عندما قرأت هذه الجملة لسيدنا ابن مسعود في الحديث الذي ورد في "سنن النسائي" وصححه الألباني- أخذني هذا التعبير بنكاته البلاغية التي تضرب في علوم البلاغة الثلاثة.
كيف؟

هناك الإيجاز الذي يمثل مبحثا في علم المعاني، وهناك الكناية التي تمثل مبحثا في علم البيان، وهناك الطباق الذي يمثل فنا من فنون علم البديع.

واجتماع الفنون البلاغية في الشاهد الواحد أمر ليس بمستغرب؛ فالنكات البلاغية لا تتزاحم كما هو مقرر في البلاغة كما رأينا هنا.

وهاكم الحديث لتشركوني فيما استشعرته من جماله!

أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا السَّلَامَ. حَتَّى قَدِمْنَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ،
فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ. فَجَلَسْتُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا يُتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ.