:(مسند العصر-بلا منازع-!): لَـمَا أبعد القائل!
فكيف بمَن دونه-بمراحل-؟!
يتبع
* * * * *