تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: متصفح العقول

  1. #1

    افتراضي متصفح العقول


    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }(آل عمران :102) .

    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}(النساء:1).

    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أعمالكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}(الأحزاب : 71).

    أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.

    منطلق :

    روى أبو نعيم في : " الحلية ، (9/117)" بسنده أن الشافعي – رحمه الله - قال : "ما أوردتُ الحقَّ ، والحجةَ على أحدٍ ، فقبلها مني إلا هبتُهُ ، واعتقدتُ مودتَهُ ، ولا كابرني أحدٌ على الحقِّ ، ودفع الحجة الصحيحة إلا سقطَ من عيني ، ورفضتُهُ ".

    وقال الماوردي :"[color="rgb(139, 0, 0)"] أَمَّا الْكِبْرُ فَيُكْسِبُ الْمَقْتَ وَيُلْهِي عَنْ التَّأَلُّفِ وَيُوغِرُ صُدُورَ الإخْوَانِ، وَحَسْبُك بِذَلِكَ سُوءًا عَنْ اسْتِقْصَاءِ ذَمِّهِ
    ." (أدب الدنيا والدين:ص/246).

    بداية :

    إن القلوب أخبية العلوم ، فإن أردت استكناه مخبأ رجل فارقب لسانيه آلة قاله وكتابه .

    وقد قيل : إن اللسان مغراف القلب .

    وأقول : والكتاب مجلي الألباب .

    وإذا نظرنا في واقع الشبكة العنكبوتية – شبكة المعلومات الانترنت – وجدناها بمواقعها ومنتدياتها تفرز مكنون الضغائن ، وتبرز مستور الضمائر .

    فلا عجب أن تكون هذه المنتديات آلة كشف وتعرية ، فهي متصفح لعقول كتابها. قال الزبيدي : "يقال : تصفح الأمر وصفحه : نظر فيه"(تاج العروس:6/542).

    فالمنتديات متصفح للعقول ، فهي محل ينظر فيه إلى حقيقة هذه العقول – علماً وحكمةً ، أو جهلاً وسفهاً - .

    وبسببها حصل منعطف في الدعوة خطير ، وأمر يذهل الصغير والكبير ، من فُرْقة مرتقبة ونزاعات مصطنعة ، بسبب فتنة ظلماء ملئت النفوس شحناء وبغضاء يصورها علامة المدينة الشيخ الجليل عبد المحسن العباد – حفظه الله – بقوله : " فقبل سنوات قليلة ، وبعد وفاة شيخنا الجليل شيخ الإسلام عبد العزيز بن عبد الله بن باز سنة (1420هـ)، ووفاة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين سنة (1421هـ)- رحمهما الله – حصل انقسام وافتراق بين بعض أهل السنة ، نتج عن قيام بعضهم بتتبع أخطاء بعض إخوانهم من أهل السنة ، ثم التحذير منهم .وقابل الذين خطؤوهم كلاَمَهم بمثله . وساعد على انتشار فتنة هذا الانقسام سهولة الوصول إلى هذه التخطئات والتحذيرات وما يقابلها عن طريق شبكة المعلومات الانترنت التي يقذف فيها كل ما يراد قذفه في أي ساعة من ليل أو نهار فيتلقفه كل من أراده ، فتتسع بذلك شقة الانقسام والافتراق ، ويتعصب كل لمن يعجبه من الأشخاص وما يعجبه من الكلام ، ولم يقف الأمر عند تخطئة من خطئ من أهل السنة بل تعدى ذلك إلى النيل من بعض من لا يؤيد تلك التخطئة . . . " (رفقا أهل السنة بأهل السنة : ص3-4).

    فتنة في خفاء بُذرت ، وسمومها نمت وانتشرت بسبب مقالات نشرت ومشاركات كتبت في آلة حصد ونشر عند من أساء الصنيع في استعمالها ، أو جعل الوضيع من كتابها .

    والمتأمل في ركام المقالات ، ومنثور المشاركات - إلا القليل منها – يدرك أن بادرة الكتابة تنطوي على بلادة في التفكير ، ونادرة في هذا الجيل .

    وهي في حقيقة الأمر واعظ ونذير أن ما خطه العبد الفقير مرصود وحفظه مقصود وجناه يوم القيامة محصود .

    أيها الأخ الحبيب: إن النفس في أحايين تكون عدوا مبينا ولكنها تتلون على المسكين فتخلط عليه الأوراق ، فتحجبه عن الحق بإطباق وإغلاق ، فيصبح منكره معروفا ومعروفه منكرا على حد ما حكاه علي بن يحيى الوراق حيث قال : " كان الشافعي ـ رحمة الله عليه ـ رجلا عطرا ، وكان يجيء غلامه كل غداة بغالية ، فيمسح بها الأسطوانة التي يجلس إليها ، وكان إلى جنبه إنسان من الصوفية [متزهد] ، وكان يسمى الشافعي البطال ! يقول: هذا البطال ، وهذا البطال .

    قال: فلما كان ذات يوم عمد إلى شاربه ، فوضع فيه قذرا [عذرة] ! ، ثم جاء إلى حلقة الشافعي ، فلما شم الشافعي الرائحة أنكرها ، وقال: فتشوا نعالكم ، فقالوا: ما نرى شيئا يا أبا عبد الله ، قال : فليفتش بعضكم بعضا ، فوجدوا ذلك الرجل ، فقالوا : يا أبا عبد الله هذا ، فقال له: ما حملك على هذا ؟!

    قال: رأيت تجبرك ، فأردت أن أتواضع لله عز وجل !

    قال: خذوه فاذهبوا به إلى عبد الواحد ـ وكان على الشرطة ـ ، فقولوا له: يقول لك أبو عبد الله: اعتقل هذا إلى وقت ننصرف ، قال: فلما خرج الشافعي دخل إليه فدعا به فضربه ثلاثين دِرة ، أو أربعين دِرة ، قال: هذا لأنك تخطيت المسجد بالقذر [بالعذرة] ، وصليت على غير طهارة ." (كتاب العزلة للخطابي: ص90 ، وترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض : 3/191).

    فهذه النفس تعجل في الشر لخفة وطيش فيها فإن استرسل العبد مع نفسه تفلتت من بين يديه واتت بما يؤذيه ويشينه ويرديه .

    فيا عبد الله لو وقفت مع نفسك لحظات محاسبا لها : ما بالي مرهق تنتابني الوساوس .
    في صلاتي . . .
    في مجلسي بين أصحابي . . .
    في مسيري في طريقي . . .
    بل ترد علي حتى في منامي . . .

    هل يعقل أن أقدم في فتنة بإيغال شديد كأنما أدفع إليها دفعا دون محاسبة لعلي موغل في هاوية بعيدة من الهوى فإني لست في نفسي فوق الخطى .

    وعند ذاك قد يصعب – بعدها – رجوعي فيخيب أملي ويصبح سعيي هباء ، ويكون عملي وبالا.

    نعم ، - عبد الله - هذا الاحتمال وارد ، فلا تكن صاحب عقل بارد .

    [/COLOR]إن المستشرف للقيل والقال في المنتديات قد يكون بكثرة قيله قد قرب من رحيله لا أقول من الدنيا بل من دينه .

    فإن الفتن مزلة قدم ، ومستشرفها على قمة جبل عالٍ في ليلة ظلماء ، فربما وضع رجله على طرفه فكان على شفا هلكة ، وربما – ويا خيبته – قد وضعها في الهواء فكانت الفاجعة بخروره من عالي سماه إلى حيث منتهاه .
    ويصبح بعدها خبرا ليومين أو ثلاثة ثم ينسى لأن ركب السائرين لهم في كل يوم جديد حادث وحديث .

    وهل ينتهي الأمر عند هذه الحال ؟
    لا ، والله الذي نفسي ونفسك بيده إننا ليوم مهول لمجموعون، وبعدها الحساب بالحسنات والسيئات .

    ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي .... ولكنا إذا متنا بعــــثنا ونسأل بعدها عـن كـل شي

    وقال الحق - سبحانه - : {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون}[الزمر:47]. والعارف بأحوال هذه المنتديات يوقن أن النظر الشرعي يوجب الجد والمبادرة في وضع ضوابط علمية لها .

    إذ نجد أن العنان مرخي لكل من هب ودب ليقول ما شاء فيمن يشاء ، كأنما آداب التلمذة في حلق المساجد محصورة وعلى قلة من الطلبة مقصورة .

    وكأن التلاميذ في المنتديات قد لبسوا عباءة المشيخة فصاروا فوق التربية والتهذيب ، والتعليم والتأديب .

    وفي نظري الخلل – عند البعض - من جهتين :

    من جهة جعل المنتديات بديلا عن المساجد في الدعوة والتعليم .

    ومن جهة تجريد المنتديات عن آداب حلق المساجد .

    " ولست أقصد – كما سمعتم – أن نحصر الدين في المسجد بل أقصد من هذا أن المسجد ينبغي أن يكون هو مقر الدين . والعمل به في الدائرة الحكومية ، وفي السوق ، وفي المزرعة ، وفي التجارة ، وفي جميع أمورنا وشئوننا " (إجابة السائل على أهم المسائل للعلامة الوادعي : ص187).

    واعلم – رحمك الله – أن هذه الآلة هي من الوسائل المحدثة ، وجادتها في الشرع " تلمس الضوابط في التعامل مع هذه الوسيلة بناء على الأصول الشرعية ، والاستفادة مما فيها من الخير ، وتجنب المخالفات التي قد تؤثر على بعض المستخدمين لهذه الوسيلة – خصوصا – الشباب منهم ، هذا أمر مهم وهذا – حقيقة – هو من فقه النوازل ومعرفة ما جد في الناس من الوسائل ، وتلمس الضوابط الصحيحة وبناؤها على قواعد الشريعة "
    (قاله الشيخ إبراهيم الرحيلي في شريط "حول شبكة الأنترنت").

    ومن باب التعاون على البر والتقوى فقد رصدت بعضا مما يجب أن يُقوَّم ليكون على ما يحب ربنا ويرضى ؛ تذكيرا للمربي والمعلم ، وتبصرة للمبتدي والمتعلم :

    1) احذر : [صراع البطالة] .

    إن كل منصف يدرك أن كثيراً من أعضاء المنتديات بحاجة إلى نصح وتوجيه لمراتب الطلب والتحصيل بحفظ المتون واستظهار معانيها على أيدي العلماء والمشايخ ، وأن لا يقحموا أنفسهم في معارك لا يعرفون أصولها ولا يستوعبون فروعها .
    ومن المعلوم أن كل من صعب عليه الطلب وأعياه ، تنفس بالقيل والقال وارتضاه ، مُسَلِّ نفسه بأنه غاية العلم ومنتهاه .

    وقد قال محمد بن أبي الورد : " إخلال الناس في حرفين :

    من اشتغال بنافلة وتضييع فريضة .

    وعمل بالجوارح بلا مواطاة قلب .

    وإنما منعوا الوصول لتضييع الأصول ." (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم : 5/42-43) .

    وإن المتأمل بعين الناقد البصير يرى أن كل باب بطالة يفتح فإن موجِبه باب خير يسد . فنفسك – كما قيل – إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل . فمنع النفس عن فروض الأعيان – تحصيلا وتطبيقا – يوجب لها ضروبا من التيهان المثمر للبهتان والهذيان.

    حتى إنك تجد من هذا مسلكه ينشغل بما فيه انقطاعه عما يوجب صلاحه فينقب في تفاصيل لا ينبني عليها عمل ، ولا يؤمن معها زلل . ومن ذلك ما قاله أحمد بن حيان أبو جعفر القطيعي:" سألت أبا عبد الله عن الوضوء بماء النورة ؟
    فقال : ما أحب ذاك .
    قلت : أتوضأ بماء الباقلاء ؟
    قال : ما أحب ذاك .
    قلت : أتوضأ بماء الورد ؟
    قال : ما أحب ذاك .
    قال فقمت فتعلق في ثوبي ثم قال إيش تقول إذا دخلت المسجد فسكت قال وأيش تقول إذا خرجت من المسجد فسكت فقال اذهب فتعلم هذا " .(المقصد الأرشد :1/91).

    و قال المروذي : قال أبو عبد الله: سألني رجل مرة عن يأجوج ومأجوج : أمسلمون هم؟

    فقلت له: أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا ؟!.

