مسألة المجاز من المسائل المشكلة, ويبدو لي ـ والعلم عند الله ـ أن الخلاف فيها خلاف لفظي إذا استثنينا صفات الله وما يتعلق بالأمور العقدية, وما ذكره الإمام الشنقيطي رحمه الله ليس جديدا حتى نقيم الدنيا ونقعدها , فهو إنما يردد قول شيخي الإسلام ـ ابن تيمية وابن القيم ـ رحمهما الله , والفرق بينه وبينهما أنه كان واضحا في رأيه.
والمجاز موجود في اللغة, وابن القيم يسميه أسلوبا من أساليب العرب, وهذا اعتراف منه رحمه الله بمضمون المجاز, وإنما رده رحمه الله للوازمه الخطيرة, فمثلا قولك: رأيت أسدا يصلي, الكل متفق على أن هذا يراد الرجل الشجاع لكنهم يختلفون في التسمية فالمجازيون يسمون هذا مجازا, وأصحاب الحقيقة يسمونه أسلوبا من أساليب العرب, فالخلاف هنا لفظي حسب, لكنه في نحو (وجاء ربك) يشتد النزاع فأهل المجاز على تقدير الحذف أي وجاء أمنر ربك وأهل الحقيقة لاحذف عندهم والاية على ظاهرها فالله سبحانه يجيء مجيئا يليق بجلاله ليس كمثله شيء, وهنا موطن الخلاف في هذه المسألة بين مدرسة ابن تيمية ومدرسة أهل الإهواء, وهذا والله أعلم هو الذي دفع ابن تيمية وكثيرا من تلامذته إلى اليوم وإلى يوم الدين إلى أن ينكروا المجاز حتى في اللغة دفاعا عن هذه العقيدة الناصعة.
فهذا خلاصة ما توصلت إليه في رسالتي للماجستير الموسمة بـ( موقف ابن القيم من التأويل اللغوي والنحوي) والله أعلم.
وليست الطريقة فاسدة كما ذكر صاحب المقال لأن الأمر يتعلق بالعقيدة.
وكان ينبغي أن يسد هذا الباب في الجانب العقدي فقط لا اللغوي .