بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد، فهذا مقال لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله تعالى بعنوان:
((أهمية توسعة خادم الحرمين الملك عبد الله للمسجد النبوي)) وهذا نصه:
الحمد لله الذي أوجد المخلوقات وفضل بعضها على بعض، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له ما في السموات وما في الأرض، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد؛ فمن المعلوم أن مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم خير البلاد بعد مكة المكرمة، والمسجد النبوي فيها خير المساجد بعد المسجد الحرام، وقد أولت الدولة السعودية حرسها الله مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتماماً بالغاً في عمارته، فد وسِّع في عهد الملك سعود رحمه الله من الجهة الشمالية، ووسِّع توسعة واسعة في عهد الملك فهد رحمه الله من الشمال والشرق والغرب، وضم إلى توسعته ساحة واسعة في قبلة المسجد تتسع لعشرات الآلاف من المصلين لا يقلُّ الصف الواحد فيها عن ألف مصل، وقد بقيت حتى الآن عشرين سنة تقريباً معطلة لا يستفاد منها لأنها تقع أمام الإمام.
وفي يوم الاثنين 8/11/1433هـ قدِم خادم الحرمين الملك عبد الله حفظه الله ووفقه لما فيه رضاه إلى المدينة لاعتماد توسعة واسعة للمسجد النبوي ووضع حجر الأساس لها تمتد جنوباً وغرباً، يمكن مع هذه التوسعة من الجهة الجنوبية الاستفادة من الساحة الأمامية الواسعة التي بقيت معطلة، فيصلي الناس في المسجد القديم وفي الزيادتين الجنوبية والغربية ويصلَّى أيضاً في الساحتين المجاورتين شرقاً وغرباً للزيادة القبلية عند الحاجة؛ لأن الكل واقع خلف الإمام.
ومما يوضح أهمية هذه الزيادة الجنوبية للمسجد النبوي أنه يحصل بها الاستفادة من الساحة الواسعة في قبلة المسجد التي سبق أن صرف في نزع ملكياتها مليارات الريالات، وأيضاً السلامة من الحاجة إلى التفكير بتوسعة من الجهة الشمالية التي بني فيها قبل سنوات عمارات كبيرة شاهقة يقدَّر نزع ملكياتها بعشرات المليارات من الريالات.
ولا يُتوهم أن في هذه الزيادة الأمامية تقدماً جديداً على مسجده صلى الله عليه وسلم؛ فإن التقدم على ذلك حاصل من عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما، فقد زادا في المسجد من الجهة الأمامية، ومنذ عهدهما والإمام والصفوف التي تليه أمام الروضة وما يسامتها يصلون في زيادة متقدمة عن مسجده صلى الله عليه وسلم، وكون الإمام وما وراءه من الصفوف يصلون في مقدمة الزيادة الجديدة هو نظير صلاة الإمام وما يليه من الصفوف في الزيادة التي زادها الخليفتان الراشدان رضي الله عنهما.
ولا يتوهم أيضاً أن في هذه التوسعة الأمامية الجديدة تعطيلاً للصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم وزيادة عمر وعثمان رضي الله عنهما؛ فإن الصلاة في هذه البقعة المباركة حاصلة ولا بد في جميع الأوقات ولن تخلو من المصلين، ويمكن بل يناسب في غير الجمعة والعيد والمواسم أن تكون الصلاة في المسجد القديم.
ولا إشكال في خطبة الإمام على منبر في الزيادة الأمامية؛ لأن ذلك من جنس تقدم الإمام في زيادة عمر وعثمان رضي الله عنهما في الصلوات الخمس، فإذا كان قد حصل تقدم الإمام في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما عن مكان مصلاه صلى الله عليه وسلم فمثله بل دونه تقدم الخطيب عن مكان منبره صلى الله عليه وسلم إلى منبر في الزيادة القبلية.
هذا ما رأيته وفهمته حول أهمية هذه التوسعة لخادم الحرمين الملك عبد الله حفظه الله للمسجد النبوي.
وأسأل الله عز وجل أن يجزل له المثوبة ويعظم له الأجر على هذا العمل الجليل، وأن يوفق لإنجازه في المدة التي حصل الوعد بها وهي ثلاث سنوات، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.