قال الشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين حفظه الله تعالى لعلي أشير باختصار إلى ثلاث فوائد هي كالأمور الكلية لأهمية القواعد الفقهية :
1_ ضبط المسائل الفقهية واستحضارها في الذهن؛ وذلك أن القاعدة تعطي تصورًا مجملا كليا للفروع المندرجة تحتها فإذا فهمت القاعدة وأتقنتها حصل لك تصور كلي للفروع التي يمكن أن تندرج تحتها, وضبط الفروع الفقهية متعذر لكن ضبط هذه القواعد ممكن؛ لأنها ألفاظ مختصرة وتشمل معاني كلية، ولكن هذا لا يعني أننا إذا عرفنا هذه القاعدة استغنينا بذلك عن دراسة الفروع الفقهية, فبعض الناس يظن أنه إذا أتقن القواعد الفقهية فليس بحاجة إلى دراسة الفقه، وهذا ليس بصحيح؛ لأن القاعدة تحتاج لكي تثبت في الذهن و تتسع دائرة معرفتك بها أن يكون عندك عدد من الفروع الفقهية, وكلما استكثرت من الفروع الفقهية كلما ازداد فقهك بالقاعدة ومعرفتك بصور تطبيقها فأنت كلما تصورت النظائر والفروع قويت معرفتك بالقاعدة الفقهية التي تندرج تحتها هذه الفروع .
وتتفرع (عن) هذه الفائدة فائدة أخرى : وهي أن الفروع الفقهية المتناثرة تجتمع عندك بطريقة أخرى, فنحن نعرف أن الفقه مقسم على أبواب؛ كالطهارة ثم الصلاة ثم الصيام إلخ, فحينما تضبط القواعد الفقهية تعود مرة أخرى لتنظّم ترتيب الفروع الفقهية بناء على هذه القاعدة؛ فأنت إذا عرفت قاعدة العادة محكّمة؛ فإن هذه القاعدة تكون في ذهنك مثل الباب المتعلق بالعوائد -يعني بالعادات- فيندرج تحتها فروع في الطهارة وفروع في الصلاة وفروع في الصيام وفروع في المعاملات المالية وفروع في القضاء, فالفروع الفقهية المتناثرة بين أبواب فقهية متعددة تتبلور في ذهنك وتجتمع في صورة قاعدة كلية، وهذا لا شك يعين على ضبط الفروع الفقهية ويعين على الفائدة الثانية وهي:
2_ التعرف على مقاصد الشريعة وعلل الأحكام ومآخذها, فالقاعدة في الغالب تشتمل على معنى كلي، وتشتمل على علة، وتشتمل على مقصد من مقاصد الشريعة، هذا في الغالب ولا يلزم من ذلك أن تكون القاعدة كذلك, ومن أمثلة ذلك : المشقة تجلب التيسر, وقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وقاعدة سد الذرائع، أو قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد, وإذا فهم الإنسان مقاصد الشارع وحِكَمه ومآخذه حصلت له ملكة فقهية جيدة .
3_ القدرة على استنباط الأحكام الشرعية، ومعرفة مآخذ الفقهاء في إصدارهم للأحكام وهذا لا يتيسر إلا بفهم القاعدة فهمًا صحيحًا، ومعرفة حدودها وضوابطها وشروطها، ثم بعد ذلك تنزيلها على الواقع الذي تريد أن تحكم فيه, وسأعود مرة أخرى في الفقرة الرابعة لأضرب مثالًا على هذه القضية( 1) .
__________________
( 1) دورة القواعد الفقهية إعداد : الشيخ د.عبد السلام بن إبراهيم الحصين حفظه الله ( ص4 ) أشرطة مفرغة .