    وقال - أيضا - :قال أبو عبد الله: سأل بشر بن السري سفيان الثوري: عن أطفال المشركين ؟ فصاح به ، وقال: يا صبي أنت تسأل عن ذا ؟!"(الآداب الشرعية 2/72).

    فشجرة البطالة : بذرتها : الكسل عن واجب الوقت ، ومادة نمائها : الهوى والجهل ، وثمرتها : الندم والحسرات . فكلما زاد جهل العبد بواجب وقته زادت بطالته ، وكلما زاد هواه لما انشغل به عن واجب وقته زاد جهله .

    وقد " قال محمد بن علي – رحمه الله – لابنه : يا بني لا تكسل فإنك إن كسلت لم تؤد حقا ، ولا تضجر فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق ، ولا تمتنع من حق فإنه ما من عبد يمتنع من حق إلا فتح الله عليه باب باطل فأنفق فيه أمثاله ."(لباب الأدب:ص12).

    وبعد حصاد السنين والأعوام تجنى ثمرة البطالة حسرة وندامة فـ"ـأين تعب عالم قد درس العلم خمسين سنة ؟. ذهب التعب وحصل العلم، وأين لذة البطال ؟ ذهبت الراحة وأعقبت الندم."
    (صيد الخاطر لابن الجوزي : ص144).

    أين البطال من الأبطال ؟!

    متى يدرك الأطفال مساعي الرجال ؟!!

    بلغ الرجال نهاية الآمال في سيرهم بالشد والترحال .

    نالوا المنى لما سمت لمناله من عزمهم همم - هناك - عوال .

    لم يتكلوا في قصدهم ومسيرهم حتى أناخوا بالجناب العالي .

    هذا هو الأمر الرشيد ومنتهى المرمى البعيد وغاية الآمال ."

    (التذكرة في الوعظ لابن الجوزي : ص96).

    فمالك يوم الحشر شيء سوى ... الذي تزودتــــه يـوم الحـياة إلى الحشر
    إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا .... ندمت على التضييع في زمن البذر




    يتبع .............




    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  2. #2

    افتراضي رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول

    2) احذر : [إهمال الزرع].

    إن أعضاء المنتديات الإسلامية التي ترفع رايات السلف هم من صفوة هذه الأمة ، فسلوكهم هذا الطريق دون غيره من سبل الضلال والغواية ومراتع الشبهات والشهوات في المواقع والمنتديات الفاسدة والمفسدة لدليل على بذرة خير في قلوبهم فواجب المعلم الناصح أن لا يهمل هذه البذرة الطيبة ، وذلك بأمرين :

    تعاهدها بما فيه نفعها مما يناسبها من تعلم العقيدة والسنة وفروض الأعيان .

    حمايتها عما يضعف نموها ويزاحم سقيها من الأدغال .

    فإن النبات قوامه وصلاحه بمده بمادة حياته وبقائه ، وبحمايته عما يضعفها أو يفنيها .

    و والله ألم وحسرة أن نرى هؤلاء الأحباب قد ضُيعوا بسبب غفلة مربي أو تغافل أخ كبير .

    وقد قال ابن الجوزي : "واعلم أن التأديب مثله مثل البذر ، والمؤدب كالأرض ، ومتى كانت الأرض رديئة ضاع البذر فيها ، ومتى كانت صالحة نشأ ونما "(الآداب الشرعية : 2/635).

    قد ينفع الأدبُ الأحداث في مهل .... وليس ينفع في ذي الشيبة الأدبُ

    ولهذا فإن هذا الضرب من الطلبة – إذا أهملوا – تصبح نفوسهم منجذبة للجدل والمراء المورث للخصومات والشحناء ، وقد ينشأ عنه زهد في العلوم الشرعية الضرورية من تحقيق المقاصد الرسالية ، وتحصيل الفروض العينية والكفائية .

    أتـانا أن سـهلا ذم جـهلا .... علوما ليس يدريهن سهل
    علوما لو دراها ما قلاها .... ولكن الرضا بالجهل سهل

    وفي هذا الصنف من المتعلمين أو قل المتعالمين يوجه العلامة الوادعي – رحمه الله - نصحه فيقول : " فينبغي أن نجد ونجتهد وهناك أناس لا يهتمون بالقرآن . يهتمون بالجدل ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم :{وجادلهم بالتي هي أحسن} لكن الجدل ليس مقصودا لذاته إلا إذا كان يتوصل [به] إلى الحق وإلا فالمراء والخصام أمر مستنكر جداً ."(إجابة السائل : ص298).

    وإن التوجيه السديد يصنع رجالا كما " قال مصعب الزبيري: قدم الشافعي المدينة فكان يجلس في المسجد ينشد أشعار الشعراء، وكان حسن اللفظ فصيح القول، عالماً بمعانيه. فقال له أبي يوماً ترضى لنفسك في قرشيتك مما أنت فيه، أن تكون شاعراً؟ قال فما أصنع؟ قال تفقه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله بن خيراً يفقهه في الدين".
    قال فأنّى لي بذلك؟ قال: مالك بن أنس سيد المسلمين. قال تقوم بنا إليه. فأتينا مالكاً وجلس عنده وأخبره بشرفه وأمره، فقرّبه مالك وجعل يسمع منه، فلما كان بعد أيام قال الشافعي لأبي: الذي يقول مالك : (أمرنا)، (والذي عليه بلدنا)، (والذي عليه أئمة المسلمين الراشدين المهديين)، أي شيء هو؟ فقال له : أولهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبو بكر وعمر وعثمان الذين ماتوا بالمدينة. فترك الشافعي ما كان فيه، وسمع الموطأ من مالك، وسرّ به مالك." (ترتيب المدارك : 3/178-179).

    لا تحقرن الرأي وهو موافق.... حكم الصواب إذا أتى من ناقص
    فالدر وهو أعز شيء يقتنى .... ما حـط قـيـمـتـه هــوان الغائص



    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  3. #3

    افتراضي رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول

    3) احذر : [فناء الساعات] .

    إن المنتديات في غالب أمرها تكون مقابر للأوقات ، فكم من الأيام التي انصرمت بلا فائدة ، وانقضت بلا عائدة . فإن كانت في فضل فقد ضاع مقابلها من الضروريات ما هو أفضل وأوجب .

    فاحذر (مطحنة الضياع) ففي كل ساعة بل في كل لحظة تدخل في المنتديات ساعات من الأعمار تدور بها رحى التضييع لتجعلها هباء .

    وذلك من جهة الكم الهائل من الكتابات التي لا تجدي – إلا ما قل – ويقابلها أضعاف مضاعفة من المشاهدات التي تسير معها في ركب الضياع مما يؤدي إلى إهدار طاقات عظيمة من الأمة .

    تعال - عبد الله – لوقفة محاسبة : (فتنة) استمرت أياما عديدة وشهورا مديدة تسطر أحداثها بالبنان ، وقد سبقتها أضعاف هذه المدة يتداولها الطلبة و(بعض من فوقهم) باللسان – في مجتمعات عامة حينا ، وخاصة أحيانا – وقد كانت قبل ذلك بمدد – علمها عند الله – تختلج في الجنان .

    فبالله عليك كل هذه السنين والنفس مشغولة بأمر لا يستحق عند الحازم العاقل إلا بضع دقائق وثوان . بأن يجعلها عند أول وقوعها تدخل في إحدى أذنيه حتى يتصور حقيقتها دون أن يوقفها بل يدعها مسترسلة في مسيرها لتخرج من الأذن الأخرى ثم بعدها يسد أذنيه بإصبعيه ، وهو موقن : [أن الأريب العاقل هو الفطن المتغافل] (لباب الأدب : ص56).



    يتبع .........



    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  4. #4

    افتراضي رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول

    4) احذر : [الهذر] .

    لقد صارت المنتديات - عند البعض - دربة للتراشق بالتهم ، والتقاذف بالكبائر واللمم "فرب حرف أدى إلى حتف ، وكلمة أتت على نعمة" (فرائد الخرائد:ص127).

    ولقد " أوصى بعض الحكماء بنيه فقال : أصلحوا ألسنتكم فإن الرجل تنوبه النائبة فيستعير من أخيه ثوبه ، ومن صديقه دابته ، ولا يجد من يعيره لسانه"(لباب الأدب:ص20).

    وإني لأعجب ممن صار يستسيغ الشتائم ، ولا يأنف أن يجعل نفسه غرضا لسهام الشاتمين ، ونفس الأبي تترفع عن مجالس اللغط ، ومواطن الغلط .

    وسمعك صن عن قبيح الكلام كصون اللسان عن النطق به
    فإنك عـنــد اسـتماع القـبـيـح شـريــك لـقـائـلـه فانـــــتـبـه


    ولكن كما قيل : كثرة المساس تذهب الإحساس .

    وتجزع نفس المرء من سب مرة .... وتسمع عشرا بعدها ثم تسكت

    ومن هذا القبيل إلقاء الكلام بتكلف بحيث يشبه قول المتفلسف لا تعرف مراد صاحبه ولا تستبين مقصده ، وهذا من أثر الفتنة لأنها مظلمة لا يدخلها إلا مخاطر بدينه .

    فرجال الفتنة كل هذربان ، منتهى قوله هذيان مشتمل على بهتان .

    أحـفـظ لسـانك إيها الإنـسان .... لا يلـدغـنـك إنــــه ثـعـبـان
    كم في المقابر من قتيل لسانه .... كانت تهاب لقائه الشجعان


    يتبع ....


    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  5. #5

    افتراضي رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول

    5) احذر : [غلط الأفهام ، ولغط اللسان] .

    إن الناظر في الساحة الدعوية في المنتديات يجد أن الفتنة قد خيمت على عقول وجثمت على نفوس ، فتغيرت عندهم من الشريعة بعض أحكامها ، وانحل عقد إحكامها . ولتخييم بعض الأوهام نشأ غلط الأفهام وأورث لغط اللسان .

    فإن استخراج الحكم من دليله موقوف على مقدمات ضرورية من وجود فقيه مكتمل النصاب ، ناظرا في محكم الخطاب ، مستوف لمراتب الاستدلال على طريقة الصحاب .

    ودون ذلك لا يدرك العلم إلا بضرب من المسافهه ، ونوع من المصادرة والمكابرة . فالذي نعانيه اليوم هو فوضى في ضبط المفاهيم .

    فأصبح تقنين مسائل الاجتهاد السائغ أمرا مفروضا في بعض الأذهان ، وإن لم يحرر بالقلم والبنان إلا أنه بادٍ من فلتات اللسان ، وهو نوع من العصيان إذا لم يعتقد لزومه بالجنان .

    وقد حرر هذا الموضع شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقال : "وأما كثير من أتباع أئمة العلم ومشايخ الدين فحالهم وهواهم يضاهي حال من يوجب إتباع متبوعه ، لكنه لا يقول ذلك بلسانه ولا يعتقده علما ، فحاله يخالف اعتقاده ، بمنزلة العصاة أهل الشهوات ".(مجموع الفتاوى:19/70).

    ومن هنا بدأت الفتنة حيث صار حب العلماء يأخذ لون تبعية بلا استثناء ، وهي على حد عبارة الشيخ الفاضل إبراهيم الرحيلي – حفظه الله - :"نحن نريد من الشباب أن يحبونا حب الإسلام لا حب الأصنام ". (قالها في جلسة خاصة مع أهل العراق في بيته).

    ومما يستطرف في هذا الباب – باب تقديم شرع الله على من سواه – ما جاء في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: 5/9" أن :" القاسم عبيد الله بن سليمان قال : كنت أكتب لموسى بن بغا ، وكنا بالري وكان قاضيها إذ ذاك أحمد بن بديل الكوفي.
    فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة هناك كان له فيها سهام ، ويعمرها وكان فيها سهم ليتيم ، فصرت إلى أحمد بن بديل أو قال : فاستحضرت أحمد بن بديل وخاطبته في أن يبيع علينا حصة اليتيم ، ويأخذ الثمن .
    فامتنع وقال ما باليتيم حاجة إلى البيع ، ولا آمن أن أبيع ماله وهو مستغن عنه فيحدث على المال حادثة ، فأكون قد ضيعته عليه .
    فقلت : أنا أعطيك في ثمن حصته ضعف قيمتها .
    فقال : ما هذا لي بعذر في البيع ، والصورة في المال إذا كثر .
    فأردته بكل لون فيمتنع فضجرني ، فقلت له : أيها القاضي إلا تفعل فإنه موسى بن بغا .
    فقال لي : أعزك الله ، إنه الله – تبارك وتعالى - .
    قال : فاستحييت من الله أن أعاوده بعد ذلك . . . ".

