تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: ما البرهان ؟...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb ما البرهان ؟...

    ما البرهان ؟...
    مع الآية 174 من سورة النساء:
    قال تعالى:{ يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً * فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُم ْ فِى رَحْمَةٍ مَّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَٰطاً مُّسْتَقِيماً }
    في تفسير ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى مخاطباً جميع الناس ومخبراً بأنه قد جاءهم منه برهان عظيم، وهو الدليل القاطع للعذر، والحجة المزيلة للشبهة، ولهذا قال: { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } أي: ضياء واضحاً على الحق، قال ابن جريج وغيره: وهو القرآن { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ } أي: جمعوا بين مقامي العبادة، والتوكل على الله في جميع أمورهم، وقال ابن جريج: آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن. رواه ابن جرير { فَسَيُدْخِلُهُم ْ فِى رَحْمَةٍ مَّنْهُ وَفَضْلٍ } أي: يرحمهم، فيدخلهم الجنة، ويزيدهم ثواباً، ومضاعفة ورفعاً في درجاتهم؛ من فضله عليهم، وإحسانه إليهم، { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَٰطاً مُّسْتَقِيماً } أي: طريقاً واضحاً قصداً قواماً لا اعوجاج فيه، ولا انحراف، وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة، فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات، وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات.
    وفي حديث الحارث الأعور، عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " القرآن صراط الله المستقيم، وحبل الله المتين " وقد تقدم الحديث بتمامه في أول التفسير، ولله الحمد والمنة.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: ما البرهان ؟...

    تابع
    مع الآية 24 من سورة يوسف:
    قال تعالى: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِين َ }
    في تفسير ابن كثير رحمه الله: اختلفت أقوال الناس وعباراتهم في هذا المقام، وقد روي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وطائفة من السلف في ذلك ما رواه ابن جرير وغيره، والله أعلم. وقيل: المراد بهمه بها خطرات حديث النفس، حكاه البغوي عن بعض أهل التحقيق، ثم أورد البغوي ههنا حديث عبد الرزاق عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى: إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها، وإن هم بسيئة فلم يعملها، فاكتبوها حسنة، فإنما تركها من جرائي، فإن عملها فاكتبوها بمثلها " ، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين، وله ألفاظ كثيرة، هذا منها. وقيل: هم بضربها. وقيل: تمناها زوجة. وقيل: هم بها لولا أن رأى برهان ربه، أي: فلم يهم بها، وفي هذا القول نظر من حيث العربية، حكاه ابن جرير وغيره. وأما البرهان الذي رآه، ففيه أقوال أيضاً، فعن ابن عباس وسعيد ومجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن سيرين والحسن وقتادة وأبي صالح والضحاك ومحمد بن إسحاق وغيرهم: رأى صورة أبيه يعقوب عليه السلام عاضاً على أصبعه بفمه. وقيل عنه في رواية: فضرب في صدر يوسف. وقال العوفي عن ابن عباس: رأى خيال الملك، يعني: سيده، وكذا قال محمد بن إسحاق فيما حكاه عن بعضهم: إنما هو خيال قطفير سيده حين دنا من الباب.
    وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع عن أبي مودود، سمعت من محمد بن كعب القرظي قال: رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت، فإذا كتاب في حائط البيت { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } [الإسراء: 32]، وكذا رواه أبو معشر المدني عن محمد بن كعب. وقال عبد الله بن وهب: أخبرني نافع ابن يزيد، عن أبي صخر، قال: سمعت القرظي يقول في البرهان الذي رآه يوسف: ثلاث آيات من كتاب الله { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَـٰفِظِينَ } [الانفطار: 10] الآية، وقوله: { وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ } [يونس: 61] الآية، وقوله: { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد: 33]. قال نافع: سمعت أبا هلال يقول مثل قول القرظي، وزاد آية رابعة: { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ } [الإسراء: 32]. وقال الأوزاعي رأى آية من كتاب الله في الجدار تنهاه عن ذلك. قال ابن جرير: والصواب أن يقال: إنه رأى آية من آيات الله تزجره عما كان هم به، وجائز أن يكون صورة يعقوب، وجائز أن يكون صورة الملك، وجائز أن يكون ما رآه مكتوباً من الزجر عن ذلك، ولا حجة قاطعة على تعيين شيء من ذلك، فالصواب أن يطلق كما قال الله تعالى. وقوله: { كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ } أي: كما أريناه برهاناً صرفه عما كان فيه، كذلك نقيه السوء والفحشاء في جميع أموره، { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِين َ } أي: من المجتبين المطهرين المختارين المصطفين الأخيار، صلوات الله وسلامه عليه.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: ما البرهان ؟...

    تابع
    مع الآية 117 من سورة المؤمنون:
    قال تعالى: { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }
    في تفسير ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى متوعداً من أشرك به غيره، وعبد معه سواه، ومخبراً أن من أشرك بالله، لا برهان له، أي: لا دليل له على قوله، فقال تعالى: { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا ءَاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ } وهذه جملة معترضة، وجواب الشرط في قوله: { فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ } أي: الله يحاسبه على ذلك، ثم أخبر { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُون } أي: لديه يوم القيامة لا فلاح لهم ولا نجاة. قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: " ما تعبد؟ " قال: أعبد الله وكذا وكذا، حتى عد أصناماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأيهم إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك؟ " قال: الله عز وجل. قال: " فأيهم إذا كانت لك حاجة فدعوته أعطاكها؟ " قال: الله عز وجل، قال: " فما يحملك على أن تعبد هؤلاء معه، أم حسبت أن تغلب عليه؟ " قال: أردت شكره بعبادة هؤلاء معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعلمون ولا يعلمون " فقال الرجل بعد ما أسلم: لقيت رجلاً خصمني، هذا مرسل من هذا الوجه، وقد روى أبو عيسى الترمذي في جامعه مسنداً عن عمران بن الحصين عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ذلك.
    وقوله تعالى: { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَٰحِمِينَ } هذا إرشاد من الله تعالى إلى هذا الدعاء، فالغفر إذا أطلق، معناه محو الذنب وستره عن الناس، والرحمة معناها أن يسدده ويوفقه في الأقوال والأفعال.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: ما البرهان ؟...

    تابع
    مع الآية 111 من سورة البقرة:
    قال تعالى:{ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } *
    في تفسير ابن كثير رحمه الله: يبين تعالى اغترار اليهود والنصارى بما هم فيه، حيث ادعت كل طائفة من اليهود والنصارى، أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها، كما أخبر الله عنهم في سورة المائدة، أنهم قالوا: { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ }
    [المائدة: 18] فأكذبهم الله تعالى بما أخبرهم أنه معذبهم بذنوبهم، ولو كانوا كما ادعوا، لما كان الأمر كذلك، وكما تقدم من دعواهم، أنه لن تمسهم النار إلا أياماً معدودة، ثم ينتقلون إلى الجنة، ورد عليهم تعالى في ذلك، وهكذا قال لهم في هذه الدعوى التي ادعوها بلا دليل ولا حجة ولا بينة، فقال: { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } ، وقال أبو العالية: أماني تمنوها على الله بغير حق، وكذا قال قتادة والربيع بن أنس. ثم قال تعالى: { قُلْ } أي: يا محمد { هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } قال أبو العالية ومجاهد والسدي والربيع بن أنس: حجتكم، وقال قتادة: بينتكم على ذلك { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } ، أي فيما تدعونه، ثم قال تعالى: { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } ، أي: من أخلص العمل لله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } [آل عمران: 20] الآية، وقال أبو العالية والربيع: { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ } يقول: من أخلص لله. وقال سعيد بن جبير: { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ } أخلص { وَجْهَهُ } ، قال: دينه { وَهُوَ مُحْسِنٌ } أي: اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فإن للعمل المتقبل شرطين: أحدهما أن يكون صواباً خالصاً لله وحده، والآخر أن يكون صواباً موافقاً للشريعة، فمتى كان خالصاً، ولم يكن صواباً، لم يتقبل، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " ، رواه مسلم من حديث عائشة عنه عليه الصلاة والسلام، فعمل الرهبان ومن شابههم، وإن فرض أنهم مخلصون فيه لله، فإنه لا يتقبل منهم، حتى يكون ذلك متابعاً للرسول صلى الله عليه وسلم المبعوث إليهم وإلى الناس كافة، وفيهم وأمثالهم قال الله تعالى: { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } [الفرقان: 23] وقال تعالى: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَـٰلُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً } [النور: 39]، وقال تعالى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَـٰشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ ءَانِيَةٍ } [الغاشية: 2 ـ 5]، وروي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، أنه تأولها في الرهبان كما سيأتي، وأما إن كان العمل موافقاً للشريعة، في الصورة الظاهرة، ولكن لم يخلص عامله القصد لله، فهو أيضاً مردود على فاعله، وهذا حال المرائين والمنافقين، كما قال تعالى:
    { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِ نَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء: 142]، وقال تعالى: { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } [الماعون: 4 ـ 7] ولهذا قال تعالى: { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَـٰلِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا } [الكهف: 110] وقال في هذه الآية الكريمة: { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } ، وقوله: { فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } ، ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور، وآمنهم مما يخافونه من المحذور، { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيما يستقبلونه، { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما مضى مما يتركونه، كما قال سعيد بن جبير، { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } يعني: في الآخرة، { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } يعني: لا يحزنون للموت.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: ما البرهان ؟...

    تابع
    مع الآية 24 من سورة الأنبياء:
    قال تعالى: { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ }
    في تفسير ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى: { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءَالِهَةً قُلْ } يا محمد: { هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } أي: دليلكم على ما تقولون، { هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِىَ } يعني: القرآن، { وَذِكْرُ مَن قَبْلِى } يعني: الكتب المتقدمة، على خلاف ما تقولونه وتزعمون، فكل كتاب أنزل على كل نبي أرسل ناطق بأنه لا إله إلا الله، ولكن أنتم أيها المشركون لا تعلمون الحق، فأنتم معرضون عنه، ولهذا قال: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِىۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } كما قال: { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ } [الزخرف: 45] وقال: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ } [النحل: 36] فكل نبي بعثه الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والفطرة شاهدة بذلك أيضاً، والمشركون لا برهان لهم، وحجتهم داحضة عند ربهم، وعليهم غضب، ولهم عذاب شديد.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: ما البرهان ؟...

    تابع
    مع الآية 64 من سورة النمل:
    قال تعالى: { أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
    في تفسير ابن كثير رحمه الله: أي: هو الذي بقدرته وسلطانه يبدأ الخلق ثم يعيده؛ كما قال تعالى في الآية الأخرى:
    { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } [البروج: 12 ــــ 13] وقال تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِى يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27] { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } أي: بما ينزل من مطر السماء، وينبت من بركات الأرض؛ كما قال تعالى:
    { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } [الطارق: 11 ــــ 12] وقال تعالى: { يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } [سبأ: 2] فهو تبارك وتعالى ينزل من السماء ماء مباركاً، فيسلكه ينابيع في الأرض، ثم يخرج به منها أنواع الزروع والثمار والأزاهير، وغير ذلك من ألوان شتى { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَـٰمَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيَـٰتٍ لأِوْلِي ٱلنُّهَىٰ }
    [طه: 54] ولهذا قال تعالى: { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللهِ } أي: فعل هذا، وعلى القول الآخر: بعد هذا؟ { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } على صحة ما تدعونه من عبادة آلهة أخرى { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في ذلك، وقد علم أنه لا حجة لهم ولا برهان؛ كما قال تعالى: { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا ءَاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُون }
    [المؤمنون: 117].

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: ما البرهان ؟...

    تابع
    مع الآية 75 من سورة القصص:
    قال تعالى:{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }
    في تفسير ابن كثير رحمه الله: وهذا أيضاً نداء ثان على سبيل التوبيخ والتقريع لمن عبد مع الله إلهاً آخر، يناديهم الرب تعالى على رؤوس الأشهاد، فيقول: { فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أي: في دار الدنيا، { وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } قال مجاهد: يعني: رسولاً، { فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } أي: على صحة ما ادعيتموه من أن لله شركاء، { فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ } أي: لا إله غيره، فلم ينطقوا ولم يحيروا جواباً، { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي: ذهبوا فلم ينفعوهم.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: ما البرهان ؟...

    تابع
    مع الآية 32 من سورة القصص:
    قال تعالى:{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } * { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي ٱلأَيْمَنِ فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَة ِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ } * { ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ }
    في تفسير ابن كثير رحمه الله: قد تقدم في تفسير الآية قبلها: أن موسى عليه السلام قضى أتم الأجلين وأوفاهما وأبرهما وأكملهما وأتقاهما، وقد يستفاد هذا أيضاً من الآية الكريمة حيث قال تعالى: { فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ } أي: الأكمل منهما، والله أعلم. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: قضى عشر سنين، وبعدها عشراً أخر، وهذا القول لم أره لغيره، وقد حكاه عنه ابن أبي حاتم وابن جرير، فالله أعلم. وقوله: { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } قالوا: كان موسى قد اشتاق إلى بلاده وأهله، فعزم على زيارتهم في خفية من فرعون وقومه، فتحمل بأهله، وما كان معه من الغنم التي وهبها له صهره، فسلك بهم في ليلة مطيرة مظلمة باردة، فنزل منزلاً، فجعل كلما أورى زنده لا يضيء شيئاً، فتعجب من ذلك، فبينما هو كذلك { ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً } أي: رأى ناراً تضيء على بعد، { فقَالَ لأِهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ ءَانَسْتُ نَاراً } أي: حتى أذهب إليها؛ { لَّعَلِّيۤ ءَاتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ } وذلك لأنه كان قد أضل الطريق، { أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلْنَّارِ } أي: قطعة منها؛ { لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي: تستدفئون بها من البرد، قال الله تعالى: { فَلَمَّآ أَتَـٰهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِ ٱلأَيْمَنِ } أي: من جانب الوادي مما يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب، كما قال تعالى:
    { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ }
    [القصص: 44] فهذا مما يرشد إلى أن موسىٰ قصد النار إلى جهة القبلة، والجبل الغربي عن يمينه، والنار وجدها تضطرم في شجرة خضراء في لحف الجبل مما يلي الوادي، فوقف باهتاً في أمرها، فناداه ربه { مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِ ٱلأَيْمَنِ فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَة ِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ }.
    قال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: رأيت الشجرة التي نودي منها موسى عليه السلام سمرة خضراء ترف، إسناده مقارب. وقال محمد بن إسحاق عن بعض من لا يتهم عن وهب بن منبه قال: شجرة من العليق، وبعض أهل الكتاب يقول: إنها من العوسج. وقال قتادة: هي من العوسج، وعصاه من العوسج.
    وقوله تعالى: { أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِين } أي: الذي يخاطبك ويكلمك هو رب العالمين، الفعال لما يشاء، لا إله غيره، ولا رب سواه، تعالى وتقدس وتنزه عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته، وأقواله وأفعاله، سبحانه.
    وقوله: { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } أي: التي في يدك؛ كما قرره على ذلك في قوله تعالى: { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ }
    [طه: 17 ــــ 18] والمعنى: أما هذه عصاك التي تعرفها { أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ فَأَلْقَـٰهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } [طه: 19 ــــ 20] فعرف وتحقق أن الذي يكلمه هو الذي يقول للشيء: كن فيكون؛ كما تقدم بيان ذلك في سورة طه، وقال ههنا: { فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ } أي: تضطرب { كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً } أي: في حركتها السريعة، مع عظم خلقتها وقوائمها، واتساع فمها، واصطكاك أنيابها وأضراسها، بحيث لا تمر بصخرة إلا ابتلعتها، تنحدر في فيها تتقعقع كأنها حادرة في واد، فعند ذلك { وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ } أي: ولم يكن يلتفت؛ لأن طبع البشرية ينفر من ذلك، فلما قال الله له: { يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلأَمِنِينَ } رجع فوقف في مقامه الأول، ثم قال الله تعالى: { ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } أي: إذا أدخلت يدك في جيب درعك، ثم أخرجتها، فإنها تخرج تتلألأ كأنها قطعة قمر في لمعان البرق، ولهذا قال: { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } أي: من غير برص.
    وقوله تعالى: { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ } قال مجاهد: من الفزع، وقال قتادة: من الرعب. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن جرير: مما حصل لك من خوفك من الحية، والظاهر أن المراد أعم من هذا، وهو أنه أمر عليه السلام إذا خاف من شيء أن يضم إليه جناحه من الرهب، وهو يده، فإذا فعل ذلك، ذهب عنه ما يجده من الخوف، وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء، فوضع يده على فؤاده، فإنه يزول عنه ما يجده، أو يخف إن شاء الله تعالى وبه الثقة. قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا الربيع بن ثعلب الشيخ الصالح، أخبرنا أبو إسماعيل المؤدب عن عبد الله بن مسلم عن مجاهد قال: كان موسى عليه السلام قد ملىء قلبه رعباً من فرعون، فكان إذا رآه قال: اللهم إني أدرأ بك في نحره، وأعوذ بك من شره، فنزع الله ما كان في قلب موسى عليه السلام، وجعله في قلب فرعون، فكان إذا رآه، بال كما يبول الحمار.
    وقوله تعالى: { فَذَانِكَ بُرْهَانَـٰنِ } يعني: إلقاء العصا، وجعلها حية تسعى، وإدخاله يده في جيبه، فتخرج بيضاء من غير سوء، دليلان قاطعان واضحان على قدرة الفاعل المختار، وصحة نبوة من جرى هذا الخارق على يديه، ولهذا قال تعالى: { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيِهِ } أي: وقومه من الرؤساء والكبراء والأتباع { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } أي: خارجين عن طاعة الله، مخالفين لأمره ودينه.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •