حوار هادئ مع النفس !!



أيتها النفس لا تغتري بالأسماء والألقاب كثيرا , فليس من الضروري أن يعبر الاسم أو اللقب عن المسمى , فهذا المسيح وذاك المسيح , ولكن فرق بين هذا وذاك فهذا المسيح عليه السلام وذاك المسيح الدجال .
متى تكفين يا نفس عن المعاصي ؟؟ أما علمت أن الموت قد حان ؟ كم عبرة وعبرة ! وأنت لا تعتبرين, وعن المعاصي والآثام لا تنتهين
ليت شعري ! هل ستعتبرين عندما تصبحين تحت أطباق الثرى ؟؟! أم ستعتبرين عندما تلتف الساق بالساق , ويصبح إلى الله المساق ؟؟
هيهات هيهات ! ذاك يوم لا تنفع فيه العبرة , ولا يزداد الإنسان بالتمني إلا حسرة وحسرة .
أحثك على الطاعة, وتحثينني على المعصية .
آخذ بلجامك إلى الجنة , وتحاولين قذفي في النار .
أحاول أن أبعد عنك ذل المعاصي , وتسعين جاهدة لغمسي في العار .
_ عجبت لأمرك أيتها النفس ! لا تثبتين على حال من الأحوال , فتارة تصبحين مطمئنة , وتارة أمارة بالسوء , وتارة لوامة , وما أكثر النفوس اللوامة , التي تلوم أصاحبها كلما ارتكبوا ذنبا , وهي الوحيدة من بين النفوس التي أقسم الله بها عندما قال : {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ }القيامة2.
أيتها النفس :إذا كان المتنبي قد جعل من الحمى زائرا غير مرحب به ولا مرغوب فيه , فما ذاك إلا لأنها تؤذي الجسم , وتضعف قواه , مع أن الحمى قد كللها الحياء , فهي لا تزور إلا في الظلام , ولا تبيت إلا في العظام , أما قال عنها:
وزائـــرتي كان بها حياء
فليس تزور إلا في الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا
فعافتها وباتت في عظامي
إذا كان المتنبي مع زائرته كذلك , فأنت يا نفس زائرة من نوع آخر , زائرة لا تنتهي زيارتها إلا بانتهاء أجل الإنسان.
زائرة لا تزور فقط في الظلام بل في جميع الأوقات , ليلا ونهارا صيفا وشتاء .
زائرة لا تبيت في العظام , بل تبيت في كل جزء من الجسد , إلى أن ينتقل الإنسان إلى مولاه الصمد .
الشيخ الشاعر : مصطفى قاسم عباس