الحمد لله لا أبغي به بدلا ـ حمدا يبلغ من رضوانه الاملا ـ
ثم الصلاة على خير الورى وعلى ساداتنا أله وصحبه الفضلا
وبعد :فالموضوع :تلخيص : تحقيق (كتاب الاسئلة) تحت عنوان:
الإستنارات في قرأءة لمسائل الاثنى عشريات

للمؤلف الامام العلامة محمد بن حبيب الله كمال الدين ناصر السنة الذي ألفت في تعريفه ومدحه دواوين ومنها القصيدة المعروفة بالدلفينية التي تجاوزت بحور الخليل الفراهيدي
للعلامة الكبير المجتهد النحرير الشيخ محمد المامي:

وللمجيد ري في الغبراء مرتبة ـــ سارت بها في الأقاليم الركابين
وهي في الاصل أسئلة: قيدها في الرد على علماء عصره يحثهم فيها على الاجتهاد ونبذ التقليد وأخذ الدليل وكانت مملوءة إحراجا وإسكاتا للفقهاء الجامدين أصحاب الفروع المتعصبين للرأي وأصحابه’ ينبذون كل من لم يأخذ بها من غيرهم.
وأشير لبعضها بالتعليق والاختصار خوف التكرار مما قدمنا في البحث الماضي حول تحقيق كتاب الاسئلة للمؤلف نفسه وكانت كلمة مختصرة طلبها مني أحد ألاساتذة الفضلاء.
وبالله أستعين وعليه اعتمادي واتكالي وهو حسبنا ونعم الوكيل
مسألة: هل الإصابة متحدة أم لا؟
ج: في المسألة رأيان: رأي الاتحاد للجمهور ومنهم الأربعة ومن أدلتهم :
1 ـ حديث (إذا اجتهد الحاكم) فإنه تضمن الصواب والخطأ فعلم منه أن المصيب واحد لتعيين الحق عند الله.
2 ـ إجماع الصحابة على تخطئة بعضهم بعضا بل تخطئته لنفسه كأبي بكر في قصة الكلالة وأخطأ عمرإلخ
3 ـ قوله (ودوود وسليمان) الاية’ ووجهه تخصيص سليمان بالفهم فإن لم يكن المصيب واحدا لكان عبثا.
4 ـ القول بإصابتهما يلزم منه اجتماع النقيضين وهو محال عقلا وأيضا بطلان فائدة المناظرة لغرض الحق.
الرأي الأخر: لبعض المتكلمين كالجبائي وأبي هاشم وغيرهم وسنذكر أدلتهم’
ومعناه عندهم أن في المسألة شيئا ما لوحكم الله به لكان على التعيين لما فيه من جلب المصلحة أو درئها لكن الله لما لم يحكم فيها بمعين كان حكمه فيها ما يظنه المجتهد’
وهو افتراضي لاحقيقية والمعنى عندهم أن كل مجتهد مصيب ابتداء لا انتهاء إن لم يصادف الحق الذي لوحكم الله به لكان على التعيين أي أصاب اجتهادا لا حكما فهو مخطئ حكما وانتهاء’ وإنما أصاب عندهم اجتهادا لان اللازم في الاجتهاد بذل الوسع لانه غاية المقدور وقد فعله إلخ ..
ونشير لأدلتهم باختصار شديد فمنها :
1 ـ حديث أصحابي كالنجوم)’ ووجهه أنه لو لم يكن كل مجتهد مصيبا لما حث على اتباع الجميع.
2 ـ أن الصحابة كانوا يختلفون في كثير وكان بعضهم يولي البعض الاخرويعلم أنه يحكم بخلاف ما حكم به رغم أنه لم ينكر أحد على أحد منهم فدل هذا على أن كل مجتهد مصيب .
3 ـ أن المقلد مخير في اتباع المجتهدين والتخيير يستلزم التساوي والتساوي يدل على إصابتهما.
4 ـ أنه لو لم يكن كل مجتهد مصيبا للزم نقض جميع الأحكام غير واحد مع أنه لا يلزم نقض كل حكم مخالف.
5 ـ أن القول بأن المصيب واحد يلزم منه الحرج والمشقة وهما مرفوعان بصريح النصوص يقول الله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ’وقوله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) الايات. ولكل جب ليس هذا مقامه.
التقليد : لغة: وضع القلادة في العنق وشرعا : قبول قول غير معصوم دون معرفة دليله’ ولا تقليد في وحي ولا إجماع بل الاتباع للوحي لا لأحد وأما ما فيه التقليد فهو ما لا نص فيه أو ما فيه نص محتمل’والأصل جوازه’ ويجب على العامي السؤال والعمل بفتوى من سأله من غير تعيين مذهب معين إذ لا مذهب للعامي لقوله فاسألوا أهل الذكر الاية .
قال: سيدي عبد الله الشنقيطي انعقد الاجماع على أن من أسلم له تقليد من شاء بغير حجر كما أجمع عليه الصحابة رادا على من خالف في ذلك كالجويني ومن تبعه قائلا:
وليس من الديل في شيء إجماعا لأن الدليل المطلوب إنما هو من كتاب الله أوسنة الرسول أو إجماع المجتهدين أقياس جلي على خلاف’ لا مجرد رأي شافعي مقابل برأي مالكي.إلخ
مسألة: الفرق بين ابن القاسم والشافعي
1 ـ أن رتبة رواية ابن القاسم هي الرقم السادس في رواة المؤطإ من جهة الضبط والتثبت في الدراية والاتقان ...
2 ـ أن الشافعي أجل رواة المؤطإ ثم ابن مسلمة القعنبي’ وابن يوسف’و معن بن عيسى’و التميمي ثم ابن قاسم ....
3 ـ في دليل السالك: أن بضاعة ابن القاسم في الحديث مزجاة ’ ونسخته أشهر منها نسخة ابن وهب ويحي بن يحي ... 4 ـ أن ابن القاسم ضعيف في الأصول’ ومن هذا نعرف أنه لا مقارنة بين الشافعي وابن القاسم حتى صح أن يكون الاول إماما في السنة والاصول والفقه وحجة في العربية فصحت إمامته للامة جمعاء ولم يرض بتقليد تحت أي ظرف أو قاعدة مع تزكية أهل العلم له وليس هذا ضعفا لابن القاسم بل لإيجاد الفرق بينهما’
وقد يقال بأن ابن القاسم رضي مالكا لنفسه كما رضي سحنون ابن القاسم لنفسه إلخ ...والحق أبلج لا يخفى على فطن.
مسألة: التلفيق بين مذهبين:
يرى المتأخرون جواز التلفيق بين مذهبين في عبادة واحدة ’وهو رأي المغاربة وهو أرجح من قول المصارية بالمنع. لقوله بعثت بالحنفية السمحة وهو الراجح على من قال يمنع تتبع الرخص وهي رفع مشقة التكليف باتباع كل سهل. فالمقلد بالخيار أن ينتقل من الاخف إلى الاثقل والعكس وليس لنا أن ننقل المجتهد عن اجتهاده إلى اجتهاد غيره ولا المقلد عن مذهب من قلده إلى مذهب غيره .إلخ.
مسألة : الحمل على مذهب معين
التعصب في الفروع وحمل الناس على مذهب واحد لا يقبله الله تعالى من الناس ولا يحمل عليه إلا محض التعصب ’ولو أن الأئمة الأربعة أحياء لأنكروا وشددوا وتبرءوا مما يتابعون فيه إلخ..و الصواب أنه لا يلزم الحمل على مذهب معين إذ لا واجب إلا ما أوجب الله تعالى ورسوله’
فالعامي لا يتصور أن يصح له مذهب معين ولا على أحد أن يتمذهب لرجل من الائمة فيأخذ أقواله كلها ويدع أقوال غيره فهذه بدعة حدثت في الامة لم يقل بها أحد من أئمة الاسلام
ونقل الامام السيوطي أن العلماء كانوا يفتون بالاربعة للعوام الذين النصوص والقواعد ولا يتقيدون بمذهب عن أخر.
مسألة: ما نسبة ما اخترعه الاربعة ؟ ونسبة الاقوال إلى مالك وجعلها مذهبا له وبينه وبين قائلها ؟ واختلاف الشراح؟
قال العلامة بداه البوصيري الشنقيطي: كثر تساهل الفقهاء حتى عزوا مفاهيم كلام المؤلفين والشارحين إلى مذهب ذلك المجتهد الذي قلدوه وأصبح كل منهم يقلد الأخر وملئت المختصرات من مفاهيم المدونة واختلاف شراحها وتأويلها.
ولا شك أن مذهب الانسان ما قاله ولم يرجع عنه إلى أن مات لا ما فهم من كلامه .
فما جاء عن الشارع لا يسمى مذهبا لأحد بل هو شريعة يجب العمل بها على من تدين بدين الاسلام وكذلك ما فهمه أصحاب المجتهد من كلامه لا يسمى مذهبا له رغم كونه سماه بعض المالكية مذهبا مع أنه وظيفة المجتهد المقيد والاجتهاد لا يكون إلا في قول الله تعالى أو قول رسوله لا في قول بشر سواه قال: الولاتي وهو الظاهر والأصوب.
وقد أبطل البوصيري انحصار التقليد في الائمة الاربعة إذ لم يقم على وجوب الاتباع لأحدها دون غيرها دليل معتبر.
وقد أجمع المسلمون على أن الخلاف ليس بحجة وعند الاختلاف يلزم طلب الدليل والحجة ليتبين الحق والصواب إلخ وما قاله المتأخرون المتعصبون من أن قول مالك في المدونة مقدم على قول غيره فيها وفي غيرها. مردود بلا نهاية فالترجيح لا يكون إلا بدليل وحي أو أو إجماع أو قياس جلي فليس مجرد وجود قول في كتاب معين كالمدونة مرجحا.
وقد نهج متأخروالمالكية بترجيح القول والرواية لمجرد وجوده في الام ولو خالف الكتاب وصحيح السنة المجمع عليه.
والمذهب لغة :الطريق ،ومكان الذهاب واصطلاحا: حقيقة عرفية فيما ذهب إليه إمام من الائمة من الاحكام الاجتهادية. وأما المنصوصة قطعية أم لا فليست مذهبا لأحد عن آخر بل هي مذهب للكل’ سوى الأحكام القطعية فهم فيها سواء. فإن اللازم على المسلم الاجتهاد في معاني القرآن وتتبع الآثار ومعرفة معانيها وإخراج الاحكام منها’ فإن لم يقدر فعليه أن يقلد العلماء من غير التزام مذهب فإنه يشبه اتخاذه نبيا’ وما أحدثه الناس من التزام مذاهب مخصوصة مع عدم جوازهم الانتقال من مذهب إلى مذهب فجهل وبدعة وتعسف بل التعصب لمذهب دون غيره من أمر الجاهلية.قاله العز..
ـــ لا يجب على أحد كونه منتميا لاحد المذاهب فإن الصحابة والتابعين والائمة الاربعة كانوا ينتقلون من قول إلى قول. ـــ ومذهب العامي إنما هي فتوى مفتيه من غير تقييد بمذهب.
ـ قال العز بن عبد السلام لا يلزم المقلد الحكم بقول إمامه فهذا غير متفق عليه حتى قيل ليس إمامه رسولا أرسل إليه.
فالحمد لله العلي الأجلل ــ الواسع الفضل الكريم المجزل..