    ومن عجيب حال بعضهم ما حكاه لنا الشيخ الفاضل عبد المالك رمضاني – حفظه الله – في داره أنه : "قد يأتي يتقرب إلى شيخه بعرض فلان ! ورأيناهم . نعم ، شخص يقول – لبعض تلاميذه - : فلان طُعن فين ، اطعنوا فيه على شان ما يُطعن فيكم .
    انظر ، اطعنوا فيه حتى لا يطعن فيكم .
    إيش هذا ؟!
    جعلته ردءا لك ، أعراض غيرك ردءا لك !!!
    تكلموا فيه حتى يرضى عنكم الشيخ فلان وإلا سيسقطكم .
    إيش هذا الكلام ، تعيش أنت للناس !! "أهـ .

    وهذه التبعية لا شك أنها إفراط . . .

    وفي مقابلها نشأت معارضة ومقاومة لهذا التقليد ، إلا أنها جنحت عن الصواب في بعض شأنها متسمة بإفراط وتفريط .
    ومن بين ذلك أن بعضهم صار يستعير من مخالفيه أخطاءهم التي ينتقدها فيخطئ كما أخطئوا . معالجة للخطأ بمثله .

    فلأجل الدفاع عن شيخ صاروا يسقطون آخر مع أنهم يرون أن كلا منهما يخطئ ويصيب . وانتقدوا التسقيط فيما بابه الاجتهاد ، ففعلوا مثله من باب الدفاع .

    والواجب في علاج الفتنة إسناد أمرها إلى العلماء ، وأن لا يتقدم بين أيديهم .

    وأن نحذر ولوج أهل الطلب والتحصيل في مسائل الفتن ، لأن في صنيعهم هذا يحصل الخلل ، ولا يؤمن الزلل .

    ومن جراء هذا وذاك صارت المجالس عند بعضهم تحوم حول الفتنة كأنما خلق لها ولا يعرف من العلم غيرها كمثل طفيلي قيل له : "كم اثنان في اثنين ؟ قال : أربعة أرغفة "(عيون الأخبار :ص/357).

    فصارت الفتنة له ديدن يحسب كل كلمة إصلاح ، وكل صوت فيه فلاح ولو كان من نباح . كصنيع (جاهل خراسان) .

    فقد سأل البرذعي أبا زرعة الرازي – رحمهما الله - عن : بشر بن يحيى بن حسان؟
    " قال: خراساني من أصحاب الرأي كان لا يقبل العلم ، وكان أعلى أصحاب الرأي بخراسان ، فقدم علينا ، فكتبنا عنه ، وكان يناظر ، فاحتجوا عليه بطاووس ، فقال بالفارسية :يحتجون علينا بالطيور !
    قال أبو زرعة: كان جاهلا ، بلغني أنه ناظر إسحاق بن راهويه في القرعة ، فاحتج عليه إسحاق بتلك الأخبار الصحاح ، فأفحمه ، فانصرف ففتش كتبه فوجد في كتبه حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عن القزع" .

    فقال لأصحابه: قد وجدت حديثا أكسر به ظهره ، فأتى إسحاق ، فأخبره .

    فقال إسحاق: إنما هذا القزع ! أنه يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض . (سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي 2/334).

    فهذه الفتنة تكاد عند بعض الكتبة لا تنجلي كليل مات صباحه ، أو سجن ضاع مفتاحه



    يتبع ....




    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  6. #6

    افتراضي رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول

    6) أحذر : ( سفه الدعاة )

    إن الداعية الموفق هو الحازم المتأني إذ عنده لكل كلمة موضع ، ولكل خطوة هدف ، لا يرمي سهاما في فضاء ، ولا يخطو خطا في عماء .

    فمجلسه مجلس علم ، ومنطقه بحكمة وحلم . لا كمجالس بعض الدعاة - عند العامة من الناس أو أنصاف المتعلمين – يتكلمون (بحروف الدجاج) ، لأنهم يحدثونهم بما لا يعرفون ويقحمونهم فيما لا يحسنون . ومن باب الاستئناس فقد جاء في بعض كتب التاريخ : أن أبا خليفة ـ الفضل بن الحباب الجمحي ـ كان لا يتكلف الإعراب بل قد صار له كالطبع لدوام استعماله إياه من عنفوان حداثته ،فخرج في نزهة مع أصحاب له أيام المبادي ، وهي الأيام التي يثمر فيها الرطب فيكبسونه في القواصر تمرا ، وتكون حينئذ البساتين مشحونة بالرجال ممن يعمل في التمر من الأَكَرَة ، وهم الزراع وغيرهم ، فلما أكلوا ، قال بعضهم لأبي خليفة ـ غير مكن له خوفا أن يعرفه من حضر ممن ذكرنا من الأَكَرَة ، والعمال في النخل ـ: أخبرني أطال الله بقاءك عن قول الله - عز وجل - :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} هذه الواو ما موقعها من الإعراب ؟
    قال أبو خليفة : موقعها رفع ، وقوله: (قوا) هو أمر للجماعة من الرجال .
    قال له: كيف تقول للواحد من الرجال ، ول لاثنين وللجماعة ؟
    قال : يقال للواحد من الرجال: قِ ، وللاثنين : قيا ، وللجماعة قوا .
    قال : كيف تقول للواحدة من النساء ، وللاثنتين منهن وللجماعة منهن ؟
    قال أبو خليفة : يقال للواحدة : قي ، وللاثنتين : قيا ، وللجماعة : قين .
    قال : فأسألك أن تعجل بالعجلة ، كيف يقال للواحد من الرجال ، والاثنين والجماعة ، والواحد من النساء ، والاثنتين منهن ، والجماعة منهن ؟
    قال أبو خليفة عجلان : قِ قيا قوا قي قيا قين ، وكان بالقرب منهم جماعة من الأكرة فلما سمعوا ذلك استعظموه ، وقالوا : يا زنادقة ! أنتم تقرءون القرآن بحروف الدجاج ! ، وعدوا عليهم ، فصفعوهم فما تخلص أبو خليفة ، والقوم الذين كانوا معه من أيديهم إلا بعد كدٍ طويل . اهـ.( مروج الذهب للمسعودي 4/239).

    فالداعية المخلص الصادق : يراعي مقصد الشرع ووسيلته ، ويتفطن لمكان المدعو ومكانته ، ويهتم بزمن الدعوة ووقتها ، ويعتني بكل جوانب المقاصد الضرورية لنجاح الدعوة – إخلاصا وصدقا وعلما وعملا - .
    وعليه ليحذر من تصدر للدعوة غرور النفس فإنه مكمن الفساد فكم شتت العباد وأربك البلاد ، فصوت العلماء الذين هم لخيمة الجماعة أوتاد ، قد ضاع بين صياح الأولاد .

    فالداعية إذا تصدى لما لا يحسنه فإنه يفسده كحال الراقي السفيه الذي " أُتي بامرأة وهي مصروعة فسقاها ملحاً .
    قال : من أجل أن يعطش الجني ، وهي تقول : اسقوني ، اسقوني حتى ماتت ، مسكينة "(إجابة السائل :ص355).

    قد تصدر للتدريس كل بليد مهوس .... قد تسمى بالفقيه المدرس
    فحق لأهل العـلم أن يتمثـلوا بـبيت .... قديـم شـاع في كل مجلس
    هزلت حتى بدا من هزالها كلاهــا .... وحتـى سـامها كـل مفـلس

    وليحذر هذا الضرب من الدعاة الكلام في الفتنة فإن كلامهم يشعلها ولا يطفئها ، بل إن المتكلم فيها أول المحترقين بنارها والمصطلين بلهبها .

    ولعل له عبرة (بداعية تهامة) فقد "قدم داع من الدعاة إلى الله في تهامة إلى بلده وبعد أن قدم ذُهب به – لأنه حدَّث بشيء أهله لا يعرفونه – قالوا : نذهب بك إلى الساحر – وهو بخير ليس به شيء - .
    فقال (أي: الساحر) : فيه جني .
    قالوا : فماذا نعمل ؟
    قال : اربطوه على خشبة وأوقدوا تحته ، فربطوه وهو يصيح حتى مات – رحمه الله – تعالى - ."(إجابة السائل :ص/355).

    "وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَنْ سَاسَ نَفْسَهُ سَادَ نَاسَهُ ."(أدب الدنيا والدين:ص/245).

    فليس كل ما يعلم يقال ، ومن مسائل العلم ما جوابها السكوت .

    يا رب جوهر علم لو أبوح به .... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
    ولاستحل رجال صالحون دمي .... يرون أقبح ما يأتونه حسنا

    فأنصح هؤلاء أن لا يقعوا في الحرام بأن يتركوا علاج الفتن للعلماء العارفين وإلا فإنهم ببحر الشبهات لمن الغارقين ولجماعة الحق لمن المفرقين .

    ككافلة الأيتام من كد فرجها .... لك الويل لا تزني ولا تتصدقي


    يتبع ..........


    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  7. #7

    افتراضي رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول

    7) احذر: ( تيه الطاووس ) .

    إن بعض كتبة المنتديات لما رأى أنه صار يحمل القلم والدواة ، ويدخل بصورة معلم في المنتديات ، ومشارك في الصراعات ، توهم المسكين أنه قد صاف الشادين من الطلبة ، والمبرزين من الفضلاء .
    كحال من ذكره "محمد بن سهل قال : حضرت المأمون بالمصيصة ، فقام إليه رجل بيده محبرة ، فقال : يا أمير المؤمنين صاحب حديث منقطع به .
    قال : فوقف المأمون ، فقال له : إيش تحفظ في باب كذا وكذا ؟
    قال : فسكت الرجل ، فقال المأمون : نا ابن علية عن فلان عن فلان عن فلان ، وحدثنا حجاج الأعور عن ابن جريج كذا . . . حتى عد فيه كذا حديثا .
    ثم قال : إيش تحفظ في باب كذا ؟
    قال : فسكت ، فسرد فيه كذا حديثا . ثم قال : أحدهم يطلب الحديث ثلاثة أيام يقول : أنا صاحب حديث !! أعطوه ثلاثة دراهم ."
    (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 1/116).

    فلا تكن عبد الله منهم [فقدر هؤلاء القوم عند العقلاء أحقر من قلامة في قمامة ، وأخس من بقة في حقة].
    (الإعلام بما في دين النصارى :ص/419).

    ومما يستظرف ما كان عليه الوجيه – المبارك بن المبارك بن سعيد (612هـ) - الذي التزم سماحة الأخلاق ، وسعة الصدر ، فكان لا يغضب من شيء ، ولم يره أحد قط حردان ، وشاع ذلك عنه ، وبلغ ذلك بعض الحرفاء ، فقال: ليس له من يغضبه ، ولو أغضب لما غضب ، وخاطروه على أن يغضبه ، فجاءه ، فسلم عليه ، ثم سأله عن مسألة نحوية ، فأجابه الشيخ بأحسن جواب ، ودله على محجة الصواب .
    فقال له: أخطأت ، فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب ، وسهل طريقته ، وبين له حقيقته .
    فقال له: أخطأت أيها الشيخ ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ، ويهتدي بك في العلوم ، وهذا مبلغ معرفتك ، فلاطفه ، وقال: له يا بني لعلك لم تفهم الجواب ، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبين من الأول فعلت .
    قال له:كذبت ! لقد فهمت ما قلت ، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم .
    فقال له الشيخ: وهو يضحك قد عرفت مرادك ، ووقفت على مقصودك ، وما أراك إلا وقد غُلبت ، فأد ما بايعت عليه ، فلست بالذي تغضبني أبدا ،
    وبعد يا بني : فقد قيل : إن بقة جلست على ظهر فيل ، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران ! فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست ، فكيف أستمسك إذا أنت طرت ! والله يا ولدي ما تحسن أن تسأل ، ولا تفهم الجواب ، فكيف أستاء منك .
    ( معجم الأدباء: 5/44).

    شهاب الدين دع عنك اللجاجة .... فلست تعد من عليا خفاجـــة
    نسـبـت إلـيـهم ظلـما لعمـري .... كما نسبت إلى الطير دجاجة
    أتقوى أن تهاجيني بشعر وهل .... تقوى على الحجر الزجاجـة

    فواجب طالب العلم الحريص على نجاة نفسه أن يتواضع ليرفع ، وأن يحل العالم منه بأن: (يأخذ بركابه الآخر) .

    فقد " قال ابن معين لصالح بن أحمد بن حنبل : أما يستحي أبوك رأيته مع الشافعي . والشافعي راكب ، وهو راجل ، ورأيته وقد أخذ بركابه ؟!
    قال صالح : فقلت لأبي ، فقال لي : قل له : إن أردت أن تفقه فخذ بركابه الآخر".
    (ترتيب المدارك وتقريب المسالك : 3/183).

    وقال الماوردي " َقَالَ أَرْدَشِيرُ بْنُ بَابَكَ: مَا الْكِبْرُ إلا فَضْلُ حُمْقٍ لَمْ يَدْرِ صَاحِبُهُ أَيْنَ يَذْهَبُ بِهِ فَيَصْرِفُهُ إلَى الْكِبْرِ. وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَ بِالْحَقِّ."
    (أدب الدنيا والدين:ص/246).


    يتبع ............




    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  8. #8

    افتراضي رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول

    8) احذر : (دسيسة الشيطان ) .

    أعلموا – رحمكم الله – أن طبيعة المنتديات خصبة لزرع نبت جاسوس أو مدسوس ، ولا يخفى على أحد أن هذه الدعوة المباركة مستهدفة . . .
    ولهذا لا ينبغي لمسلم الغفلة .

    فإن من مخططات بعض المستشرقين قولهم : "اجعل الكلمة كلمتين تصبح الفرقة فرقتين ، ثم يصير الإسلام إسلامين ".

    وأفضل الأجواء لنمو هذا النبت الضار هو جو الفتنة لأن كلا من المتصارعين يطلب الظفر بخصمه ، وعادة ما يكون عدو العدو صديقا .

    ولا يجهل أحد أن الدس سنة مطروقة لأعداء الأمة المسلمة ، وشواهده من التاريخ كثيرة ، وأول ما عرف عنه ذلك ما ذكره الله عن إبليس { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ }[الأعراف :20-21].

    ولو نظرنا : من المستفيد من هذه الفتنة ؟
    لماذا ينصرف الشباب عن دعوة التوحيد ؟!
    لماذا ينصرف الشباب عن بيان السنة ودحض البدع ؟!
    لمصلحة من دوام هذه الفتنة ؟
    هل في دوامها رضا الله أم سخطه ؟

    إلى أسئلة كثيرة ، في معرفة الجواب عنها تنكشف أوراق ، ولا يبقى دعي خلف رواق ، لأننا بالحزم نسد طريق النفاق .

    فالسباق السباق إلى الوئام والاتفاق ، على طريق الرفاق من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .

    ومما أتحفنا به الشيخ الفاضل مشهور بن حسن – حفظه الله – في بلد الله الحرام سنة (1430) قوله : "حقيقة فتنة الدعوة في العقد الأخير في العالم (التلون) دخل فيها من ليس منها ، وتلون وحاول أن يؤثر على أبناء الدعوة ، فيرمي بعض القناعات ، وبعض المفاهيم التي تخالف مفاهيم مشايخنا الكبار ، وتخالف واجب الوقت الذي يتعين .

    أرادوا أن يشغلونا عن واجب الوقت الحقيقي الشرعي الذي قرره علماؤنا بواجب آخر الذي هو واجب الوقت عند الحزبيين .

    الواجب الحزبي ما يضرني في شيء ، الذي يضرني أنا إيش واجب الوقت عندي ؟ إيش رأس مالي ؟ إيش شغلي ؟ إيش أريد ؟

    عملنا التصفية والتربية وتصحيح عقائد الناس وتصحيح عبادات الناس ، جهدنا العظيم في هذا الباب ، نربي الناس على أن تتحمل أوامر الله جل في علاه – وأن تزكي أنفسها . . . ".



    يتبع ...........



    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  9. #9

    افتراضي رد: مــــــتـــــصـ ـــــــفـــــح الـــــــعـــــ ـــــقـــــــــ ـول

    9) احذر: ( رصد الأغلاط ) .

    إن تتبع العثرات وجمع السقطات هي ميزة للمنتديات ، فحال فاعليها منبئ عن شره نفس في طلب الانتقام وإدامة الخصام .

    ومن درر الشيخ الفاضل مشهور بن حسن – حفظه الله – ما سمعناه منه في بيت الله الحرام عام (1430) حيث قال : "لا يعتمد على هذه المنتديات إلا من نقص عقله ودينه ". أي فيما سبيله التراشق بين الدعاة ، وحصد ورصد للهنات .
    ومعلوم أن الذي ساعد الفتنة على هذا الانتشار ، كون الكاتب خلف الأستار مختفيا عن الأنظار .

    وقد جادت قريحة الشيخ المفضال عبد المالك بن رمضاني – حفظه الله – بوصف هذا الصنف : بـ(نت الجبان).

    وأقولها – صريحة - : إن بعض الناس بسبب الفتنة صارت عنده مفاصلة مقيتة بين قوله وفعله ، فبينما هو جاد في تأكيد رفق أهل السنة بأهل السنة بنشره : (رفقا أهل السنة بأهل السنة) ، تراه ممن يخالف ما جاء فيها ، فينشر بين الموالف والمخالف ما فيه مثالب ومتالف تزيد الفرقة وتشعل الفتنة . قد تنكب سبيل الرفق بالرفقة وقد نابذهم وصيرهم فرقة .

    فأين هم من قول العلامة العباد – حفظه الله - : " إن من أهل السنة من إذا رأى أخطاء لأحد من أهل السنة كتب في الرد عليه ، ثم إن المردود عليه يقابل الرد برد ، ثم يشتغل كل منهما بقراءة ما للآخر من كتابات قديمة أو حديثة والسماع لما كان له من أشرطة كذلك ؛ لالتقاط الأخطاء وتصيد المثالب ، وقد يكون بعضها من قبيل سبق اللسان ، ويتولى ذلك بنفسه ، أو يقوم له غيره به ، ثم يسعى كل منهما إلى الاستكثار من المؤيدين له المدينين للآخر ، ثم يجتهد المؤيدون لكل واحد منهما بالإشادة بقول من يؤيده وذم غيره ، وإلزام من يلقاه بأن يكون له موقف ممن لا يؤيده ، فإن لم يفعل بدعه تبعا لتبديع الطرف الآخر ، وأتبع ذلك بهجره .
    وعمل هؤلاء المؤيدين لأحد الطرفين الذامين للطرف الآخر من أعظم الأسباب في إظهار الفتنة ونشرها على نطاق واسع ، ويزداد الأمر سوءا إذا قام كل من الطرفين والمؤيدين لهما بنشر ما يذم به الآخر في شبكة المعلومات (الانترنت) .
    ثم ينشغل الشباب من أهل السنة في مختلف البلاد بل في القارات بمتابعة الاطلاع على ما ينشر بالمواقع التي تنشر لهؤلاء وهؤلاء من القيل والقال الذي لا يأتي بخير ، وإنما يأتي بالضرر والتفرق ، مما يجعل هؤلاء وهؤلاء المؤيدين لكل من الطرفين يشبهون المترددين على لوحة الإعلانات للوقوف على ما يجد نشره فيها ، ويشبهون – أيضا – المفتونين بالأندية الرياضية الذين يشجع كل منهم فريقا ، فيحصل بينهم الخصام والوحشة والتنازع نتيجة لذلك ."(رفقا أهل السنة ...ص/52).

    واعلموا – رحمكم الله - أن بعض هذه التتبعات ، تدخل في باب الغيبة ، أو تكون نميمة لما فيها من قالة بين العلماء أو الدعاة .

    وقد عجبت من بعض الطلبة كيف يكون مطية للشيطان ، وأعجب من ذلك كيف يقبلها منه الأتقياء والفضلاء ، وتنشر في المنتديات ، ولا تنكر ، فسبحان الله .

    إن هذا الصنف من الطلبة إذا كان ينقل اليوم نميمة لك ، ويفشي سرا على خصمك فلا تأمن أن ينم عليك ، ويفشي سرك ، وقد رأيناهم .

    من نم في الناس لم تؤمن عقاربه ... على الصديق ولم تؤمن أفاعيه
    كالسيل بالليل لا يدري به أحـــد ... مــن أين جاء ولا من أين يأتيه
    فالويل للعهد منه كيف ينقضــــه ... والويل للــود منه كيف يفـتـيـه


    وقال ابن حبان – رحمه الله - : "ثمرة النميمة أنها تهتك الأستار ، وتفشي الأسرار ، وتورث الضغائن ، وترفع المودة ،وتجدد العداوة ، وتبدد الجماعة " (مختصر روضة العقلاء :ص/129).




    يتبع ..............



    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: متصفح العقول

    جزاك الله خيرا موضوع ماتع

  11. #11

    افتراضي رد: متصفح العقول

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محرز الباجي مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا موضوع ماتع
    وجزاك مثله بارك الله فيك .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  12. #12

    افتراضي رد: متصفح العقول

    10) احذر : ( إشاعة الفاحشة ) .

    إن نشر أخطاء العلماء وتعداد سقطات الفضلاء بالاتكاء على عكاز (الإلزام) فيه هتك للأعراض المصونة ، وقالة بين الناس مشينة ، وإشاعة للفحشاء ، وتجرئة للسفهاء .

    فالعالم الفاضل إذا أخطأ ينصح ، ولا يفضح . رعاية لحق العلم ، وحفظا لعرض العالم ، وسدا لتطاول الوضعاء ، وقطعا لمماراة أهل الأهواء .

    وهي نوع من التقريع تمنع التوفيق وتزيد التفريق ، فإن الأذنين كاليدين ، فكما أن اليدين لا تقبلان الهدية وإن كانت ثمينة إذا لطخها المهدي بالنجاسات والنتن ، فكذلك الأذنان لا تسمعان النصيحة وإن كانت صحيحة صريحة إذا لطخها الناصح بنجاسة القلوب من حقد وحسد وضغينة .

    والمطلع على الفضائح المتسترة بلسان ناصح يدرك أن كثيرا منها لم يسلم من فرث العداوة ودم البغضاء فأنى يخرج من بين ذلك نورا يهدي الحائرين .






    يتبع .....




    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  13. #13

    افتراضي رد: متصفح العقول

    ( خاتمة )


    وفي الختام ينبغي لكل سالك أن يجعل نصب عينيه في طريق سيره معالم الهدى ومنارات السبيل حذرا من أن تزل به القدم عن الطريق .

    فحذار عبد الله من بنيات الطريق فكم ضل ناس بعد الهدى وغووا بعد الرشد بسبب الغفلة والجهل والاسترسال مع النفس .

    واعلم – يا طالب العلم – أن الانشغال بالفتنة انقطاع عن السير فإن أترابك قد سبقوك وأنت واقف إن لم تكن ترجع القهقرى ، بسبب الجهل أو الهوى .

    واعلما – يا متصارعين – أن السلفية أكبر من حلبة صراعكما ، وأفسح من ضيق عطنكما ، وأسمى من توجهكما .

    فكم صرف شباب عن محاربة الشرك والكفر والإلحاد والعلمنة والبدع والطرقية والحزبية . . . إلى دائرة شجار تجيرها كمائن القلوب والأحقاد .

    لماذا لا تكون لكما أسوة بالعلماء الكبار الذين تعاملوا مع الفتنة بذكاء وأبطلوا كيد الأعداء .

    إن من يريد أن يمسك في مركبة زمام القيادة عليه أن يجعل نظره إلى الهدف والغاية فإن التفت يمينا وشمالا فبقدر الحذر ، فإن طال التفاته فلا يأمن شر القدر . بأن يهلك نفسه وأصحابه .
    فالله الله بأنفسكم .
    والله الله بشبابكم .
    والله الله بدعوتكم .
    والمعصوم من عصم الله ، والموفق من خالف هواه ، والسعيد من وعظ بغيره .

    اللهم ألف بين قلوبنا ، وأصلح ذات بيننا ، وأبطل كيد أعدائنا .
    اللهم اغفر لنا ذنوبنا ، وكفر عنا سيئاتنا .
    اللهم توفنا مع الأبرار .
    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .

    قاله وكتبه الفقير إلى عفو مولاه
    أبو زيد العتيبي
    20 جمادى الأولى 1431




    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •