تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    23

    افتراضي أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ..
    فقصة الفخر الرازي مع السحر كبيرة وطويلة والرجل قد تاب من ذلك رحمه الله ،ونص على ذلك أهل العلم وهو واضح في وصيته رحمه الله ،وما نكتبه في هذا الموضوع إنما هو رد على من يتخذ من تكفير بعض أهل العلم له قبل توبته ذريعة للطعن فيهم ومادة للتشنيع عليهم كما يفعل المدعو سعيد فودة وغيره من الطعن على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واتهامه بأنه قد كفر الرازي بغير موجب ،فأردنا أن نبين ما وقع فيه الرازي من وجوه الشرك والكفر التي استند إليها العلماء في تكفير أو تبديع الرازي رحمه الله ...
    وبداية فكتاب الفخر الرازي المسمى بـ "السر الكتوم في مخاطبة النجوم " يعد من المراجع المعتمدة الجامعة لمتفرقات هذا العلم ودقائقه وتفاصيله، فهو مرجع للكثير ممن جاءوا بعده وصنفوا في هذه المسائل،كالمنذر ي وغيره من الإباضية ،فهم بين ناقل عن الكتاب أو مختصر له ،أو عامل بمادته ممتهن لهذه المهنة - السحر والتنجيم – والفخر الرازي رحمه الله لم يتعرض لهذا الفن اطلاع المارّ عليه أو المتعلم له عن بُعد ،أو جامع لمادته ليحذر الناس منها كما يزعم أتباعه ، بل هو من أهل هذه الصنعة بشهادة أهل هذه الصنعة أنفسهم كما سيأتي ، فكتابه الموسوم بالسر المكتوم سحرٍ صريح كما ذكر الإمام الذهبي رحمه الله لأنه يحوي مادة السحر كاملة غير منقوصة ،فالرجل قد اختار في كل باب أحسنه ، وفي كل فصل مفصله ، وفي كل مسالة أخصرها وأقواها تأثيراً ،فقد بدأ كتابه بذكر فضائل هذا العلم وعده من العلوم الفاضلة التي تذكر مآثرها وفضائلها ، ثم ذكر بعد ذلك أصوله ومقدماته وضوابطه وشرح السبل التي تمكن من الاستفادة بها، والطريقة التي بها ينجح ما يسمونه بالعمل ويؤتي أثره ،فينقل عمن سبقه ويقرره ويحققه وينقده ويضيف إليه وينقحه ،وكل ذلك يقطع بأن ما يذكره أتباعه عنه بأنه مجرد جامع للمادة محض كذب مغاير للحقيقة التي يراها كل ناظر ، أو جهل بما يحتويه الكتاب من بلايا ومصائب، فاخذوا يرددون أن كل ما فيه من الجلدة إلى الجلدة منقول لا ينسب إليه شيء منه إلا البراءة التي في المقدمة وإبطال قول الفلاسفة الذي في وسطه ! ولعلهم معذورون في ذلك فإن هول المصيبة التي ابتلوا بها عظيمة فكيف يكون مقدمهم في العلم ومجدد مذهبهم منجماً ساحراً ؟ فلا شك أن هذا الأمر يشينه ويشين مذهبه ، لذا تراهم مصرين على كل ما يخالف العقل والأصول والتحقيق في سبيل الدفاع عن شيخهم وإمامهم ...
    وقد قال ابن طاوس ت 664 في كتابه : "" فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم" صـ116:
    (( ومن العلماء بالنجوم من أهل الإسلام شيخ الأشعرية في علم الكلام محمد بن عمر الرازي وقد وصل إلينا من تصانيفه في علم النجوم كتاب قد اجتهد فيه، وبالغ في معانيه، وحكم لنفسه بتصنيفه أنه من المنجمين القائلين بصحة تأثيرها واستقامة تدبيرها وسماه كتاب الملخص فيما دعاه من الطلسمات والسحر والعزائم ودعوة الكواكب صنعه لخوارزم شاه ومات الرازي وهو مسودة بخطه نحو ثلاثين كراساً، يقول فيه والإنصاف أن هذا العلم مما لا يحتمل البحث فيه ومع ذلك فإن من يراعي هذه القوانين فإنه يجد أكثر الأحكام مطابقاً لما قيل، أقول أنا وقد قدمنا في أول هذا الباب أن أبا علي شيخ المعتزلة كان عالماً ذا العلم وعاملاته وهو حجة عند المعتزلة، وهذا الرازي شيخ الأشعرية فهو حجة عندهم في جواز العلم بالنجوم والعملبه به وقد قدمنا أيضاً قول الغزالي في تصديق أحكام النجوم وهو شيخ أهل الرياضة .)) ا.هـ
    - والرازي رحمه الله تكلم عنه العلماء وأنكروا عليه هذا الكتاب غاية الإنكار وبعضهم استبعد نسبة الكتاب إليه لعظم ما فيه من السحر وحكاية لشرك وعبادة النجوم والكواكب على وجه يحسن هذه الأفعال ويدعو إليها ويزينها ..
    - بينما مازال يتشبث بعض أتباعه ببعض العبارات التي لا يكاد يخلو منها كتاب أُلِف في السحر مثل قوله إنه يبرأ من كل ما يخالف الدين وسلم اليقين ،وإبطاله إلهية الكواكب والنجوم عند من يعتقد إلهيتها، وهذا شان الكثير من الكتب المؤلفة في هذه المسائل ، وشأن الكثير من السحرة والمنجمين ممن ينتسبون للإسلام ،تجدهم يبدأون كتبهم بالبسملة والحمد وذكر الآيات ، ويبتدرون القارئ بالقول أن الله سبحانه هو مالك الملك ومسبب الأسباب وأن كل شيء بقدره وقدرته ،وأن هذه الكواكب والأفلاك والجن والشياطين والسحر ما هي إلا أسباب لا تنفع ولا تضر،ولا تؤثر بذاتها بل كل ذلك إنما يكون بإذن الله سبحانه وتعالى .
    وبعد كل هذه المقدمة يلقى ما ذكره وراء ظهره ،ويبدأ في تقرير هذه الأعمال على طريقة أصحابها ،فيقرر ما يقررونه حذو القدة بالقذة !
    - والفخر الرازي رحمه الله في كتابه السر المكتوم لم يختلف عن هؤلاء في شيء بل زاد عليهم أنه يؤصل لهذه المسائل بأحكام شرعية ومخارج فلسفية كلامية !
    - وخلاصة ما يراه في هذا الشأن :
    أن هذه الكواكب والأفلاك لها تأثير عادي في هذا الكون ،وأنها مدبرة له " بإذن الله " ، وهذا ما قرره ملخص الكتاب صراحة بلا مواربة ،وهو عالم اشعري محقق ،ونص - كما سيأتي - على أن هذا الاعتقاد لا بأس به عنده ،وأنه لا كفر فيه ولا ضلال !
    - فالرجل لا ينكر تأثيرها ولا القوة التي اختصت بها ،ولا تدبيرها لشئون الكون وتخصيص كل فلك وروح سماوي ببعض الأعمال ،ولكنه يدعي أن هذا كله بتقدير الله !!!
    فيرى أن تأثيرها في العالم السفلي إنما هو من قبيل الأسباب العادية التي يجري الله سبحانه وتعالى وقوع الأحداث " عند " حصولها لا " بها" !
    ويستدل على ذلك بأحوال الشمس والقمر وتأثيرها في العالم السفلي من حصول الليل والنهار والسخونة والبرودة واختلاف فصول السنة الربعة بحسب حركتها وتأثير ذلك على ما يقرب منها من أقطار الأرض ،وما يترتب على ذلك في النبات والإنسان والحيوان ، وكذلك المد والجزر الحاصل من القمر، وتأثر النباتات بضوء القمر وما إلى ذلك مما أطال فيه النفس في تقريره، ثم يبني على ذلك أن العلم بأحوالها وطبائعها ومزاجها وحركاتها واتصالاتها وامتزاجتها وما تختص به من تدبير للعالم السفلي إنما هو من قبيل الأخذ بالأسباب العادية في تحصيل منافعها ، كما أن البَحّار عندما يرى أن الرياح قد هاجت فإنه يستدل بذلك على حصول المد الذي تسبب فيه القمر، فلا يركب البحر حينئذ .
    فيقول هو كذلك فعندما نعرف أن الكوكب الفلاني مختص بكذا وكذا من شؤون الكون فإنا نطلبه منه بعد تسخيره لنا ، ونتخذ في ذلك السبل العادية المؤدية لتسخيره والتقرب منه ،والتي قررها أصحاب هذا الشأن ،كقول الأوراد المعينة والتبخير بأنواع البخور المحددة ،وتمدحه بشتى أنواع المدح والتعظيم والتضرعات والتسبيحات والسجود والصيام ... وغير ذلك كما تتضمن ضرورة تهيئة المواد العنصرية القابلة السفلية للمواد الفاعلة العلوية، فإن كل ذلك من قبيل الأسباب العادية عنده ..!!!
    - وليس في دعاء هذه الكواكب ولا الاستعانة بها ولا في تعظيمها وتسبيحها والسجود لها أو تقديم القرابين أو اعتقاد تأثيرها وتدبيرها لشؤون الكون من بأس إذ لم يعتقد إلهيتها أو استقلالها بالتأثير !
    فإذا كان الاعتقاد أن الله سبحانه هو المؤثر الحقيقي وأن هذه أسباب عادية يمكن أن تتخلف فهذا لا بأس به عنده !!!
    فهذه هي حقيقة اعتقاد الرازي في هذه المسائل ..
    وكل ما يشغب به سعيد فودة وأتباعه مما ينقلونه عن الرازي لا ينافي ذلك ،فالرجل وإن كان يبطل اعتقاد ألوهية الكواكب والأفلاك ويبطل استقلالها بالتأثير فهو لا مطلق التأثير كما سيأتي ...
    - فهؤلاء المنجمون لا يهمهم من المؤثر الحقيقي ،الكوكب أم رب الكوكب، بل المهم عندهم هو حصول التأثير بأي طريق فحسب ،فهذا هو مقصودهم الأساسي وفقط ...
    فلا إشكال عند الرازي وغيره أن تبطل إلهية الكواكب أو الأفلاك ، فإن تقريره أن المؤثر الحقيقي هو الله لا يتعارض مع إثبات تأثيرها بعد ذلك على أي صورة سواء كان هذا التأثير بحسب العادة الجارية ، أو بحسب القوة المودعة فيها ،وهذا ما لا يفهمه مثل سعيد فودة أو لا يريد أن يفهمه ، لذا تراه سلك طريق الدراما المأساوية فيما أخرجه أتباعه له مؤخراً !!!
    فهو النهاية يعتقد تأثيرها وتدبيرها للعالم السفلي ،بل ويقرر توافق الأنبياء والحكماء على ذلك ويستدل على ذلك بالآيات والأحاديث ...
    وما يهمنا في هذا الموضوع هو أمرين فقط :
    الأول إثبات اعتقاد تأثير الكواكب والأفلاك عند الرازي على أي صورة .
    والثاني : ما يقوم به المعتقد لهذا التأثير في سبيل تحصيل غرضه من هذه الأفلاك من أنواع الشرك والكفر وصرف العبادة لهذه الكواكب تحت مسميات مختلفة كخدمة الكواكب والعناية وغير ذلك مما لا يؤثر على كون ما يحصل منهم شركاً ينافي حقيقة التوحيد ووجوب إفراد الله بجميع أنواع العبادات .
    وهذان هما السببان الرئيسيان الذان كانا سبباً في تبديع الرازي وتكفيره من قِبل من قام بذلك من أهل العلم .
    - وكتاب الرازي السر الكتوم من أوله إلى آخرة ينطق بذلك ويصرح !!!
    أما اعتقاد تأثير الكواكب والأفلاك عن طريق اتصالاتها وامتزاجتها فليس مقتصرا على هذا الكتاب فهذا مقرر في كتبه العلمية والكلامية ..
    ففي تفسيره مفاتح الغيب قرر في أكثر من موضع صحة هذا التأثير فقال في 13/18 من تفسيره :
    ((فإن قيل: لا شك أن للطلسمات آثارا مخصوصة، فلم لا يجوز أن يحصل الخوف منها من هذه الجهة؟
    قلنا: الطلسم يرجع حاصله إلى تأثيرات الكواكب، وقد دللنا على أن قوى الكواكب على التأثيرات إنما يحصل من خلق الله تعالى فيكون الرجاء والخوف في الحقيقة ليس إلا من الله تعالى.))
    وقال في 13/72
    (وتأثيرات الكواكب يدل على أن كلها إنما حصلت بتخليق الفاعل المختار الحكيم.)ا.هـ
    وقال في كتابه المباحث المشرقية 2/424 :
    (( الفصل التاسع في الفرق بين السحر والطلسمات والنيرنجات
    اعلم أن الاحوال الغريبة العجيبة الحادثة في هذا العالم اما ان تكون اسبابها تصورات نفسانية او امور جسمانية اما اذا كان حدوث تلك الغرائب من التصورات المجردة النفسانية فاما ان تكون الغرائب والعجائب اريد بها صلاح الخلق وحملهم على المنهج القويم والصراط المستقيم واما ان تكون قد اريد بها توريط النفس في مهاوى الآفات والشرور فالاول يسمى بالمعجزة والثاني يسمى بالسحر- واما اذا كان حدوث تلك الغرائب عن اسباب جسمانية فاما ان يكون حدوثها عن تمريج قوي سماوية بقوى ارضية واما ان يكون حدوثها لاجل خواص غريبة موجودة في الاجسام العنصرية فالاول هو الطلسمات والثاني هو النيرنجات))
    أما في كتابه الموسوم بالسر المكتوم فنصه على ذلك لا يحتاج إلى ذكر فهو منتشر في سائر الكتاب ننتقي منها بعض المواضع ونكتفي بها خشية الإطالة فمنها ما ذكره في أو كتابه حيث أنشا فصلا كاملاً فإقامة الدلايل الإعتبارية على صحة تأثير الكواكب والفلاك في العالم السفلي وجعل ذلك عمدته في تقرير صحة ما ينسب إليها من أفعال عموماً فقال في صـ 20 :
    ( الفصل الأول في الدلايل الاعتبارية التي تدل على أن النجوم مؤثرة في هذا العالم ...
    وهذا كما في هذه الصورة :

    ثم أحال على هذا الموضع في صفحة 112بقوله :
    (( قد عرفت أن الدلالة المذكورة في أول هذا الكتاب عن أن المبادئ القريبة بحدوث الحوادث في عالم الكون والفساد لابد وأن يكون هي الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية وقد عرفت أنها تفعل أفعالها بالإرادة ومن كان فاعلا بالإرادة كان عالما بفعله فإن هذه الكواكب عالمة بجميع ما يجري في هذا العالم ...))
    وهذه صورة كلامة :

    وقال في صـ 26 :
    ( فيثبت بهذه الإعتبارات وأمثالها أن الموجب لظهور الآثار في هذا العالم امتزاجات هذه الكواكب واتصالاتها..) كما هو موضح في هذه الصورة :

    فمسألة اعتقاد تأثير هذه الكواكب مقررة عند الرازي في كتبه العلمية والكلامية وفي هذا الكتاب كما ترى تصريحه ولكن مع التأكيد أن هذا حاصل منه دون اعتقاد ألوهية هذه الافلاك أو القول باستقلالها بالتأثير ،وهذا كما ترى لا يمنع من اعتقاد تأثيرها على وجوه اخرى كما سبق فبطل بذلك ما يشغب به من يريد دفع هذه الحقائق !
    يتبع إن شاء الله

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!

    - ومما يدعم ثبوت اعتقاد الرازي لتأثير الكواكب أيضاً أنه في صفحة 110من كتابه قد بين أن الصابئة قد اختلفوا في اعتقادهم في الأفلاك وتأثيرها على ثلاثة أقوال :
    الأول : أن هذه الكواكب والأجرام واجبة الوجود وأبطله في محله !
    والثاني : أن هذه الأجرام والأفلاك والكواكب ممكنة الوجود بذاتها واجبة الوجود بإيجاب مؤثر أزلي وقال إن هذا هو اعتقاد الصابئة والفلاسفة .
    والثالث : أن هذه التأثيرات واقعة بفعل الله سبحانه وتعالى وأن الله هو خالق تلك الكواكب وقد أودع سبحانه في كل واحد منها قوة مخصوصة وفوضه في تدبير جزء من هذا العالم ،قالوا وهذا لا يقدح في جلال الله تعالى وكبرياءه ...
    وهذه صورة هذا الكلام :



    وعندما تعرض لهذا الكلام مرة ثانية في صـ 113 أبطل قولهم في القسم الأول والثاني ولم يتعرض إلى الثالث ، فقال :
    - أعلم أن هؤلاء الصابئة لما اعتقدوا هذه الجملة التي شرحناها بنوا على هذه القواعد دينهم فزعموا أن هذه الكواكب في الآلهة القريبة لهذا العالم ...
    - ثم قام وأبطل ذلك بإثبات أنها ممكنة حادثة وأنها مفتقرة في وجودها إلى محدث خالق موجد لها ولآثارها .
    - وما أبطله من هذه الأقوال هو القول الأول والثاني فقط ،كما هو موضح في هذه الصورة :


    ولكن في نهاية الكلام وهو المحدد لالخط الأحمر نجد أن الرجل توصل معهم إلى توافق تام حول صحة تأثير هذه الفلاك دون هذه الإعتقادات التي أبطلها فقال :
    (( ولكن لما اعتقدوا أن حركاتتها واتصالاتها أسباباً لحدوث الحوادث في هذا لعالم لمجرى العادة لم يكن ذلك كفرا ولا ضلالا ولكن يجب الاستقراء فإن رأينا الأمر كذلك صدقناه على هذا الوجه وإلا كذبناه مع القطه بأن ذلك التكذيب ليس باب الكفر ))ا.هـ
    ومما يزيد المر بيانا أيضاً هو رد الرازي للشبهات الواردة على عدم تأثير الكواكب في العالم والقول بعدم فائدته ومخالفته للشريعة وقيامه على التخمين..
    فقال في بداية الصورة : (الفصل الثاني عن شبهات من أنكر تاثير الكواكب في هذا العالم الشبهة الأولى ...) والبقية تجدها في هذه الصورة :

    ومما ذكره في هذا الفصل :
    (( الشبهة السادسة: تمسكوا بآيات من كتاب الله تعالى وزعموا أنها تدل على فساد هذا العلم –علم التنجيم – منها قوله تعالى : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فيالأرحام ، ونظم الآية يدل على أن العلم بهذه الأشياء لا يحصل إلا لله تعالى فالقول بأن المنجم يطلع هذه الأشياء مخالف هذه الآية ومنها عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول . والجواب : من الكل أنا نقول الحاصل عند المنجم من صناعة الأحكام ليس هو العلم بل الظن قد يخطئ ويصيب وعند ذلك لا تكون الايات دافعة لما قلنا )) ا.هـ
    فهذا من أصرح الدلة على تصحيحه لتأثير هذه الكواكب والأفلاك ،بما لا يدع مجالا للشك في ذلك .
    ويحاول اتباعه أن يجعلوا من إبطال الرازي لدين الصابئة والفلاسفة إبطالا لاعتقاده لتأثير الكواكب والأفلاك عموما ،وهذا باطل كما سبق .
    - فنحن نقر بأن الرازي لا يعتقد في ألوهية هذه الكواكب والأفلاك ، ولكنه يقرر في نفس الوقت بتأثيرها بحسب مجرى العادة أو بالقوة التي أودعها الله فيها لإحداث هذا التأثير ،ويقرر أن هذا ليس كفرا ولا ضلالا ،كما سبق ونقلنا كلامه موثقاً ، وهذا مما لا يمكن إنكاره إلا بنوع سفسطة واحتيال من هؤلاء المشغبين ،ومع ذلك فقد زادوا الأمر سفسطةً عندما قالوا إنه يحكي هذه الأقوال عن غيره من الفلاسفة والصابئة ولم يقرها بل أبطلها ، فذكّرنا ذلك بافتراءاتهم على ابن تيمية رحمه الله عندما كانوا ينسبون إليه أقوال يصرح بأنه يحكيها عن غيره ، فيقول: قالوا وحكوا.. ومع ذلك يصرون على نسبتها إليه !!
    فها هم يشربون من نفس الكأس ،ويكتسون لباس البؤس ، والحجة عليهم ظاهرة وأقوال الرازي لهم قاهرة فأين يذهبون ؟!

    ونقول لهم كيف عرفتم يا معاشر الأشاعرة أن ما تنقلونه عنه من البراءة مما يخالف الدين وسلم اليقين ،وقوله الذي يبطل فيه دين الصابئة المشركين عباد الأوثان هو من قوله لا من قول غيره ؟!
    لاشك أنكم وقفتم على علامة تفرقون بها بين قوله ونقله ،فهل هناك أصرح من قوله : (اعلم أن..) و (أقول..) و ( أرى ) و ( وقلت ) ..؟!
    فها هي نفسها التي نثبت بها كلامه وننسبه إليه ،ولن تجدوا أصرح من تلك العبارات في التمييز بين أقواله وبين أقوال غيره ، إلا أن تخترعوا لأنفسكم لغة غير التي يتكلم بها الناس ويتفاهمون بها .!
    يتبع إن شاء الله

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!

    الأمر الثاني الذي استند إليه أهل العلم في تكفيرهم للرازي وتبديعهم له :
    - هو ما يترتب على اعتقاد التأثير لهذه الكواكب والأفلاك من السعي إلى تسخيرها وطلب الحوائج منها والتوجه إليها بسائر العبادات من أدعية وأوراد وصيام وصدقة وسجود وتسبيح وغير ذلك مما لا يكون إلا لله والذي لايشك عاقل بأنه شرك وكفر مخالف لوجوب اختصاص الرب سبحانه بهذه العبادات ...
    وهذا المعنى يتضح فيما يأتي من مسائل :
    1- تحسينه لهذا لعلم بذكر فضائله ومحاسنه ،وما يتضمنه ذلك من تحسين ما يقع فيه أصحابه من شركيات وعبادة لهذه الأفلاك تحت مسمى خدمة الكواكب والسعي إلى تسخيرها .
    فقال :
    (( الفصل الثاني في فضائل هذا العلم
    فضائل هذا العلم أن أصحاب هذاا لعلم جمعوا بين لذة أشرف العلوم وبين لذة أشرف أنواع القدرة .
    1- وأما لذة العلم فلأن هذا العلم يوقف على أسرار العالم الأعلى وأسرار العالم الأسفل ،ويجعلك بحيث تصير مشاهدا للروحانيان مخاطبا لهم بل ومختلطا بهم ،وكن أحدا من أمتلاهم .
    2- وأما لذة القدرة فلأنهم يقدرون على جميع المرادات منها : أن صاحبه يقوى على معالجة الأمراض الصعبة التي يعجز عنا الأطباء مثل المجذومين والمفلوجين والعشق الشديد لأن هؤلاء يستعينون بالوحانيات والأطباء بالجسمانيات والوحانيات أقوى من الجسمانيات لا محالة ،...
    3- ومنها أن صاحب هذا العلم يقوى على قهرالخصوم من غير ممارسة الحروب وتعريض النفس للقتل )) ا.هـ
    ومما سبق يتضح أن الرجل يحرض على تعلم هذا العلم فيكفي من تعلمه ما ذكره من منافع العلم والقدرة والقهر للخصوم !!!
    - وفي نفس السياق نقل عن أبي معشر البلخي في معرض ذكر محاسن هذا العلم وفضائله، من القصص والروايات المدعمة لصحة تأثير هذه الكواكب ،والمشتملة على أوراد وتسبيحات وعبادات هذه الكواكب والأفلاك وما يتضمنه ذلكمن تحسين الشرك وعبادة غير الله سبحانه ومنها نقله :
    - (وحكى أبو معشر البلخي رحمه الله أنه كان في بلاد الهند ملك عاقل عالم بأسرار النجوم وسخر المريخ فظهر له خصم ولم يلتف إليه حتى قرب من بلده فراجع المريخ وشكا اليه ... - وفيه أنه انتصر له وقطع راس عدوه - ..ثم قال : وهو ثمرة علمنا الذي كنا به منشغلين به وكنتم تنسبونا بسبب الخلوة والانشغال بهذا العلم إلى الجنون.. ) كل هذا في معرض بيان فضائل هذا العلم !!! .
    2- تقرير الرازي لمسائله وانتقاءها، فالرجل ليس جامعاً فحسب كما يزعم أتباعه ،بل جامعاً ومقرراً ومنتقياً في ذلك أفضل ما في المسألة وأحسنها وأنفعها ، وهذا شأن العامل بالفن المتقن له الموجه فيه بما يصلح لنجاحه لا جامعه المحذر منه القائل ببطلانه ومما يدل على ذلك ما هو موضح بالصور :
    - الرازي يذكر هنا أحسن ما رآه في هذا الباب وهي رسالة منسوبة لأبي معشر البلخي فقام بتلخيصها ، فهل يقال في هذا أنه مجرد جامع للمادة محذر منها ؟ أم يقال أن الرجل ينتقي احسن ما يصلح في هذا الباب وينقحه ويلخصه ؟! وهذا واضح في هذه الصورة :

    وقال في صـ 123 يوجه الرازي إلى ما يجب على صاحب العمل ليفوز بمطلوبه ،فيدله على وجوب ضم هذا الذي ذكره إلى ما سبق ذكره من قبل في صدر كتابه فيقول :

    فهل يقال في مثل هذا أنه مجرد جامع للمادة ؟!
    إن بعض الناس يلغي عقله تعصباً ويريد أن يحمّل الناس مسؤولية فقده لعقله !!
    وتأمل ما ذكره في صـ 123 أيضاً :


    فالرجل يحيل على ما في كتابه بما يعني أنه يكتب بنفسه ويتبنى ما ينقله، ويحيل بعض الكلام على ما سبق !!
    - وهنا يخالف الرازي ويعترض ويقول كما في الصورة : "وعندي" ، فالرجل له " عند " يخالف به أصحاب الشأن ممن ينقل عنهم فقال صـ 10 :
    (( الفصل الثالث في الطريق الذي به يعرف احوال الأفلاك المشهورأن ذلك هو التجربة فقط وهذا القول عندي باطل
    ثم قال : ونحن نقطع أن على كل تقدير يكون هذه الكلمات مشتملة على الثناء على هذه الكواكب وذكر خواصها وآثارها فلا يبعد أن ذكر الانسان صفات هذه الكواكب بألفاظ معلومة أن يقوم مقامها وأن يفيد فائدتها فهذا ما عندي في هذا الباب ))
    ويؤكذ ما سبق ما في هذه الصورة أيضاً :


    - وهذا أيضا تحسين منه يدل على رضاه بما يكتب وإراره له :


    فهل لمن يدافع عن الرازي حجة بعد ذلك في أن يقول إن الرازي مجرد ناقل ؟!
    - إن حجة القوم الوحيدة التي من الممكن أن يكون لها وجه، هي أن الرجل قد تبرأ في مقدمة كتابه من كل ما يخالف الدين ،وقد علمنا أنه قد أبطل هذا الذي تبرأ منه بعد ذلك ،وبينا أن ما أبطله هو اعتقاد ألوهية هذه الكواكب واستقلالها بالتأثير ، أما اعتقاد تأثيرها على وجوه أخرى فهو حاصل منه لا يرى به بأس ،فقد أبطلنا هذه الحجة بما ذكرناه من كلامه ،ووثقنا ذلك كله كما سبق ، وبما سيأتي إن شاء الله ...

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!

    3- الإقرار بما فيه من مخالفات بما فيها الشرك وعبادة الكواكب ودعائها والسجود لها وغير ذلك من أنواع العبادات .فقد قام الرازي بتلخيص رسالة أبي معشر البلخي في السحر مع ما تضمنته من أنواع الشرك والكفر وصرف أنواع العبادات لغير الله دون اعتراض على ذلك والذي أكد ذلك هو اعتراضه واستتطراده على بعض المواضع من نفس الرساله كما هو موضح في ما يأتي من صور :

    فاستطراده على قول أبي معشر في هذه المواضع دليل قطعي على إقراره في غير ذلك وهذا مالا يمكن رده مطلقا إلا إذا سلمنا عقولنا لسعيد فودة كما يفعل مريدوه !!!
    كما أن قوله وكان أولى أن يأمر بكذا وكذا في أكثر من موضع يعد قاصمة الظهر لمن يصر على أن الرجل مجرد ناقل !!!

    ومما قاله أبو معشر في هذا السياق ولم يعترض عليه الرازي كما اعترض على ما سبق قوله عند تسخير الشمس بالسجود لها عند طلوعها والتسبيح لها وتعظييمها بما لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى حيث قال :

    وعند ذكره تسبيح القمر قال مثل ذلك :

    وقال مثل ذلك في تسبيح زحل :


    فجميع ما سبق يبطل قول هؤلاء بأن الرجل مجرد جامع للمادة لا مقرر لها !
    فكلامه هنا من أبين الدلالة على إقراره لما في هذه الأوراد من شركيات وعبادات لغير الله ، وماذا بعد التسبيح والسجود والدعاء ليصرف لغير الله؟! فإذا لم تكن هذه العبادات حق خالص لله وصرفها لغيره شرك فليس هناك شرك على وجه الأرض حتى عند مشركي العرب الذين بعث فيهم النبي عليه الصلاة والسلام !!
    يتبع إن شاء الله

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!

    ومما هو ملحق بما سبق من إثبات تقرير الرجل لما تضمنته الأعمال السحرية من شركيات ما في هذه الصورة، حيث يتكلم الرازي من عند نفسه فيبدأ الكلام بلفظ (أقول) حتى لا يأتي لنا من يقول أن الكتاب من الجلدة إلى الجلدة عبارة عن نقولات لا كلام فيه للرازي ولا تقرير !!!
    كما قرر ذلك أحد المجادلين من أتباع فودة وهو المدعو محمد أكرم أبو غوش ، وما زال كلامه هناك على صفحتي في الفيس بوك ، فلعله يطلع على ذلك وتلك النقولات التي أثبتنا فيها أن الرجل يقرر المسائل ويعترض عليها ويكتب ما عنده فيها وما إلى ذلك !!!
    وهذا في صـ 16-17 من الكتاب :

    فهذا كلام واضح في تقرير هذه المسائل السحرية ويذكر فيها الرازي غفر الله له وتقبل توبته نهاية التحقيق !!!

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!

    4- تقريره بان تأثير الفلاك وتدبيرها للعالم السفلي مما توافق عليه الأنبياء والحكماء وهذا وحده تكذيب لنصوص القرآن التي تحكم على هذه الأعمال بالكفر ،
    فليت الرازي وقف عند حد اعتقاد تأثير هذه الكواكب ، وما ترتب على ذلك من صرف أنواع العبادات إليها في سبيل تسخيرها، بل وصل به الأمر أن جعل تأثير هذه الفلاك وتدبيرها لهذا الكون مما يتوافق عليه الأنبياء والحكماء ! واستشهد على ذلك بالكثير من الآيات !!!
    فقال :
    الفصل الرابع في شرح نوع آخر من أنواع السحر صـ 109- 110
    " اعلم أن العقول والشرائع متطابقة على أن المتولي لتدبير كل نوع من أنواع حوادث هذا العالم روح سماوي على حدة وهذه الأرواح في مسماة في لسان الشرع بالملائكةوإنما قلنا إن الأمر كذلك بحسب أمور لأنه لما ثبت بالدلائل العقلية أن مدبر العالم الأسفل هوروح العالم الاعلى ثم ثبت أن المبادئ الواحدة لا تكون مصدرا لأثار مختلفة وجب إسناد كل واحد من هذه الآثار إلى روح فلكي ، وأما عند من يقول الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد فظاهر وأما عند من لا يقول بذلك فلا شك أنه ينكر كون المبدأ الواحد مبدأ لأفعال متضادة من السعادة والنحوسة والذكورة والأنوثة والحر والبرد،وإنما قلنا إن الأثر كذلك بحسب الشرايع فلأنه ورد في القرآن التنبيه علىذلك في قوله عزوجل "والذاريات ذروا فالحاملات وقورا" ، إلى قوله فالمقسمات أمرا وقوله :"والنازعات غرقا والناشطات نشطا" ،وقوله" "والصافات صفا "هم الملائكة التي في فلك زحل لثباته وبطء حركته فالزاجرات زجرا هم ملائكة فلك المريخ...
    ثم قال" فالتاليات ذكرا "وهي ملائكة فلك المشترى وقوله عز وجل :"عليها ملائكة غلاظ شداد " وقوله ملائكة" نزل به الروح الأمين على قلبك .." وقوله : "فأرسلنا عليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا."..
    وقوله تعالى في حق سليمان علمنا منطق الطير فقال بعض أصحابنا المراد اتصال روحه بروح عطارد لأن عطارد يتعلق بالطير وتواترت الأخبار على ان الموكل بالسحاب والرعد والبرق ملك والموكل بالأرزاق ملك والموكل بالجبال ملك والبحار ملك إلى غير ذلك من الأحوال وإذا ثبت هذا صارت هذه المسألةمسألة وفاق بين الأنبياء عليهم السلام والحكماء رضي الله عنهم !!!!!!!!!
    وإذا كان الأمر كذلك كان لكل واحد منهم أسماء معينة وتضرع بها وهذا لا يمتنع أن الأنسانإذا دعا بأسمائها واستعان بها ويقسم عليها بأسماء رؤسها والمستولين عليها أن يجاب الانسان ويفعل ما يلتمس الإنسان منها ثمراتأصحاب السحر طولوا على أنفسهم في شرح هذا النوع من السحر ونحن نذكر لك المقالة التي تتلوا هذه المقالة بعون الله تعالى وتوفيقه واستعانته ... ) ا.هـ
    وهذه هي صورة ما ذكرناه :

    فهل يقول سعيد فودة وأتباعه بأن دين الأنبياء يتفق مع دين الحكماء ؟!
    وهل يقر بهذا الشرك الذي تكلم به الرازي في هذه الفقرة أم أن هذا ليس شركا في مذهبه ؟!
    ولقد قرر الرازي مسألة التوفق بين الحكماء والأنبياء في ثلاثة مواضع من كتابه السر المكتوم أحدها ما سبق والثاني هو ما في هذه الصورة وفيه التصريح بقوله " قلت " حتى لا يتجرأ أحدهم وينفي ذلك عنه :


    وذكر ذلك أيضا في موضع آخر من الكتاب كما هو موضح في هذه الصورة :




    ومما يقطع بأن ما سبق في النقل الأول هو من كلام الرازي نفسه أنه قد ذكر نفس الكلام في تفسيره مفاتيح الغيب حيث قال في 19/18 :
    (( السؤال الرابع: ما الفائدة في جعل هؤلاء الملائكة موكلين علينا ؟

    والجواب: أن هذا الكلام غير مستبعد، وذلك لأن المنجمين اتفقوا على أن التدبير في كل يوم لكوكب على حدة وكذا القول في كل ليلة، ولا شك أن تلك الكواكب لها أرواح عندهم، فتلك التدبيرات المختلفة في الحقيقة لتلك الأرواح، وكذا القول في تدبير القمر والهيلاج والكدخدا على ما يقوله المنجمون. وأما أصحاب الطلسمات فهذا الكلام مشهور في ألسنتهم ولذلك تراهم يقولون: أخبرني الطباعي التام. ومرادهم بالطباعي التام أن لكل إنسان روحا فلكية يتولى إصلاح مهماته ودفع بلياته وآفاته، وإذا كان هذا متفقا عليه بين قدماء الفلاسفة وأصحاب الأحكام فكيف يستبعد مجيئه من الشرع؟ ..)) ا.هـ
    وبهذا نكون بفضل الله قد قطعنا حجج هؤلاء في أن الرازي مجرد ناقل لكلام غيره من الفلاسفة والمنجمين والسحرة فبان بما يبق أن الرجل يقرر توافق ما عليه الحكما وما عليه الأنبياء في تأثير الكواكب والأفلاك وتدبيرها للعالم السفلي ،وما يتضمن ذلك من تكذيب للنصوص القاطعة بكفر هذه الأعمال وتحريمها ، وكذلك ما ذكره من شركيات في سياق النقل الأول والله المستعان ...

  7. #7

    افتراضي رد: أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!

    جزاك الله خير الجزاء على هذا الموضوع الذي جمع بين التأصيل والتفصيل في سياق الذب عن حياض إمام وكشف عن حقيقة مذهب آخر في قضية مهمة تتعلق بالإيمان والكفر.
    حقق الأخ الكريم بالنقل والتوثيق من كتب الرازي عفى الله عنه حقيقة مذهبه وأنه دعا إلى الكفر الصراح ولهذا أمكن لابن تيمية تنزيل الحكم الشرعي على الرازي في وقته وإن تاب المحكوم عليه بعد ذلك ويقول في سياق الرد على الرازي: (أنه من العجب أن يذكر عن أبي معشر ما يذم به عبادة الأوثان وهو الذي اتخذ أبا معشر أحد الأئمة الذين اقتدى بهم في الأمر بعبادة الأوثان لما ارتد عن دين الإسلام وأمر بالإشراك بالله تعالى وعبادة الشمس والقمر والكواكب والأوثان في كتابه الذي سمّاه: "السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم" وقد قيل: إنه صنفه لأم الملك علاء الدين محمد بن تكش أبي جلال الدين وأنها أعطته عليه ألف دينار وكان مقصودها ما فيه من السحر والعجائب والتوصل بذلك إلى الرئاسة وغيرها من المآرب.
    وقد ذكر فيه عن أبي معشر أنه عبد القمر وأن في عبادته ومناجاته من الأسرار والفوائد ما ذكر فمن تكون هذه حاله في الشرك وعبادة الأوثان كيف يصلح أن يذم أهل التوحيد الذين يعبدون الله تعالى لا يشركون به شيئا ولم يعبدوا لا شما ولا قمرا ولا كوكبا ولا وثنا. بل يرون الجهاد لهؤلاء المشركين الذين ارتد إليهم أبو معشر والرازي وغيرهما مدة! وإن كانوا قد رجعوا عن هذه الردة إلى الإسلام فإن سرائرهم عند الله)

    ويستند ابن تيمية في الحكم على الرازي إلى إجماع المسلمين على أن من أمر،أو مدح، أو أثنى، أو رغّب فيه أنه كافر مرتد، فيقول بعد الكلام السابق مباشرة: (لكن لا نزاع بين المسلمين أن الأمر بالشرك كفر وردة إذا كان من مسلم،وأن مدحه والثناء عليه والترغيب فيه كفر وردة إذا كان من مسلم). بيان تلبيس الجهمية (3/ 53 - 55).
    ويقول رحمه الله أيضاً:«لاخلاف بين المسلمين أنه لا يجوز الأمر ولا الإذن في التكلم بكلمة الكفر لغرض من الأغراض، بل من تكلم بها فهو كافر إلا أن يكون مكرهاً فيتكلم بلسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان».([2]).
    ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
    «إنّ المحرمات قسمان:
    أحدهما: ما يقطع بأن الشرع لم يبح منه شيئاً لا لضرورة ولا لغير ضرورة، كالشرك، والفواحش، والقول على الله بغير علم، والظلم المحض، وهي الأربعة المذكورة في قوله تعالى:﴿قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان تقولوا على الله مالا تعلمون﴾ فهذه الأشياء محرمة في جميع الشرائع، وبتحريمها بعث الله جميع الرسل، ولم يبح منها شيئاً ولا في حال من الأحول، ولهذه أنزلت في هذه السورة المكية ونفى التحريم عما سواها فإنما حرمه بعدها كالدم والميتة ولحم الخنزير حرمه في حال دون حال وليس تحريمه مطلقا ولذلك الخمر يباح لدفع الغصة بالاتفاق ويباح لدفع العطش في أحد قولي العلماء...وهذا لا يجيء في الأنواع الأربعة، فإن الشرك و القول على الله بلا علم و الفواحش ما ظهر منها وما بطن و الظلم لا يكون فيها شيء من المصلحة، وقتل النفس أبيح في حال دون حال فليس من الأربعة وكذلك إتلاف المال يباح في حال دون حال وكذلك الصبر على المجاعة».
    وقال رحمه الله تعالى: «يجب الفرق في الواجبات والمحرمات والتمييز بينهما هو اللازم لكل أحد على كل حال، وهو العدل في حق الله وحق عباده بأن يعبدوا الله مخلصا له الدين ولا يظلم الناس شيئا، وما هو محرم على كل أحد في كل حال لا يباح منه شيء، وهو: الفواحش، والظلم، والشرك، والقول على الله بلا علم» ([3]).
    ويقول رحمه الله: «والشريعة تأمر بالمصالح الخالصة والراجحة كالإيمان والجهاد فإن الإيمان مصلحة محضة والجهاد وإن كان فيه قتل النفوس فمصلحته راجحة وفتنة الكفر أعظم فسادا من القتل كما قال تعالى:﴿والفتنة أكبر من القتل﴾ ونهى عن المفاسد الخالصة والراجحة كما نهى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن وعن: ﴿الإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون﴾.
    وهذه الأمور لا يبيحها قط في حال من الأحوال ولا في شرعة من الشرائع .
    وتحريم الدم والميتة ولحم الخنزير والخمر وغير ذلك مما مفسدته راجحة وهذا الضرب تبيحه عند الضرورة؛ لأن مفسدة فوات النفس أعظم من مفسدة الاغتذاء به»
    وقال العلامة ابن القيم رحمه الله:«لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز الإذن في التكلم بكلمة الكفر لغرض من الأغراض إلا المكره إذا اطمئن قلبه بالإيمان».([4])
    وذكر رحمه الله أن من تكلم بالكفر أو فعله من غير إكراه فهو كافر ظاهرا وباطنا حتى عند المرجئة فيقول: (ولهذا كان التكلم بالكفر من غير إكراه كفرا في نفس الأمر عند الجماعة وأئمة الفقهاء حتى المرجئة خلافا للجهمية ومن اتبعهم) شرح العقيدة الأصفهانية (ص665 -)
    وقال الإمام سحنون بن سعيد التنوخي رحمه الله: «والكفر لا يحل في حال من الأحوال وإنما فيه رخصة في الضرورة (الإكراه) قولا بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان».النوا ر والزيادات (10/247)
    ويقول العلامة أبو محمد بن حزم رحمه الله: «خرج من ثبت إكراهه عن أن يكون بإظهار الكفر كافرا إلى رخصة الله تعالى والثبات على الإيمان، وبقي من أظهر الكفر: لا قارئا ولا شاهدا ولا حاكيا ولا مكرها على وجوب الكفر له بإجماع الأمة على الحكم له بحكم الكفر وبحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وبنص القرآن على من قال كلمة الكفر إنه كافر». الفصل في الملل والنحل:3/249-250.
    خلاصة الأمر:
    1. هل ما دعا إليه الرازي حقيقة من الكفر بالله؟
    الجواب: نعم دعا إلى حقيقة الكفر والشرك الصراح كما حققه الأخ الكريم وقبله الشيخ عبد الرحمن بن صالح المحمود في كتابه " موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (2/ 665 -667).
    2.ما حكم من دعى أوفعل الكفر الصريح من غير عذر شرعي؟
    جوابه: دل الكتاب والسنة والإجماع الذي سبق تحقيقه على أنه كافر مرتد، وإن تاب بعد ذلك فهو مسلم.
    3. قد يقال يحتمل أن الرازي تأول جواز الشرك والكفر بالمصلحة فكيف جاز تكفيره مع التأول ومما يدل أنه أجازه استصلاحا قوله: (فهذا العلم وإن كان صعب المرام من هذه الوجوه إلا أن الاستقراء يدل على حصول النفع العظيم فيه، وإذا كان كذلك وجب الاشتغال بتحصيله والاعتناء بشأنه فإن القليل منه كثير بالنسبة لمصالح البشر)
    جوابه: أن التأويل في هذه المسألة ونحوها لا يمنع التكفير لإجماع الأمة على أن من فعل أو تكلم بالكفر لأي غرض من الأغراض فهو كافر إلا أن يكون مكرها والدليل في الباب قاطع للعذر مانع من التأويل.
    يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في تحريم الحمر الأهلية وذي الناب من السباع:
    (إنّ المحرَّم بآية مجتمع على تأويلها، أو سنة مجتمع على القول بها يكفُر مستحله لأنه جاء مجيئا يقطع العذر ولا يسوغ فيه التأويل. وما جاء مجيئا يوجب العمل ولا يقطع العذر وساغ فيه التأويل لم يكفر مستحله وإن كان مخطئا.ألا ترى أنّ المسكر من غير شراب العنب لا يُكفَّر المتأول فيه، وإن كان قد صح عندنا النهي بتحريمه.
    ولا نكفّر من يقول بأن الصلاة يخرج منها المرء ويتحلّل بغير سلام، وأن السلام ليس من فرائضها، مع قيام الدليل على وجوب السلام عندنا فيها.
    وكذلك لا يكفّر من قال: إن قراءة أم القرآن وغيرها سواء، وأن تعيين قراءتها في الصلاة ليس بواجب، ومن قرأ غيرها أجزأه، مع ثبوت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا صلاة إلا بها.
    وكذلك لا يكفّر من أوجب الزكاة على خمسة رجال ملكوا خمس ذود من الإبل.
    ولا من قال: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر، ولا حج إلا على من ملك زادا أو راحلة، مع إطلاق الله الاستطاعة، ونفيِهِ على لسان رسوله عليه السلام أن يكون فيما دون خمس ذود صدقة، وأنه صام في السفر صلى الله عليه وسلم. وهذا كثير لا يجهله من له أقل عناية بالعلم إن شاء الله».([1]).[التمهيد ضمن شرح الموطأ:8/589]
    وقال في عدم تكفير المنكر لوجوب زكاة الفطر متأولا:
    «لعل جاهلا أن يقول:إن زكاة الفطر لو كانت فريضة لكفر من قال:إنها ليست بفرض؛كما لو قال في زكاة المال المفروضة أو في الصلاة المفروضة: إنها ليست بفرض كفر.
    فالجواب عن هذا ومثله، أن ما ثبت فرضُه من جهة الإجماع الذي يقطع العذر كفّر دافعُه؛ لأنه لا عذر له فيه.وكل فرض ثبت بدليلٍ لم يكفّر صاحبه، ولكنه يجهّل ويخطّأ، فإن تمادى بعدا لبيان له هجر وإن لم يبق له عذر بالتأويل.ألا ترى أنه قد قام الدليل الواضح على تحريم المسكر ولسنا نكفّر من قال بتحليله وقد قام الدليل على تحريم نكاح المتعة ونكاح المحرِم ونكاح السرّ والصلاة بغير قراءة وبيع الدرهم بالدرهمين يدا بيد إلى أشياء يطول ذكرها من فرائض الصلاة والزكاة والزكاة والحج وسائر الأحكام.ولسنا نكفّر من قال بتحليل شيء من ذلك لأن الدليل في ذلك يوجب العمل ولا يقطع العذر.والأمر في ذلك واضح لمن فهم».
    ويقول أبو حامد الغزالي رحمه الله:
    «لابد من التنبيه على قاعدة أخرى وهي: أن المخالف قد يخالف نصا متواترا، ويزعم أنه مؤوّل، ولكن ذكر تأويله لا انقداح له أصلا في اللسان لا على بعد ولا على قرب، فذلك كفر وصاحبه مكذب وإن كان يزعم أنه مؤول».[فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ص90].

    وبالجملة: كلام ابن تيمية في الرازي بخصوص هذه المسألة وتكفيره له بها جار على أصول أهل العلم لكن ذكر أنه تاب ورجع إلى الإسلام.

    ([1]) التمهيد (13/227-228)
    ([1]) بيان تلبيس الجهمية (3/54).
    ([2]) بيان الدليل على بطلان التحليل (ص138-143).
    ([3]) مجموع الفتاوى:( 14/470 – 477).
    ([4]) إعلام الموقعين (5/96.98.99,190,191).

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •